تاريخ هيئة كتابة التاريخ في العراق ..........بقلم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف

تاريخ هيئة كتابة التاريخ في العراق
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
قبل قليل ، سألني طالب دراسات عليا وهو الاخ فائز احمد عن ما اذا كنت اعرف (هيئة كتابة التاريخ ) في عهد النظام السابق 1968-2003 ، وما الذي قدمته هذه الهيئة وقلت له انني سأجيبك بمقال فشكرني ، وها انا اكتب المقال واقول ان الدعوة الى اعادة كتابة التاريخ في العراق كانت احدى النقاط المركزية في فلسفة وايديولوجية النظام السابق خاصة وان الرئيس العراقي السابق صدام حسين 1979-2003 ومنذ سنة 1968 ، وكان نائبا لرئيس الجمهورية - جمهورية العراق ، قاد حملة القصد منها التوجيه باتجاه الاهتمام بالتاريخ بإعتباره ذاكرة الامة وقد ابتدأت الحملة حملة إعادة كتابة التاريخ منذ سنة 1972 حين انعقد ببغداد ( المؤتمر الدولي للتاريخ ) ، وتتابعت الندوات والمؤتمرات التاريخية واستمرت حتى سقوط النظام بوقوع الاحتلال الامريكي في 9 نيسان 2003 .
ومن معالم هذه الحملة ايضا ، استقطاب عدد كبير من المؤرخين العراقيين والمؤرخات العراقيات ، وقسم كبير منهم يعمل في جامعة بغداد والجامعات الاخرى ومنها جامعتي الموصل والبصرة فضلا عن الجامعة المستنصرية .
وقد تراكمت الكثير من الكتب والكراريس ومحاضر الندوات والمؤتمرات واعتقد انها متوفرة في المكتبة الوطنية والمكتبات المركزية للجامعات .
في ما يتعلق بهيئة كتابة التاريخ ، كانت اول الامر غير رسمية وقد تولى وزير الثقافة قيادة اجتماعات تعرض وقائعها من خلال التلفزيون واجهزة الاعلام الاخرى ومنها الصحف وكانت الحرب العراقية - الايرانية التي استمرت من 1980 الى 1988 قائمة ، واول كتاب صدر ونوقش كان كتاب (العراق في التاريخ ) وصدر سنة 1983 اشترك في تأليفه عدد كبير من المؤرخين العراقيين المعروفين والمتميزين .
وكان شرط المؤرخين أن يقفوا عند سنة 1958 اي عند ثورة 14 تموز 1958 واتذكر ان وزير الثقافة لطيف نصيف جاسم استفسر عن السبب ، فكان الجواب (حتى نكون موضوعيين ولاندخل في قضايا السياسة الراهنة ) ، فوافق وهكذا صدرت موسوعة ( حضارة العراق) ب(13) مجلدا سنة 1985 ثم صدر كتاب (العراق في مواجهة التحديات) بثلاثة اجزاء وصدر كتاب ( الجيش والسلاح ) بخمسة اجزاء وهكذا وكان الداينمو الذي ينُسق ، وينظم هو المرحوم الكاتب والمؤرخ الموسوعي الاستاذ عبد الحميد العلوجي ، والكتب كانت تطبع في دار الحرية ، وانا كاتب هذه السطور اشتركت في معظم هذه الاصدارات فكان لدي مثلا في موسوعة حضارة العراق سبعة موضوعات وكنا نكافأ بمبلغ 500 دينار واتذكر ان احد الاخوان كتب موضوعا واحدا وكوفئ ب(500) دينار وانا كتبت سبعة موضوعات وكوفئت ب(500) دينار فقط لكن اقولها وزارة الثقافة كانت تستضيفنا نحن مؤرخي المحافظات في فندق الرشيد أو في فندق المنصور ميليا او في فندق السدير نوفوتيل .
بعد هذا ، وبعد انتهاء الحرب العراقية -الايرانية 1988 ، تطور الامر فتشكلت رسميا (هيئة كتابة التاريخ) ، واستقر الرأي على ان تصدر (سلسلة الموسوعة التاريخية الميسرة ) وكان اسمي موجودا كعضو في الهيئة بإعتباري كنتُ رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية - جامعة الموصل 1980-1995 ، لكن احد المتنفذين من عمداء الكليات كما روى لي المرحوم الدكتور عماد عبد السلام رؤوف شطب إسمي لقضية شخصية تخصه لكنها لاتخصني ووضع محلي استاذا في القسم الذي اديره .
المهم أنا كلفت ان اكتب للموسوعة هذه لكني اعتذرت .. وبدأت منذ سنة 1988 و1989 و1990 ومابعدها تصدر كراريس او كتب صغيرة تثقيفية تحمل في الغلاف من الاعلى عبارة (هيئة كتابة التاريخ ) وتحتها عبارة ( سلسلة الموسوعة التاريخية الميسرة ) والموضوعات مختلفة ومتعددة ومنها ماهو يعود الى الفترة القديمة من تاريخ العراق ، ومنها ما يعود للفترة الاسلامية ، ومنها مايعود الى الفترة الحديثة ولدي عدد من هذه الكراريس كما ترون صور اغلفة بعضها الى جانب هذه السطور ومنها كتاب بعنوان ( الانساب العربية ودورها في تدوين تاريخ الامة ) للدكتور محمد جاسم المشهداني1989 وكتاب الاستاذ مدني صالح ( إبن طفيل وقصة حي بن يقظان ) ، وكتاب (الاستعمار اشكاله .تطوراته .اساليبه ) للدكتور هاشم صالح التكريتي 1989وكتاب (عبد الله السويدي سيرته ورحلته ) للدكتور عماد عبد السلام رؤوف 1988 وكتاب ( نشأة تدوين التاريخ العربي في الاندلس ) للدكتور عبد الواحد ذنون طه 1988 وكتاب (العدوان الفارسي على البصرة وصمودها في العصر الحديث ) للدكتور طارق نافع الحمداني 1989وكتاب (دور التاريخ في التوعية القومية ) للدكتور فاروق عمر فوزي 1988 وكتاب (جزر النفي السياسي ) للدكتور فاروق صالح العمر1991 وكتاب (مقدمة في الحركة العلمية في المشرق الاسلامي ) للدكتور طارق فتحي سلطان1989 وكتب اخرى اتذكرها منها كتاب عن عقبة بن نافع للدكتورة نهلة شهاب احمد وكتاب عن العباسيين بعد سقوط بغداد للاستاذ محفوظ العباسي .ومن الكتب التي اصدرتها الهيئة كتاب(دراسات في الوحدة العسكرية العربية ) للواء الركن محمود شيت خطاب وكتاب (العدالة عند العرب) للاستاذ عطا سلمان وكتاب (اسواق العرب التجارية ) للدكتور حمدان عبد المجيد الكبيسي وكتاب (موقف اليهود من العروبة والاسلام في عصر الرسالة ) للدكتور هاشم الملاح وكتاب (اسامة بن زيد القائد الشاب ) للدكتور محمد جاسم المشهداني وكتاب (اصالة نظام الحسبة العربية الاسلامية ) للدكتور حمدان الكبيسي وكتابه الاخر (القائد سيف الدولة الحمداني) وكتاب (مؤسسة الوزارة في الدولة العباسية ) للدكتور توفيق سلطان اليوزبكي وكتاب (ابن قتيبة والشعوبية ) للدكتور عبد الله الجبوري وكتاب (العروبة والاسلام في جنوب شرقي آسيا ) للدكتور عادل محي الدين الالوسي .وكتاب (عبد الله بن عامر ) للدكتور محمد جاسم المشهداني وكتاب (حركة المقاومة العربية الاسلامية في الاندلس بعد سقوط غرناطة ) للدكتور عبد الواحد ذنون طه وكتاب (الربيع بن زياد الحارثي) للدكتور عبد الرزاق الانباري وكتاب (مقاومة المدن العربية للغزاة ) للدكتور عبد الجبار ناجي وكتاب (القائد جرير بن عبد الله البجلي ) للدكتور حمدان الكبيسي .
وكان المؤلف يكافأ ماديا كما كان اعضاء الهيئة يكافأون ماديا ويستضافون في فنادق بغداد واستمر الامر هكذا واصبح لنا كم كبير من الكتب المؤلفة باسلوب بسيط لتكون في متناول القارئ والكتب هذه كانت تصدرعن (دار الشؤون الثقافية العامة بوزارة الثقافة والاعلام وتباع بدينار واحد فقط ومن يصمم اغلفتها الفنان رياض عبد الكريم وحجمها صغير وصفحاتها في اغلب الاحيان لاتزيد عن (100) صفحة . وللتاريخ اقول ان لااحدا يحدد الموضوعات ولااحدا يفرض آراءه على الباحثين فالباحث والمؤرخ كان حرا في اختيار ما يكتب عنه واهم شيء ان يكتب ما يفيد وما يساعد في استنهاض الهمم وتأكيد قيمة ودور الشخصية العراقية في التاريخ والحياة .

