سعد الدين إبراهيم المفكر المصري الليبرالي 1938-2023 ودعوته الى النظام الديموقراطي في الوطن العربي
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
اليوم الحميس 13 من حزيران - يونيو الجاري 2024
لا اعرف لماذا تذكرته ، وهو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس لفترة من الزمن ونشاطه مديرا لمركز ابن خلدون للدراسات الانمائية . وما اثاره من انتقادات لنظام الحكم في عهد الرئيس محمد حسني مبارك والشبهات التي لاحقته واتهاماته بالارتباط بالاميركان وبمشروعهم الشرق اوسطي الكبير وترويجه لافكار الحرية والليبرالية والديموقراطية . واتذكر انني كتبت عنه في بحث لي القيته في (المجمع العلمي العراقي) ووقائع هذا المؤتمر واتذكر ان بحثي كان عن (المركز الاكاديمي الاسرائيلي) في القاهرة .
وكان عنوان المؤتمر (العراق وتحديات القرن الحادي والعشرين ) ، إنعقد بين 13 - 16 تشرين الثاني سنة 2000 اي قبل ( 24) عاما . والكتاب طبع في مطبعة المجمع العلمي العراقي ببغداد سنة 2001 .
اليوم الخميس 13-6-2024 ، عرفت ان الدكتور سعد الدين ابراهيم قد توفي في ايطاليا عن عمر يناهز ال (84) عاما ، وان زوجته باربرا وولده امير وابنته راندا . والدكتور سعد الدين ابراهيم أثار، ولسنوات كثيرا من ( الصخب ) عن حاجتنا الى (الديموقراطية) وكان يقول :"ان الديموقراطية هي الحل ! " وانا - كاتب هذه السطور - لا اراها كذلك ، لان الديموقراطية تحتاج الى ديموقراطيين ونحن في الوطن العربي نفتقد الى الديموقراطيين لاننا - ببساطة شديدة - لسنا مؤهلين ولا مستعدين لتقبل الديموقراطية الحقيقية وانما نتشبث بها كقشور ، ولربما تربيتنا وحياتنا وتجاربنا في الحياة تتناقض مع الديموقراطية .
الدكتور سعد الدين إبراهيم من مواليد قرية بدين مركز المنصورة في دلتا النيل سنة 1938 وهو استاذ (علم الاجتماع السياسي في الجامعة الامريكية في القاهرة ) .
حصل على الماجستير في تخصص علم اجتماع التنمية سنة 1964 ثم حصل على الدكتوراه من جامعة واشنطن سياتل في تخصص علم الاجتماع السياسي سنة 1968 .
عاد سنة 1975 إالى مصر وعين أستاذا في الجامعة الأميركية في القاهرة، ثم أستاذا زائرا بجامعة كاليفورنيا- لوس أنجلوس من 1979 إلى 1980، كما عين محاضرا زائرا في جامعة القاهرة، وأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، وكلية طب قناة السويس، وجامعة حلوان خلال السنوات 1976-1995.وقد ترأس وحدة الشؤون العربية في (مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية) من 1977 إلى 1985.خلال فترة دراسته كان قريبا من حركة القوميين العرب ومن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومن زعيمها السيدنايف حواتمة .طبعا وجهة نظره عن الرئيس جمال عبد الناصر ايجابية وهو يرى ان قيادة عبد الناصر تاريخية .
انتقد الدكتاتورية وقال انها سبب ما ابتلينا به وانها هي وراء هزائمنا في كل الحروب والتحديات .وكان يرعى جمعيات حقوق الانسان التي ارادتها لنا اميركا كجزء من دعوتها الى اقامة المجتمعات المدنية و المشاركة السياسية ونشر افكار الحرية وتمكين المرأة . وكان يكتب في كل هذا وينشر ما يكتبه وقد احتضنته الكثير من وسائل الاعلام الغربية وامتدحه الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش واستقبله وحياه وشجعه على تناول موضوعات حقوق الانسان وقد تعرض - وهو الذي يحمل الجنسية الامريكية - في بلده ايام حكم الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك للاعتقال (بتهمة تلقي اموال لمركز ابن خلدون للدراسات الانمائية من حارج البلاد ومن جهات اجنبية لاهداف واجندات مقصودة ومن دون اخبار الحكومة ) .وقد حكم عليه بالسجن سبع سنوات .كما وجهت اليه تهمة التجسس لحساب الامريكان في آب -اغسطس سنة 2000 وكادت محكوميته تصل الى (25) عاما لكن محكمة النقض ونسميها نحن في العراق (محكمة التمييز ) برأته من التهم الموجهة اليه .خاصة وان منظمات دولية تبرعت بالدفاع عنه ومنها (منظمة العفو الدولية) .كرم بجائزة هاينز باغلز لحقوق الإنسان للعلماء . كتب سيرته بعنوان ( سيرة سعد الدين ابراهيم ) يقول في المقدمة :"
إن العقود الستة من إنخراطي في الحياة العامة شهدت أحداثًا مرحلية، ووطنية، وإقليمية، وعالمية، كنت شاهدًا عليها. وقد انفعلت بها من ناحية، وتقاطعت هي مع مسيرة حياتي من ناحية أخرى. وشجعني كثيرون على الحديث عنها من منظوري الشخصي، وهو ما حاولته في هذه المذكرات فأرجو أن تكون إضافة، ولو متواضعة، تسهم في فهم التاريخ الإجتماعي لمصر والوطن العربي منذ منتصف العشرين إلى أوائل القرن الحادي والعشرين" .
كما ان السيد الحراني اصدر كتابا بعنوان (مذكرات الدكتور سعد الدين ابراهيم ) سجلها معه المؤلف السيد الحراني على مدار عام كامل ويذكر فيها نشأته وحياته في القاهرة ثم دراسته في امريكا وحياته هناك ومعاركه مع اليهود وازمةاسقاط جنسيته المصرية وعلاقاته العاطفية والزوجية ورحلاته لاسرائيل وغيرها وعلاقته مع عدد كبير من الزعماء العرب والاجانب" .
وكما هو معروف ، فالدكتور سعد الدين ابراهيم كان يدعو للتطبيع مع اسرائيل حتى انه حاضر في بعض جامعاتها وقد اسقطت عنه الجنسية المصرية وخرج من مصر وبقي لفترة طويلة خارجها .ومن الغريب ان الدكتور سعد الدين ابراهيم يقول في أُخريات حياته " انه مصاب بعمى الالوان بحيث لايحدد احيانا الخطوط الحمر اي فيما سقال وفيما يجب ان لايقال في مصر" .
من مؤلفاته التي تزيد عن (35) كتابا باللغتين العربية والانكليزية :
1. الملل والنحل والاعراق ..هموم الاقليات في العالم العربي
2. النظام الاجتماعي العربي الجديد
3. اعادة الاعتبار للرئيس السادات
4. الاسلام والعالم
5. أزمة المثقفين والثقافية العربية
6. اتجاهات الرأي العام العربي نحو مسألة الوحدة ..دراسة ميدانية
7. رياح الشرق ..الديموقراطية بين المد والجزر
8. مخاض نظام عربي جديد
9. سروق اوسط جديد غاضب ..اسلام ديموقراطي
10.سوسيولوجيا الصراع العربي - الاسرائيلي
11. تأملات في مسألة الاقليات
12. في مسألة الوحدة ..خسوف القومية العربية
13. كيسنجر وصراع الشرق الاوسط
14. الاقليات والمرأة في العالم العربي
15. ثورة يوليو في الميزان ..القيادة ، العروبة ، والمسألة الاجتماعية
16. الخروج من زقاق التاريخ ..دروس في الفتنة الكبرى في الخليج
17. تعليم الامة العربية في القرن الواحد والعشرين
18. مصر والعالم العربي
19. صور المستقبل العربي
20. المجتمع والدولة في الوطن العربي
موضوع يستحق ان يدرسه طلبة الدراسات العليا في التاريخ والعلوم السياسية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق