الدكتور منصور فهمي 1886-1959 وتراثه
- ابراهيم العلاف
ولمن لا يعرف الدكتور منصور فهمي ؛ فهو كاتب واكاديمي ومفكر وفيلسوف مصري عاش بين سنتي 1886-1959 . وقد اشار اليه تلميذه الروائي نجيب محفوظ في روايته (مرايا) على ان اسمه في الرواية ( ابراهيم عقل) ، ولم يكن يوده لسببين اولهما فكري والثاني سياسي .وقد نال منه في هذه الرواية واظهره في صورة بائسة وهو لم يكن كذلك .
لكن لا احدا يستطيع ان يتغافل عن دور الدكتور منصور فهمي في احداث ثورة فكرية في مصر ، وانه قدم اطروحته الرائعة الى جامعة السوربون المشهورة بعنوان (احوال المرأة في الاسلام ) ، هذه الاطروحة التي نوقشت وطبعت بالفرنسية في باريس سنة 1913 وقد ترجمت الى اللغة العربية ترجمتها الاستاذة رفيدة مقدادي ، وهي تمثل في زمنها وفي مضمونها ثورة اجتماعية وفكرية في توضيح ما كان الاسلام يحدده لدور المرأة وتحريرها ..وقد وجدت الكثير مما يتعلق بحياة الدكتور منصور فهمي في سلسلة مقالات كتبها الاستاذ علي العميم في جريدة (الشرق الاوسط) اللندنيةوآحدثها في العدد الصادر في يوم الاحد 15 من تشرين الاول - اكتوبر سنة 2023 .
يقول الدكتور منصور فهمي في اطروحته عن ( احوال المرأة في الاسلام ) وبعد ان يقف عند المبادئ والمعايير الاسلامية في النظرة الى المرأة ودورها الفاعل في بناء المجتمع :"ولكن العوامل الاجتماعية التي لعبت دورها في تزايد انحطاط المرأة هي في طريق الانحلال والمؤسسة الثيوقراطية او الحاكمة دينيا التي تسيطر وتعتم على الجميع هي ايضا في طريق الزوال ،فالتطور الذي لامفر منه آخذ في التشكل لتحرير المضطهدين .وقريبا فإن الصورة العليلة للمرأة المسلمة ستتغير وستتحلى بالعافية والحيوية ،وعندما تنجح جهود الشبيبة التقدمية بإصلاح المجتمع وتنظيفه من التقاليد البالية وعلى انقاض المؤسسات المحطمة ستتشكل مؤسسات اخرى محافظة على خاصية وطبيعة الشعوب والاوساط الاسلامية ،وان تحرير المرأة سيتبع بالضرورة قوانين المؤسسات الجديدة نفسها وبعيدا عن تقليد المرأة الاوربية ستُحرر المرأة المسلمة وستتطور وستنال كرامتها وحقوقها حسب تاريخ وعبقرية شعبها " .
وفي خاتمة كتابه اشاد بجهود قاسم امين وبمسعاه في تحرير المرأة .الجامعة المصرية فصلت الدكتور منصور فهمي سنة 1914 وعدت اراءه التي يدرسها للطلبة متحررة وثورية ، وكان قد امضى في العمل فيها مدرسا للمذاهب الفلسفية ستة اشهر فقط وبعد مكابدة ومعاناة في تحصيل رزقه تخلى قليلا عن ثوريته وصار يداهن ويهادن ويحني رأسه للعاصفة وظهر هذا في مضامين مقالاته التي نشرها منذ سنة 1915 الى سنة 1930 وهو العام الذي تعرف اليه فيه نجيب محفوظ بوصفه استاذا له في قسم الفلسفة من ضمن اساتذة مصريين واجانب
وفي هذا الكتاب الذي نشره ابن الدكتور منصور فهمي المهندس سداد سنة 2013 ما يكشف عن بعض جوانب تراث الدكتور منصور فهمي وللدكتور منصور فهمي فضلا عن المهندس (سداد ) ولد طبيب هو الدكتور وائل وله ابنة هي (منى) وزوجة الدكتور منصور فهمي هي المربية انصاف سري .
الدكتور منصور فهمي ولد سنة 1886 في إحدى قرى محافظة الدقهلية بمصر وتعلم في كُتاّب قريته ، وأتم دراسته الابتدائية في مدينة المنصورة ثم انتقل بعد ذلك للقاهرة ودخل احدى المدارس الفرنسية ونال منها شهادة البكالوريا سنة 1906 وبعدها دخل مدرسة الحقوق وسافر الى باريس وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون كما سبق ان قدمت وعاد ليعمل مدرسا للفلسفة في الجامعة المصرية .وكما قلت فصل واعيد وعين عميدا لكلية الآداب جامعة القاهرة ثم أختير مديرا لدار الكتب ثم مديرا لجامعة الإسكندرية إلى أن أحيل إلى التقاعد سنة 1946. كان عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة منذ إنشائه وانتخب امينا لسره وبقي حتى وفاته سنة 1959 .
من كتبه (خطرات نفس ) نشرته دار المعارف سنة 1930 فضلا عن اطروحته بالفرنسية وهذا الكتاب الذي ترون صورة غلافه الى جانب هذه السطور وعنوانه ( من تراث منصور فهمي 1886-1959) . كما ان اعماله الكاملة ايضا حققت من قبل الاستاذ حسن خضر ونشرت سنة 1944 بواقع 1388 صفحة والدكتور منصور فهمي ايضا حرر كتاب احمد فارس الشدياق الموسوم ( كنز الرغائب في منتخبات الجوائب ) وكتاب الشدياق صدر بالاصل سنة 1872 وهو ايضا من رجالات النهضة العربية الحديثة في القرن التاسع عشر.
رحم الله الدكتور منصور فهمي وطيب ثراه وجزاه خيرا على ماقدم وحياته وما قدمه يمكن ان تكون موضوعا لرسالة ماجستير او حتى اطروحة دكتوراه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق