الأحد، 17 سبتمبر 2023

قرية الحود فوقاني ( لزاكة الحود ) من قرى ناحية القيارة - محافظة نينوى





 قرية الحود فوقاني ( لزاكة الحود ) من قرى ناحية القيارة - محافظة نينوى

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وقرية الحود فوقاني ، وهناك قرية الحود تحتاني . ولي عن قرية الحود تحتاني مقال وكتبت عنها في كتابي الموسوم ( قرى واقضية ونواح وقصبات في محافظة نينوى ) صدر عن دار ماشكي للطباعة والنشر والتوزيع -الموصل 2022 الصفحة 131-134 ، وهي قرية كبيرة .
كما ان قرية الحود فوقاني كبيرة ايضا ، وكلمة (الحود) تعني انهم اي اهل القرية (حادتهم الفراه ) أي مياه نهر دجلة عند فيضان سنة 1963 ، فإبتعدوا عن النهر ، وميزوا قرية الحود فوقاني بتسمية (اللزاكة ) .
واللزاكة اي انها ملتصقة بالنهر ، واغلب سكانها من الجبور عشيرة العجل عجل الجاموس كما سبق ان حدثني عنها قبل نصف قرن الشيخ ابراهيم الجبوري او حازم من قرية الشورة حين كنت مديرا لمتوسطة فتح للبنبن 1969-1972 .
وقرية لزاكة قرية حديثة عمرها (88) سنة ، تأسست سنة 1935 كما يقول المرحوم الشيخ سلطان محمد الوسمي في كتابه عن (القيارة ) . وحسب احصائية قديمة تعود للسنة 1957 ؛ فإن عدد المساكن في هذه القرية (238) مسكنا وعدد السكان 1856نسمة ، وطبعا العدد الان ازداد وليست لدي احصائية بعدد السكان في القرية .
والقرية اليوم كما ترون في الصور التي الى جانب هذه السطور وارسلها لي الصديق والاخ السيد مأمون العلي .وقد كتب لي بأن قرية الحود الاصلية " تأسست سنة ١٩١٥ نتيجة مشورة كبار السن التي قضت بالاندفاع نحو وادي القصب لمنع العشائر الاخرى من الاستقرار والسكن فيها . و العرب تسمي المنطقة بأسم ابرز ظاهرة طبيعية فيها وهي حودة ماء نهر دجلة يحيد متجها نحو الغرب قليلا ..وهناك من يذهب الى ان اسم الحود مشتق من كلمة ( دوحة) وهي الارض التي تحيطها الانهار حيث ان الحود شبة جزيرة فوادي القصب يحدها من الغرب والجنوب ونهر دجلة يحدها من الشرق .
او ان الحود كانت تسمى الحد وهي المنطقة التي تحد اراضي ناحية القيارة عن بقية اراضي القرية.
المصادر الشفاهية تشير الى ان القرية انتقلت خلال تاريخها مرتين ..الأولى كانت في وسط مجرى دجلة الحالي استمرت حتى سنة 1935 ..والثانية تسمى الخرائب كون مازالت اثار واساسات بيوتها موجودة لحد الان على مقربة من نقطة التقاء وادي القصب ( الكصب) بنهر دجلة ..وانتقلت الى مكانها الحالي على اثر فيضان نهر دجلة سنة 1963 حيث غمرت القرية بالماء وحوصر بعض الاهالي في بيوتهم لمدة ( ٣ ) ايام فإضطر سكان القرية الى الانتقال الى مكانها الحالي الذي يقع على الطريق العام الرابط بين ناحية القيارة - المشراق-حمام العليل- مدينة الموصل .والقرية تبعد قرابة ( ٦٠) كم الى الجنوب من الموصل ..وعلى بعد( ٧) كم من مركز ناحية القيارة .
إن من ابرز اشكالها الطبيعية ..( تلول الجراد) وتقع غرب القرية على بعد ( ٢ )كم ، وهي التلال التي وقع القائدان العسكريان البريطاني والعثماني خلال الحرب العظمى 1914-1918 على وقف اطلاق النار عند اعلان الهدنة يوم 31 -10-1918 فوقها ..ايضا هناك كما سبق ان قدمنا ، وادي القصب وهو مجرى لنهر موسمي يمتد من داخل الاراضي السورية ويدخل العراق ويصب في نهر دجلة في قرية الحود ..ايضاً ام أرجوم ..هي عبارة عن كهف تكّون نتيجة سقوط نيزك عملاق قبل مئات السنين وسميت بهذا الاسم استنادا للاية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم : " وجعلناها رجوما للشياطين" ، فسميت ام ارجوم نسبة لهذا النيزك .
وفيما يتعلق بالتكوين الاجتماعي للقرية فإنها تتكون من عدد من العشائر ثقلها الاكبر قبيلة الجبور .. .. السادة المراسمة البوحمدان وعنزة والجحيش والسبعاويين والدليم والخفاجة و غيرها من العشائر ..
ومن شيوخها البارزين ، الشيوخ وكاع الزرزور ، علي الوكاع، مجبل علي الوكاع، عبد الرزاق مجبل علي الوكاع .
ويعد الشيخ مجبل علي الوكاع ابرز شخصياتها حيث مثل ( لواء الموصل) في مجلس النواب العراقي في العهد الملكي من سنة ١٩٤٦ الى سنة ١٩٥٨ ..وفاز بثلاث دورات انتخابية على التوالي..ولي مقال عنه منشور في الانترنت .
القرية كان فيها جامع منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، واقدم مستوصف في المنطقة بعد مستوصف القيارة ، ومدرسة ابتدائية، ثم متوسطة واعدادية بفرعيها العلمي والادبي .وقد دخلها التيار الكهربائي سنة ١٩٧٦ وفيها مشروع ماء منذ سنة ١٩٧٩ ..واليوم القرية قد تطورت واتسعت وفيها اسواق عامرة و(مولات تجارية ) واصبحت فيها مدارس اهلية تضم اساتذة اكفاء والحمد لله .
الاخت المربية الست سيماء عصام بشير الدليمي عملت معلمة في مدرسة الحود فوقاني الابتدائية منذ سنة 1984 ، وبقيت فيها ست سنوات كتبت لي وقالت : " انها قرية جميلة ، واهلها أُناس مثقفون ، وطيبون ، ومحافظون وتمنت ان تبقى فيها معلمة لسنوات اخرى " .واضافت :" بناية المدرسة الابتدائية كانت طينية اول الامر ثم بنيت بعد ذلك.. بناءّ حديث يتكون من ستة صفوف وساحة ومخزن وغرفة للادارة وكان مدير المدرسة الاستاذ
فيصل محمد فرمان توفي رحمه الله سنة ١٩٩١ اثر نوبة قلبية وقالت انها عندما تعينت كان هناك المدير واربع معلمات وبقية المعلمين كانوا ملتحقين بخدمة الاحتياط وبعد تسريحهم عادوا للتدريس واكتمل الملاك والمدرسة كانت ( مختلطة ) ومستواها العلمي جيد جدا وقد خرجت تلاميذا اصبحوا فيما بعد محامين واطباء ومهندسين وغير ذلك وقد اعطت القرية عددا من الشهداء خلال الحرب العراقية - الايرانية 1980-1988 . وقالت ان اهل القرية كانوا يعيشون على الحلَوة والمرة.. كانوا كرماء واصحاب غيرة ونخوة وشهامة..والقرية حاربت المحتلين الانكليز بشجاعة وكانت ثمة مواقع للمدفعية في القرية تعود لايام الاحتلال موزعة على جبال القرية واثارها لما تزل موجودة وعللت تسميتها باللزاكة لانها بقيت مكانها عندما فاض، نهر دجلة في الستينات وفي بعض الاحيان يطلقون عليها ( لزاكة الحود ) لتمييزها عن الحود التحتاتي التي استقرت على منطقة مرتفعة بعيدا عن النهر ومن الطريف القول ان القرية في فصل الربيع تتحول الى قطعة خضراء جميلة لوجود الاراضي الزراعية فيها..و الان اصبحت في القرية ثانوية وتم تبليط الشارع وتختتم حديثها بالقول انها تعتز بالعمل في هذه القرية لانها شعرت بالامان والراحة وبقيمتها كمعلمة هناك..." .
قرية الحود فوقاني كما قرية الحود تحتاني انجبت عددا كبيرا من الكفاءات والقيادات والشخصبات التي اسهمت في بناء العراق من المدنيين والعسكرين وفي مختلف الاختصاصات .وفيها ملعب ونشاط رياضي متميز
وتتمتع بطاقات رياضية كبيرة حيث كانت تحرز المرتبة الأولى على مستوى القرى في الاستعراضات التي كانت تقام في ناحية القيارة وخاصة في العاب كرة القدم والساحة والميدان .
والحود تعد عاصمة القرى في جنوب الموصل وهي قد توسعت بشكل كبير بعد سنة ٢٠٠٣ والحمد لله فإن الحود تتميز بقوة الروابط الاسرية والعشائرية وكما هو معروف فإن تاريخها عريق وارضها كانت جزءا من الامبراطورية الاشورية وقد عثر فيها على الكثير من اللقى والفخاريات التي تدل على هذا العمق الحضاري .
حفظ الله قرية الحود فوقاني وحفظ اهلها والى مزيد من الامن والتقدم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...