الخميس، 11 أغسطس 2022

بيت يونس جودت الرمضاني ( بيت يونس بحري) في محلة المكاوي في الموصل ا.د. ابراهيم خليل العلاف




 بيت يونس جودت الرمضاني ( بيت يونس بحري) في محلة المكاوي في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وكثير من الناس ، يعتقدون  خطأ ، انه بيت الرحالة والسائح والصحفي الموصلي الكبير الذي طالما كتبنا عنه واشدنا بمغامراته ورحلاته وهو المرحوم  الاستاذ يونس بحري ، في حين انه بيت المرحوم الاستاذ يونس جودت الرمضاني حاكم تحقيق في محاكم  الموصل ، وكان يسمى ( المستنطق)  ،  عمل  ايضا في الصحافة فكان المدير المسؤول لجريدة ( نصير الحق )  الموصلية التي صدرت سنة 1941 وكان صاحبها محمود مفتي الشافعية ، عندما كُلفت  من قبل قناة ( الموصلية) الفضائية  بكتابة مقال عن البيت احترت  أول الامر ، حتى وقفت على هذه الحقيقة ، وانا اعد نفسي عارفا احياء وازقة  الموصل شبرا شبرا ، وعمري وتجربتي هما  ما يشفع لي في ان اصرح بهذا .

وبيت يونس بحري اقصد بيت المرحوم يونس جودت الرمضاني  والذي توفي  يوم 20 آب 1961  ، كما  سبق أن اخبرني بذلك سنة 1972  المرحوم الدكتور محمد صديق الجليلي عندما كنت اكتب رسالتي للماجستير عن (ولاية الموصل 1908-1922) .

حين كتب الاخ الاستاذ عماد غانم الربيعي كتابه الجميل ( محلة المكاوي) وصدر سنة 2017  اشار الى (عوجة السويدية)  اي زقاق السويدية في محلة المكاوي و(سويدية ) اسم إمرأة مشهورة كانت تقدم يد العون والخير  لجيرانها من اهالي العوجة . وقد سميت المقهى التي تأسست في هذه العوجة بإسم (قهوة السويدية ) ، وكثيرا ما كنت أمر من امامها وانا تلميذ في مدرسة ابي تمام الابتدائية في عبدو خوب في اوائل الخمسينات من القرن الماضي ، وقهوة السويدية هي من اقدم المقاهي الموصلية وتقع في تقاطع  (عوجات) باب النبي جرجيس والجامع الكبير ومحلة المكاوي امام مسجد العقبة وكانت قهوة السويدية وقفا على هذا المسجد القديم مسجد العقبة وكنت ارى عندما امر بهذه المنطقة ان قهوة السويدية تقابل المدرسة الحسينية ، وكان ابن عمي المرحوم هاني اسماعيل العلاف تلميذا فيها اوائل الخمسينات ، وكان من اهم دور عوجة السويدية  دار او بيت المرحوم يونس افندي بن عبد الرحمن افندي الرمضاني الملقب ب(يونس بحري) وقد تملك هذا البيت فيما بعد  الشيخ عبد الله زهدي الدملوجي ثم شغلت هذا البيت المدرسة الحسينية بعد ان انتقلت اليه من دار ال حسين العباس وطبعا هناك بيوت مهمة اخرى في عوجة السويدية منها دار الحاج يونس الجماس وهو من قبيلة الجحيش وبيت ال فيضي ودار لاعب الموصل في كرة القدم خالد ابراهيم المعروف بخالد ابو جبل . وبيت علي جودت الرمضاني حسبما سمعت الان  أي عند كتابة هذه السطور اشتراه  شخص اسمه يونس العلاف وهناك عائلة تسكن فيه .

اعود لأتحدث عن البيت فأقول انه يعود في بناءه الى اواخر القرن التاسع عشر ومساحته تتجاوز ال 400 متر مربع ومن الطبيعي انه كبيت يعود لحاكم في محاكم الموصل ومعروف فقد كان بيتا جميلا في حينه مطابقا لمواصفات بيوت الموسرين من ابناء الموصل من حيث وجود الفضاءات المغلقة تحت الارض واقصد السرداب وهو من طابقين وفي الطابق الارضي كان هناك غرفة الاستقبال(الخطار) ،  والاروقة والاواوين والغرف المتناثرة على جنبات الفناء الحوش والحوش كان واسعا كما ان في البيت اروقة وطارمات وشرفات والدرج المحاط ايضا بقوس من الحلان  واضح للعيان  ، وهو يجاور المدخل كما في الصورة المرفقة :

ودار يونس جودت الرمضاني يعتبر انموذجا لدور الطبقة الغنية التي تتميز باتساع مساحتها وبنائها والسرداب او الرهرة كان دائما ما يكون تحت الحوش ولاننسى فضاءات الخدمة من قبيل المطبخ والمرافق والمخزن وفناء البيت مفتوح على قبة السماء  كما في الصورة المرفقة .

ومن المؤكد ان المعمار حرص في ذلك الوقت ان يحقق مستلزمات الاضاءة والتهوية وكانت الاواوين وغرف الطابق العلوي تطل على الحوش .ومما نلحظه ، ان هناك مدخل للدار فيها باب محاط بقوس من الحلان الموصلي الازرق –الفغش ، وفي اعلى المدخل مشبك مزخرف من الحديد واقواس الحلان ايضا تحيط بأبواب الغرف .والبيت مبني من الجص والحجر لكن بمرور الزمن ادخلت عليه تحويرات يمكننا ملاحظتها وشبابيك غرف الطابق العلوي حديدية ولا ننسى ( اليازلغ) وتسمى (الدوسه)  امام الغرف المطلة على الفناء – الحوش وامامها (المحجل ) الحديدي الموصلي  ذو النقشات الجميلة .

بيت تراثي وجميل ومن الواجب صيانته واعادة اعماره ليظل انموذجا لبيوت الطبقة الموصلية الميسورة والتي بنيت قبل 100 سنة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...