لا ... بل دفاع عن ثورة 14 تموز 1958 في العراق
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وقد كتبت عن ثورة 14 تموز 1958 في كتابي المنهجي المقرر في اقسام التاريخ في الجامعات العراقية قبل عدة عقود وقد الفته مع الاستاذ الدكتور جعفر عباس حميدي .
كما ان لي العديد من المقالات والدراسات ، وانا افسر ثورة 14 تموز 1958 على( انها ثورة الجيل الجديد على الجيل القديم) الذي تربى في مدارس ومعاهد العثمانيين من مدنيين وعسكريين حكموا العراق من 1921 الى 1958 .
الثورة كمصطلح " تعني التغيير الشامل للحياة ووفق منطق التاريخ " ، وحركته والحكم على الثورة لايكون بما حدث بعدها من صراعات سياسية ، فهذا شيء طبيعي انظروا او لأ قل ادرسوا الثورة الفرنسية في 14 تموز 1789، لتجدوا انها كانت دموية ، وانها وانها ادت الى صراعات ولسنوات طوال لكن الفرنسيون مازالوا يعتزون بها ويفتخرون ، لانها احدثت في مجتمعهم نقلة كبيرة ويوم (14تموز ) هو اليوم الوطني لجمهورية فرنسا . الفرنسيون حطموا (سجن الباستيل) ، والعراقيون حطموا (سجن نكرة السلمان) .
سألت احدهم ، هل عشت في العهد الملكي ،وهل عرفته على حقيقته ؟ قال لا ؛ فقلت انا عشت في الحكم الملكي واعرف ان نوري السعيد رئيس الوزراء المزمن الف (14) وزارة ، وحكم بالحديد والنار والاحكام العرفية واغلق الاحزاب ، واوقف الصحف ، وفتح معسكرات تأديب للطلبة الثائرين على حكمه ، واعدم زعيم الحزب الشيوعي (فهد) واعدم العقداء الاربعة ومحمد يونس السبعاوي وعلق جثثهم على باب وزارة الدفاع ولم يتحمل برلمان فيه عدد صغير من المعارضين فحله وتحدى النواب ان يكونوا قد جاؤوا الى البرلمان بجهودهم ، وكبل العراق بمعاهدات الذل ، ووافق على ان تكون للانكليز قواعد عسكرية في الحبانية والشعيبة بهدف قمع المعارضة ، وربط العراق بحلف بغداد وحتى الانكليز نبهوه الى ان يعطي فرصة للشباب لكنه رفض .
احزاب العراق في جبهة الاتحاد الوطني ، وتنظيم الضباط الاحرار هم من قاموا بالثورة ، والثورة كانت تتوافق مع سير حركة التاريخ والعراقيون لايصبرون على الظلم طويلا هذه حقيقة تاريخية معروفة .
ثورة 14 تموز 1958 محفورة في ذاكرة العراقيين ، وليس من السهولة محوها أو تجاهلها أو تناسيها أو طمسها أو تغييبها من ذاكرتنا نحن الذين عانينا من الذل والفقر والجهل .التلميذ كان لايُعطى كتابا مدرسيا الا اذا جلب شهادة فقر الحال من المختار وشاهدين ، وجاءت الثورة وفتحت التعليم على مصراعيه ، واصدرت قانون الاصلاح الزراعي، وقانون رقم 80 وقانون الاحوال الشخصية وقانون جامعة بغداد الذي استحدث لاول مرة (مجلس الجامعة ) الذي اجتمع لاول مرة في تشرين الثاني سنة 1958 اي بعد اربعة اشهر من قيام الثورة وكان من اهم ماحصل بموجب ذلك القانون الاعتراف بقيام جامعة بغداد وضم الكليات القائمة اليها وهي كلية الطب وكلية الاداب وكلية العلوم وكلية التربية وكلية الهندسة وكلية الصيدلة وكلية طب الاسنان وكلية التحرير وكلية الزراعة وكلية الطب البيطري وكلية الحقوق وكلية التجارة ثم قرر مجلس الجامعة ان يفتح ثلاثة معاهد عالية هي معهد العلوم الادارية ومعهد اللغات ومعهد المساحة وربط بالجامعة معهد الهندسة الصناعية العالي ومعهد التربية البدنية .يقول رئيس الجامعة انذاك البروفيسور الدكتور عبد الجبار عبد الله انه بعد ثورة 14 تموز 1958 :" تم تكوين جامعة بغداد وهي اول جامعة في العراق واتخذت شكلها الحاضر " يعني آنذاك ومع هذا فهو يعتبر ما حدث (مرحلة تكوين ) . وبنت مدنا منها مدينة الثورة - الصدر حاليا ومدينة الشعلة ومدينة نواب الضباط ، وانصفت الفقير والعامل والفلاح ، وفي سنة 1959 اسست كلية الطب في الموصل والتي كانت نواة لجامعة الموصل ، واكدت قيادة الثورة سيادة البلد ، وكرامة المواطن العراقي .
طبعا بريطانيا ، ومن وراءها لم يرق لهم ذلك فوضعوا العقبات ، وابتدأوا التآمر وهذا شيء طبيعي لكن هذا لايعني " ان الثورة كانت خطأ تاريخيا بل بالعكس الثورة احدثت تغييرا في حياة الناس اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفكريا ونفسيا " .. لمن لم يعش تلك الظروف اقول : اقرأوا القصص التي كتبت في ذلك الزمن اقرأوا قصص ذو النون ايوب وادمون صبري ، اقرأوا الشعر شعر السياب والبياتي ونازك الملائكة وعبد الله كوران وبلند الحيدري لتشعروا بقيمة ما حدث صبيحة يوم الاثنين 14 من تموز 1958 .نعم هناك اخطاء وصراعات لكن العيب في هذا لم يكن في الثورة وانما في بعض من لم يفهموا الظروف آنذاك حق فهمها .
وبإختصار شديد اقول وانا اعرف ان الاحتفال بها الغي ولم اعثر على اليوم الوطني للعراق في قائمة العطل الرسمية :" ان محاولات تهميش الثورة او اسقاطها من ذاكرة العراقيين فاشلة لامحالة" .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق