رواية
**********عراقيون أجناب ...............ل....فيصل عبد الحسن
قرأتها حين صدورها مع انها منعت من التداول في العراق خلال التسعينات من القرن الماضي .. وسبب اهتمامي بها ما كانت تتناوله من احداث تاريخية ..جاسم العطية وهو يعود من غربته في المدينة الى مستقر اهله وعشيرته الجوابر القاطنة في اقصى عمق الجنوب ..في الاهوار ، وقد تغير ليس في شكله وملابسه بل في فكره فقد صار شيوعيا ...كتب الى قيادة حزبه ان قريته، بفضل نشاطه ومناشيره ، صارت "اكثر شيوعية من موسكو "نفسها ..كان ينتمي الى القيادة المركزية للحزب الشيوعي وزعيمها انذاك عزيز الحاج (الدكتور السوربوني فيما بعد ) ...من حسن الصدف انني قرأت نقدا للرواية في مجلة عمان العدد الصادر سنة 2000 للدكتور عبد الله سفيان ..وفي هذا النقد عقد الناقد مقارنة مع رواية الكاتب السوري حيدر حيدر " وليمة لاعشاب البحر " وقال : " ان الروايتان تلتقيان في مسار واحد حيث الحديث الناهل من التاريخ القريب لحال ومال بعض افراد الحزب الشيوعي من الذين دفع بهم القمع الى اللجوء الى منطقة الاهوار وتتقاطعان عند مفترق طرق تسليك وتوزيع الوقائع والافكار المغروسة في نفوس وألسنة اولئك النشطاء .كما تختلفان عند المصير المأساوي الذي انتهت اليه الافعال بالافكار على المستوى الفني الروائي لا على المستوى الواقعي وهنا تقاطع اخر بين مكر التاريخ وتحايل الكاتب بالكلمات لنسج المواقف وتصنيع الشخصيات وأدلجة الواقع " .حيدر حيدر كتب روايته بنفس ملحمي لكن فيصل عبد الحسن اتخذ من مذكرات مواطنه البسيط وادي كعيد البلام مادة لروايته .لقد ارتكب بطل الرواية جاسم العطية سلسلة من الاخطاء منها انه وضع على باب ديوان عشيرته لافتة تدل على الحزب الشيوعي دون اعتبار لما كان سائدا من اعراف قبائلية جنوبية عراقية وقد دفع اهل العشيرة الثمن حين اعتقلت الشرطة عددا من ابناء العشيرة ونقلتهم الى سجن نقرة السلمان الرهيب في صحراء السماوة .اما الخطأ الثاني فهو العلاقة التي اقامها البطل مع شيخ المعدان وما تخلل تلك العلاقة من انغماس في الملذات وضياع الشيخ في قاع المدينة . والخطأ الثالث ان البطل أوهم قيادة حزبه بنجاحه في نشر افكار حزبه ..كان من نتائج اخطائه التي انعكست على سمعة حزبه ان استمرأ حياة الضياع ف" نمت لحيته وتبقعت ملابسه بخرائط الملح وبقع الدهون " ..ولم يبق امامه الا ما اقدم عليه بطل رواية "وليمة لاعشاب البحر " وهو الانتحار .لكن جاسم العطية لم يفعل ذلك بل وجد نفسه يواجه مصيره لوحده بعد ان تخلى عنه صحبه محبطا يائسا وهو يردد "ان هذا الوطن لايطيق وجود الشرفاء ..انه ...ينظر الينا كما لو كنا وباء !!" ...الرواية تثير الكثير من الاسئلة عن الحال الذي وصل اليه البطل ..هل السبب يكمن في الاشخاص ام الافكار ام الحكومة ام البيئة .المهم ان الروائي فيصل عبد الحسن - وهو يمتلك تجارب سابقة منذ ان اصدر خلال الثمانينات من القرن الماضي ثلاث مجاميع قصصية وروايتان - استطاع ان يجد روابط وشيجة بين السياسة والدين والجنس وهي محركات ليس من السهولة التغاضي او الابتعاد عنها ..رواية جديرة بالقراءة لانها توثق لجوانب من تاريخنا المعاصر .. علينا الان تقبلها -جميعا بالرغم من انتماءاتنا السياسية - ومناقشتها على مافيها من انتصارات ونكسات ....................ابراهيم العلاف
**********عراقيون أجناب ...............ل....فيصل عبد الحسن
قرأتها حين صدورها مع انها منعت من التداول في العراق خلال التسعينات من القرن الماضي .. وسبب اهتمامي بها ما كانت تتناوله من احداث تاريخية ..جاسم العطية وهو يعود من غربته في المدينة الى مستقر اهله وعشيرته الجوابر القاطنة في اقصى عمق الجنوب ..في الاهوار ، وقد تغير ليس في شكله وملابسه بل في فكره فقد صار شيوعيا ...كتب الى قيادة حزبه ان قريته، بفضل نشاطه ومناشيره ، صارت "اكثر شيوعية من موسكو "نفسها ..كان ينتمي الى القيادة المركزية للحزب الشيوعي وزعيمها انذاك عزيز الحاج (الدكتور السوربوني فيما بعد ) ...من حسن الصدف انني قرأت نقدا للرواية في مجلة عمان العدد الصادر سنة 2000 للدكتور عبد الله سفيان ..وفي هذا النقد عقد الناقد مقارنة مع رواية الكاتب السوري حيدر حيدر " وليمة لاعشاب البحر " وقال : " ان الروايتان تلتقيان في مسار واحد حيث الحديث الناهل من التاريخ القريب لحال ومال بعض افراد الحزب الشيوعي من الذين دفع بهم القمع الى اللجوء الى منطقة الاهوار وتتقاطعان عند مفترق طرق تسليك وتوزيع الوقائع والافكار المغروسة في نفوس وألسنة اولئك النشطاء .كما تختلفان عند المصير المأساوي الذي انتهت اليه الافعال بالافكار على المستوى الفني الروائي لا على المستوى الواقعي وهنا تقاطع اخر بين مكر التاريخ وتحايل الكاتب بالكلمات لنسج المواقف وتصنيع الشخصيات وأدلجة الواقع " .حيدر حيدر كتب روايته بنفس ملحمي لكن فيصل عبد الحسن اتخذ من مذكرات مواطنه البسيط وادي كعيد البلام مادة لروايته .لقد ارتكب بطل الرواية جاسم العطية سلسلة من الاخطاء منها انه وضع على باب ديوان عشيرته لافتة تدل على الحزب الشيوعي دون اعتبار لما كان سائدا من اعراف قبائلية جنوبية عراقية وقد دفع اهل العشيرة الثمن حين اعتقلت الشرطة عددا من ابناء العشيرة ونقلتهم الى سجن نقرة السلمان الرهيب في صحراء السماوة .اما الخطأ الثاني فهو العلاقة التي اقامها البطل مع شيخ المعدان وما تخلل تلك العلاقة من انغماس في الملذات وضياع الشيخ في قاع المدينة . والخطأ الثالث ان البطل أوهم قيادة حزبه بنجاحه في نشر افكار حزبه ..كان من نتائج اخطائه التي انعكست على سمعة حزبه ان استمرأ حياة الضياع ف" نمت لحيته وتبقعت ملابسه بخرائط الملح وبقع الدهون " ..ولم يبق امامه الا ما اقدم عليه بطل رواية "وليمة لاعشاب البحر " وهو الانتحار .لكن جاسم العطية لم يفعل ذلك بل وجد نفسه يواجه مصيره لوحده بعد ان تخلى عنه صحبه محبطا يائسا وهو يردد "ان هذا الوطن لايطيق وجود الشرفاء ..انه ...ينظر الينا كما لو كنا وباء !!" ...الرواية تثير الكثير من الاسئلة عن الحال الذي وصل اليه البطل ..هل السبب يكمن في الاشخاص ام الافكار ام الحكومة ام البيئة .المهم ان الروائي فيصل عبد الحسن - وهو يمتلك تجارب سابقة منذ ان اصدر خلال الثمانينات من القرن الماضي ثلاث مجاميع قصصية وروايتان - استطاع ان يجد روابط وشيجة بين السياسة والدين والجنس وهي محركات ليس من السهولة التغاضي او الابتعاد عنها ..رواية جديرة بالقراءة لانها توثق لجوانب من تاريخنا المعاصر .. علينا الان تقبلها -جميعا بالرغم من انتماءاتنا السياسية - ومناقشتها على مافيها من انتصارات ونكسات ....................ابراهيم العلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق