الأربعاء، 6 مارس 2013

اضاءات على الماضي القريب للدكتور مهدي الحافظ

مهدي الحافظ في كتابه "اضاءات على الماضي القريب": صفحات من حلم عراقي جميل صار كابوسا او يكاد




تاريخ النشر       16/12/2012 12:38 PM



عمّان- علي عبد الامير عجام 
في اهدائه كتابه الصادر حديثا عن "دار الاديب" العراقية بالعاصمة الاردنية عمّان، يتعمد وزير التخطيط العراقي السابق والمفكر والسياسي الدكتور مهدي الحافظ توجيه خطابه "الى الشباب الناهض و المستنير.. و الاجيال الفتية القادمة" ذلك ان الكتاب يبدو توثيقا لصفحات من حلم عراقي جميل، قوامه قيم الحق والعدل والخير انتظم الحافظ ومجموعة من الخبرات العراقية من اجله ومن اجل "لتغيير المنشود في العراق في اطار الوحدة الوطنية و المبادئ الديمقراطية و الاصلية و التسامح الديني و المساواة و العدل و تكافؤ الفرص و المواطنة الحقة و السيادة الكاملة و التنمية المستدامة".



الكتاب الذي جاء باكثر من 500 صفحة، ومن القطع الكبير، كشف عن محطات من مشروع  وطني عراقي كان يأمل العبور من مرحلة الديكتاتورية الى فضاء حر وآمن، فيقول المؤلف انه "في خضم الصراع الدائر, بعيد انتهاء الحرب العراقية – الايرانية في اب 1988, و غزو العراق للكويت في 2 اب 1990, انتعشت الامال الرامية لاسقاط النظام العراقي و فتح الطريق لتجربة ديمقراطية جديدة و فعالة".
البلاد في تلك اللحظة من الزمان بدت وكأنها مكسورة الظهر: وجودها مهدد، انسانها شبه محطم، كثرت الطعنات في روحه وجسده، لا قدرة لاهلها داخل البلاد على تغيير ما احالها الى كيان محطم ومعزول ومنهك، لاسيما ان ما عرفت بالانتفاضة الشعبية اثر كارثة عاصفة الصحراء، انتهت الى فشل وفوضى، فكان لابد من حركة ما، وعن ضرورة تلك الحركة يقول المؤلف "كان هذا هو الشعور السائد بين العراقيين الموجودين في الخارج, و لا سيما نخب المثقفين منهم, ممن التحقوا بركب المقاومة الوطنية الداعية لتخليص العراق من الدكتاتورية و الاستبداد و نزيف الدم الذي شمل البلاد بأجمعها. و تولدت عن ذلك الحاجة لخلق اطار جديد و نشيط للعمل المشترك على صعيد المثقفين و الاكاديميين من جميع الميول و الاتجاهات و الملتزمين بتطوير العمل الوطني الجماعي و التركيز على مساوئ الحالة السائدة في العراق و فضحها على نطاق واسع و بشكل مدروس."
من هنا ولدت فكرة "الهيئة الاستشارية العراقية" في العام ، 1991، التي يأتي الكتاب ليكون توثيقا لفكرتها واعمالها التي انتظمت في فكرة محددة: دراسة مشكلات العراق و قضاياه الحيوية و اقتراح حلول لها و اتخاذ مواقف عملية مناسبة بشأنها. وذلك بهدف اقامة نظام ديمقراطي تعددي و تامين مشاركة شعبية في ادارة الحكم و رسم السياسات العامة للبلاد.
الفكرة تلك بدت صوتا وطنيا خارج اي اطار سياسي وفكري ضيف،  فالهيئة اي "الهيئة الاستشارية العراقية"، مستقلة لا تتوخى الربح و ليس لها ارتباط حكومي او تنظيمي او حزبي. فضلا عن انها اطار فكري واسع لمجموعة من المثقفين العراقيين من ذوي الاختصاصات المهنية المختلفة.
هكذا هي الصورة اذن.. بلاد منهكة بالكامل من جهة ونخبة عراقية تسعى الى اعداد دراسات و ابحاث موضوعية و صياغة توجهات علمية بشأن معضلات و قضايا التطور العام في العراق و معالم مستقبله المنشود في جميع المجالات، من جهة اخرى.
ما العمل؟ كان هذا سؤالا جوهريا : ايكفي اعداد مشروعات وبرامج وخطط للانقاذ؟ فيما البلاد نهبا لاكثر من محنة،  لذا ارتأت "الهيئة" ان تنظم حلقات نقاش و ندوات متخصصة و محاضرات لمعالجة مشكلات البلاد.
في هذا السياق, تشكل "مجلس امناء للهيئة" من مجموعة متميزة و بارزة من الاسماء الوطنية و المهنية و منهم الاستاذ اديب الجادر (رئيسا) و الدكتور مهدي الحافظ (امينا عاما للهيئة) و د.طارق الخضيري و الاستاذ طارق شفيق و د.عباس النصراوي و د.عبد الحسن زلزلة و د.فاضل الجلبي و د.فاروق برتو. و كان هؤلاء جميعهم يشغلون مراكز قيادية مهمة في داخل العراق و خارجه و في اختصاصات بارزة.
وكانت للهيئة ندوة عربية واسعة, بعنوان: "مستقبل العراق و الامن العربي في اعقاب حرب الخليج". و عقدت في النمسا في 15-16 حزيران 1991.
وحلقة نقاشية عن "الكارثة الاقتصادية في العراق" و تشمل معضلات الديون و التعويضات و الاعمار و النموذج الاقتصادي المنشود. و كانت الحلقة هذه عقدت بتاريخ 15 ايلول 1991.
وحوار مصري-عراقي بشأن طريق العراق الى النهضة ( المهمات – و المستلزمات). و ذلك في القاهرة بتاريخ 12-13 كانون الاول 1991.
فضلا عن تقارير سنوية عن احوال العراق في عدة سنوات و كان منها دراسات مفصلة عن "الامن الوطني و المستقبل" و"الوضع الاقتصادي و النفط" في ايلول 1995. كما اصدرت "الهيئة" نظرة شاملة على واقع الصناعة التحويلية في العراق ( تشرين الاول 1995) من اعداد الدكتور طارق الخضيري, و مما له اهمية خاصة, الدراسة التي صدرت بعنوان: "النفط مقابل الغذاء" – نظرة تحليلية و نقدية لقرار مجلس الامن رقم 986 و كان ذلك 12 اب 1996. و ساهم فيها مجموعة من الشخصيات البارزة العامة انذاك في الامم المتحدة و منهم الاستاذ الفقيد د.عصمت كتاني السفير السابق الذي تبوأ منصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في احدى دوراتها و مهمات فنية اخرى فيها.
يصف الحافظ  هذا الكتاب بانه  يشكل رصيدا تأريخيا ثمينا للجهود الوطنية الكبيرة التي بذلت انذاك قبيل تداعي النظام السابق و سقوطه في 2003. وهو يعكس القناعات العميقة لدى جمهرة من المفكرين و الأخصائيين و كذلك السياسيين الذين ترافقت مساعيهم سوية لصياغة رؤية جديدة لمستقبل العراق بغض النظر عن الميول الطائفية و الاثنية و الاختلاف الواضح في المراجع الايديولوجية لهذه الفئة او تلك.
الهدف من الكتاب كما يذهب الحافظ هو في انارة الوعي الوطني العام و التذكير بأهم الاسس و المنطلقات الواجب اعتمادها لعملية التغيير السياسي و الاقتصادي الشامل الجارية في العراق.
هنا تفرض مجموعة من الاسئلة نفسها، منها اذا كانت النخب العراقية على هذا المستوى من التفكير العملي والموضوعي وهي كذلك، فمن الذي اقصاها؟ ليجعلها بصوت خافت ان لم تكن غائبة، في مرحلة ما يعرف باليوم التالي لصدام؟ ولماذا حضر التخبط والعشوائية، وقبل كل هذا لماذا هدمت الدولة العراقية ليقام على انقاضها، كائن مسخ لا ملامح محددة له، بل هو اقرب اليوم الى ان يكون كيان ما قبل الدولة المعاصرة  لجهة الانقسامات الطائفية والعراقية، فضلا عن النهب والتدمير المنظم لكل قيمة روحية ومادية في البلاد.
قيمة كتاب الدكتور الحافظ تأتي من الكشف عن مرحلة كانت تستعد فيها نخب عراقية كريمة للبناء.. البناء الذي تحول الى كابوس لا نهاية له، بعد ان كان يسمى حلما او ضوءا في آخر النفق.
*http://www.altahreernews.com/inp/view.asp?ID=13268

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ...............ابراهيم العلاف

  هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ومما اعتز به هويتي هذه الهوية التي منحت لي قبل (45) سنة أي في سنة 1979 ، وانا ارتاد مكتبة المتحف الب...