الاثنين، 17 ديسمبر 2012

بين السياسي ورجل الدولة : حاجتنا الى رجال دولة !


  بين السياسي ورجل الدولة : حاجتنا الى رجال دولة !
                       ا.د.ابراهيم خليل العلاف
                   استاذ التاريخ الحديث –العراق
        كثيرا ما أحدث تلاميذي عن ضرورة أن يكون لدينا "رجال دولة " Statsmem  وليس الى سياسيين       Politician ...ويسألني بعضهم  وما الفرق بين " السياسي " و" رجل الدولة" ؟ .. فأقول كالفرق بين السماء والارض.. وخلال ال50 سنة الاخيرة اٌبتلينا بسياسيين معظمهم كان مغامرا ، فهو لايتورع عن التفريط ببلده وشعبه من أجل مكاسب انية أو لتحقيق اهداف قصيرة الامد في حين اننا كنا ولانزال بحاجة الى رجال دولة لهم القدرة على استخدام العقل ، وتجاوز حماقات القوة أى الوعي بالمستقبل..رجل الدولة فضلا عن انه يتمتع بكاريزما الرجل القيادي يتميز بنظرته الشاملة الى الامور فهو الذي قد درس الفلسفة وأمتحنها في عقله وفكره فصار يرى الغابة كلها بينما السياسي الذي لايفقه الفلسفة ، ولايعرف قيمتها لايشاهد سوى الشجرة . ومن هنا فرجل الدولة ذو رسالة وهدف سام ، وهو الحريص بأستمرار على تجنيب شعبه أية مشاكل وهو رجل نظيف اليد ، ونظيف اللسان يأتي الى المنصب ليخدم شعبه ليس الا ويخرج وهو لايملك شروى نقير ، وكل ما يهمه هو سعادة شعبه ، وضمان اموال ودماء من يقودهم .
   لذلك فرجل الدولة  ينظر الى الامور بموضوعية ، وبصدق وهو على عكس السياسي الذي يمارس السياسة ، كما يمارس اية لعبة  تحتمل الربح ، وتحتمل الخسارة وكثيرا ما يقدم على خطوات غير متزنة  ، وقد يوقع شعبه في التهلكة فهو مغامر وينتظر تحقيق المكاسب ولو كانت لاتساوي شيئا .رجل الدولة يمتلك صفات القيادة وقد نذر نفسه لاهداف كبيرة  أبرزها الارتفاع بمستويات مواطنيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
    رجل الدولة لايمكن ان يكون رجعيا  ، بل له نظرة متقدمة متنورة الى الحياة .رجل الدولة يسعى من اجل ان تكون لبلده مكانة كبيرة ،وهو يعمل ليل نهار من اجل تحقيق ذلك . وقد أخلى التاريخ لرجال  الدولة  صفحات وصفحات . يتحلى رجل الدولة فوق ماذكرنا بالصدق والجرأة في اتخاذ القرارالمناسب ، في الوقت المناسب ، والمكان المناسب .
    ويقينا ان عقلية رجل الدولة استراتيجية ، بينما عقلية السياسي تكتيكية . انه يعيش هموم شعبه يتألم لالمهم ، ويفرح لفرحهم ، وعندما يتطلب منه الموقف ان يبتعد عن مركز القيادة فأنه يترفع عن ان يبقى  على الكرسي ولايخجل من ان يتحول الى جندي بسيط يعمل بأمرة من يخلفه ، ولايخشى من ان يقول للناس انه مستعد لتحمل المسؤولية لانه يؤمن بأن القائد لابد ان يتحمل طعنات الناس كما يفرح لتصفيقهم وتهليلهم له .
  اننا اليوم بأمس الحاجة الى رجال دولة ينذرون انفسهم للخدمة العامة ولسان حالهم يقول ان اجري  الا عند  الله .التاريخ اليوم يميز بين السياسيين ورجال الدولة .... السياسيين الذين محتهم الذاكرة ..  ورجال الدولة الذين لايزالون يعيشون في ذاكرة الناس .رجل الدولة يتمتع بشخصية قيادية لها تأثيرها الفاعل على الناس ودائما تكون بين رجل الدولة علاقة قائمة على الاحترام والتقدير ورجل الدولة هو من لايفتعل الازمات ويضرب خصومه بعضهم بالبعض الاخر .رجل الدولة لايتنصل من قراراته بل يتحمل مسؤليتها .رجل الدولة لايسلك طرقا معوجة من اجل ان يتشبث بالكرسي بل طريقه واضح بين . رجل الدولة لايحكم بدون منهج ينتظم مسيرته بل له منهج واهداف وطنية وقومية وانسانية يلتزم بها ويسير بهديها .رجل الدولة لايتاجر بالكلمات ، ويتلاعب بالالفاظ بل هو صادق فيما يقول ويعمل يضع الحقائق امام شعبه ويصارحهم بما يريد .
    رجل الدولة يأتي من بين من أكتووا بنار الظلم والاستبداد احس بالظلم فثار عليه وواجه الاستبداد فقاومه ..واخيرا رجل الدولة لايحيط نفسه بالانتهازيين وطلاب الجاه بل بالعقلاء والخبراء الحقيقيين يسمع منهم ويحاورهم  .رجل الدولة قد قرأ تاريخ شعبه وعرف مشاكله واحتياجاته  وهو الحريص على ان لايفرق بين ابناء شعبه  ..انه متحررمن العقد والضغائن وهو يحرص على ان يكون على مسافة واحدة من كل مكونات شعبه يتحدث امامهم وخلفهم بذات الكلام .
  ما احوجنا  اليوم الى رجال دولة  يعيشون مع شعبهم  وأهليهم ..شعب العراق الابي هذا الشعب الكلكامشي الذي رأى كل شيئ انه بلد الرحمة وبلد العلم وبلد الكبرياء .هو يعرف كل شيئ وواهم ذلك السياسي الذي يتصور أن ألاعيبه تنطلي على ابناء العراق واية جردة بسيطة لتاريخ ووقائع بلدنا تكشف بالدليل الساطع والوثيقة الدامغة كم تساقطت قيادات سياسية وتهاوت تحت ضربات الحقيقة حقيقة العراق وعظمة تاريخه وحاضره ومستقبله .

هناك تعليق واحد:

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...