كتاب الدكتور ابراهيم العلاف عن تاريخ تركيا المعاصر يبرز رؤية الدول العربية ومحطات التطورات الداخلية
تاريخ تركيا المعاصر وفق المؤرخ ابراهيم العلاف
كتاب يبرز رؤية الدول العربية ومحطات التطورات الداخلية
الموصل – سامر الياس سعيد
يستند كتاب تاريخ تركيا المعاصر للمؤرخ الاكاديمي المعروف الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف على عدة محطات تاريخية يستقرئها الباحث والمؤرخ بعين الاكاديمي مقرنا رؤيته ازائها بملامح للمحطات التاريخية التي مرت بها الدولة الجارة للعراق منطلقا في سياق كتابه من حقبة سقوط الدولة العثمانية ليبدا معها تاريخا معاصر لتركيا ابرزتها قيام الجمهورية من خلال اعلانها وبالتالي تاسيس الاحزاب وتشكيل العلاقات الخارجية مع الدول المجاورة وغيرها من البلدان ..وحقيقة يرتكز الكتاب على اسس مهمة تبلورها النظرة الاكاديمية من خلال ما اولته من اهتمام المراكز البحثية والمؤسسات الاكاديمية بتاريخ تركيا حيث يفصح العلاف عن اهتمام لافت من جانب الجامعات العربية والعراقية بتاريخ تركيا الحديث انطلاقا مما استهلت به الدراسات التي انشاتها الاوساط الاكاديمية العالمية من خلال عديد الدراساتت التي تمحورت حول تاريخ تركيا الحديث والمعاصر ولعل من ابرزها بحسب العلاف ما اصدره المؤرخان البريطانيان توينبي وكيرك وود عام 1926 اضافة لما اصدره جيوفري لويس في عام 1955 ويضاف اليهما ما ابرزته الاوساط العربية من اهتمام بتاريخ تركيا من قبل محمد عزة دروزه حيث اصدر عام 1946 كتابه الذي حمل عنوان تركيا الحديثة ليكون من اوائل الكتب التي صدرت عن تركيا في الوطن العربي.
كما ابرز العلاف في سياق مقدمة الكتاب جملة من الدراسات والابحاث التي اعدها طلاب الدراسات العليا في الجامعات العراقية والتي دارت في فلك تاريخ تركيا الحديث حيث ابرز من جانبه عناوين بينت الاهتمام الذي اولته الجامعات العراقية بتاريخ تركيا من خلال الدراسات التي عنيت بالتطورات السياسية في تركيا 1919-1923 والتي قدمها الباحث حنا عزو بهنان الى كلية الاداب في جامعة بغداد لغرض الحصول على الماجستير في التاريخ الحديث في عام 1989 ومن ثم برزت في العام ذاته عنوان رسالة الماجستير التي تمحورت بدراسة التطورات السياسية الداخلية في تركيا 1946-1960 والتي قدمها محسن حمزة حسن العبيدي لكلية الاداب في جامعة الموصل كما سبقت عام 1989 مناقشة رسائل دارت حول تاريخ تركيا ذكرها العلاف ومنها تطورات واتجاهات السياسة الداخلية التركية 1923-1918 والتي قدمها قاسم خلف عاصي الى كلية الاداب في جامعة بغداد عام 1985 للحصول على الماجستير في التاريخ الحديث يضاف اليها دراسة الماجستير في العلوم السياسية من جانب الطالب طلال يونس الجليلي والذي تقدم بدراسته التي حملت عنوان التجربة البرلمانية في تركيا 1971-1980 الى معهد الدراسات الاسيوية والافريقية الملغي في الجامعة المستنصرية .
كما بين العلاف في سياق المقدمة الجهود التي اثمرت عن تاسيس مركز الدراسات التركية في جامعة الموصل والذي اسهم باصدار كتاب موسع اسهم فيه عدد من المؤرخين والباحثين حيث جاء بعنوان تركيا المعاصرة اضافة لجهود مراكز بحثية عززت جهودها في سبيل هذا الموضوع حيث التفت اليها الكاتب حيث انتهى في ختام المقدمة الى ان التعريف بتركيا وبواقعها الجغرافي وتركيبها السكاني وظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلاقاتها الدولية يتطلب الاستمرار في اعداد دراسات وبحوث لاحقة مؤكدا بان الميدان واسع ويحتاج الى جهود كافة المعنيين .
سقوط الدولة
ويستند الكتاب على ستة فصول يناقش اولها سقوط الدولة العثمانية من خلال ضعف الدولة المذكورة ومحاولات اصلاحها ومن ثم يبرز الانقلاب العثماني لسنة 1908 فيما يشير لدور تركيا في غضون الحرب العالمية الاولى اضافة للتسويات التي تلت تلك الحرب كما يبرز دور مصطفى كمال ازاء حرب الاستقلال 1918-1923 اضافة لرؤية تركيا تجاه معاهدتي سيفر 1920 ولوزان 1922-1923 فيما يبرز عبر الفصل الثاني الذي تخصص بقيام الجمهورية التركية في مستهله حول اعلان الجمهورية ومن ثم الاجواء التي اسهمت بتاسيس حزب الشعب اضافة للاجواء التي عاشتها تركيا ابان العهد الجمهوري من خلال الملية والشعبية والدولتية والعلمانية والانقلابية وكلها اطوار واجهها الاتراك في غضون اعلان الجمهورية اضافة لابراز علاقات تركيا الخارجية ومن ثم الموقف الحيادي الذي اتخذته تركيا خلال اندلاع الحرب العالمية الثانية .
اما في الفصل الثالث فقد ناقش من خلاله المؤرخ الاكاديمي ابراهيم العلاف التطورات السياسية الداخلية في تركيا عبر15 عام بداها منذ عام 1945 اي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ما ابرزته من نظام تعدد الاحزاب والذي انطلق منذ العام 1946 حيث ابرز انطلاقات عدد من الاحزاب الفاعلة في المشهد السياسي التركي ومن ابرزها الحزب الديمقراطي اضافة لبدايات الاحزاب الاخرى ومنها الحزب الاشتراكي التركي وحزب العمال والفلاحين وحزب الامة كما ابرز دور الانتخابات في عام 1946 مشيرا في ذات السياق للاجواء التركية ابان حكم الحزب الديمقراطي والتي استمرت لنحو عقد من الزمان .
اما في الفصل الرابع فقد التفت من خلاله العلاف الى الجيش والحياة السياسية في تركيا طيلة اكثر من ثلاثة عقود حيث بداها منذ الانقلاب العسكري الذي جرى عام 1960 ومن ثم اجواء الحياة الحزبية في تركيا طيلة اكثر من عشرة اعوام وما ابرزه من دستور عام 1961 ليشير الى انقلابات تتالت من جانب الجيش وكان من بينها الانقلاب الذي تم في عام 1971 والانقلاب الاخر الذي جرى في العام 1980.
اما في الفصل الخامس فقد تخصص العلاف بقراءة قانون الاحزاب الجديد الذي صدر عام 1982 اضافة لابرازها اجواء الحياة السياسية في تركيا حتى سنة 1991 من خلال عدد من المحطات والمحاور التي ناقشها الفصل المذكور اضافة لتخصصه في ابراز عدد من الاحزاب التي تبلورت في غضون تلك الحقب لينتهي عند حدود الفصل السادس حيث بين من خلاله السياسة العربية لحزب العدالة والتنمية التركي من خلال محورين مهمين اولهما مباديء وتوجهات الحزب المذكور ومن ثم استقراء لملامح السياسة العربية للحزب ..
وتعتمد اهمية الكتاب الذي جاء ب204 صفحة من القطع الوسط والذي صدر عن دار قناديل للنشر والتوزيع بمحطات مهمة لمعرفة سياسات البلد تجاه الدول العربية منطلقا من قراءة اولية لما كانت تشكله الدولة العثمانية حينما كانت احدى مصادر القوى قبل ان تضعف وتشعر بالوهن لتتوارى في اجواء انطلاقات الحروب الكونية والتي ابرزت صراعات اخرى ونشوء مراكو قوى عالمية انعكست بالتالي على محطات ولادة الجمهورية الوليدة في تركيا وبروز اقطاب سياسية تسهم بضمان الحقوق للاتراك وتامين العلاقات الخارجية لدرء الاطماع التي تهدف لزعزعة الاستقرار في هذا البلد الفاصل بين قارتين مهمتين من حيث مراكز التجارة وغنى الموارد الاقتصادية .
_________________________________________
*جريدة ( الزمان) والرابط :https://www.azzaman.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق