الدكتور ابراهيم خليل
العلاف في حوار مع مجلة "شرفات " الموصلية
أجرى الحوار :فارس سعد الدين
السردار
سكرتير تحرير مجلة شرفات
منذ فترة طويلة أحاول الاتصال بك..
الا ان المشاغل كانت تحول بيني وبينك ولأنني لست ضليعا في تقانة الفيس بوك تأخرت
اكثر . على كل حال لقد سبقتك مواقفك ومشاعرك الطيبة تجاه مدينة الموصل وابناؤها ،
وما يمكن ان ينتجوه لخدمتها حيث اوليتها جل اهتمامك الكريم. ونحن في شرفات مدينين
لك بالكثير وكم نود لو تتواصل معنا عبر نافذة شرفات (الورقية ) التي احببتها
واعربت عن ذلك اكثر من مناسبة . انت رجل تاريخ .. وانا افهم ان التاريخ ليس حكاية
تحكى بل هو رؤية يستشرفها المنغمس فيه لذلك نود لو سمح لك وقتك ان تخصنا بحوار يتصدر أحد اعداد شرفات نقرأ فيه واقعنا للأتي
عبر اشتراطات المنهج العلمي الذي أمنت به واشتغلت عليه. ليتنا نحظى بقراءة ذات نهج
معرفي تنطلق
او تحلق في فضاء التاريخ وفلسفته
فارس السردار
ا.د. ابراهيم خليل العلاف : شكرا اخي العزيز
الاستاذ فارس سعد الدين السردار وانا حاضر ..للاجابة .
*يطلق في الغرب على ( فيكو ) بأبن
خلدون الغرب. لتأثره بأبن خلدون مؤسس علم فلسفة التاريخ، متى نقرأ أبن خلدون كما
قرأه الغرب، بمعنى أدق هل ثمة من يقرأ التاريخ قراءة صحيحة، خاصة ونحن بين رحى
تحولات لا تقل قسوة عن ما لو كنا بين حجرين .
الجواب : قبل 38 سنة كتبتُ في مجلة
"الجامعة " التي كانت تصدرها جامعة الموصل (العدد 2 السنة 7 تشرين
الثاني 1976 " مقالة بعنوان: "حول فيكو ونظرته الى التاريخ " قلت ُ
فيه ان الفيلسوف والمفكر الايطالي جيوفاني باتيستا فيكو 1668-1744 هو اول من قرر
بأن التاريخ علم له أصوله وقواعده .. وانه وضع الاسس الاولى للتمييز بين التاريخ
الديني والتاريخ المدني ، واشرت الى ان المؤرخ والفيلسوف العربي المسلم عبد الرحمن
بن خلدون المتوفى سنة 1406 كان أسبق من فيكو في النظر الى التاريخ كعلم مستقل له
منهجه وقواعده ومبادئه والدليل ان ابن خلدون قال في مقدمته الشهيرة :"
فالقانون في تمييز الحق من الباطل في الاخبار ..ان ننظر في الاجتماع البشري الذي
هو العمران وتمييز مايلحقه من الاحوال لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضا لايعتد
به وما لايمكن ان يعرض له واذا فعلنا ذلك كان لنا قانونا في تمييز الحق من الباطل
في الاخبار والصدق من الكذب بوجه برهاني لامدخل للشك فيه وحينئذ ،فاذا سمعنا عن
شيء من الاحوال الواقعة في العمران علمنا ما نحكم بقبوله مما نحكم لتزييفه وكان
ذلك لنا معيارا صحيحا يتحرى به المؤرخون طريق الصدق والصواب فيما ينقلونه ...وكأن
هذا علم مستقل بنفسه فأنه ذو موضوع وهو
العمران البشري والاجتماع الانساني ".وهكذا فأن فيكو تأثر بأن خلدون وفي عصر ما نسميه باليقظة الفكرية العربية أو النهضة العربية الحديثة منذ اواخر القرن
التاسع عشر والسنوات التالية ظهرت محاولات من بعض المفكرين العرب لاعادة قراءة ابن
خلدون والاستفادة من منهجه في النهوض ونذكر محاولات الاستاذ الدكتور طه حسين والاستاذ ساطع الحصري والاستاذ الدكتور علي
الوردي وجاءت تلك القراءات بثمار طيبة اتت أكلها حتى اوائل السبعينات من القرن
الماضي حيث ابتدأ النكوص والتراجع والانحسار الفكري لصالح تيارات ظلامية ترى في كل
عصر اليقظة العربية ردة فكرية عن الموروث الحضاري الاسلامي.. وهذا مما جعل المفكرين العرب في حيرة من أمرهم
ولم يقتصر الامر على الحيرة بل اصبحت حياة بعضهم في خطر ..اننا اليوم بحاجة الى ان
نعيد قراءة ابن خلدون اذا اردنا بناءا عصريا مدنيا قويا وهذا يضع على فلاسفة العرب
ومفكريهم مسؤولية اخلاقية وعلمية مهمة .
* الربيع العربي كان جراء أنهيار
منظومة العدالة الاجتماعية التي ادت الى انهيار منظومة القيم، أم أن المواطن
العربي أدرك أنه بات يلهث مهرولاً للحاق بركب التقدم الحضاري التكنلوجي الغربي.
الجواب : الربيع العربي حاجة
ضرورية وتغيير حقيقي لازلنا بحاجة اليه في كثير من بلداننا العربية . ويقينا ان
الربيع العربي لم يأتِ اعتباطا بل كان علامة من علامات التحول .. ومحطة من محطات
التغير نتيجة لتراكم سلبيات هائلة من جراء
طغيان الاستبداد والعنف وعدم احترام الانسان والتبعية للاجنبي واهمال التطور
الحقيقي واعتماد سياسات التجهيل والتسطيح التي مارسها الحكام المستبدين طيلة
السنوات ال50 الماضية ..الامية .. والجهل ..
والظلم والقهر والحروب والحصار والاحتلال وسيطرة الحزب الواحد وسيطرة العسكر
واهمال الجيل الجديد وتهميش المثقفين وعدم تمكين المرأة والتعامل معها بسلبية
..اذا الربيع كان لابد ان يأتي لكن للاسف فأن القوى التي جاء بها الربيع لم تكن
مستعدة لادارة التغيرات كما يجب فظهرت المشكلات
وتفاقمت الاوضاع وبرز ما كان مستورا على السطح وهنا لابد ان نحدد مسألتين
مهمتين لمواجهة ما يجري في دول الربيع الاولى ان على القوى الصاعدة ان تمنع الغرب
من التدخل في شؤونها وثانيها ان تتحد هذه القوى وفق برنامج وطني حقيقي من اجل
اعادة البناء وترسيخ قيم المجتمع المدني العصري .
* هل للتاريخ دور في المستقبل.
محركاً ومحفزاً..
الجواب : نعم التاريخ أداة للبناء
ووسيلة لتحريك المجتمع وحافز مهم للتغير نحو الامام ...التاريخ اذا استخدم
استخداما صحيحا في المدرسة والمجتمع والاعلام فأنه يصبح اداة فعالة للبناء من خلال
التذكير بما انجزته الامة عبر تاريخها المجيد وعبر دروس الاخرين من الذين نهضوا .
* كيف يُقرأ التاريخ اليوم، أما
زال يقرأ حكايات، أم دروس، أم أننا بحاجة الى تفكيك للنص وأعادة بناء، وهل ثمة من
يجرأ على ذلك؟
الجواب : في كل عصر وأوان ومكان ، فأن
التاريخ مازال يقرأ ويدرس على مستويات متعددة فهناك من يراه مجرد حكايات وهناك من
يراه علم المستقبل وهكذا لابد ان نفهم حقيقة مهمة وهي انه مثلما للكون قوانين فأن
للمجتمع قوانين.. فالبشرية تسير وفق قوانين . ومن أجل ان نرتقي لابد ان ندرك ونفهم
محركات هذه القوانين وانظمتها الداخلية والفهم الحقيقي لهذه القوانين يأتي وفق
منهج متعارف عليه هو المنهج العلمي التاريخي الذي يغوص في الاحداث والوقائع
ليستخرج القوانين التي بموجبها ُيفسر التاريخ ويعتمده اساسا للنهوض والتقدم الى
الامام لذلك لااتصور مطلقا ان يكون هناك
مؤرخ رجعي المؤرخ الحقيقي لابد ان يكون تقدميا يؤمن بالحرية والتطور .
*في هذا العصر تقهقرت الايدلوجيات
وتقدمت التكنلوجيا، كما قال عالم الاجتماع الامريكي ( دانيال بل ) في كتابه (
نهاية الايدلوجية) أن العالم لم يعد يحتمل الانساق الفكرية المغلقة والقطيعة؛ وان
المجتمعات الصناعية المتقدمة أصبحت تتشابه وتتقارب.. وهذا ما نلمسه من أن المواطن
بدأ يمج الايدلوجيا لأنه بات يدرك أنها قيد على حرية الفكر والحركة في العالم
الجديد. بعد أن كانت ملهمة للفكر وحرية الحركة في العالم القديم.
الجواب : نعم وفرنسيس فوكوياما
المفكر الاميركي صاحب كتاب : "نهاية التاريخ " قال في كتابه "
الثقة " ان عصرنا لم يعد عصرا للايدلوجيات بل هو عصر الادارة والاقتصاد . ما
قيمة المبادئ والافكار اذا ظل الانسان جائعا مظلوما ؟المواطن يريد ان يأكل جيدا
ويشرب جيدا ويسكن جيدا ويغيش عيشة كريمة
..ولم يعد بحاجة الى التعبئة الايديولوجية الفارغة .
* بسبب غياب ثقافة التقدم ممثلة
بالتحليل والنقد والحوار، ومتابعة كل ما ينتجه الآخرون من إبداعات، وهيمنة ثقافة
التخلف بغياب الحوار وعدم تقبل النقد والعيش في جزر منفصلة. وكل يرى أنه أتى بما
لم يأت به الاخرين، او ينسى أن هناك آخر يمكن أن يمثل فرصة للتأمل او المناقشة.
إضافة الى ضعف البحث العلمي وغيابه، وغياب الابداع والخيال. هل ثمة ضوء في نهاية
النفق؟
الجواب : نعم ثمة ضوء في نهاية
النفق ..فالانسان يمتلك ارادة قوية للتغيير والبشرية تمر بحروب وصراعات ومجاعات
لكنها سرعان ما تنهض من ذلك كله لتعيد البناء ..لو شاهدنا صورا لمدينة لندن او
باريس او هيروشيما اثناء الحرب العالمية الثانية ومدى الدمار الذي لحق بها لقلنا
ان من المستحيل ان تنهض هذه المدن ..رأيت صورا لبيروت المدمرة خلال الحرب الاهلية
التي استمرت سنوات طويلة ورأيت صورا لبيروت وقد أعيد بناءها فيما بعد وقلت هذه هي
ارادة الانسان الحديدية ..الامر يحتاج الى رجال ونساء يؤمنون بالتقدم ولابد من
العمل الحثيث ولابد ان تتوفر النزاهة ونظافة الكف ولابد من ان يكون الوطن اما
حدقات الجميع.
* روج محمد عابد الجابري لأطروحته
حول العقل العربي من أننا- نحن العرب المعاصرون- ثمرة بنية عقلية نشأت في القرن
الثالث الهجري ولا تزال كما هي ثابتة تفسر ازمتنا الحضارية الراهنة وهذه الفكرة
تؤجل فتح النقاش حول الاسباب الحقيقية التاريخية واجتماعية والفكرية لأخفاف
التجربة العربية الحديثة واجهاض العملية التحديثية.
الجواب : ليس المفكر المغربي
الدكتور محمد عابد الجابري هو من قدم اطروحته حول "العقل العربي "
منتقدا له .. فقد سبقه مفكر اسرائيلي مشهور اسمه (رافائيل باتاي) ألف كتابا ضخما بعنوان "العقل العربي
" قال فيه ان العقل العربي عقل نقلي يحب التكرار والمبالغة والاسهاب وقد نقد
العقل العربي ونعته بأسوأ النعود كما جردت الكاتبة الاسرائيلية ( سليفيا حاييم ) كل
المفكرين العرب من صفة الابداع وللاسف فأن الهجمة على مفكري عصر اليقظة العربية
تعرضوا للاهمال والتسقيط من قبل بعض من يرون انفسهم مفكرين اسلاميين ومن المفكرين
الذين جرت محاولات لاسقاطهم الدكتور طه حسين والاستاذ سلامة موسى والاستاذ شبلي
شميل والاستاذ ساطع الحصري ومن قبلهم الافغاني ومحمد عبده وناصيف اليازجي . العقل
العربي عقل تحليلي واذا ماتوفرت الظروف
المناسبة فهو يبدع ابداعا لايقل عن ابداع الاخرين .
* الروائي الروسي دستويفسكي يقول
في الاخوة كرمازوف ( في غياب القيم يصبح كل شيء مباح حتى القتل) الى أي مدى تصح
هذه المقولة في مختبر التاريخ. خاصة في مجتمع عربي مسلم شرق اوسطي.
الجواب :
نعم وقبل هذا قال الامام علي عليه
السلام ورضي الله عنه :" كاد الفقر ان يكون كفرا " وكذلك قول ابو ذر
الغفاري :" أعجب من انسان يجوع
ولايخرج شاهرا سيفه على الناس " فالقر هو سبب المصائب كلها والفقر قد يؤدي
الى ان يبيع الانسان نفسه وتبيع المرأة نفسها .. وعندئذ تغيب القيم وينحط الانسان
ويصبح كل شيء مباحا .. صدق دستوفيسكي لهذا فكل مهام الثورات ان تطعم الجياع ..خرج
الجائعون الفرنسيون في تموز 1789 يطالبون بالخبز وسألت الملكة ماري انطوانيت زوجة
الملك لويس السادس عشر ماذا يريد هؤلاء الرعاع ؟اجابوها انهم يريدون الخبز فقالت
ليأكلوا الكيك وهذا دليل على الانفصال بينها وبين شعبها فماذا كانت النتيجة ؟كانت
ان اعدمت هي وزوجها بالمقصلة .نعم كل حاكم يستبد ويطغى ولايعير شعبه اهتماما مصيره
الموت وتاريخنا ومنه تاريخ العراق المعاصر فيه من الامثلة ما يفيد في تأكيد هذه
الحقيقة .
* في كل حالة اصطدام للثقافة
العربية بثقافة الغرب الغازي. انقسمنا الى ثلاث فرق متصارعة. فرقة تقول بترك
التراث وتقليد الاجانب، وأخرى تقول: بالاستناد الى التراث العربي الاسلامي. أما
الثالثة فهي تطالب بالتوفيق بين الاصالة والمعاصرة. ونجد الليبراليون يقلدون الغرب
والإسلاميون يتمسكون بالتراث وهذا المشهد يتكرر. هل ثمة هوية ممكنة .
الجواب : ليس هذا جديدا فالمفكرين
العرب منذ اواخر القرن التاسع عشر سألوا سؤالا مهما وهو لماذا تخلفنا وتقدم غيرنا
؟ وجاء الجواب عبر رؤى مختلفة فهناك من رأي ان البعد عن الدين الصحيح هو سبب ما
اصابنا وثمة من قال ان تمسكنا بالموروث والتقاليد البالية والعادات المتهرئة وقفل
باب الاجتها والاعتماد على النقل واهمال العقل وعدم اعماله هو السبب في ما جرى لنا
وهناك من قال ان عدم اللحاق بالغرب واستلهام قوانينه هو السبب وهكذا ظهرت التيارات
الدينية والقومية والاشتراكية والليبرالية ..اليابانيون اخذوا من الغرب ولكن دون
ان يفقدوا اصالتهم ..ما الذي يمنعنا من ان نتعلم من الغرب ولكن نبقى محتفظين
بأصالتنا والعرب ايام ازدهار حضارتهم اخذوا واعطوا وتفاعلوا مع الاخرين بروسح سمحة
وعقلية منفتحة ونظرة واعية .الهوية العربية الاسلامية محفوظة ومصانة فقط نحن يجب
ان نكون منفتحين تقدميين متنورين نحترم الانسان ونحترم الاخر ونعمل بجد ونظافة
ونزاهة .
* واحدة من نواميس الخطر مطلع
الالفية الثالثة كانت مطلع صيف 2008 نتيجة ارتفاع اسعار النفط الذي لحق به ارتفاع
اسعار المواد الغذائية مما استدعى خروج مظاهرات شعبية ضخمة في ثلاثين دولة حول
العالم ثم تبع ذلك بستين يوم انهيار سوق المال في الولايات المتحدة وتبعته اليونان
والان على الطريق اسبانيا ثم فرنسا. ثم جاء اخفاق قادة العالم عبر سلسلة من
المؤتمرات حول المناخ وتحديد الانبعاثات السامة للدول الصناعية. كيف يفسر او يصف
المؤرخ هذا المشهد الزلزالي.
الجواب : لوبقي الغرب يتعامل مع
الانسان ومستجدات العصر كما كتب عنه كارل ماركس في كتابه الشهير :"رأس المال
" لانهار المجتمع الغربي الاوربي والاميركي اي لانهار العالم الرأسمالي لكن
للغرب اساليبه في التجديد ومواجهة المشكلات بعقلية منفتحة متطورة لهذا فهم يراجعون
حساباتهم بين مرحلة واخرى ويحمون بعضهم بعضا بروح علمية ولاننسى ما تفعله مراكز
البحوث من نشاطات تبتغي وضع الحلول للمشكلات السياسية الاقتصادية والاجتماعية
والثقافية واعتقد ان لاخوف على الغرب الرأسمالي فهو يجدد نفسه بأستمرار وفي هذا سر
تقدمه .
* عندما ظهرت الماركسية كانت اوربا
الشرقية تجدها مناسبة للحظة التاريخية التي ظهرت فيها. ولكن عند جمودها كان لا بد
أن تسقط، وفي الجانب الاخر كانت الرأسمالية التي طورت نفسها فأدخلت قوانين العمل
وإعانات البطالة. أي البعد الاجتماعي الى الاقتصاد الحر. ثم الانتقال الى خصخصة عصر
العولمة، وجاء من بشر بنهاية التاريخ ومن قال بانهيار الحضارة الغربية كتوينبي،
وأن دول شرق اسيا هي التي ستقود الدورة الحضارية القادمة وعلى رأسها الصين وهذا ما
تؤكده الدراسات حول الوضع في امريكا واوربا فيما بعد العولمة.
الجواب : ليس من ريب في ان انهيار
جدار برلين.. وتفكك الاتحاد السوفيتي
السابق .. وانتهاء الحرب الباردة يعد تحولا مهما في التاريخ البشري وقد شعر الشرق
ممثلا بالروس وتوابعهم ان الاوان قد حل للتغيير واعتماد اساليب جديدة في قيادة
الدولة والاقتصاد وكما هو معروف اسهم المفكرون في عذا التحول من خلال افكار
وسياسات ومبادئ البيروسترويكا والغلاسنوست وتم التكيف مع اقتصاد السوق ودون
التفريط بالمكاسب الاشتراكية واعتماد سياسة التسامح ورفض الثأر والحقد والانتقام
فكان ان ترشقت روسيا واستعادت عافيتها وتخلصت من كثير من الاعباء والترهل وها هي
تعود بقيادة بوتين لتستعيد دورها العالمي الفاعل .كما ان من المناسب القول ان
الغرب نفسه وهو يواجه بعض الازمات المالية ومنها الازمة المالية الاخيرة استعان
ببعض الحلول الاشتراكية ولم يجد غضاضة في ذلك .ويقينا ان التاريخ يخبرنا ان ثمة
دورات وثمة حضارات تسود ثم ينتهي دورها فقد تنهض الصين وتصبح قوة عالمية لكن هذا
لايعني انها قد تمارس دورا شبيها بدور الغرب في الاستعمار ...التاريخ هو التغير
والتاريخ هو الصراع فطالما ثمة صراع هناك تاريخ ومتى ما ينتهي الصراع ينتهي
التاريخ ونظرية الدفع الاسلامية يفسر ذلك بدقة .
* أنت كقارئ نهم للكتب والواقع
ومراقب ومؤرخ بمؤهل علمي مرموق ولم تتوقف راصدا بقلمك سنوات الغليان او ما يسمى
بالربيع العربي الذي تتفتق براعمه أم ثآليله هنا هل ثمة يابسة في الافق المحتدم.
الجواب : نعم ما يجري هو نتاج
انظمة استبدادية تحكمت بدول الربيع العربي عبر عقود اربعة ولابد ان تعود هذه الدول
لكي تبني نفسها وفق سياقات مدنية عصرية ديموقراطية تؤمن بالانسان وتحافظ على
كرامته ورفاهيته ..وانا -كمؤرخ – متفاءل
بان ثمة مستقبل افضل .
* ثمة طروحات متداخلة ومرتبكة
تتقاطع مع بعضها نجدها لدى ما يسمى بالنخب السياسية التي تتصدر المشهد المعارض او
من هم في السلطة هل يقود هذا الحراك بكل ما علق به من شوائب لمرحلة قيادة آمنة.
الجواب : الطروحات التي تقدمها
النخب كثيرة : قسم منها يعود بالبلد الى
ايام العصور الوسطى وقسم منها يبشر
بالتفرد وبأعادة انتاج النظام الاستبدادي وقسم قليل للاسف يدعوالى بناء مجتمع مدني
عصري يحترم في الانسان ولايظلم ..ما رأيناه من نخب خلال السنوات ال10 الماضية
لايعطي الانطباع لنا ان نقول ان ثمة تقدم بل بالعكس ثمة مزيد من الهدم واهمال
المواطن وفقدان المنهج والطريق ولابد من صياغة او التشجيع على اعادة صياغة نخب جديدة تنتمي الى الطبقة الوسطى التي تفككت عبر
سلسلة من القرارات الحكومية والطبقة الوسطى هي من تستطيع ان تنهض بالبلد فهي
الطبقة الديناميكية الراعية لقيم وتقاليد المجتمع وهي من يحقق التوازن في المجتمع
وحتى لايتحول المجتمع الى اقلية تملك وتحكم واقلية لاتملك ولاتحكم .
استاذي الفاضل لك كل الحرية
بالإجابة عن الاسئلة جميعها او انتقاء ما تراه يتلاءم وذائقتك ولك ان تضيف ما تشاء
من اسئلة تجدها تدفع بالموضوع الى مداه الذي نتمنى . لك كل الحب والتقدير
والاحترام لهذه الاستجابة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق