الجمعة، 20 أكتوبر 2023

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم ............(13) حلقة


 


الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (1)

-ابراهيم العلاف

منذ ان كنت تلميذا في المدرسة الابتدائية قبل ثلاثة ارباع القرن (75) سنة ، وأنا ادرس (التاريخ) ، ومن احداثه الرئيسية حدث خطير يسمى ( الحروب الصليبية The Crusades) .

وفي قسم التاريخ بكلية التربية - جامعة بغداد 1964-1968 ، وانا ادرس التاريخ ، وكان ثمة درس في المرحلة الاولى عنوانه (تاريخ العصور الوسطى الاوربية ) .

ومن حسن حظي ان من درسني هذه المادة شيخي واستاذي الذي اجله رحمة الله عليه واقصد الاستاذ الدكتور عبد العزيز نوّار وهو مؤرخ مصري معروف . كما درست في الوقت نفسه كتاب شيخي الثاني واستاذي الذي اشرف على رسالتي للماجستير 1975 ، الاستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف عن (العصور الوسطى الاوربية) الذي سعيت عندما كنت رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية - جامعة الموصل 1980-1995 الى طبعه في مطبعة جامعة الموصل واقراره كتابا منهجيا كان ولما يزل كذلك .

واقول واعتمادا على ما وقر في ذهني ، وانا ادرس الحروب الصليبية ونسميها ايضا حروب الفرنجة " ان الحروب الصليبية ليست الا حلقة من حلقات الصدام بين المشرق العربي الاسلامي والغرب المسيحي" لكنها حلقة من طابع خاص ؛ فالصراع لم يهدأ بين الشرق والغرب الا لفترات قصيرة لينشب مرة اخرى استنادا على مقولة الشاعر الانكليزي كبلنغ (الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا ) .

وما يجري اليوم او لنقل الان في فلسطين من صراع فلسطيني - اسرائيلي ليس الا حلقة من حلقات الصراع بين الشرق والغرب ، واقصد ما حدث منذ السابع من اكتوبر - تشرين الاول الجاري 2023 هو حلقة من حلقات الصراع فها هو الغرب ، والولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي ، يعلن بكل وضوح انه يقف بجانب الدولة ال-ي-هو-دية .. اس-ر-ا-ئ-ي-ل ويدعمها بكل ما يستطيعه ضد الفلسطينيين والعمليات الهجومية على قطاع غزة القائمة بكل عنف وشراسة تحظى بدعمهم .

نحن نعرف ان الصراع مع بيزنطة كان قائما ، بيزنطة واسبانيا وفرنسا وايطاليا ولهذا الصراع قصص معروفة ليس هنا أوان ذكرها ، لكن اهم ما ميز الحروب الصليبية او حروب الفرنجة خرجت استجابة لدعوة البابوية بهدف تخليص بيت المقدس من ايدي العرب المسلمين ، وللاسف هذه الدعوة التي اطلقها البابا اوربانوس الثاني من على جبل كليرمونت فيران بفرنسا سنة 1095 ميلادية كانت لها نتائج وخيمة .. قتل ودم وضحايا وتدمير ومعارك استمرت 200 سنة

 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (2)

-ابراهيم العلاف

وكما اشرت في الحلقة الاولى المنشورة على صفحتي هذه بشأن الصراع بين الشرق والغرب منذ العصور الوسطى الاوربية والمتمثل بالحروب الصليبية التي استمرت 200 سنة وكان ميدانها بلاد الشام وقلبها فلسطين وبيت المقدس اقول ان الظروف التي كانت سائدة في الشرق والغرب هي من دفعت بإتجاه الصراع ونشوب الحرب الطويلة وكما هو معروف ان الامبراطورية البيزنطية وعاصمتها القسطنطينية -استانبول كانت في حرب دموية منذ القرن الحادي عشر ضد السلاجقة وقد احرز السلاجقة المسلمون نصرا على البيزنطيين في معركة ملاذ كرد سنة 1071 م وسيطر السلاجقة على معظم منطقة آسيا الصغرى وانتزعوها من ايدي البيزنطيين وهكذا كان السلاجقة قوة ناشئة مقتدرة تهدد بيزنطة لذلك استنجد الامبراطور البيزنطي انذاك بالبا كريكوري السابع فأطلق البابا نداء الى ملوك وامراء اوربا دعاهم لنجدة بيزنطة لكن دعوته تلك لم تجد آذانا صاغية ويبدو ان الظروف السياسية انذاك لم تكن متوفرة ولكنها توفرت بعد ثلاثة عقود عندما وجه الامبراطور البيزنطي نداء استغاثة للبابا اوربانوس الثاني فأعلنها من على قمة جبل كليمونت فيران سنة 1095 في خطبة حماسية حتى ان المجتمعين انذاك رددوا بصوت واحد مؤيدين :" تلك مشيئة الله " ولابد من تخليص بيت المقدس من ايدي العرب المسلمين وهكذا بدأت اوربا تعد العدة وتضع الاسس لتنفيذ الفكرة وتجمع الاموال والسلاح والمتطوعين من الرجال والنساء للذهاب الى بلاد الشام وتخليص بيت المقدس في فلسطين والارض الموعودة من ايدي من سموهم ب(الكفار) .كانت دعوة البابا حماسية وكانت الاستجابة ممتلئة بالحماس والكل ردد انه سيذهب الى الشرق حيث اللبن والعسل وكل ما هو طيب ولذيذ ومع ان الهدف كان سياسيا اقتصاديا اجتماعيا فكريا لكنه تغلف -زورا وبهتانا - بغلاف الدين . 


 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط  اليوم (3)

-ابراهيم العلاف

عندما وقف البابا اوربانوس الثاني ، على قمة جبل كليرمونت فيران بفرنسا يعلن الحرب من اجل تخليص بيت المقدس من يد العرب والمسلمين سنة 1095 م ، بدأت في كل اوربا وممالكها الخطوات التنفيذية لجمع الاموال ، وتكديس السلاح ، وتهيئة الرجال للتوجه نحو فلسطين .

وكما يجب ان نعرف ان اوربا خلال تلك المرحلة ، كانت تواجه الصراع بين الملوك والاقطاعين ومواجهة الحروب الداخلية بينهم ويقينا ان الملوك وجدوا في وقفتهم مع البابوية فرصة لتثبيت كياناتهم السياسية ، وتزامنت تلك المواقف مع رغبة البابوية في توحيد جهود الكنائس نحو هدف جديد في الشرق بمعنى ان المصالح اجتمعت في هدف موحد واحد .

وكانت الحروب الصليبية فرصة لتوحيد الطاقات في اوربا وتكريس الصراع التاريخي كما يقول المؤرخ البريطاني ارنولد توينبي (توفي 1978) صاحب كتاب (دراسة للتاريخ) بين الشرق والغرب وامتداد حلقاته التي اشرنا اليها في الحلقة الاولى ، واذكر القارئ الكريم بالصراع التاريخي في العصور القديمة وخاصة بين الفرس واليونان وبين الشرق والرومان وبين العباسيين في بغداد وبيزنطة في استانبول والصراع اقولها مايزال ممتدا وموجودا حتى لحظة كتابة هذه السطور (12-10-2023) .

طبيعي اذا عدنا الى السنوات الاولى التي ابتدأت بها حروب الفرنجة او الحروب الصليبية The Crusades نجد ان اوربا كانت تشهد بين اقوامها صراعا سياسيا للاستحواذ على بعض المناطق وقسم من هذه المناطق ومنها مثلا صقلية ومناطق في جنوب ايطاليا كانت بيد العرب المسلمين ، حتى ان هناك ثمة توسع بإتجاه الاناضول ولكن عندما هزمتهم الامبراطورية البيزنطية وجهوا جهودهم نحو بلاد الشام فلما علموا ببدء الحروب الصليبية وجدوا في ذلك فرصة للاندفاع .

وقد استفادت البابوية من اندفاع هؤلاء ومعظمهم من النورماند نحو الشام لتخفيف الضغط عنهم في ايطاليا والاهم من كل هذا سيادة التعصب الديني بين شعوب اوربا خلال تلك المرحلة فإندفعوا نحو فلسطين وبيت المقدس حتى ان شيخي واستاذي المؤرخ المصري الكبير الاستاذ الدكتور عبد العزيز نورار رحمه الله ، قرن ذلك بما اسماه (عصر الايمان والانطلاقة الاوربية الكبرى ) ، وفسر ذلك بالقول :" ان الضمير الديني كان في ذروته وكانت الشعوب حينذاك شديدة الحساسية الدينية وهذا يفسر الحماس الشديد الذي اثاره بطرس الناسك في الجماهير الاوربية " .واضاف يقول :" وفي ذلك الوقت كان الناس يتطلعون بسبب ذلك الحماس الديني الى تقبيل تلك الاراضي التي سعى عليها السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وان يسيروا في طريق الآلآم وان يعيشوا في تلك الاماكن لعل الله يعينهم على حياة دنيوية شاقة ومتعبة وان يطهروا نفوسهم ويستعدوا لحياة اخرى" . وثمة مسألة مهمة لابد من ذكرها وهي ان الحج الى الاماكن المقدسة في فلسطين لابد وان يؤثر نفسيا على الانسان ويعيد للنفس الاطمئنان والاستقرار وهذا ما كانت النفوس في اوربا بحاجة اليه وكما هو معروف فالحج كان اول الامر (سلميا) لكنه وبعد دعوة البابا اوربانوس الثاني سنة 1095 م صار (حجا حربيا ) و(تحريرا لبيت المقدس ) واصبح حمل السلاح واجبا دينيا شرعيا ؛ فالحج - بنظرهم - هو من يطهر نفوسهم وهو ما يساعدهم على التطلع لحياة افضل والى مستوى من المعيشة احسن مما هم فيه من الفقر والدمار والمجاعات التي اصابت بلدانهم وخاصة في فرنسا وهكذا اجتمعت العوامل الدينية مع العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية .


 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (4)

- ابراهيم العلاف

اذا الحروب الصليبية او حروب الفرنجة التي تقنعت بالدين ، والدين منها براء ابتدأت سنة 1095 ميلادية - 488 هجرية اثر خطبة القاها البابا اوربانوس الثاني في كليرمونت فيران بفرنسا ، واستجاب للدعوة عدد كبير من ملوك وزعماء وامراء وقادة ورجال دين في اوربا وحملوا شعار ( الصليب) ، وقالوا لتكن ( مشيئة الله) و( لابد من تخليص بيت المقدس من ايدي العرب والمسلمين الذين قالوا عنهم بأنهم كفارا) .

