الاستاذ باسم فرات يكتب عن الروائية والقاصة المبدعة السيدة لطفية الدليمي في عيد ميلادها ال70
كتب الصديق الاستاذ باسم فرات مقالة في "جريدة العالم "العراقية عن القاصة والروائية والكاتبة العراقية المبدعة السيدة لطفية الدليمي قال فيها : "بدأ تعرفي بشكل كبير على الأدباء وأنا في المتوسطة ... تعرفي عليهم كان عن طريق القراءة ولم يكن اجتماعيًّا، أي من خلال إبداعاتهم ومنشوراتهم، ومعظمهم لم ألتق بهم حتى وقت متأخر أو حتى يومنا هذا، والكاتبة لطفية الدليمي واحدة ممن كنت أتابع منشوراتهم، وكانت نظرتي للكُتّاب في تلك الفترة، حيث مازلت في بداية مراهقتي، لا تختلف عن نظرة أقراني لنجومهم المفضلين في مجالات الرياضة والتمثيل والغناء، فكل شاعر وروائي وقاص ومسرحي وناقد- وبعبارة أخرى كل مَن يحترف الكتابة- كان نجمي الذي أترقب ما ينشره أو يُنشر عنه، وكنت ألتهم الحوارات التي تجري معهم وأتأمل صورهم بدهشة المُعجب..." .. وأضاف انه في "نهاية التسعينيات من القرن المنصرم أو سنة 2000، في آخر بقعة في العالم، حيث الوحدة وفقدان كل ما هو يرتبط بثقافتي الأم، نزلت قبيل الظهر من شقتي لتفحص بريدي، فوجدت ورقة مُقَوّاة، من مكتب البريد، ذهبتُ وإذا بطرد مُرسل من قبل الشاعر سلمان داود محمد، يتضمن مجموعة من الكتب من ضمنها رواية للكاتبة لطفية الدليمي "خسوف برهان الكتبي". حين حصلت على الطرد لم أذهب لشقتي الصغيرة، بل إلى شقة الصديق الشاعر صباح خطّاب، وأريته الطرد، كنّا فرحين بهذه الهدية الثمينة التي تكَلّف عناء إرسالها سلمان داود محمد، في تلك السنوات الحالكة، حيث متوسط الرواتب كان لا يتجاوز الخمس دولارات، ولكنه كرم الشاعر وجنونه. كانت الرواية إدانة واضحة للحصار، لم تكن منشورًا سياسيًّا، بل كانت عملاً أدبيًّا ممتعًا، وكان برهان الكُتُبي هو العراق، هو المثقف العراقي الذي يقف أمام وطأة الحصار ... رواية خسوف برهان الكتبي وثيقة إدانة للحصار وللموت، وانتصار للإنسان العراقي الذي كَبَّلَهُ الحصار،..." وأضاف الاستاذ باسم يقول :" في هيروشيما (2005- 2008) توثقت عبر الشبكة علاقتي بالكاتبة لطفية الدليمي، وبالذات بعد كتابتها لمقالتها الأولى عني "إبداع عراقي في المنفى"، فصرتُ أتحاور معها وأتواصل عبر خدمة المرسال "الماسنجر". ومن الأمور التي أدهشتني بها، هي أنني حين كنتُ أتحدث عن اكتشافاتي الشخصية كقارئ ولستُ متخصصًا، بتاريخ العراق، وأن المشكلة ليست أكثرية عربية تُصرّ على إخضاع العراق كله لهيمنتها وبين أقليات هي قديمة وأصيلة تطالب باحترام تنوعها وتميزها وخصوصيتها، بل في العقلية الإقصائية التي "يتمتع" بها الجميع مما جعل الوطن يعيش- ولا يزال- جحيم أوهامهم و"تمتعهم" بهذا الوهم والتلفيق، ورحتُ أضرب لها الأمثال تلو الأخرى عن كل فئة لغوية ودينية ومذهبية وإثنية وقومية، وأن بعض الفئات- رغم نسبتها الكبيرة في العراق- مازالت في طور الإثنية، حيث القومية تعني ذاكرة جمعية وضميرًا جمعيًّا ولغة واحدة وثمة مئات الشخصيات التاريخية المشتركة، وغيرها من الشروط الأخرى الواجب توفرها بالجماعة لكي ينطبق عليها مصطلح القومية، وإلاّ فهي إثنية. كانت لطفية الدليمي تناقشني بهدوء الندّ للند، لم تُشعرني أنها أستاذة وأنا أصغرها بربع قرن تقريبًا، ولم تتهجم كما فعل غيرها،... " وقال الاستاذ باسم فرات :" جمعت الكثير من أحاديثنا عبر المرسال "الماسنجر" بعد استئذانها، وكانت تلك الأحاديث فيها معلومات كثيرة عنها وعن الأدب عمومًا، وعن معاناتها في باريس وشجاعتها بترك باريس والاستقرار بعمّان، مُستغنيةً عن اللجوء الذي وجدت فيه إساءة لها ككاتبة مبدعة تعتز بإنسانيتها وتعي قيمتها، ولكن الذاكرة المحمولة (هارد درايف) احترقت نتيجة ربطي غلطًا لموصلتها الكهربائية، فأضعت معها ملفات كثيرة، منها كتابات لي، لكن تواصلي مع الكاتبة لطفية الدليمي لم يخفت، وبقيتُ على تواصل معها، أحرص عادة على أن تبدأ هي بالحديث، ليس استعلاءً وترفعًا، فما أنا إلاّ تلميذ في حضرتها، ولكن خجلي وحيائي يمنعاني، وهذا لا يمنع أن أكتب لها رسالة موجزة لأطمئن عليها. تعلمتُ منها الكثير ومازلتُ، ولن أنسى أول لقاء لي بها وكان في عمّان حزيران 2009، دعتني إلى بيتها وأقامت لي وليمة لا يمكن نسيانها، فبفضلها تناولت سمكًا بغداديًّا "مسقوفًا"، وكان صحن الدولمة وصحون المقبلات وكلامها في كل دقيقة وأخرى، هذه السلطة ممتازة ذقها، لا تأكل الخبز ولا الرز مع السمك، تناول هذه القطعة.. إلى آخر هذه الجمل التي أشعرتني أنني أقابل أمي بعد غياب طويل، فأنا كنت في حضرة أم ولم أكن في حضرة صديقة أديبة وكاتبة مبدعة كبيرة فقط، ثم تكررت اللقاءات في الأعوام 2010 و2011 و2012، ففي كل زيارة لي لعَمّانَ أحرص على زيارتها، وهي تحرص على لقائي، وهي صفة كريمة تتميز بها، فالكبير والكريم مَن يُشعر الآخر أنه نده وصنوه وصديقه ولا يُشعره أنه الكبير والنجم المشهور، وعلى الآخر أن يعي هذا، كما حصل معي حين جمعتني الظروف بشخصية عراقية كنتُ أراها نجمًا يستحق الإشادة به" وختم مقاله بالقول انه كان يرى في لطفية الدليمي الأم والصديقة حين تتعامل معها، فتعامل لطفية معي ومع غيري من خلال الحديث عن المبدعين العراقيين الشباب هو نظرة إعجاب بما يكتبون، وحين تختلف تنتقدهم من باب أنهم كبار، رغم أن أغلبهم يصغرها بأكثر من ربع قرن، عكس تلك الشخصية التي كلما تواصلتُ مع لطفية الدليمي تذكرتُها، فهي نقيض تام لها، فلا يوجد أَسْوَأ من الإلغاء والإقصاء والتزوير والغرور.ان لطفية الدليمي كاتبة مبدعة تعلمت منها الكثير، ولا أكتم سروري أنني أعيش في زمن فيه كل هذا العدد الكبير من المبدعين العراقيين الذين تعلمت منهم، وأن غالبيتهم منحوني محبتهم وصداقتهم ولو عبر الكتابة والإبداع.
تحية للطفية الدليمي في عيد ميلادها السبعين" .
كيتو – الإكوادور
3 آذار 2013
جريدة العالم العراقية
الخميس 7 آذار 2013، السنة الرابعة- العدد 771
كتب الصديق الاستاذ باسم فرات مقالة في "جريدة العالم "العراقية عن القاصة والروائية والكاتبة العراقية المبدعة السيدة لطفية الدليمي قال فيها : "بدأ تعرفي بشكل كبير على الأدباء وأنا في المتوسطة ... تعرفي عليهم كان عن طريق القراءة ولم يكن اجتماعيًّا، أي من خلال إبداعاتهم ومنشوراتهم، ومعظمهم لم ألتق بهم حتى وقت متأخر أو حتى يومنا هذا، والكاتبة لطفية الدليمي واحدة ممن كنت أتابع منشوراتهم، وكانت نظرتي للكُتّاب في تلك الفترة، حيث مازلت في بداية مراهقتي، لا تختلف عن نظرة أقراني لنجومهم المفضلين في مجالات الرياضة والتمثيل والغناء، فكل شاعر وروائي وقاص ومسرحي وناقد- وبعبارة أخرى كل مَن يحترف الكتابة- كان نجمي الذي أترقب ما ينشره أو يُنشر عنه، وكنت ألتهم الحوارات التي تجري معهم وأتأمل صورهم بدهشة المُعجب..." .. وأضاف انه في "نهاية التسعينيات من القرن المنصرم أو سنة 2000، في آخر بقعة في العالم، حيث الوحدة وفقدان كل ما هو يرتبط بثقافتي الأم، نزلت قبيل الظهر من شقتي لتفحص بريدي، فوجدت ورقة مُقَوّاة، من مكتب البريد، ذهبتُ وإذا بطرد مُرسل من قبل الشاعر سلمان داود محمد، يتضمن مجموعة من الكتب من ضمنها رواية للكاتبة لطفية الدليمي "خسوف برهان الكتبي". حين حصلت على الطرد لم أذهب لشقتي الصغيرة، بل إلى شقة الصديق الشاعر صباح خطّاب، وأريته الطرد، كنّا فرحين بهذه الهدية الثمينة التي تكَلّف عناء إرسالها سلمان داود محمد، في تلك السنوات الحالكة، حيث متوسط الرواتب كان لا يتجاوز الخمس دولارات، ولكنه كرم الشاعر وجنونه. كانت الرواية إدانة واضحة للحصار، لم تكن منشورًا سياسيًّا، بل كانت عملاً أدبيًّا ممتعًا، وكان برهان الكُتُبي هو العراق، هو المثقف العراقي الذي يقف أمام وطأة الحصار ... رواية خسوف برهان الكتبي وثيقة إدانة للحصار وللموت، وانتصار للإنسان العراقي الذي كَبَّلَهُ الحصار،..." وأضاف الاستاذ باسم يقول :" في هيروشيما (2005- 2008) توثقت عبر الشبكة علاقتي بالكاتبة لطفية الدليمي، وبالذات بعد كتابتها لمقالتها الأولى عني "إبداع عراقي في المنفى"، فصرتُ أتحاور معها وأتواصل عبر خدمة المرسال "الماسنجر". ومن الأمور التي أدهشتني بها، هي أنني حين كنتُ أتحدث عن اكتشافاتي الشخصية كقارئ ولستُ متخصصًا، بتاريخ العراق، وأن المشكلة ليست أكثرية عربية تُصرّ على إخضاع العراق كله لهيمنتها وبين أقليات هي قديمة وأصيلة تطالب باحترام تنوعها وتميزها وخصوصيتها، بل في العقلية الإقصائية التي "يتمتع" بها الجميع مما جعل الوطن يعيش- ولا يزال- جحيم أوهامهم و"تمتعهم" بهذا الوهم والتلفيق، ورحتُ أضرب لها الأمثال تلو الأخرى عن كل فئة لغوية ودينية ومذهبية وإثنية وقومية، وأن بعض الفئات- رغم نسبتها الكبيرة في العراق- مازالت في طور الإثنية، حيث القومية تعني ذاكرة جمعية وضميرًا جمعيًّا ولغة واحدة وثمة مئات الشخصيات التاريخية المشتركة، وغيرها من الشروط الأخرى الواجب توفرها بالجماعة لكي ينطبق عليها مصطلح القومية، وإلاّ فهي إثنية. كانت لطفية الدليمي تناقشني بهدوء الندّ للند، لم تُشعرني أنها أستاذة وأنا أصغرها بربع قرن تقريبًا، ولم تتهجم كما فعل غيرها،... " وقال الاستاذ باسم فرات :" جمعت الكثير من أحاديثنا عبر المرسال "الماسنجر" بعد استئذانها، وكانت تلك الأحاديث فيها معلومات كثيرة عنها وعن الأدب عمومًا، وعن معاناتها في باريس وشجاعتها بترك باريس والاستقرار بعمّان، مُستغنيةً عن اللجوء الذي وجدت فيه إساءة لها ككاتبة مبدعة تعتز بإنسانيتها وتعي قيمتها، ولكن الذاكرة المحمولة (هارد درايف) احترقت نتيجة ربطي غلطًا لموصلتها الكهربائية، فأضعت معها ملفات كثيرة، منها كتابات لي، لكن تواصلي مع الكاتبة لطفية الدليمي لم يخفت، وبقيتُ على تواصل معها، أحرص عادة على أن تبدأ هي بالحديث، ليس استعلاءً وترفعًا، فما أنا إلاّ تلميذ في حضرتها، ولكن خجلي وحيائي يمنعاني، وهذا لا يمنع أن أكتب لها رسالة موجزة لأطمئن عليها. تعلمتُ منها الكثير ومازلتُ، ولن أنسى أول لقاء لي بها وكان في عمّان حزيران 2009، دعتني إلى بيتها وأقامت لي وليمة لا يمكن نسيانها، فبفضلها تناولت سمكًا بغداديًّا "مسقوفًا"، وكان صحن الدولمة وصحون المقبلات وكلامها في كل دقيقة وأخرى، هذه السلطة ممتازة ذقها، لا تأكل الخبز ولا الرز مع السمك، تناول هذه القطعة.. إلى آخر هذه الجمل التي أشعرتني أنني أقابل أمي بعد غياب طويل، فأنا كنت في حضرة أم ولم أكن في حضرة صديقة أديبة وكاتبة مبدعة كبيرة فقط، ثم تكررت اللقاءات في الأعوام 2010 و2011 و2012، ففي كل زيارة لي لعَمّانَ أحرص على زيارتها، وهي تحرص على لقائي، وهي صفة كريمة تتميز بها، فالكبير والكريم مَن يُشعر الآخر أنه نده وصنوه وصديقه ولا يُشعره أنه الكبير والنجم المشهور، وعلى الآخر أن يعي هذا، كما حصل معي حين جمعتني الظروف بشخصية عراقية كنتُ أراها نجمًا يستحق الإشادة به" وختم مقاله بالقول انه كان يرى في لطفية الدليمي الأم والصديقة حين تتعامل معها، فتعامل لطفية معي ومع غيري من خلال الحديث عن المبدعين العراقيين الشباب هو نظرة إعجاب بما يكتبون، وحين تختلف تنتقدهم من باب أنهم كبار، رغم أن أغلبهم يصغرها بأكثر من ربع قرن، عكس تلك الشخصية التي كلما تواصلتُ مع لطفية الدليمي تذكرتُها، فهي نقيض تام لها، فلا يوجد أَسْوَأ من الإلغاء والإقصاء والتزوير والغرور.ان لطفية الدليمي كاتبة مبدعة تعلمت منها الكثير، ولا أكتم سروري أنني أعيش في زمن فيه كل هذا العدد الكبير من المبدعين العراقيين الذين تعلمت منهم، وأن غالبيتهم منحوني محبتهم وصداقتهم ولو عبر الكتابة والإبداع.
تحية للطفية الدليمي في عيد ميلادها السبعين" .
كيتو – الإكوادور
3 آذار 2013
جريدة العالم العراقية
الخميس 7 آذار 2013، السنة الرابعة- العدد 771
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق