أنيس منصور والبرتو مورافيا
- ابراهيم العلاف
وجيلنا يعرف من هو البرتو مورافيا 1907-1990 ومن هو انيس منصور 1924-2011 قرأنا لهما وتعلمنا منهما منذ الستينات من القرن الماضي عندما كنا طلابا والبرتو مورافيا كاتب وروائي ايطالي معروف من رواياته التي حفظناها عن ظهر قلب (السأم ) أي الضجر .وانيس منصور الكاتب والمفكر والصحفي والاديب المصري وخريج قسم الفلسفة قرأنا له الكثير من مؤلفاته ورواياته .
في عدد قديم من مجلة ( آخر ساعة ) القاهرية يعود للسنة 1965 لااعرف متى صدر لان العدد ممزق وجدت مقالة للكاتب الاستاذ انيس منصور بعنوان (هذا الاديب لاينتمي ..مورافيا صياد على شواطئ روما ) قال فيه انه قرأ كل ما كتبه البرتو مورافيا وترجم له خمسين قصة قصيرة الى العربية وقابله اربع مرات في بيته والتقاه وزوجته عندما جاء الى القاهرة وكان اي الاستاذ انيس منصور اول من قدمه الى الادب العربي منذ (18) سنة يعني منذ سنة 1947 اي مع بداية حياة انيس منصور الصحفية والبرتو مورافيا (الفاء عليها ثلاث نقاط) اسمه الحقيقي من مواليد سنة 1907 في روما طويل القامة ..نحيف يرتكز على سقه اليسرى اكثر من ساقه اليمنى فتحس كأنه يمشي على ساق واحدة واذا لاحظت انه يدير لك خده او يميل اليك برأسه فلإنه مايزال يشكو ثقلا في سمعه يعاني من هشاشة العظام (سل العظام هو هكذا يسميه) ويعرف ثلاث لغات غير الايطالية ويضرب على الالة الكاتبة وثقف نفسه بنفسه ولم يذهب الى المدرسة الا تسع سنوات فقط وبدأ حياته الادبية في سنة 1924 بكتابة القصة القصيرة ومورافيا يهودي يزور اسرائيل ويزور مصر وهو رجل بعيد عن السياسة ومتفرغ للكتابة انه اديب الطلقة الوسطى يتقن حكاية النكتة ويحترم الاخلاقيات وهو رجل خجول ويقيم في شقة متواضعة ولكنها انيقة في شارع بروما اسمه شارع الاوزة ..يتحدث بطلاقة وزوجته اديبة ايضا اسمها الزه مورانته .من قصصه ( فتاة روما - زمن اللامبالاة -الحياة الزوجية - القروية - بنت الريف- الماتزم - عجلة الحظ وكلها تعكس حياة شخوص من الطبقة الوسطى ..كل شخصيات قصصه لها وجود في الحياة "انا لاانقل الواقع وانما انقل الواقع النفسي الذي هو صدى او صورة او انفعال بالواقع الخارجي " .ويقول :"الكاتب ليس جميع ابطاله وانما بعض ابطال الكاتب هم في الواقع صورة منه " واضاف :" الاديب الاصيل هو الذي يكرر نفسه والاديب الذي لايكرر نفسه ليس اديبا بالمرة "واستأنف كلامه قائلا :" الاديب يجب ان يكرر نفسه ،لان لديه معنى واحدا يدور حوله لانه يرى شيئا يريد ان يلمسه واذا لمسه يريد ان يمسكه واذا امسكه يريد ان يتأكد منه واذا تأكد منه يريد ان يتأكد من نفسه كل هذه المحاولات لايبذلها الاديب في قصة واحدة في سنة واحدة ،ولكنه يكررها ويعيدها طول عمره انه يبحث عن شيء ..الطيور المغردة ما الذي تقوله ؟ انها تكرر لحنا واحدا والاديب يجب ان يكون كذلك او هو مضطر الى ان يكون كذلك " .ويضرب مثلا بشكسبير .
وختم الاستاذ انيس منصور مقالته وهي طويلة جدا بالقول ان البرتو مورافيا قال انا عندما اكتب لاافكر الا فيما اكتبه بعض النقاد قالوا انني كاتب وجودي وضحكت من هذه التسمية انا لست وجوديا لكنني صديق لسارتر ليس الا وما يقوله النقاد لايعنيني وعلى الاديب او الفنان ان يتفرغ لادبه وفنه يصور ويعرض وليس بالضرورة ان يكون مصلحا اجتماعي فلهذا الامر اناسه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق