الثلاثاء، 5 مارس 2013

القصيدة الحرة والقواعد الجاهزة مقال للاستاذ الكبير سامي مهدي

أفكار نقدية:
***********************القصيدة الحرة والقواعد الجاهزة
مقال للاستاذ الكبير سامي مهدي

ثمة خطأ ، أو وهم ، أو زعم ، أشاعه بعض الكتاب حول قصيدة الشعر الحر ( قصيدة التفعيلة ) هو أن هذه القصيدة تخضع لـ ( قواعد جاهزة ) شأنها شأن القصيدة العمودية ، وذلك لتسويغ التخلي عن الوزن في الكتابة الشعرية . والحقيقة أن هذه القصيدة لا تخضع لأية قواعد جاهزة عدا الوزن . وهي تتسم بتنوع أسلوبي ، في الرؤى ، واللغة ، والإيقاع ، وشكل البناء وتقنياته ، بعدد شعرائها المبدعين . فلو قارنا قصيدة السياب بقصيدة نازك الملائكة ، وقصيدة البياتي بقصيدتيهما ، وقصيدة بلند الحيدري بقصائد الثلاثة ، وقصيدة سعدي يوسف بقصائد الأربعة ، وقصيدة أدونيس بقصائد الخمسة ، وقصيدة نزار قباني بقصائد الستة ، وقصيدة صلاح عبد الصبور بقصائد السبعة ، أقول : لو قمنا بهذه المقارنة لتجلى لنا هذا التنوع بأوضح صورة ، ولتكشّف الحال عن مغالطة سافرة مقصودة . مثل هذا التنوع موجود في قصائد شعراء الجيل الذي أعقب هذا الجيل أيضاً ، وإمكانات المقارنة في ما بينها قائمة .
بل أن الوزن نفسه أطوع من أن يكون ( قاعدة جاهزة ) في القصيدة الموزونة . ذلك لأنه تلقائي ، تأتي به القصيدة دون قرار مسبق ، فينساب معها خلال عملية الكتابة كما تنساب مياه الينابيع . وهذه حقيقة يعرفها الشعراء المتمرسون . فما من شاعر يفكر بأنه سيكتب قصيدته الجديدة على هذا البحر أو ذاك ، إلا في حالات نادرة مقصودة . أما في العادة فالوزن إيقاع يتقرر منذ الدفقة الأولى للقصيدة ، ويمضي فيه الشاعر إلى النهاية ، أو إلى أمد تقرره تقلبات هذا الإيقاع وتحولاته في القصيدة نفسها . وهذا كله يحدث في خضم عملية ، تتضافر فيها رؤى الشاعر وتجلياتها الذهنية وما يرافقها من انفعالاته العاطفية ، وهي عملية معقدة يصعب تحليلها وتوصيفها ، ويستحيل تقعيدها .
لذا أصبحت لقصيدة كل شاعر خصائصها الإيقاعية . فالتنوع الإيقاعي يحدث حتى عندما يكتب شاعر واحد ، أو شاعران ، قصيدتين على بحر واحد . فإيقاعات القصيدة السيابية المكتوبة على بحر الوافر مثلاً هي غيرها في القصيدة البياتية . وإيقاعات قصيدة أدونيس المكتوبة على بحر المتدارك هي غيرها سعدي يوسف . وهكذا ...
إذن فما يقوله بعض الكتاب عن ( القواعد الجاهزة ) في القصيدة الحرة ، هو هرطقة نقدية بامتياز

هناك تعليق واحد:

  1. ماذهبت إليه شاعرنا القدير لا يمثل القصيدة الحرّة وإنما يمثل قصيدة أو قصائد التفعيلة وهي قصيدة ملحقة بنظام الأوزان والتفاعيل الخليلية . والقصيدة الحرّة من المفروض أن تتحرر من الشكل والمتن للقصيدة الموزونة بكل شيئ ويصحّ كثيرا أن نظلق على مايسمى بقصيدة النثر إصطلاح القصيدة الحرّة أكثر من قصيدة التفعيلة التي لم تتحرر نهائيا من إشكالية الوزن والتفاعيل العروضية .تحياتي لك .

    ردحذف

هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ...............ابراهيم العلاف

  هويتي في مكتبة المتحف البريطاني 1979 ومما اعتز به هويتي هذه الهوية التي منحت لي قبل (45) سنة أي في سنة 1979 ، وانا ارتاد مكتبة المتحف الب...