في هذه الحلقة سأقف عند عن العوامل التي كانت وراء اندلاع الحروب الصليبية وهي دينية وسياسية واقتصادية .العامل الاول هو العامل الديني واقول ان تأثير المؤسسة البابوية على اوربا كان كبيرا وكان هذا في القرن الحادي عشر وظهر الامر واضحا عندما ضعف الامبراطور البيزنطي امام قوة السلاجقة المسلمين وانهار الجيش البيزنطي في معركة ملاذ كرد الشهيرة لذلك استنجد الامبراطور البيزنطي بالبابا واعرب عن استعداده لازالة اي خلاف بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الشرقية وتحقيق الوحدة امام ما اسماه التحدي الاسلامي لذلك ساد نوع من الشعور الديني في اوربا لم تشهد له اوربا مثيلا من قبل وكما سبق ان اشرت الى ان العصر كان يسمى عصر الايمان واخذت الاشاعات تترى على ان المسلمين في المشرق يسيئون للمسيحيين وان ثمة ابادة للحجاج المسيحيين الوافدين الى بيت المقدس وهكذا كان العامل الديني هو من اقوى العوامل التي اججت نيران الحرب وهكذا دوما التضليل الاعلامي يلعب دوره ففي حين كانت الاضطهادات الدينية في اوربا لايحسب لها حسابا لكن ماكان يردد عن اخبار المسيحيين الوافدين الى بيت المقدس هو ما تفعل فعلها وكما هو الحاضر يرون القشة في عين غيرهم ولايرون الخشبة في عيونهم وكلنا سمعنا ما ردده الرئيس الامريكي جو بايدن عن قطع رؤوس الاطفال الاسرائيليين وبعدها اعتذر ناطق رسمي بإسم البيت الابيض بعدم صحة هذا الخبر وظهر بعدئذ انه ملفق وهذا هو ما نسميه التضليل الاعلامي .

 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (5)

- ابراهيم العلاف

في الحلقة الرابعة من هذه المقالات وقفت عند العامل او السبب الديني وراء ما سمي بالحروب الصليبية او حروب الفرنجة او حرب الغرب ضد الشرق العربي الاسلامي وقد دارت هذه الحروب في اراضي بلاد الشام وطبعا فلسطين هي المركز واليوم سأتحدث عن السبب او العامل الاقتصادي واقول ان السبب الاقتصادي رافق السبب الديني فاوربا كانت تعاني من اوضاع اقتصادية منهارة والاوربيون كانوا يبحثون عن اية وسيلة لتحسين اوضاعهم الاقتصادية والفرنسيون وهم يشكلون الاكثرية في جيوش الصليبيين هم الاكثر فقرا من بين الاوربيين وهكذا شارك الشباب كما شارك الشيوخ من الفرنسيين في الحرب ويشير الاستاذ الدكتور عبد العزيزنوار في محاضراته التي القاها في قسم التاريخ بكلية التربية - جامة بغداد سنة 1964-1965 الى ان الفرنسيين كانوا يبحثون عن اقطاعات جديدة قد يحصلون عليها في بلاد المشرق العربي والاسلامي خاصة وان كثيرين كانوا يحرمون من وراثة الاقطاعات ومن يرث هو الابن الاكبر فقط لذلك اتجهوا الى بلاد الشام وانخرطوا في الجيوش التي تجمعت في اوربا بقصد تخليص بيت المقدس من ايدي العرب .اضيف الى ذلك ايضا ان النظام الاقطاعي الاوربي استنفذ امكانات وجوده والعبيد في هذه الاقطاعيات راحوا يهربون واتجه الكثيرين منهم الى الشرق ملتحقين بالجيوش الزاحفة وهكذا فالحروب الصليبية في جانب من جوانبها ليست الا حركة استعمارية غربية متجهة نحو بلاد المشرق ولكن بإسم الدين اي الاستعمار متقنعا بالدين والدين براء من هذا .

ثمة مسألة اخرى متعلقة بالمدن الايطالية التي كانت تتحفز للاستفادة اقتصاديا من هذه الاجواء الجديدة لذلك بدأت تخطط للوصول الى المشرق وفتحه اقتصاديا وعندما ندرس ماجريات الحروب الصليبية ومراحلها وحملاتها تتضح لنا هذه الحقيقة

 

 الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (6)

- ابراهيم العلاف

وفي الحلقة الخامسة من هذه المقالات المتسلسلة عن الحروب الصليبية او حروف الفرنجة والصراع بين الغرب والشرق وما جرى في بلاد الشام ومنها فلسطين تحدثت عن السبب الاقتصادي وراء الحروب الصليبية واليوم اتحدث عن العامل او السبب السياسي فضلا عن السببين الديني والاقتصادي واقول

ان السبب السياسي يكمن في طبيعة العلاقات بين الملوك في اوربا والبابوية فكثير من الملوك كانوا يخافون من ان تتخذ البابوية بحقهم قرارات الحرمان ان هم تباطؤا في تنفيذ دعوتها بالانطلاق مع جيوشهم نحو الشرق الاسلامي وكانت البابوية وهي مؤسسة قوية ما زالت تحتفظ بقوتها وعنفوانها وتأثيراتها الدينية تدعو الملوك في اوربا ان يتهيأوا لقيادة جيوشهم ويتجهوا الى بيت المقدس تنفيذا لمشيئة الله وتحقيقا للهدف المنشود ولم تكن البابوية تقبل بأقل من ان يذهب الملك الى الارض المقدسة ويعود بالنصر المؤزر .لذلك وجد الملوك في اوربا في الحروب الصليبية فرصة لاثبات وجودهم وتقوية مراكزهم السياسية ومن هنا جاء تهافتهم على تلبية الواجب في قيادة جيوش المؤمنين من المسيحيين التواقين للجنة وتحقيق مآربهم السياسية من وراء ذلك .

وسأقف في الحلقات القادمة عند ما جرى من احداث وتطورات طيلة وقوع تلك الحروب التي استمرت قرابة قرنين من الزمان .

 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (7)

- ابراهيم العلاف

وفي الحلقة السادسة من هذه المقالات المتسلسلة عن الحروب الصليبية او حروف الفرنجة والصراع بين الغرب والشرق وما جرى في بلاد الشام ومنها فلسطين تحدثت عن اسباب الحروب الصليبية الدينية والاقتصادية والسياسية .واليوم اقف عند اهم ما جرى في هذه الحروب التي استغرقت اكثر من قرنين من الزمان وتركت اثارها العميقة على العالم وعلى منطقة الشرق الاوسط واقول ان الحملة الصليبية الاولى كانت تضم مجاميع من الامراء والعامة من الناس ولم تكن منسقة تنسيقا جيدا لذلك تمكن السلاجقة من القضاء على هذه الحملة بسهولة خاصة وان تنظيمهم العسكري كان رديئا وكان الامراء مرتبطين في مصالحهم الشخصية مع زعماء المدن الايطالية وسرعان ما ظهرت المشاكل بين امراء هذه الحملة والامبراطور البيزنطي وظهرت على السطح الخلافات المذهبية ومع هذا استطاع قادة هذه الحملة من الحصول على موطئ قدم في الشام ولاننسى ظهور صراعات وتنافسات حول الشام بين السلاجقة والفاطميين في مصر وفي معارك حدثت في اسيا الصغرى وخاصة في نيقية وقونية استولى القائد الصليبي (بلدوين ) على مدينة (الرها ) والرها هي مدينة (اورفة) واسس اول امارة صليبية لاتينية في الشرق هي (امارة الرها الصليبية ) ، وكان ذلك سنة 1098 ميلادية .

كما اسس القائد الصليبي (بوهمند النورماندي ) ، الامارة الصليبية الثانية في انطاكية (امارة انطاكية الصليبية ) سنة 1099 ميلادية وطبيعي هذه النشاطات والانتصارات ما كانت لتتم الا بسبب الخلافات بين الفاطميين والسلاجقة وبدء تفكك العالم الاسلامي والعربي وهكذا اسس الصليبيون امارتهم الصليبية الثالثة في (بيت المقدس) .

اضيف الى ماقلته بشأن هذه النجاحات ان الامراء الصليبيين تلقوا دعما كبيرا من المدن التجارية الايطالية خاصة بعد ان اتفقوا على ان يقدموا الى هذه المدن ثلث الغنائم التي يحصلوا عليها من الشرق الاسلامي اي من كل مدينة تسقط في ايديهم وهكذا المدن الساحلية الايطالية قدمت سفنها لمساعدة الصليبيين في الاستيلاء على المناطق الساحلية في البحر المتوسط وخاصة في جزءه القريب من مدن الشام ومما نؤكده في هذا المجال انهم بذلك ظلوا على صلة بقواعدهم الساحلية الاوربية واوربا كانت هي المستودع لمقاتليهم الذين كانوا يتدفقون الى مدن المشرق بأكثر مما يحتاجه الامر وهكذا تمت السيطرة على معظم مؤاني بلاد الشام ومنها طرابلس وعندئذ اسسوا (الامارة الصليبية الرابعة ) في طرابلس الشام ( إمارة طرابلس الشام الصليبية ) سنة 1109 ميلادية اي بعد (14) سنة .

النقطة المهمة التي اود الاشارة اليها ان النجاحات التي حققها الصليبون ترجع الى تفكك المسلمين وعدم وجود قيادة موحدة والصراعات بين الحكام ولكن سوف نرى ان (الموصل) ستأخذ زمام المبادرة وسيظهر دورها الفاعل ضد الصليبيين كما ستظهر قيمتها الاستراتيجية وموقعها الجغرافي وتوفر قيادات بارزة مخلصة لها واولهم القائد ابو سعيد كربوغا ولي عنه بحث منشور في مجلة (المؤرخ العربي ) العدد (5) السنة 1975 وكان عنوان البحث (كربوغا صاحب الموصل ودوره في مقاومة الصليبيين ) .وابو سعيد كربوغا هو من مهد الساحة ووفر الظروف لمن اتي بعده اقصد عماد الدين زنكي ونورالدين زنكي وصلاح الدين الايوبي

 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (الحلقة 8)

- ابراهيم العلاف

وفي الحلقة السابعة من هذه المقالات المتسلسلة عن الحروب الصليبية او حروف الفرنجة والصراع بين الغرب والشرق وما جرى في بلاد الشام ومنها فلسطين تحدثت عن اسباب الحروب الصليبية الدينية والاقتصادية والسياسية .واليوم اقف عند اسباب النجاح الذي حققه الصليبيون عندما استطاعوا ان يقيموا في بلاد الشام وما جاورها امارة الرها -امارة انطاكيا - امارة طرابلس - امارة بيت المقدس ويقينا ان ما كان يعانيه العرب والمسلمون من تفكك سياسي وعدم وجود قيادة موحدة تجمع كلمتهم ليواجهوا هذا الخطر هو السبب الرئيس ولكن سرعان ما ظهرت عوامل وظروف جديدة ساعدت المسلمين على المواجهة وابرز تلك الظروف ظهور قيمة (الموصل ) وقدرتها من خلال قيادتها على توجيه امور المسلمين وهذا يرجع اولا الى موقعها الجغرافي وايمان شعبها العميث واحتكاكها المباشر بالنكبة في بلاد الشام ووجود قيادة محنكة تمثلت بالقائد الكبير عماد الدين زنكي الذي هيأ الامكانات الاقتصادية والعسكرية والادارية والبشرية للمواجهة وطبيعي فإن القائد عماد الدين زنكي ولي عنه مقال مستقل منشور ويمكن طلبه من كوكل جعل من مدينة الموصل واقليمها (قاعدة) عسكرية واقتصادية لتخليص بيت المقدس من ايدي الصليبيين فأرسل جيشا تمكن من خلاله تحرير (الرها) سنة 1144 ميلادية وهذا مما جعل القادة والامراء في اوربا يرسلون (الحملة الصليبية الثانية).وكان يقودهذه الحملة الامبراطور كونراد الثالث ولويس السابع ملك فرنسا لكن هذه الحملة فشلت وهربت جيوش الصليبيين واستطاع القائد العظيم نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي ان يحقق اهداف والده في ربط الموصل بحلب ودمشق اي انه سيطر على دمشق وينقذ مصر قبل ان يتوجه اليها الصليبيون وهكذا ابتدأت الجبهة الاسلامية تتشكل من الموصل - حلب - دمشق - القاهرة وهذه الجبهة هي التي استند اليها فيما بعد القائد صلاح الدين الايوبي في تحرير بيت المقدس ومنذ ان تشكلت هذه الجبهة اصبحت مصر هي القاعدة الجنوبية لتقويض محاولات الاوربييين في بلاد الشام ومنذ سنة 1169 ميلادية خاصة ونحن نعرف ارتباط مصر بالشام وان الشام هي مفتاح مصر وسأتحدث عن ذلك في الحلقة التاسعة من هذه المقالات المتسلسلة ان شاء الله .

فقط اريد ان اقول انه في يوم 18 من تشرين الاول سنة 1244 ميلادية واجه جيش الامارات الصليبية في الشام هزيمة ساحقة في معركة لافوربي بالقرب من مدينة ( غزة ) على يد الجيش الايوبي المدعوم من قبل القادة في الدولة او الامارة الخوارزمية هذه الدولة او الامارة التي حكمت مناطق من ايران والعراق وتركستان وخوارزم من بلاد ما وراء النهر بين سنتي 1077-1220 ميلادية .

 


الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (الحلقة 9)

- ابراهيم العلاف

وفي الحلقة الثامنة من هذه المقالات المتسلسلة عن الحروب الصليبية او حروف الفرنجة والصراع بين الغرب والشرق وما جرى في بلاد الشام ومنها فلسطين تحدثت عن اسباب الحروب الصليبية الدينية والاقتصادية والسياسية .واليوم اقف عند اسباب النجاح الذي حققه الصليبيون عندما استطاعوا ان يقيموا في بلاد الشام وما جاورها امارة الرها -امارة انطاكيا - امارة طرابلس - امارة بيت المقدس ويقينا ان ما كان يعانيه العرب والمسلمون من تفكك سياسي وعدم وجود قيادة موحدة تجمع كلمتهم ليواجهوا هذا الخطر هو السبب الرئيس ولكن سرعان ما ظهرت عوامل وظروف جديدة ساعدت المسلمين على المواجهة وابرز تلك الظروف ظهور قيمة (الموصل ) وقدرتها من خلال قيادتها على توجيه امور المسلمين وهذا يرجع اولا الى موقعها الجغرافي وايمان شعبها العميث واحتكاكها المباشر بالنكبة في بلاد الشام ووجود قيادة محنكة تمثلت بالقائد الكبير عماد الدين زنكي الذي هيأ الامكانات الاقتصادية والعسكرية والادارية والبشرية للمواجهة .

كما قلت ظهور ظروف جعلت مركز الصليبيين في اماراتهم في الشام تتدهور بعد ظهور قوة الموصل وقيادتها ومما ساعد على هذا التدهور ان الحماس الديني في اوربا ضعف وبدأت الاطماع الدنيوية تأخذ طريقها الى المقاتلين الصليبيين فإصطدموا فيما بينهم ومن الغريب ان بعضهم صار يستعدي العرب المسلمين على جماعته واصبحت صراعاتهم على الاستحواذ على الاراضي والغنائم والمكاسب لا اتضحية من اجل بيت المقدس .

كما ان التنافس الاقتصادي زاد بين المدن الايطالية على تجارة الشام وتحول الحج الى بيت المقدس يستهدف التكسب بالتجارة وليس تطهير النفس كما كان من قبل من اجل المسيح وسرعان ما تشكلت ميليشيات عسكرية من قبيل (الداوية) و( الاسبتارية) واصبح اباطرة بينزنطة يخشون على مواقعهم من ظهور تلك الامارات والممالك وخاصة القريبة من بيزنطة مثل امارة انطاكية .

كان نور الدين زنكي صاحب الموصل وحلب هو ممن عمل على تحقيق هدف والده عماد الدين زنكي في تشكيل جبهة عربية اسلامية في بلاد الشام وانضمت مصر وقد برع القائد صلاح الدين الايوبي الذي تربى في بلاط الزنكيين في الموصل في استخدام امكانيات الجبهة الاسلامية الموحدة وتقويتها وجاء هذا بعد ان دعم سلطته في الموصل ودمشق ومصر وانتصر في معركة حطين وحرر بيت المقدس ومعظم المدن والمؤاني السورية الساحلية بإستثناء صور وكان على الصليبيين ان يستدعوا حملة صليبية جديدة وتزعم هذه الحملة الصليبية الثالثة (فردريك باربروسا ) الذي غرق وهو في طريقه الى الشرق سنة سنة 1190 ثم تزعمها فيليب الثاني ملك فرنسا ومنافسه ريتشارد قلب الاسد وبعد وصولهما سيطرا على عكا ويافا وعاد فيليب وبقي ريتشارد ويبدو ان ظروف القائد صلاح الدين الايوبي اضطرته الى عقد صلح الرملة سنة 1192 وبموجب هذا الصلح احتفظ الصليبيون بموقع او مواقع اقدام على ساحل البحر المتوسط في الشام بينما ظل بيت المقدس في يد المسلمين على ان تتيسر ظروف الحج امام المسيحيين وتوفي القائد صلاح الدين الايوبي بعد سنة من عقده صلح الرملة وبعد وفاته دعا انوسنت الثالث الى حملة صليبية رابعة ضد مصر .


الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (الحلقة 10 )

- ابراهيم العلاف

وفي الحلقة التاسعة من هذه المقالات المتسلسلة عن الحروب الصليبية او حروف الفرنجة والصراع بين الغرب والشرق وما جرى في بلاد الشام ومنها فلسطين تحدثت عن اسباب الحروب الصليبية الدينية والاقتصادية والسياسية .واليوم اقف عند اسباب النجاح الذي حققه الصليبيون عندما استطاعوا ان يقيموا في بلاد الشام وما جاورها امارة الرها -امارة انطاكيا - امارة طرابلس - امارة بيت المقدس ويقينا ان ما كان يعانيه العرب والمسلمون من تفكك سياسي وعدم وجود قيادة موحدة تجمع كلمتهم ليواجهوا هذا الخطر هو السبب الرئيس ولكن سرعان ما ظهرت عوامل وظروف جديدة ساعدت المسلمين على المواجهة وابرز تلك الظروف ظهور قيمة (الموصل ) وقدرتها من خلال قيادتها على توجيه امور المسلمين وهذا يرجع اولا الى موقعها الجغرافي وايمان شعبها العميث واحتكاكها المباشر بالنكبة في بلاد الشام ووجود قيادة محنكة تمثلت بالقائد الكبير عماد الدين زنكي الذي هيأ الامكانات الاقتصادية والعسكرية والادارية والبشرية للمواجهة .

بعد وفاة القائد صلاح الدين الايوبي 1193 ميلادية بعدعقده صلح الرملة بسنة دعا انوسنت الثالث الى حملة صليبية رابعة ولكن هذه المرة ضد مصر الايوبية وكان لابد من ان تتعاون معه المدن الايطالية وفي مقدمتها البندقية من خلال تهيئة السفن المناسبة ويجب هنا ان نقول ان لايطاليا مصالح واسعة في مصر لهذا لم يقبلوا ان تتوجه الحملة الى مصر فيخسرون مصالحهم الاقتصادية وارغموا جماعتهم على مهاجمة القسطنطينية نفسها ويبدو ان التمرد الذي حصل فيها بزعامة الكسيوس الثائر ضد ابيه الامبراطور اسحق الثاني هو ما جرى خاصة وان البابوية كانت ترحب بفكرة توجيه الحملة ضد القسطنطينية وفعلت الحملة نجحت وسقطت الامبراطورية اليونانية البيزنطية وحلت محلها امبراطورية لاتينية استمرت كما يقول الاستاذ الدكتور عبد العزبز نوار في محاضراته من سنة 1204 الى سنة 1261 وقد اثبتت هذه الحملة الرابعة ان ان اهداف الصليبيين لم تعد كما كانت في بداية الحملات مثالية بل انها ادت الى ان المهاجمين نهبوا واستولوا على الكنوز والتحف ونهبوا الاديرة والكنائس واقتسموا الضياع ومنحوا البندقية ربع القسطنطينية وجزيرة كريت وغيرها من الجزر .ولم يقف الامر عند ما استحوذ عليه البنادقة بل انهم باعوا الاطفال المتحمسين للذهاب الى الارض الموعودة في اسواق الرقيق.

وبالرغم مما حدث فإن الصليبيين لم يتخلوا عن فكرة غزو مصر لذلك توجهت ( الحملة الصليبية الخامسة ) الى دمياط سنة 1219 ميلادية وهذا ما سأتحدث عنه في الحلقة (11).

 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم الحلقة ( 11 )

- ابراهيم العلاف

وفي الحلقة العاشرة من هذه المقالات المتسلسلة عن الحروب الصليبية او حروف الفرنجة والصراع بين الغرب والشرق وما جرى في بلاد الشام ومنها فلسطين تحدثت عن اسباب الحروب الصليبية الدينية والاقتصادية والسياسية .واليوم اقف عند اسباب النجاح الذي حققه الصليبيون عندما استطاعوا ان يقيموا في بلاد الشام وما جاورها امارة الرها -امارة انطاكيا - امارة طرابلس - امارة بيت المقدس ويقينا ان ما كان يعانيه العرب والمسلمون من تفكك سياسي وعدم وجود قيادة موحدة تجمع كلمتهم ليواجهوا هذا الخطر هو السبب الرئيس ولكن سرعان ما ظهرت عوامل وظروف جديدة ساعدت المسلمين على المواجهة وابرز تلك الظروف ظهور قيمة (الموصل ) وقدرتها من خلال قيادتها على توجيه امور المسلمين وهذا يرجع اولا الى موقعها الجغرافي وايمان شعبها العميث واحتكاكها المباشر بالنكبة في بلاد الشام ووجود قيادة محنكة تمثلت بالقائد الكبير عماد الدين زنكي الذي هيأ الامكانات الاقتصادية والعسكرية والادارية والبشرية للمواجهة .

بعد وفاة القائد صلاح الدين الايوبي 1193 ميلادية بعدعقده صلح الرملة بسنة دعا انوسنت الثالث الى حملة صليبية رابعة ولكن هذه المرة ضد مصر الايوبية وكان لابد من ان تتعاون معه المدن الايطالية وفي مقدمتها البندقية من خلال تهيئة السفن المناسبة ويجب هنا ان نقول ان لايطاليا مصالح واسعة في مصر لهذا لم يقبلوا ان تتوجه الحملة الى مصر فيخسرون مصالحهم الاقتصادية وارغموا جماعتهم على مهاجمة القسطنطينية نفسها ويبدو ان التمرد الذي حصل فيها بزعامة الكسيوس الثائر ضد ابيه الامبراطور اسحق الثاني هو ما جرى خاصة وان البابوية كانت ترحب بفكرة توجيه الحملة ضد القسطنطينية وفعلت الحملة نجحت وسقطت الامبراطورية اليونانية البيزنطية وحلت محلها امبراطورية لاتينية استمرت كما يقول الاستاذ الدكتور عبد العزيز نوار في محاضراته من سنة 1204 الى سنة 1261 وقد اثبتت هذه الحملة الرابعة ان ان اهداف الصليبيين لم تعد كما كانت في بداية الحملات مثالية بل انها ادت الى ان المهاجمين نهبوا واستولوا على الكنوز والتحف ونهبوا الاديرة والكنائس واقتسموا الضياع ومنحوا البندقية ربع القسطنطينية وجزيرة كريت وغيرها من الجزر .ولم يقف الامر عند ما استحوذ عليه البنادقة بل انهم باعوا الاطفال المتحمسين للذهاب الى الارض الموعودة في اسواق الرقيق.

وبالرغم مما حدث فإن الصليبيين لم يتخلوا عن فكرة غزو مصر لذلك توجهت ( الحملة الصليبية الخامسة ) الى دمياط سنة 1219 ميلادية وهذا ما سأتحدث عنه في هذه الحلقة واقول ان الحملة الصليبية الخامسة توجهت الى مصر واحتلت دمياط الا ان الصليبيين طردوا منها بعد مرور سنتين وبعدها ذهب فردريك الثاني على رأس حملة صليبية الى بيت المقدس ولكنه اضطر لعقد اتفاقية مع الملك الكامل الايوبي اتاحت له الدخول الى المدينة لكن المسلمين طردوهم منها سنة 1244 ميلادية وسرعان ما انقلبت الامور واخذت امارات الصليبيين تتساقط الواحدة تلو الاخرى وقام لويس التاسع بتوجيه حملة نحو مصر وهي من كانت تقود الامة لكنه فشل وتم اسره وتمكن مماليك مصر اي حكامها انذاك من التوجه نحو الشام وبسط سيطرتهم على سواحلها ثم على مدينة انطاكية سنة 1268 وقد سقطت مدينة عكا وهي آخر معاقل الصليبيين بيد السلطان الاشرف خليل قلاوون سنة 1291 ميلادية والتهب الموقف في اوربا للدعوة الى تجديد الحملات والذهاب الى فلسطين لكن الوقت والوضع قد تغير وظلت تلك الصيحات مجرد هواء في شبك واستطيع هنا القول ان قوة المماليك في مصر غيرت الوضع الاستراتيجي في المنطقة ووضعت الصليبيين في حال لايحسدون عليها وهكذا بدأنا نشهد افول الجهد الصليبي وضعفه ولنتسائل الان لماذا بدأت الحروب الصليبية تأخذ طابع الفشل والنكوص .هذا سأتحدث عنه في الحلقة (12) من هذه المقالات .

 


الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (الحلقة ( 12)  

- ابراهيم العلاف

في الحلقة ( 11) تحدثت عن ظهور قيمة (مصر) في مقاومة الصليبيين وقلت ان الحروب الصليبية باتت غير قادرة على تحقيق اهدافها واسباب ذلك كثيرة منها ان الكنيسة الكاثوليكية اصبحت عاجزة عن ان توحد اوربا وبالاخص منطقة غرب اوربا ويمكن القول ان بروز ظاهرة (القومية) والبدء بتأسيس الدول القومية بدلا من الدول الدينية وضع حجر النهاية في فكرة الامبراطوريات العالمية ومن هنا اضمحلت الاستجابة للحملات الصلية .

والنقطة الاخرى ان الامارات الصليبية في المشرق او لنقل فكرتها تلاشت واصبح امارات غريبة عن المنطقة ليس لديها اسس متجذرة واصبحت نقطة في محيط عربي اسلامي متلاطم وصار الصليبيون اقلية وسط هذا المحيط .

هذا فضلا عن طغيان الوامل المادية والسياسية على العوامل الروحية ذلك ان الامارات الصليبية اللاتينية باتت تشكل خطرا على بيزنطة ولاننسى تحكم المدن الايطالية في تجهيز الحملات الصليبية بما تحتاجه من سفن والعامل المهم هو قوة مصر الايوبية والمملوكية وظهور قادة عظام استطاعوا تكوين جبهات عسكرية واقتصادية للمواجهة مع الصليبيين.

في الحلقة الاخيرة سأتحدث عن موضوع مهم وهو ما الذي تمخضت عنه الحروب الصليبية من آثار ونتائج .

 

الحروب الصليبية ................نظرة جديدة تساعدنا في فهم ما يجري في الشرق الاوسط اليوم (الحلقة الاخيرة)

- ابراهيم العلاف

هذه هي الحلقة الاخيرة من سلسلة مقالات عن الحروب الصليبية وكيف انها اي الحروب الصليبية تساعدنا في فهم ما يجري اليوم من صراع داخل فلسطين وتداعي الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية لدعم الصراع مع سكان فلسطين .

وفي هذا الحلقة سأقف عند ابرز ما تركته الحروب الصليبية من تأثيرات ونتائج وخاصة على الغرب الاوربي . فالحروب الصليبية ادت الى ظهور النظم القومية بعد تقويض نظام الاقطاع في اوربا .فضلا عن نمو النشاط الاقتصادي وتعاظم دور الطبقة البرجوازية بعد البدء في تشكيلها اثر تعاظم النشاط التجاري .ولاننسى دور الملوك في اوربا في اضعاف الاقطاعيين .

ايضا ضعفت المؤسسة البابوية التي استفادت من الحروب الصليبية في اصدار صكوك الغفران وقرارات الحرمان وحاولت البلبوية كسب المغول لكن الاسلام كان اسرع في كسبهم اليه .وقد ابرزت الحروب الصليبية ظواهر التنافس بين الشرق اليوناني والغرب اللاتيني وازداد التنافس واشتدت الصراعات وهذا مما ساعد على سقوط القسطنطينية - بيزنطة بيد الاتراك العثمانيين سنة 1453 ميلادية وكان هذا مؤشرا لبدء العصور الحديثة وانتهاء العصور الوسطى .

ولربما ظل ذكريات الفرنسيين عن بلاد الشام متقدة لهذا حاولوا في العصر الحديث ان يكون لديهم موطئ قدم هناك وهذا ما تحقق خلال الحرب العظمى 1914-1918 .

استاذي وشيخي المرحوم الاستاذ الدكتور عبد القادر احمد اليوسف الف كتابا بعنوان (علاقات بين الشرق والغرب) تحدث فيه عن ما افرزته الحروب الصليبية وكتابه هذا يعد مكملا لكتابه (العصور الوسطى الاوربية) وفي الكتابين وقف عن نتائج الحروب الصليبية واتساع العلاقات الثقافية والاقتصادية بين الشرق والغرب واتخاذ وسائط الرحلات والتبشير والتنقيب عن الاثار وانشاء المدارس والاهتمام بالفن والرسم للوصول السلمي الى الشرق وكما يقال اليوم بإستخدام (القوى الناعمة) .وهنا لابد ان اذكر ان ما اقصده هو تعاظم ما سمي فيما بعد (الاستشراق) ، فصدر العديد من الكتب والمؤلفات كما رسم العدد الكبير من الخرائط والفت كتب في الاستشراق واصبحنا نرى رحالة كثيرون يأتون الى الشرق ومنهم ماركو بولو كما ان التلاحم بين الشرق والغرب ساعد في نهضة اوربا الحديثة فترجمت كتب علمية وادبية وطبية وفلسفية الى اللغات الاوربية وازدادت معرفة اوربا بالشرق وكانت الحروب الصليبية نقطة احتكاك مهمة في تاريخ العالم الحديث .

 

 

·             

Bottom of Form

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...