ازيد على ما كتبت أعلاه وهو الاشارة الى انني كنت واحدا ممن قيم اعمال هيئة كتابة التاريخ سنة 1987 وكنت حينئذ رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية - جامعة الموصل وسافرت من الموصل الى بغداد لمناقشة ( ورقة العمل الخاصة بندوة تقويم اعمال هيئة كتابة التاريخ ...)  وكانت الورقة تحمل اسم وزارة الثقافة والاعلام وتألفت من (17 ) صفحة فولسكاب .وناقشنا الورقة في حينها وكانت الورقة تتضمن ما قدمته الهيئة في محاور التاريخ القديم والتاريخ الاسلامي والتاريخ الحديث والخص ما تناولته الورقة ببضعة نقاط كانت الهيئة تركز عليه وهي :

1.التأكيد في كل الكتابات على ان العراق موطن واعرق حضارة بشرية معروفة 

2. التأكيد على وحدة عناصر حضارة المنطقة العربية 

3. الاهتمام بالتاريخ واشاعة معرفته بين الناس والجماهير والاسهام في الكتابة بموضوعاته المختلفة 

4.التأكيد على نظرية التحدي والاستجابة والصمود ضمن محركات فهم التاريخ

5. التأكيد على البطولة ودورها في كل الازمان 

6. التأكيد على عظمة بابل واشور 

7.التأكيد على علاقة العراق بفلسطين في كل مراحل التاريخ

8. التأكيد على علاقة العراق بإيران في كل مراحل التاريخ 

9. التأكيد على وحدة عناصر الامة وعوامل ازدهار الحضارة العربية الاسلامية 

10. التأكيد على حيوية الامة العربية ودورها الرسالي 

11. اعتماد منهج علمي شامل لكل مناهج التاريخ المختلفة وتفاسيرها بما يؤكد على وحدة العراق ووحدة الامة ودورها الانساني قبل الاسلام والتي تعززت بعد الاسلام والنظر الى الاسلام على انه ثورة في حياة الامة تبتغي التغيير والتقدم الى الامام 

12 اعتماد مبدأ محاكمة الاحداث التاريخية وفق ظروفها المكانية والزمانية 

13.  ابراز دور البطل في التاريخ 

14. التأكيد على ان القيم المحركة للحدث التاريخي هي قيم الحق والعدل والصدق .

الورقة اشارت الى كل الندوات التي اقيمت من اجل تأكيد هذا النقاط ومنها مثلا (الندوة القومية في كتابة التاريخ ) والمنعقدة بين 27-29 -12-1987 وندوة (الدس الشعوبي على الامة العربية ) والمنعقدة بين 7-9-6-1988  وندوة بغداد لكتابة التاريخ والمنعقدة في 25-3-1987 وندوة (الفكر العسكري ) المنعقدة سنة 1986 والندوة القومية الموسومة ( نحو مدرسة عربية لفهم التاريخ وكتابته ) والتي انعقدت من 27-29 -12-1987 و(الندوة العلمية لتطور الفكر القومي العربي ) والتي انعقدت من 8-10-5-1985.كما اشارت الورقة الى عناوين الكتب التي اصدرتها الهيئة في محاور التاريخ القديم والاسلامي والحديث ومنها مثلا (37) كتابا ضمن سلسلة الموسوعة التاريخية الميسرة ومشروع الاعلام وفيه عناوين ل(41) شخصية منها مثلا :المثنى بن حارثة - خالد بن الوليد- ابو عبيدة الجراح- المهلب بن ابي صفرة - هارون الرشيد- مروان بن محمد - عمر بن عبد العزيز - ناصر الدولة الحمداني .