آفاق نقدية .. قراءات في المتون وفي مناهج التحليل كتاب الاستاذ سامي مهدي
*********************************
قراءة ونقد "الاستاذ الدكتور سعيد عدنان
مزيّة الأستاذ سامي مهدي الأولى في هذا الكتاب ، وفي كتبه الأخرى ، أنّه لا يُؤخذ بالشائع المتداول ، ولا يسارع في تقبّله ؛ بل يجعله موضع درس و فحص حتّى تتضح معالمه ، ويستبين ما خفي منه . وهو من بعد لا يقول كلمة ، أو يُحكم رأياً إلّا بعد أن يحيط بالأمر من جوانبه كلّها ؛ فلا غرو أن تجيء دراساته رصينة ، وثيقة البناء ، متّزنة الفكر ، سديدة النتائج .
جاء هذا الكتاب على ثلاثة أقسام : في النظريات والمناهج ، وقضايا أدبيّة ، وكتب وقراءات .
وكلّها تتسم بنظر مستأنف في القضايا التي تعالجها .
كان الناس قد فُتنوا بالتفكيك ، وسلّموا بكلّ ما جاء فيه ، لكنّ ( تفكيك التفكيك ) الدراسة التي كتبها سامي مهدي في سنة 1996 ، وأعاد نشرها في هذا الكتاب قد اتخذت منحى آخر سعى أن يرجع إلى جذور هذا الفكر وعناصره الخفيّة وما يرمي إليه من هدم مبدأ العقلانيّة ، يقول ( لو قرأنا هذا الخطاب من حيث هو هجوم مدبر على العقلانيّة ، وحاولنا اكتشاف كيفية تبَنيِنه وطريقة تشكله وآليات اشتغاله ، لما أخطأنا سحريته المغيّبة وراء منطق عقلاني خارجي ، ولا فاتتنا رغبته الهدميّة المموهة ببعض الإصطلاحات والشروحات الحذرة وفي مقدمتها : التفكيك .)
وعنده أنّ ( الفلسفات والنظريات والمناهج ، منذ الإغريق حتى اليوم ، هي فلسفات ونظريات ومناهج نسبيّة لها ارتباط وثيق بالمكان والزمان وبتاريخ المعرفة وتطورها ، ونسبيتها هذه تنفي عنها عصمتها وتضعها منذ لحظة ولادتها موضع المساءلة والشك والنقد حتّى تتكشف تناقضاتها وعيوبها ونواقصها ، فتتفكك، وتتنحى قليلاً أو كثيراً ، لتخلي المكان ، كلّه أوبعضه لفلسفات ونظريات ومناهج جديدة ، وعليه فلا قدسية لنظريّة ، ولا عصمة لمنهج .) وهذا قول على الغاية من الصواب والاستقامة ..!
ومن نظره المستأنف رأيه في الروائي ميلان كونديرا ؛ فقد لقي كونديرا إعجاباً شديداً من القارئ العربي ، وصارت أعماله عنوان الجدة ، لكن الأستاذ سامي مهدي ، بعد أن قرأ رواياته ، رأى أنّه ليس بالمكانة التى وضع فيها وأنّه ( روائي عادي ، لا يستحق الهالة التي أحيط بها ، ولو قارنّاه ببعض معاصريه : مثل ماركيز في مائة عام من العزلة ، وحب في زمن الكوليرا ، سلمان رشدي في أطفال منتصف الليل ، والعار ، وأمبرتو إيكو في اسم الوردة وباتريك زوسكيند في العطر ، وبول أوستر في ثلاثيّة نيويورك ، نقول لو قارنا أعمال كونديرا باعمال هؤلاء ، وحتّى بأعمال روائيين من درجات أدنى ، ناهيك عن آباء الرواية العظام ، لخفت موازينها كثيرا ، وانكمشت حتّى الضآلة .)
وبعد
فالكتاب كثير الحسنات ، تلتقي فيه المتعة مع الفائدة على أصالة الرأي ووضوح الدليل ...
*********************************
قراءة ونقد "الاستاذ الدكتور سعيد عدنان
مزيّة الأستاذ سامي مهدي الأولى في هذا الكتاب ، وفي كتبه الأخرى ، أنّه لا يُؤخذ بالشائع المتداول ، ولا يسارع في تقبّله ؛ بل يجعله موضع درس و فحص حتّى تتضح معالمه ، ويستبين ما خفي منه . وهو من بعد لا يقول كلمة ، أو يُحكم رأياً إلّا بعد أن يحيط بالأمر من جوانبه كلّها ؛ فلا غرو أن تجيء دراساته رصينة ، وثيقة البناء ، متّزنة الفكر ، سديدة النتائج .
جاء هذا الكتاب على ثلاثة أقسام : في النظريات والمناهج ، وقضايا أدبيّة ، وكتب وقراءات .
وكلّها تتسم بنظر مستأنف في القضايا التي تعالجها .
كان الناس قد فُتنوا بالتفكيك ، وسلّموا بكلّ ما جاء فيه ، لكنّ ( تفكيك التفكيك ) الدراسة التي كتبها سامي مهدي في سنة 1996 ، وأعاد نشرها في هذا الكتاب قد اتخذت منحى آخر سعى أن يرجع إلى جذور هذا الفكر وعناصره الخفيّة وما يرمي إليه من هدم مبدأ العقلانيّة ، يقول ( لو قرأنا هذا الخطاب من حيث هو هجوم مدبر على العقلانيّة ، وحاولنا اكتشاف كيفية تبَنيِنه وطريقة تشكله وآليات اشتغاله ، لما أخطأنا سحريته المغيّبة وراء منطق عقلاني خارجي ، ولا فاتتنا رغبته الهدميّة المموهة ببعض الإصطلاحات والشروحات الحذرة وفي مقدمتها : التفكيك .)
وعنده أنّ ( الفلسفات والنظريات والمناهج ، منذ الإغريق حتى اليوم ، هي فلسفات ونظريات ومناهج نسبيّة لها ارتباط وثيق بالمكان والزمان وبتاريخ المعرفة وتطورها ، ونسبيتها هذه تنفي عنها عصمتها وتضعها منذ لحظة ولادتها موضع المساءلة والشك والنقد حتّى تتكشف تناقضاتها وعيوبها ونواقصها ، فتتفكك، وتتنحى قليلاً أو كثيراً ، لتخلي المكان ، كلّه أوبعضه لفلسفات ونظريات ومناهج جديدة ، وعليه فلا قدسية لنظريّة ، ولا عصمة لمنهج .) وهذا قول على الغاية من الصواب والاستقامة ..!
ومن نظره المستأنف رأيه في الروائي ميلان كونديرا ؛ فقد لقي كونديرا إعجاباً شديداً من القارئ العربي ، وصارت أعماله عنوان الجدة ، لكن الأستاذ سامي مهدي ، بعد أن قرأ رواياته ، رأى أنّه ليس بالمكانة التى وضع فيها وأنّه ( روائي عادي ، لا يستحق الهالة التي أحيط بها ، ولو قارنّاه ببعض معاصريه : مثل ماركيز في مائة عام من العزلة ، وحب في زمن الكوليرا ، سلمان رشدي في أطفال منتصف الليل ، والعار ، وأمبرتو إيكو في اسم الوردة وباتريك زوسكيند في العطر ، وبول أوستر في ثلاثيّة نيويورك ، نقول لو قارنا أعمال كونديرا باعمال هؤلاء ، وحتّى بأعمال روائيين من درجات أدنى ، ناهيك عن آباء الرواية العظام ، لخفت موازينها كثيرا ، وانكمشت حتّى الضآلة .)
وبعد
فالكتاب كثير الحسنات ، تلتقي فيه المتعة مع الفائدة على أصالة الرأي ووضوح الدليل ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق