الجمعة، 1 مارس 2013

الدكتور عبد الرحمن الجليلي والدرس الاقتصادي في العراق

الدكتور عبد الرحمن الجليلي والدرس الاقتصادي في العراق
بقلم: د. إبراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث-العراق

حظي العراق خلال العهد الملكي 1921 - 1958 بنخبة من الاقتصاديين الوطنيين الذين كان لهم دورهم البارز في إرساء أسس الدولة العراقية الحديثة من الناحية الاقتصادية. ولم يكن معظم هؤلاء مقتصرين في اهتماماتهم ونشاطاتهم على النواحي التنفيذية والإجرائية، وإنما اضطلع عدد منهم بالتأليف، وتقديم الدراسات والتقارير والكتب في مجالات تخصصهم. وكان من هؤلاء الدكتور عبد الرحمن الجليلي الذي شغل مناصب عديدة من أهمها توليه منصب نائب رئيس مجلس الإعمار. فضلا عن عمله أستاذا للاقتصاد والعلوم المالية في جامعات عربية عديدة.
ولد عبد الرحمن بن أمين بك الجليلي في مدينة الموصل سنة 1914، وأكمل الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها ثم سافر إلى مصر، ودخل كلية الحقوق في جامعة فؤاد الأول (القاهرة فيما بعد)، وتخرج فيها سنة 1936. ولم يكتف بهذا بل عمل على إكمال دراسته العليا في القانون العام فنال دبلوما في القانون، ودبلوما في الاقتصاد، وعد الدبلومان مساويين لشهادة الماجستير، وهذا ما أتاح له إكمال الدكتوراه عن أطروحته الموسومة "النظام النقدي في العراق" والتي قدمها سنة 1946 بإشراف الدكتور عبدالحليم الرفاعي.
عاد الجليلي إلى وطنه، فالتحق مدرسا لمادة الاقتصاد والمالية العامة في كليتي الحقوق والتجارة. وسرعان ما استهوته السياسة، فرشح نفسه نائبا عن الموصل سنة 1948. كما انتخب سنة 1954 نائبا عن الجبهة الوطنية. وكان للجليلي دور في تأسيس حزب الجبهة الشعبية المتحدة الذي تزعمه طه الهاشمي سنة 1951 وأصبح نائبا لرئيس الحزب.
اختاره الدكتور محمد فاضل الجمالي ليكون وزيرا في وزارته الأولى (17 سبتمبر/أيلول 1953 - 8 مارس/آذار 1954) ، لكنه استقال في 17 يناير/كانون الثاني سنة 1954 احتجاجا على إعلان الأحكام العرفية في البصرة، واستجابة لطلب حزبه، حزب الجبهة الشعبية المتحدة، بالانسحاب من الوزارة بعد أن فشل في إقناع رئيسها بإلغاء الأحكام العرفية.
ويذكر أن الدكتور الجليلي كان مسافرا إلى القاهرة في 3 ديسمبر/كانون الأول 1953 لتمثيل العراق في مؤتمر وزراء الاقتصاد والمال العرب، ولما عاد إلى بغداد في 25 ديسمبر/كانون الأول 1953 نفذ قرار حزبه بالاستقالة، وكتب إلى رئيس الوزراء الدكتور الجمالي بأنه مقيد بقرار حزبه، حزب الجبهة الشعبية المتحدة، الانسحاب من الوزارة، وهكذا استصدر الجمالي إرادة ملكية بقبول استقالة الجليلي، وتعيين صادق كمونة الوزير بلا وزارة وزيرا للاقتصاد بالوكالة.
وفي سنة 1956 انتدب معهد الدراسات العربية العالية (معهد البحوث والدراسات العربية حاليا) التابع لجامعة الدول العربية ومقره القاهرة، الدكتور عبدالرحمن الجليلي لإلقاء محاضرات في مادة الاقتصاد العراقي. وعندما تأسس مجلس الإعمار في العراق، اختير الجليلي سنة 1956 ليكون عضوا فيه، وبقي حتى 1958.
كتب الجليلي الكثير من المقالات والدراسات، وهي بحاجة إلى من يقوم بجمعها من بطون الصحف والمجلات. كما ألف عددا من الكتب أبرزها: النظام النقدي في العراق 1946. مبادئ علم الاقتصاد 1947. مبادئ في علم المالية العامة 1947. الاقتصاد السياسي 1952 بالاشتراك مع د. جابر جاد عبد الرحمن أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة . الإعمار في العراق: سياسة الإعمار وأهدافه ومنجزاته 1968. تأثير العراق في أحداث الشرق الأوسط في القرن الثامن عشر وعلاقاته بالإمبراطوريتين العثمانية والإيرانية 1984.
كما ترجم عن الإنكليزية كتاب روبرت اولسون الموسوم "حصار الموصل والعلاقات العثمانية الفارسية" 1983 والذي هو بالأ صل أطروحة دكتوراه قدمها اولسون إلى جامعة برنستون بالولايات المتحدة الأميركية.
ترك العراق بعد نجاح ثورة 14 يوليو/تموز سنة 1958 وسقوط النظام الملكي وتأسيس جمهورية العراق، وسافر إلى المملكة العربية السعودية، واستقر في العاصمة الرياض، وقام بالتدريس في جامعة الملك سعود، وتوفي سنة 1995.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...