الثلاثاء، 11 ديسمبر 2012

حاجتنا الى فلسفة تنتظم سياستنا الخارجية !

حاجتنا الى فلسفة تنتظم سياستنا  الخارجية !
ابراهيم خليل العلاف
رحم الله الدكتور عبد الجبار الجومرد اول وزير خارجية للعراق بعد ثورة 14 تموز 1958 ، وسقوط النظام الملكي الهاشمي،  وتأسيس جمهورية العراق يوم اعترض على تصريحات العقيد فاضل عباس المهداوي رئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة حول الموقف من هذه الدولة،  والسياسة التي يجب ان تتبع تجاه الدولة تلك وذهب الى الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس  الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة قائلا له : ان تصريحات المهداوي وكلامه غير المنضبط في المحكمة ، خًرب علاقات العراق الخارجية فرد الزعيم قاسم بأنه سوف يفرك اذن المهداوي ويمنعه من الادلاء بالتصريحات التي تتناول السياسة الخارجية العراقية .
واليوم،  وبعد عشر سنوات من وقوع الاحتلال في 2003 لايكاد يمر يوم  ، بل لاتكاد تمر ساعة  ، الا ويظهر النائب الفلاني ليهاجم هذه الدولة .. وعلى الشاشة البيضاء  نجد السياسي العلاني وقد جمع من حوله  وخلفه عددا من انصاره - على الطريقة الاميركية - وهو يهاجم الدولة الجارة الفلانية أويتهم زميله في العمل السياسي بأنه ينفذ أجندة هذه الدولة ويقبض منها .سلوك غير مألوف في العراق أو على الاقل كاتب هذه السطور لم ير مثله ولم يسمع من قبل ان حصل مثل هذا التصرف .
 يبدو اننا لازلنا نفتقر الى فلسفة تنتظم سياستنا الخارجية  .كما ان ليس ثمة  ركائز تعود اليها هذه السياسة مع اننا نملك  وزارة خارجية رصينة ووزير خارجية متمكن ، وطاقم في وزارة الخارجية أعرف بعضه.. متمكنا من عمله.. وخبيرا بمجريات السياسة العربية والاقليمية والدولية .اين هم اذا ؟ وما هو دورهم..؟  ولماذا لانمتلك ناطقا رسميا يعبر عن سياسة العراق الخارجية ..؟ وهو البلد المحوري المهم الذي يسميه الاميركان في أدبياتهم "مفتاح المنطقة ".
مصالح العراق الوطنية والقومية هي مايجب ان يراعى عند رسم اسس وركائز وفلسفة سياستنا الخارجية ..ولاشيئ غير مصالح العراق الوطنية والقومية وبالتأكيد فأن هذه المصالح تعكس مصالح الشعب العراقي ومستقبل ابناءه .
ليس من المعقول –سادتي –ان نُورث الاحقاد لاحفادنا .. وليس من المعقول ان تظل علاقاتنا مع دول الجوار متوترة.. وليس من المعقول ان نظل نتعامل مع  الدول التي كنا نتعامل معها  خلال ال50 سنة الماضية دون غيرها .ان ما نحتاجه هو الاستقرار .. ومانحتاجه هو الخبرات والخبرات معروف مواطنها ..نحتاج الى ان يكون العراق عنصر جذب للاستثمارات  ..والمستثمرين لايمكن ان يأتوا  ويعملوا في  ظل أجواء مشحونة بالكراهية والحقد وتصفية الحسابات .
كما اننا  بحاجة الى خطاب سياسي خارجي موحد يعكس سياسة العراق الخارجية الحقيقية المبنية على معايير المصالح  الوطنية والقومية والانسانية ....نحتاج الى سلوك سياسي خارجي يخلق الاطمئنان لدي الجيران، ويخلق عندهم الثقة بنا لكي يفكروا في طي صفحات الامس البعيد والقريب . اليس من العيب ان نقبل  -بوعي او بدون وعي –تنفيذ اجندات غيرنا .مرة قلتٌ في مؤتمر علمي خارج العراق نسمع بأجندة تركية واجندة ايرانية واجندة بريطانية واجندة اميركية واجندة روسية واجندة عربية ونحن ابناء العراق اين اجندتنا التي تضع العراق في حدقات عيوننا ؟ .
ان من ابرز ركائز فلسفة سياستنا الخارجية  التي نريد هي ان نوسع  دائرة الاصدقاء   ونقلل دائرة الاعداء الى حيز محدود ومحدود جدا .كما ان علينا ان نسعى لخلق الثقة بنا  وبدولتنا ..ونقوي القدرة على التفاهم مع  الاخر والحوار ..علينا ان نتعلم  اسلوب المفاوضة  ولغة العقل والتوصل الى الحلول الوسط التي تلبي متطلبات بلدنا ومطامح شعبنا الذي تعب من سياسات خارجية مغامرة لازلنا ندفع ثمنها ..وقد يستمر ابنائنا واحفادنا على دفع ثمنها اذا لم نٌعمل العقل ونهتدي بهديه  .للنائب في البرلمان دوره وللسياسي دوره  وللحزبي  دوره ولوزارة الخارجية والمسؤولين عن سياسة العراق دورهم ولاينبغي ان يمارس كلنا الدور نفسه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...