ا.د ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
كثيرة هي البيوت القديمة التاريخية ، والاثرية في مدينة الموصل . فمدينة الموصل مثل مدينة دمشق ، من اقدم المدن التي ظلت مأهولة بالسكان منذ الاف السنين .
ويقينا ان العمارة في مدينة الموصل ، تطورت عبر الزمن ، ولدينا حتى كتابة هذه السطور بعض النماذج من هذه البيوت ، وقد سبق لي ومنذ اكثر من عشر سنوات ان كتبت عن بعض البيوت وما كتبته متوفر في الانترنت ، وقدمت حلقات من قناة (الموصلية) عنها ضمن برنامجي التلفزيوني ( موصليات ) .
ومن البيوت التي اريد اليوم ان احدثكم عنها ( بيت المرحوم الاستاذ شوكت عثمان الدليمي ) في محلة الشيخ محمد الاباريقي ، وبالتحديد في منطقة (الثلمي ) على شارع الشهيد باسل الحاج ثابت ، و(الثلمي) ، هي (الثلمة) التي حدثت في سور الموصل الجنوبي خلال حصار نادرشاه ايلول - تشرين الاول سنة 1743 م وتم سدادها بجهود اهالي المحلة .
وفي منطقة الثلمي ، كانت ثمة بيوت مهمة منها بيت سعيد الحاج ثابت ، وبيت الحاج خليل الطالب ، وبيت يونس شريف بك ، وبيت محمد حسن ال عمر اغا الشويخ ، وبيت القنصل الانكليزي وبيت شوكت عثمان الدليمي موضوع مقالنا هذا ، وطبعا هذه البيوت هي اليوم دكاكين ومعامل للسمكرة وصنع تانكيات الماء والمبردات وغيرها كما يقول ذلك الاخ الاستاذ غانم محمدالحيو في كتابه ( محلة الشيخ محمد الاباريقي صدر قي الموصل سنة 2018 .
وكما ترون في الصور ، هذا جانب من دار الاخ الاستاذ مشتاق شوكت الدليمي في منطقة ( الثلمي) احدى مناطق محلة الشيخ محمد الاباريقي القريبة من محلة باب لكش . وترون الاواوين وتعدد الغرف حول الحوش وتتوسط الحوش حديقة جميلة مسورة بسياج حديدي لكن السياج للاسف قد أُزيل .وفي الدار سرداب وهناك للدار مدخل جميل والبيت شأنه شأن بيوت الميسورين في الموصل يعود في بنائه الى مطلع العشرينات من القرن العشرين القرن الماضي ، والاروقة ، والاواوين ، والاقواس خلقت انسيابية في حركة اهل الدار ، ووفرت لهم التهوية ، والاضاءة اللازمة والبيت في الحقيقة يُعد من البيوت التراثية ، ولا اعرف حاله اليوم 2023 وانا اكتب هذه السطور فقد نشرت صورته سنة 2012 في مدونتي مدونة الدكتور ابراهيم العلاف . لكن احد الاخوان قال انه تم هدمه واصبح ارضا مسيجة للاسف الشديد .
اليوم السبت 7 من تشرين الاول - اكتوبر 2023 حدثني الاخ الاستاذ مشتاق شوكت عثمان الدليمي عن البيت فقال :" اولا بُني هذا البيت على جنبات خندق الموصل الذي يحيط بسور الموصل الجنوبي و الذي يصل بين محلة باب لكش بمحلة باب الجديد . ويضيف انه يذكر جدته (نفيسة) رحمها الله ، وكانت تقول باللهجة الموصلية :" واذكر نانتي نفيسة كانت تقول جابو كومي طنيبر تغاب ، وردمو الخندق وبنو علينو البيت ..كان البيت مبني من طابقين ولكن قالو ان الوزن ثقيل ، وبدا البيت ينزل فهدوا الطابق العلوي وبقى البيت بطابق واحد تحيط به ايوانات المرمر " .
ويستذكر الاخ الاستاذ مشتاق الدليمي من عاش في هذا البيت فقال :" أشهر من تربى وعاش في هذا البيت هو عمي بهجت باشا الدليمي اللي كان مدير شرطة عام وقت جلاله الملك فيصل الثاني ملك العراق السابق 1953-1958 ، وعاش فيه أبي شوكت الدليمي اللي كان مدير شرطة ومدير ناحية واولاده هم الدكتور سهيل الدليمي رحمه الله ، و الدكتور مطاع الدليمي رحمه الله ، و المربية لقاء الدليمي ، ومشتاق الدليمي وهو يعيش اليوم في استراليا . كما سبق ان سكن البيت الرئيس الاول المتقاعد خيري الدليمي رحمه الله وكان يعمل مديرا لمعمل نسيج الحاج يونس بالموصل بعد تقاعده ، وسكن فيه ايضا نوري الدليمي ، وكان موظفا في الكمرك .وسكنته ايضا المربيتين الست فخرية الدليمي ، والست سعدية الدليمي" .
بيت شوكت عثمان الدليمي هذا كان امام بيت المرحوم حسن ثابت قرب بيوت آل العسلي ، وملاصق لبيت المرحوم احمد الاطرقجي من جهة ، وبيت الحاج محمد الطالب من جهة اخرى قرب مدرسة الامير عبد الاله النموذجية التي اصبحت بعد ثورة 14 تموز 1958 تسمى (مدرسة الوطن للبنين ) ، ويبعد ثلاثة بيوت عن بيت المرحوم يونس بك ال شريف والد المرحوم الفنان نجيب يونس حيث كان يعقد (مجلس البكات) الثقافي والاجتماعي كل مساء في حديقته.
بيت عز تربت فيه اجيال واجيال ، وبقي أثره وبقيت ذكرياته ، والذكريات صدى السنين الحاكي .
______________________________________
*صورة الدار قبل سنوات قليلة وحاله اليوم ، وصورة المرحوم شوكت الدليمي والد كل من سهيل ومطاع ولقاء ومشتاق الدليمي ، وصورة بهجت الدليمي مدير الشرطة العام يصافح جلاله الملك فيصل الثاني 1953-1958 وصورة بهجت الدليمي الرسمية وصورة الاستاذ مشتاق الدليمي ايام الشباب .7-10-2023
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق