" العقد النفسية التي تحكم الشرق الاوسط "
ابراهيم العلاف
" العقد النفسية التي تحكم الشرق الاوسط " من بواكير الكتب التي أصدرها الصحفي والكاتب العربي الكبير الاستاذ محمد حسنين هيكل نشرته "الشركة العربية للطباعة والنشر " في القاهرة نيسان سنة 1958 .. لدي نسخة منه ولا أعتقد انه طبع مرة اخرى .
والكتاب صغير في حجمه لكنه كبير في مادته ومضمونه فهو يعالج قضايا حساسة في الشرق الاوسط من قبيل :"لبنان عقدة الذنب "و" جون فوستر دالاس او مجموعة عقد في رجل " و"الولايات المتحدة الاميركية او مجموعة عقد في سياسة دولة ! " و"عزل مصر او جمعية ضحايا دالاس في الشرق الاوسط " و"عقد الاضطهاد أو هرقا والعروش الهاشمية " و"عقدة أوديب أو بريطانيا التي كانت عظمى " و" عقدة الخوف أو دور روسيا في هذه العقد " واخيرا خاتمة بعنوان :" رحلة بين النجوم " .
ولااكتمكم سرا في أنني كلما أردت أن افهم الشرق الاوسط اليوم أعود الى الكتابات السابقة : كتابات من قبيل كتابات هيكل وحامد ربيع ومحمود عزمي ولؤي بحري وغيرهم .. انها كتابات خرجت من العقل والقلب وليس ثمة غرض وراءها الا العلم والمعرفة .وليس كما هو شائع اليوم من ان من يدفع للزمار يحدد النغمة. فكتابات اليوم معظمها تكتب لارضاء حاكم أو حزب او طائفة او جهة أو تكتل أو دولة أجنبية ، فهي لاتكتب لله وانما تكتب لعبد الله وهذا مما ينتقص من قيمتها .
كتاب "العقد النفسية التي تحكم الشرق الاوسط " ، والذي نحن بصدده ، وليسمع من يريد ان يسمع وليفهم من يريد ان يفهم ان الاستاذ محمد حسنين هيكل يقول :"ان الصحافة ،لكي تؤدي مهمتها عى الوجه الاكمل لابد ان تقدم للناس ما يمكن ان يسمى صورا فوتوغرافية . والفرق بين الصورة الفوتوغرافية السريعة وبين اللوحة الزيتية الخالدة فارق كبير ..ان المصور يعطي ما يراه امامه .اما الرسام فيعطي ما يجده داخل نفسه وهنا فارق كبير ...ان هذه المجموعة من العقد النفسية التي تحكم الشرق الاوسط اليوم (1958 ) مازالت عملا صحفيا وهي ليست الا صورة فوتوغرافية تمثل الوقائع في زمان محدد ومكان محدد لاتتجاوزهما ولكن الوقائع لاتقف ولا تنتهي واذا كانت الصورة الفوتوغرافية تجمد الومضة من الزمان فإن الزمان نفسه لايجمد بعد الصورة انه يتحرك ويتغير ويتطور ويصعد الجبال ويخوض البحر ويدق طالما بقي في الحياة نفسها نبض ...جرت منذ ان كتب هيكل كتابه في شهر كانون الثاني –يناير 1958 لكنى جرت منذ ذلك الوقت –كما يقولون – مياه كثيرة من تحت كوبري قصر النيل ..جرت مياه كثيرة وتعاقبت ايام وساعات ومع الايام والساعات تطورت الوقائع وتغيرت بعض ملامحها بل وحتى اسماءها وزاد في تفاصيلها اليوم 2016 ما لم يكن ظاهرا سنة 1958 .
ان سرعة الاحداث في الشرق الاوسط خلال ال100 سنة الماضية 1916-2016 سرعة لاتكاد تصدق ومحاولة اللحاق بالاحداث اصبحت محاولة صعبة والكتاب الذي نعيد قراءته اليوم بعد نصف قرن ليس الا لقطة فوتوغرافية لصورة الشرق الاوسط كما بدا سنة 1958 لكن هذه اللقطة لم تستطع تجميد الزمان في الشرق الاوسط فهو يجري ويجري ويمر ولعل هناك من يقوم بإلتقاط صورة جديدة للشرق الاوسط تساعدنا في فهم عقد نفسية جديدة لكنها عقد اكثر تعقيدا من العقد التي صورها الكاتب الكبير شيخ الصحفيين العرب الاستاذ محمد حسنين هيكل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق