الأحد، 21 مايو 2023

الامثال الشعبية في الموصل بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

كتاب محمد رؤوف الغلامي ( المردد من الامثال العامية الموصلية ) 
كتاب (معجم امثال الموصل العامية ) لمؤلفه الاستاذ عبد الخالق الدباغ 
                                               كتاب (مجموعة امثال الموصل ) للاب الدكتور جميل شوريز 
 

الامثال الشعبية في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وللأمثال الشعبية في الموصل قصة والقصة طويلة رواها كثيرون ومنهم كاتب هذه السطور الذي لاحق كل من كتب عن الامثال الشعبية في الموصل واولهم الاب  الدكتور الفونس جميل شوريزو الاب الدكتور الفونس جميل شوريز موصلي من مواليد سنة 1897 توفي سنة 1991...........كان من رموز المشهد الثقافي والصحفي والادبي في الموصل منذ اواخر القرن التاسع ومطلع العشرينات من القرن الماضي وهو اول من اهتم بجمع الامثال الشعبية الموصلية واصدر عن المطبعة العربية ببغداد سنة 1937 كتاب بعنوان ( معجم أمثال الموصل ) ويعد اول كتاب اهتم بجمع الامثال الموصلية وتضمن الكتاب ما يقارب ال(1100 ) مثل موصلي ومشكلة هذا الكتاب أن المؤلف لم يذكر الأمثال كما قيلت بل انه صاغها باللغة العربية الفصحى مما افقدها نكهتها وقد اعاد طبع الكتاب وزاد عليه بعد نزوحه إلى الولايات المتحدة الاميركية سنة 1977 وقد لا يعرف الكثيرون ان الاب الدكتور الفونس جميل شوريز أصدر في الموصل جريدة بإسم ( جريدة الجامعة ) سنة 1947 مدير ادارتها الاستاذ حامد داؤد السراج استمرت بالصدور حتى سنة 1948 والجريدة كانت تهتم بالشؤون الأدبية والاجتماعية والعلمية والاقتصادية والفنية.

وممن كتب عن الامثال المرحوم الكاتب والباحث الاستاذ عبد الخالق الدباغ وعنوان كتابه ( معجم الامثال الموصلية العامية ) . وقد سبق ان كتبت عنه  في مدونتي مدونة الدكتور ابراهيم العلاف ورابطها التالي :

http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2013/07/1908-1967.html

وقلت أن الاستاذ عبد الخالق خليل الدباغ 1908-1967 من المربين الموصليين الذين كان لهم نشاط ثقافي وسياسي وطني في العراق خلال الثلاثينات من القرن الماضي. وكان يمثل - الى جانب الاساتذة صديق الدملوجي والاستاذ احمد علي الصوفي والاستاذ سعيد الديوه جي والاستاذ عبد المنعم الغلامي وغيرهم - صورة واضحة عن المشهد الثقافي الموصلي في حقبة التكوين السياسي والاقتصادي والاداري والعسكري والثقافي للدولة العراقية الحديثة .والاستاذ عبد الخالق خليل الهذلي الدباغ من مواليد مدينة الموصل سنة 1908 .درس في مدرسة الوطن الابتدائية المعروفة في اواخر العهد العثماني .وبعدها في المدرسة الخضرية خلال عهد الاحتلال البريطاني .وقد دخل دار المعلمين الابتدائية في بغداد بعد انهائه الدراسة في المدرسة الخضرية في الموصل سنة 1925 وبعد تخرجه في دار المعلمين الابتدائية سنة 1929 عاد الى الموصل وعٌين معلما في سنجار وبعدها في المدرسة القحطانية ثم في مدرسة باب البيض .كتب الاستاذ الدكتور عمر الطالب في "موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين "عن الاستاذ عبد الخالق الدباغ فقال انه كان مربيا مؤمنا بالتوجه العروبي والشعور الوطني . وقد وقف الى جانب ثورة مايس 1941 القومية التحررية التي اندلعت سنة 1941 . وبعد فشلها عوقب –شأنه شأن الكثير من المعلمين والمدرسين –بالنقل الى مدرسة حمام العليل البعيدة عن الموصل ب30 كيلومترا وبقي فيها سنتين .نسب الى متوسطة المثنى ثم الى الاعدادية المركزية لتدريس مادة "التربية الفنية " حيث كان معروفا باهتمامه بهذا الفرع من الفنون التشكيلية .وفي سنة 1965 انتدب للتدريس في المملكة العربية السعودية وبعد سنتين تقريبا وافاه الاجل المحتوم .عُرف عن الاستاذ عبد الخالق الدباغ بكتابه الموسوعي : " معجم أمثال الموصل العامية " . وهو من الكتب الكلاسيكية الرائدة ، ولايزال مصدرا رئيسيا في هذا الميدان . ألفه سنة 1956 بجزئين وطبع في مطبعة الهدف في الموصل لصاحبها الصحفي الاستاذ عبد الباسط يونس . كان الاستاذ عبد الخالق الدباغ مهتما بتسجيل الامثال من افواه الناس وكثيرا ما كان يجلس في المقاهي الشعبية التي يؤمها ارباب الحرف والاصناف ليستمع أو يلتقط مثلا من هنا ومثلا من هناك حتى يهرع الى تسجيله . وقد ضم المعجم 2901 مثلا بضمنها 472 مثلا احتواها الملحق .ومما يذكر ان الاستاذ عبد الرحمن الكركجي صاحب المكتبة العربية هو الذي تعهد بنشر الكتاب . والمعجم يقع في ست وستمائة صفحة مستدركة بملحق يقع في مائة صفحته . واتذكر انني عندما حررتُ الجزء الخامس من "موسوعة الموصل الحضارية " في جزئيها الرابع والخامس تم تكليف الاستاذ سعد علي الجميل بكتابة فصل عن الامثال الشعبية في الموصل ، وقد كتب الفصل ووقف عند معجم الاستاذ الدباغ واشار الى اسلوبه في كتابة المعجم وخاصة في مجال ترتيبه على حروف المعجم .كتب الدكتور داؤود الجلبي الطبيب والباحث التراثي الموصلي مقدمة للمعجم قال فيها ان جهد الاستاذ الدباغ يتجاوز جهدي جميل شوريز ومحمود الملاح في توثيق الامثال الموصلية .اما الناشر الاستاذ عبد الرحمن الكركجي فكتب مقدمة اخرى للمعجم اكد فيها ان الامثال تكشف عادات الناس واخلاقهم .ثم اشار مؤلف المعجم الى انه اراد من تأليف المعجم تعميق الحس التربوي والاخلاقي عند الناس من خلال ايراد الامثال لما لها من أثر في حياة الناس وتقويم سلوكهم .

أما الاستاذ رؤوف الغلامي الكاتب والسياسي والمناضل العلامة المرحوم الاستاذ محمد رؤوف الغلامي فقد الف كتابا رائعا عن الامثال عنوانه : (المُردد من الأمثال العامية الموصلية ) وقد سبق ان كتبت عنه وقلت  انه كتب عن امثال الموصليين ومنها مثلا الامثال الموصلية الشعبية التب تبدأ بكلمة ( مثل) وقلت وانا اتحدث عن ذلك :"   رحم الله شيخنا ، واستاذنا العلامة الموصلي الكبير الاستاذ محمد رؤوف الغلامي (ولد 1890 وتوفي 7-5-1968) ، فقد جمع لنا كتابا رائعا عن الامثال الموصلية بعنوان ( المردد من الامثال الموصلية ) ، وقد عني بنشر الكتاب ولده الاستاذ مؤيد الغلامي ، وطبع في مطبعة شفيق ببغداد سنة 1964 .

وجامع الامثال لم يكتف بإيراد الامثال ، وترتيب نشرها حسب حروف الهجاء وانما اجتهد في تبيان مقاصدها واهدافها وقد استغرق في اعداد وجمع الامثال قرابة (20) سنة .

اليوم اريد فقط ان اقف عند مجموعة من الامثال وهي كثيرة جدا تبدأ بكلمة ( مثل) ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر الامثال التالية : (مثل عبو التصلغ ايبوق من القرش قرش ونصف ) ، و(عبو) اسم تحبب ل (عبد الله) ،و(التصلغ) تعني انه غير متناسق في الشكل ، ويبوق اي يسرق والمثل يضرب في الانسان الماكر المخادع الحيّال .

وهناك ايضا (  مثل ديك اليصيح ابغيغ وقتو ) ، ويضرب فيمن يطلب الاشياء في غير اوقاتها ، وابغيغ اي بغير وقتو اي وقته . وهناك مثل يضرب فيمن يخلد للنوم تاركا وراءه مهامه وواجباته ( مثل نوم الجيج ) و(الجيج) اي الدجاج ) .

ومن الامثلة التي تدل على التأخر ، وعدم التقدم قول اهل الموصل ( مثل بول الجمل كلجالو الوْرا) أي هذا الانسان دائما هو في تأخر وتدهور . وثمة مثل يضرب في من يكثر التردد ذهابا وايابا  ولا يهدأ (مثل مكوك الحيك ) والحيك اي الحائك . وعن الذليل الضعيف يقول الموصليون  ( مثل قملة المفغوكي ) اي القملة المفروكة بالاصبع . وعن الغدار المتحايل يقولون ( مثل الحيي (الحية) ما لها لا صاحب ولا صديق) . ويقال لمن يتخلص من مأزق ما دون ان يصاب بأي ضرر ( مثل ما اتجغ الشعغايي من العجين) واتجغ اي تسحب الشعغايي اي الشعرة ويقال فيمن يكد ويجتهد من اجل الاخرين (مثل الشمعة تحغق نفسا وتضوي للناس ) وتحغق اي تحرق وعن الشخص الذي يبحث دون ان يحقق نتيجة لانه لايمتلك منهجا يقول الموصليون ( مثل خنفساني بالصوف ) والخنفساني اي الخنفسانة . وعن الشخص الذي لايفهم ما يدور حوله يقولون ( مثل الاطرش بالزفة ) وعن الشخص الصامد بوجه التحديات ولا يتزحزح يقال هذا الرجل ( مثل الجبل) والفلسطينيون يرددون (ياجبل ما يهزك ريح ). واذا ارادوا وصف عدوين لدودين قالوا ( مثل الحيي والنعناع ) ولمن لايستطيع البوح بعلته يقولون ( مثل بلاع الموس اذا بلعتونو جغحني واذا (طلعتونو فضحني ) وعن الثرثار الذي يظل يهذي ويتذمر ويشكو يقولون ( مثل الكلب النبّاح )، ويشبهون الشرير المكروه ويقولون (مثل العلقم ما ينجرع )   .

وعن الشخص الذي يخلط في الكلام ويخبط في تصرفاته يقولون ( مثل طبيخ المكادي اي المجادي ) ممن يمتهنون الكدية .وعن الشخص الذي لايرضى احدا ، ولا يعرف قدرا للناس لسخفه وقلة عقله يقولون (مثل جحا قال لأُمه ما ارضيتوا احدا في السوق ، فردت عليه امه مفجحوع مكفي انت منو رضيك ) وهكذا .

الموصليون اهل حكمة ، واهل تجربة ، وأهل خبرة .الموصل مدينة عريقة عمرها 7000 سنة ولها تاريخ وتاريخ ثر وعميق الغور ، وامثالهم واقعية ومعرفتها مفيدة والناس تكررها كلما استجدت حاجة معينة فهم يتابعون ما يجري وان وجدوا ان الامر يقتضي التعليق رددوا مثلا يحفظونه عن ظهر قلب وهو متداول واليوم وانا اتابع ما يجري ولا اجد حلولا ،  لما نحن فيه اقول ان من يقودوننا غير قادرين على اسعادنا  ولا على حل مشاكلنا وحالهم حال تلك المرأة التي نظرنا اليها على انها سوف تخلصنا مما نحن فيه لكنها فشلت وقال عنها اهلها ( ما كبرت كاغه ولا فغحت جارة ) ،و(الكاغة)  هي القماش الذي نضع فيه الملابس اي انها لم تستطع ان تهيئ المستلزمات ولم تنجح في ان تفرح جارتها بما حققته من امور مهمة وفغحت أي أفرحت من الفرح .

وكما يقولون ( صاحب المثل ماخلي شيء الا وقاله)  .واحتاج الى مجلدات ووقت طويل لاروي لكم كل قصص الامثال الشعبية الموصلية فهي كثيرة وكثيرة جدا وتُعد بالالاف وهناك من يقول انها تبلغ عشرة الاف مثل . 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...