الثلاثاء، 26 يوليو 2022

آل الجوادي في الموصل بقلم : ا.د.ابراهيم خليل العلاف



الشيخ صالح افندي الجوادي   
الدكتور عبد الاله الجوادي    
صانع العود ابراهيم الجوادي   
الموسيقار احمد الجوادي
                                                                   الشيخ أحمد الجوادي


                  آل الجوادي في الموصل

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وفي سياق الاهتمام بالأسر والعوائل  في الموصل ،كان لابد من الوقوف عند آل الجوادي وهم اسرة موصلية عريقة وكريمة كتبت عن بعض رموزها وقد قدمت هذه الاسرة الكثير للعراق والامة من خلال رموزها المنتشرين ليس في مدينة الموصل فحسب وانما في مناطق اخرى .وال الجوادي ، بادئ ذي بدء اسرة حسنية سموا كذلك نسبة الى جدهم السيد عبد الجواد بن حسين بن علي وقد وفدوا الموصل في الفترة الزمنية التي سيطر فيها العثمانيون على الموصل في القرن السادس عشر وابتدأ فيها حكمهم واستمر اربعة قرون وثمة ما يثبت ان دخولهم الموصل من المدينة المنورة كان في سنة 1524 ميلادية .كان اول سكنهم في محلة الشيخ محمد الاباريقي وقد سكن بعضهم في حضيرة السادة في حين استقر البعض الاخر في الفيصلية في الجانب الايسر من مدينة الموصل .

من خلال شجرة النسب ويحترز عليها السيد عبد الباري الجوادي واطلع عليها الباحث الاستاذ عماد غانم الربيعي واشار اليها في كتابه (بيوتات موصلية ) بطبعته الموسعة في الموصل سنة 2013 نجد ان الشيخ محمد صالح الجوادي ( 1884-1973) ، وهو احد اعلام ورموز هذه الاسرة يقول ان اسرة الجوادي تنتسب الى عبد الجواد وان جدهم الاعلى هو السيد مُسّيح وكان طبيبا مشهورا وقد تنقلت الاسرة او لنقل افراد الاسرة بين الجزيرة العربية والعراق قبل اواخر القرن الحادي عشر الميلادي (الخامس الهجري) ومن انتقل من الاسرة الحسن بن زيد الاسود من ذرية ابراهيم طباطبا  بن اسماعيل الديباج بن ابراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن سيدنا الحسن عليه السلام ورضي الله عنه وثمة رخامة في دار السيد الحاج خليل بن الحاج بكر بن الحاج عبد الجواد الجوادي تعود الى سنة 1212 هجرية – 1697 ميلادية  تشير الى ذلك .

كان عبد الله بن عبد الجواد الجوادي والحاج خليل بن عبد الجواد الجوادي من اوائل الذين استقروا في حضيرة السادة بالجانب الايمن من مدينة الموصل وابتنوا هناك دارا لكن سمعة هذه الاسرة ارتفعت من خلال احد رموزها الكبار بعلمه ومكانته الاجتماعية واقصد الشيخ احمد الجوادي والشيخ احمد الجوادي هو احمد بن عبد الوهاب بن حسن بن عبد الله بن بكر بن عبد الجواد 1866-1958  ميلادية  .

كتب كثيرون عن سيرة الشيخ احمد الجوادي  1866- 1957 ودوره العلمي والديني في الموصل . وممن كتب الاستاذ سعيد الديوه جي ، والاستاذ  احمد محمد المختار ، والحاج عبد الجبار محمد جرجيس ، والدكتور ذنون يونس الطائي ، والدكتور نوري احمد عبد القادر ،  والاستاذ قصي حسين ال فرج  ، والاستاذ عماد غانم الربيعي وآخرون كثيرون.  ومن خلال تقليب صفحات جرائد الموصل خلال الثلاثينات وما بعدها حتى اوائل الخمسينات نجد الكثير من الاخبار والنشاطات التي قام بها الشيخ احمد الجوادي وخاصة  في مجال براعته العلمية وتفوقه في العلوم النقلية والعقلية والتلاميذ الذين تخرجوا على يديه واجازهم .

كان هو من خريجي دار المعلمين العثمانية في الموصل ونال الاجازة من علماء كبار منهم والده الشيخ عبد الوهاب الجوادي ومنهم الشيخ محمد الرضواني وبعد تخرجه درس في اعدادية الموصل (موصل اعدادي مكتبي سي ) وفي دار المعلمين وفي ثانوية الموصل 1919 وكان يحمل رتبة (ازمير مدرسي)  وهي رتبة علمية عثمانية تمنح للمتميزين في التعليم وكان يتقن فضلا عن العربية التركية والفارسية وله تفسير للقرآن الكريم مختصر باللغة التركية (الحروف العربية)  هو بالأصل محاضرات القاها على عدد من موظفي الدولة ايام الحكم العثماني .

كان والده الشيخ عبد الوهاب بن الحاج حسن الجوادي المتوفى سنة 1831 من علماء الموصل وقد اجازه الشيخ عبد الله باشعالم العمري رئيس العلماء وعمل في حقل القضاء وتقلد منصب قاضي الرقة لكنه عاد الى مدينته واعتزل القضاء وعمل بالتدريس في المدرسة اليونسية الدينية وفي المدرسة النعمانية الدينية وكان بارعا في علم القراءات وقد تتلمذ عليه عدد من شيوخ العلم والقراءات في الموصل .

قال الحاج عبد الجبار محمد جرجيس في الجزء الاول من كتابه ( موسوعة علماء الموصل ) واصدره في الموصل سنة 2009 ان الاستاذ قصي حسين آل فرج ذكره في كتابه (تراجم قراء القرآءات القرانية في الموصل ) فقال انه الشيخ احمد عبد الوهاب الجوادي من مواليد سنة 1283 هجرية -1866 ميلادية وعبد الوهاب الجوادي عميد الاسرة الجوادية واحد اكبر علماء عصره في الموصل وهو  عبد الوهاب بن حسن بن سيد علي بن سيد حسين بابا جان بن مسيح الحسني الحنفي نشأ وترعرع في احضان والده وهو يتلو القرآن الكريم ويدرس العلوم

مما يسجل للشيخ احمد الجوادي انه وقف الى جانب السلطان العثماني عبد الحميد الثاني 1876-1909 في دعوته الى الجامعة الاسلامية واستنكر خلعه من قبل جماعة حزب الاتحاد والترقي سنة 1909 ووقف ضد سياساتهم في اشاعة التتريك وترسخ الطورانية .كما وقف الى جانب تأسيس الدولة العراقية الحديثة ودافع عن عروبة الموصل واسهم في تنظيمات اجتماعية لإسعاف الفقراء منها (جمعية اسعاف الفقير ) كما ترأس (جمعية انقاذ فلسطين في الموصل )وقد تابعت جريدة (فتلى العراق ) الموصلية) وخاصة في الخمسينات جوانبا من نشاطاته الاجتماعية والعلمية والدينية .توفي رحمة الله عليه في اليوم الثاني من عيد الاضحى المبارك 1377 هجرية الموافق لليوم 29 حزيران سنة 1957 وارخت صحف الموصل لما جرى في الموصل من اقامة مجالس الفاتحة في اماكن عديدة من المدينة حزنا على هذا العالم الجليل وقد دفن في حديقة داره بمحلة الفيصلية كما تلقت الاسرة الجوادية برقية تعزية من الملك فيصل الثاني ملك العراق السابق 1953-1958 .  وخصص نكان في داره عند قبره بإسم (روضة الحكمة الالهية ) .

من تلاميذه الذين اجازهم ،  الشيخ محمد علي الفخري والشيخ قاسم الجليلي والشيخ الاستاذ اسماعيل الكتبي والشيخ محمد طاهر البريفكاني والشيخ محمد نوري الفخري والشيخ احمد بن مصطفى الكزبري والشيخ احمد بن خضير والشيخ عبد الغني الحبار والشيخ الاستاذ محمد الياس العدواني والشيخ محمد صالح الجوادي والشيخ محمد امين الملا يوسف والشيخ فائق الدبوني والشيخ ابراهيم القزاز والشيخ عبد المجيد الخطيب والشيخ محمد صالح الحبار وولده الشيخ عبد الجواد الجوادي 

ومن اولاد الشيخ احمد  الدكتور عبد الاله احمد الجوادي  والشيخ عبد الجواد الجوادي والدكتور عبد القادر الجوادي والسيد عبد الهادي الجوادي والشهيد محمد سعيد الجوادي استشهد في حصار الكوت 1916 ،  والدكتورة اسماء احمد الجوادي وتحمل شهادة الدكتوراه في الصحة العامة والطب الوقائي والاجتماعي من جامعة الاسكندرية بجمهورية مصر العربية سنة 1978  وكان عنوان اطروحتها للدكتوراه :

تأثير سن الام على صحة الطفل في السنة الاولى من العمر في مدينة الاسكندرية

Effects of mother s  age on the  health of their babies at one year of age  in  Alexandria

اما عنوان رسالتها في دبلوم الصحة العامة فكان :خدمات رعاية الامومة والطفولة وتأثيرها على تقدم المجتمع

MCH responsibilities its  effect on Promotion of Community  health

 

ودبلوم الصحة العامة من جامعة بغداد 1973 وهي متخرجة في الكلية الطبية بجامعة بغداد سنة 1968 وتعد من ابرز الطبيبات الرائدات  المهتمات بالصحة العامة ورعاية الامومة والطفولة وصحة الاسرة ولها كم كبير من البحوث والدراسات المنشورة في المجلات الاكاديمية داخل العراق وخارجه ولازلت اتذكر عندما كنت اكتب في جريدة (الجمهورية ) البغدادية خلال السبعينات ما كنت اقرأه لها من مقالات في (ملحق طب وعلوم) . فضلا عن ما كانت تنشره في مجلة (الجامعة ) التي  كانت تصدرها جامعة الموصل .

برز من هذه الاسرة الشيخ محمد صالح افندي الجوادي ( 1884 -1973 ) فكان شيخا للقراء في الموصل وعضوا في المجلس العلمي في الموصل وكان استاذا ضليعا  في علم القراءات . كتب عنه الحاج الاستاذ عبد الجبار محمد جرجيس بضع صفحات في الجزء الاول من كتابه ( موسوعة علماء الموصل ) وصدر في الموصل سنة 2009 ومما قاله انه "رجل من رجال العلم الافذاذ" في الموصل وانه حصل من الملا عثمان الموصلي على الاجازة في القراءات العشر وحصل على الاجازات بالطرق الصوفية وكان استاذا للقراءات في المدرسة الفيصلية الدينية ثم في اعدادية الرشاد وتولى الخطابة والوعظ في جامع النبي يونس عليه السلام .ومن طلابه الشيخ عبد الفتاح محمد شيت الجومرد والشيخ عبد الوهاب الفخري والاستاذ سالم عبد الرزاق والاستاذ يونس ابراهيم وعندما توفي يوم 19 من نيسان سنة 1973 شيعته الموصل بما يستحق من ابهة واجلال واحترام .ورثاه الاخ الاستاذ الدكتور اكرم عبد الوهاب بقصيدة رائعة مطلعها :

ساروا وودعهم غداة ينادي  *** داعي الرحيل حشاشتي وفؤادي

وسيول وجدي تستهل من الاسى *** دمعا يفيض مضرما بوداد

وبكاك حفص اذا تركت لواءه *** يذوي وورش معلن بحدادِ

وسريت نعشا بالرضا كما سرى *** نعش لشيخك صاحب الارشاد

من رموز الاسرة الشيخ عبد الجواد الجوادي عمل معاونا لمتصرف لواء الموصل في عهد المتصرف السيد  عبد الكافي  عارف    (1-10-1957-27-3-1959 ) ، واحيل على التقاعد سنة 1959 وكان عروبيا مسلما وقف ضد تسلط الشيوعيين في الموصل بعد فشل حركة الشواف المسلحة ضد نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 الى النهب والحرق والتدمير .

ومن رموز الاسرة الجوادية الكريمة الشيخ جرجيس بن الحاج يونس الجوادي المتوفى سنة 1795 ميلادية وكان عالما جليلا درس في المدرسة العبدالية .

ومن رموز الاسرة كذلك السيد سعيد  احمد الجوادي ، وكان ضابطا في الجيش العثماني استشهد خلال حصار الكوت 1916 .

ومن رموز الاسرة الجوادية الدكتور عبد القادر احمد عبد الوهاب الجوادي تولى منصب عمادة كلية طب الموصل  سنة 1967 . ومن الرموز الاستاذ احمد عبد الهادي الجوادي (مواليد 1952) استاذ الكمان في معهد الفنون الجميلة  (توفي يوم  الثلاثاء 9 حزيران 2020 في السويد حيث كان يقيم ) ، والدكتور طه قاسم الجوادي استقر في تركيا ، وتوفي فيها وهو من خريجي كلية الطب في استانبول سنة 1961 .ومن الرموز  السيد عبد الهادي الجوادي وعمل رئيسا لمحاكم الموصل ومحكمة تمييز العراق .ومن الرموز  الدكتور عبد الاله الجوادي اختصاصي القلب ، والدكتور عبد المنعم صالح الجوادي اختصاصي الجراحة ، والدكتور صفوان الجوادي ، والتاجر محمد عبد الهادي الجوادي من تجار سوق العطارين في الموصل خلال الخمسينات من القرن الماضي.

 وفي الاسرة عدد من ضباط الجيش منهم العميد عبد الباري محمد شيت الجوادي وعبد الاله محمد الجوادي ، ونضال رشاد .. ومن ال الجوادي السيد حيدر الجوادي وعمل مذيعا في بغداد في اواسط الثلاثينات .

ولا ننسى الاستاذ ابراهيم عبد الجواد  الجوادي ، وهو النجار الماهر المحترف  الذي اشتهر بصناعة العود ، وقد خصصت حلقة من برنامجي (موصليات ) والذي كنت اقدمه من على قناة الموصلية الفضائية . كما لا انسى الاستاذ المحامي محمد الجوادي ، وتلميذي الذي عمل معي واشرفت على اطروحته للدكتوراه عن (المسألة الارمنية في الدولة العثمانية  1878-1918 ) بجامعة الموصل الدكتور غسان  وليد الجوادي وهو الان تدريسي في جامعة زاخو بمحافظة دهوك – اقليم كردستان العراق .

ولا ننسى السيد محمد خليل سليمان الجوادي مدير ضريبة كركوك وهو من مواليد سنة 1926 وعبد الجواد الجوادي خريج الكلية العسكرية 1961 عمل بمنصب آمر قوة حماية حقل نفط جمبور ،  وتولى منصب مدير بلدية الموصل والاستاذ غانم سليمان الجوادي مواليد سنة 1939 عمل معلما في مدارس الحلة والموصل والاستاذ عبد الملك عبد الله الجوادي (مواليد سنة 1937) والاستاذ عبد الاله عبد الله مواليد سنة 1953 خريج كلية الزراعة والغابات – جامعة الموصل .

ومن آل الجوادي الشيخ محمد سعيد بن جرجيس الجوادي والسيد سليمان افندي الجوادي  والسيد عبد الباري الجوادي (عميد الاسرة حتى وفاته 2018) ، وولده السيد  سنان عبد الباري الجوادي ، والسيد مازن الجوادي ، والسيد عامر عبد الخالق الجوادي والسيد عبد المحسن الجوادي ، والدكتور عز الدين صالح الجوادي ، والسيد احمد عبد الرحيم الجوادي

احتاج الى وقت طويل وجهد كبير حتى استطيع ان اتحدث عن هذه الاسرة الكريمة تمنياتي لها ولأفرادها بالتقدم والموفقية .لقد خدمت هذه الاسرة العراق اجل خدمة وفي كل ميادين الحياة . 



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...