مجلة الثقافة الجديدة 1953-2023..سبعون عاما من الفكر التنويري التقدمي الحر..............................................محاضرة الدكتور ابراهيم العلاف
غدا السبت 21 من تشرين الاول -اكتوبر الجاري 2023 ، مجلة (الثقافة الجديدة) العراقية ستحتفل في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق ببغداد (ساحة الاندلس) الساعة العاشرة صباحا بالذكرى ال 70 لصدورها ..الدكتور ابراهيم العلاف سيكون احد المتحدثين وعنوان محاضرته (مجلة الثقافة الجديدة 1953-2023..سبعون عاما من الفكر التنويري التقدمي الحر )
وادناه نص ملخص المحاضرة :
ملخص
مجلة الثقافة الجديدة 1953-2023 ...........سبعون عاما من الفكر التنويري التقدمي الحر
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
الرفاق والاخوة الكرام ...
يقينا ، ان مما اسعدني حقا ، ان البي دعوة الأخ الأستاذ الدكتور صالح ياسر
رئيس تحرير مجلة (الثقافة الجديدة) العراقية المؤرخ في 24 من آب –
أغسطس سنة 2023 ، في تحية وتقدير مجلتنا العتيدة مجلة كل العراقيين اقصد مجلة (الثقافة الجديدة) التي تربينا على كتاباتها طيلة العقود الماضية ومنذ ان فتحنا اعيننا على القراءة الفكرية الجادة .
وأقول المجلة كانت واحدة من مصادر ثقافتنا ، لهذا فإنها تركت اثرا كبيرة ليس في تكويننا ، وانما في تكوين اكثر من جيل . وسر قدرتها على التأثير ، انها كانت تلامس مشاعرنا ، واحاسيسنا في ان نكون تواقين الى معرفة حقيقة التقدم ، ومعنى الحرية والثورة ، وشرف الكلمة .
لهذا لابد من القول ان مجلة (الثقافة الجديدة ) ، ظلت قادرة على ان تحقق
أهدافها في ان تكون مظلة للفكر التقدمي ، والثقافة التنويرية ، ونجحت في إبقاء شعلة التنوير متقدة كل هذه السنين ومنذ صدور عددها الأول في تشرين الثاني – نوفمبر سنة 1953 وحتى لحظة كتابة هذه السطور أيلول – سبتمبر 2023 .
ومما اود تسجيله – كمؤرخ – ان مما نفخر به نحن في العراق ، ان هذه
المجلة باتت اليوم من اقدم المجلات العراقية والعربية المستمرة على الصدور منذ سبعة عقود ، وهذا ان دل على شيء ، فإنما يدل على حرص القائمين عليها اليوم ، حرصهم على ديمومتها ، واستمراريتها صوتا وطنيا عراقيا تقدميا يساريا كم نحن بحاجة اليه اليوم ، ونحن نواجه كثيرا من التحديات ولعل ابرزها سيادة الفكر اليميني الرجعي المحافظ ، وطغيان قيم التفاهة الفكرية ، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي السريعة ، وضآلة من يقرأ وقلتهم وضعف ثقافتهم وتأثرهم بما هو يعد من الترهات والسفاسف ، والخرافات ، ومحاولات نهش كل ما هو اصيل ، ومتجذر في ثقافتنا الاصيلة .
وهنا لابد ان أكون حريصا على القول بأن مجلة الثقافة الجديدة ومنذ ان صدر عددها الأول في تشرين الثاني-نوفمبر سنة 1953 ببغداد كانت وما زالت مجلة "الفكر العلمي" و" الثقافة التقدمية". وبسبب هذا التوجه، أقدمت السلطات الملكية الحاكمة في العراق على إلغاء امتيازها اكثر من مرة .
لقد كان صدور مجلة الثقافة الجديدة ، مؤشرا على التنامي الواسع للوعي الوطني والسياسي العراقي عقب سلسلة من التطورات التي مر بها العراق والوطن العربي اثر ضياع فلسطين ، وقيام إسرائيل، وتعاظم حركة التحرر العربي، ووثبة كانون الثاني -يناير 1948 في العراق، وتصاعد نشاط المقاومة للسلطة الملكية الرجعية واندلاع ثورة يوليو-تموز في مصر1953 ، وبروز قيادة الرئيس جمال عبد الناصر القومية التقدمية الاشتراكية ، وما رافق ذلك كله من إقدام الحكومات العراقية على إصدار قرارات قمعية ضد الأحزاب الوطنية والقومية .
قدم المرحوم الأستاذ الدكتور صلاح خالص، معلومات وفيرة عن مجلة الثقافة الجديدة للأستاذ يوسف الصائغ وهو يعمل على أنجاز رسالته للماجستير حول الشعر الحر في العراق منذ نشأته حتى 1958. ومما جاء فيها أن مجلة الثقافة الجديدة، صدرت بتوجيه مباشر من الحزب الشيوعي العراقي، وانه هو والدكتور صفاء الحافظ قد أشرفا على إصدارها. ويقال إن عبد الوهاب ألبياتي كان يشرف عند صدورها على الجانب الذي يهتم بالأدب. وقد ورد في افتتاحية العدد الأول إن المجلة "تقدمية تؤمن بوجود أفكار رجعية تحاول منع المجتمع وعرقلة سيره، فتحارب هذه الأفكار- معتمدة على دروس التاريخ القيمة وعلى التفكير العلمي الصحيح ".
كما إن المجلة ، ومحرريها كانوا يعتقدون "إن الأفكار وان كانت تنشأ في ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية وتاريخية معينة، فأنها قوة ذات أثر فعال في تقدم المجتمع أو تأخره ، لذا نرى من واجبها استخدام هذا السلاح الماضي للتقدم ، لا للتأخر ، والسير للإمام ، لا للرجوع إلى الوراء"." ان الثقافة الجديدة مجلة علمية ،لأنها تعتقد أن الوسيلة الصحيحة للوصول إلى الأفكار التي يتوق إليها المجتمع ،هي البحث العلمي ،ونقصد به الدراسة الموضوعية لظواهر الحياة المختلفة ومحاولة معرفة بواعثها الحقيقية ،والطريق الذي اتجهت إليه ،كالنظريات العنصرية والأفكار الفاسدة المغرضة ،وتشجع الدراسات العلمية التي يتوخى فيها الحقيقة دون أغراض ،لذا فسيكون اهتمامها بما تحويه المقالات من أفكار قيمة ،لا بأسماء كاتبيها ..." ."أن الثقافة الجديدة مجلة شعبية لأنها تعتبر نفسها وسيلة من وسائل الشعب ،وسلاحا في يده . كما إن الثقافة الجديدة مجلة (قومية) ،لأنها تعتبر أن من حق ،بل من واجب كل قومية من القوميات أن تعنى كل العناية بتراثها القومي ،وتبذل جهدها في تطويره وتنميته وجعله في خدمة الأكثرية الساحقة من أبناء الشعب .وهي أيضا مجلة (إنسانية ) ، لأنها تعتقد أن البشر يستطيعون العيش إخوانا على الأرض ،إذا احترم كل منهم حقوق الآخرين في الحياة ،وتؤمن بأن الحضارة الإنسانية نتاج ساهمت فيه جميع شعوب العالم وقومياته .
قيم أريك ديفز، الباحث والمؤرخ المهتم بالتاريخ العربي الحديث ومنها تاريخ العراق الثقافي ، مجلة (الثقافة الجديدة ) وقال أن قائمة الأسماء المؤسسين لها تجعلنا نعدها موسوعة حقيقية للانتلجنسيا العراقية (الطبقة المثقفة العراقية) . مجلة (الثقافة الجديدة ) ايتها السيدات أيها السادة ، انطلقت ، كما هو واضح ، "من مفهوم شامل صحيح للثقافة ، فعنيت بالدراسات الفكرية إلى جانب عنايتها بشتى الأنواع الأدبية والفنية ، فكان كل عدد من أعدادها يتضمن دراسة فكرية تخدم أهدافها التي من اجلها صدرت ".. كان من كتابها أساتذة بارزين في الوسط الجامعي العراقي .
ليس من السهولة رصد كل الكتابات التي نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، فذلك يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، وأول ما يجب أن يعمل في هذا الاتجاه إصدار ببليوغرافيا مفصلة وشاملة للمجلة ونأمل في أن يتصدى لهذه المهمة بعض أصدقاءنا من المكتبيين .
وأخيرا، لابد لي أن أؤكد ، وأنا معروف بتوجهي العروبي القومي ، بان مجلة الثقافة الجديدة في كل مراحل تاريخها، كانت مصدراً مهما من مصادر تكويني الثقافي والفكري، فلقد احتفظت، بإعداد كبيرة منها في مكتبتي .كما لازلت أحرص على اقتناء الإعداد الجديدة منها . ويقينا إن هذا لم يكن مقتصرا عليّ أنا وإنما على جيل واسع من المثقفين العراقيين.
وفي أواسط السبعينات من القرن الماضي ظلت الثقافة الجديدة تصدر بورق رخيص وبمواد غنية ،وكان صاحب الامتياز الدكتور صفاء الحافظ، أما رئيس التحرير فكان الدكتور مكرم جمال الطالباني ، وتولى إدارة التحرير شمران يوسف محسن الياسري . ومما قرأناه في أعدادها آنذاك ، مقالات ودراسات جادة ورصينة.
تواصل مجلة الثقافة الجديدة في الوقت الحاضر صدورها ، ويترأس تحريرها الأخ والصديق الأستاذ الدكتور صالح ياسر ، ولها (مجلس تحرير) يضم الأساتذة إبراهيم إسماعيل – جواد الزيدي – رضا الظاهر – علي إبراهيم – كاوة محمود – مظهر محمد صالح – هادي عزيز علي . اما هيئة التحرير فتتألف من الأساتذة زهير الجزائري –هاشم نعمة – سوران قحطان – حسب الله يحيى محرر صفحات الادب والفن في المجلة . وللمجلة الآن موقع على الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت ) وهو http://www.althakafaajadeda.com وتنشر من قبل دار الرواد للطباعة والنشر والإعلان، وعنوان المجلة ببغداد هو شارع أبو نؤاس ولها رقم إيداع في دار الكتب والوثائق هو 781 والاشتراك السنوي لستة أعداد 50 دولارا أو ما يعادلها و100 دولار للمؤسسات ، ويكتب فيها باحثون وكتّاب مهتمون بالفكر العلمي والثقافة التقدمية .وتصدر المجلة بين الفينة والأخرى ملفات متخصصة منها ملف (الديمقراطية والتجديد في الحزب الشيوعي العراقي) ، و( ملف النفط وخيارات المستقبل) .
إذا كانت المجلة في مراحل تأسيسها وتطورها الأولى تصدر بورق رخيص وبإخراج بسيط ، فإنها اليوم تصدر بورق صقيل وبإخراج جميل ، لكن المهم هو أن تظل المادة المكتوبة فيها تعبر عن هدف المجلة وهو تقديم كل ماهو مفيد وممتع لقرائها ومتابعي ماتنشره من مقالات ودراسات وتقارير وملفات ونصوص إبداعية وبحوث فكرية وثقافية وفنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وسياسية .
في
وأقول انني ، وبكل سعادة وموضوعية اذكر جملة من الحقائق التي لابد من
ذكرها وهي ان مجلة (الثقافة الجديدة) ، وانا اتسلم شهريا عددها الجديد ورقيا ، والكترونيا (زاد) لابد من تناوله لكي أُديم حياتي وحياة الكثيرين من المثقفين العراقيين التواقين لتعميق ثقافتهم ووعيهم وتسهيل مهمة فهمهم للحياة فالفكر أداة فعالة في تحقيق التغيير وللكلمة صداها وفعلها المؤثر ولا يستطيع أحد ان ينكر هذا . الثقافة الجديدة تلاحق التيارات الفكرية والفنية العالمية والعربية ، وتتابع ما يصدر من كتب وما يعقد من ندوات ومؤتمرات وتفسر وتحلل الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم فضلا عن انها تقدم تحليلات عن أبرز الأفكار والرؤى والاتجاهات في جانبي السياسة والاقتصاد بل هي تربط بينهما ربطا جدليا ديالكتيكيا تساعد القارئ والمتتبع على فهم ما يدور حوله.
ودور مجلة (الثقافة الجديدة ) في المشهد الثقافي والسياسي والاقتصادي العراقي ، دور تنويري ودور فاعل فهي مرآة لكل ما شهده ويشهده هذا المشهد من متغيرات وتحولات وفيما يتعلق بما اقترحه لتطوير هذه المجلة فمما أقوله ان انتظام صدور المجلة أمر مهم ولا يمكن التهاون فيه لأي سبب من الأسباب وثانيا ادعو الى الانفتاح على الكتاب من كل التيارات السياسية في العراق وهي معروفة منذ 100 سنة واقصد التيارات القومية والدينية والليبرالية والاشتراكية التقدمية وتسهيل إمكانية استكتابهم والاطلاع على رؤاهم وتفسيراتهم لما يحدث في العراق والوطن العربي والعالم والتركيز على الجوانب الفكرية والثقافية وزيادة المواد المترجمة والوقوف عند الرموز السياسية والفكرية التقدمية التي كانت لها بصمة في تطور العراق الفكري والثقافي .
وأخيرا اجد ان الاعلام مهم، ويجب ان نركز عليه ، ونشدد على ابراز ما نريده
ونستهدفه في مجال تأدية رسالة المجلة في التنوير والتقدم وإشاعة مبادئ
الحرية والثقافة التقدمية . وعندما أقول الاعلام أؤكد حاجتنا الى فضائية خاصة ولنطلق عليها فضائية الثقافة الجديدة او فضائية الفكر التقدمي وحبذا ان نخصص إذاعة لنخاطب الشابات والشباب وجها لوجه ونتوسع في إقامة مؤسسة للثقافة التقدمية ترتبط بها نواد رياضية وثقافية واجتماعية تساعد في احتضان الشابات والشباب وتعميق فكرهم السياسي والاجتماعي ، وتكريس مبادئ الوحدة الوطنية والعمل من اجل وحدة الفكر والتركيز على كل ما يساعد في نهوض البلد والوطن.
اتمنى للمجلة كل تقدم وللعاملين فيها التحية والسلام والمحبة.
مجلة الثقافة الجديدة 1953-2023 ...........سبعون عاما من الفكر التنويري التقدمي الحر
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
الرفاق والاخوة الكرام ...
يقينا ، ان مما اسعدني حقا ، ان البي دعوة الأخ الأستاذ الدكتور صالح ياسر
رئيس تحرير مجلة (الثقافة الجديدة) العراقية المؤرخ في 24 من آب –
أغسطس سنة 2023 ، في تحية وتقدير مجلتنا العتيدة مجلة كل العراقيين اقصد مجلة (الثقافة الجديدة) التي تربينا على كتاباتها طيلة العقود الماضية ومنذ ان فتحنا اعيننا على القراءة الفكرية الجادة .
وأقول المجلة كانت واحدة من مصادر ثقافتنا ، لهذا فإنها تركت اثرا كبيرة ليس في تكويننا ، وانما في تكوين اكثر من جيل . وسر قدرتها على التأثير ، انها كانت تلامس مشاعرنا ، واحاسيسنا في ان نكون تواقين الى معرفة حقيقة التقدم ، ومعنى الحرية والثورة ، وشرف الكلمة .
لهذا لابد من القول ان مجلة (الثقافة الجديدة ) ، ظلت قادرة على ان تحقق
أهدافها في ان تكون مظلة للفكر التقدمي ، والثقافة التنويرية ، ونجحت في إبقاء شعلة التنوير متقدة كل هذه السنين ومنذ صدور عددها الأول في تشرين الثاني – نوفمبر سنة 1953 وحتى لحظة كتابة هذه السطور أيلول – سبتمبر 2023 .
ومما اود تسجيله – كمؤرخ – ان مما نفخر به نحن في العراق ، ان هذه
المجلة باتت اليوم من اقدم المجلات العراقية والعربية المستمرة على الصدور منذ سبعة عقود ، وهذا ان دل على شيء ، فإنما يدل على حرص القائمين عليها اليوم ، حرصهم على ديمومتها ، واستمراريتها صوتا وطنيا عراقيا تقدميا يساريا كم نحن بحاجة اليه اليوم ، ونحن نواجه كثيرا من التحديات ولعل ابرزها سيادة الفكر اليميني الرجعي المحافظ ، وطغيان قيم التفاهة الفكرية ، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي السريعة ، وضآلة من يقرأ وقلتهم وضعف ثقافتهم وتأثرهم بما هو يعد من الترهات والسفاسف ، والخرافات ، ومحاولات نهش كل ما هو اصيل ، ومتجذر في ثقافتنا الاصيلة .
وهنا لابد ان أكون حريصا على القول بأن مجلة الثقافة الجديدة ومنذ ان صدر عددها الأول في تشرين الثاني-نوفمبر سنة 1953 ببغداد كانت وما زالت مجلة "الفكر العلمي" و" الثقافة التقدمية". وبسبب هذا التوجه، أقدمت السلطات الملكية الحاكمة في العراق على إلغاء امتيازها اكثر من مرة .
لقد كان صدور مجلة الثقافة الجديدة ، مؤشرا على التنامي الواسع للوعي الوطني والسياسي العراقي عقب سلسلة من التطورات التي مر بها العراق والوطن العربي اثر ضياع فلسطين ، وقيام إسرائيل، وتعاظم حركة التحرر العربي، ووثبة كانون الثاني -يناير 1948 في العراق، وتصاعد نشاط المقاومة للسلطة الملكية الرجعية واندلاع ثورة يوليو-تموز في مصر1953 ، وبروز قيادة الرئيس جمال عبد الناصر القومية التقدمية الاشتراكية ، وما رافق ذلك كله من إقدام الحكومات العراقية على إصدار قرارات قمعية ضد الأحزاب الوطنية والقومية .
قدم المرحوم الأستاذ الدكتور صلاح خالص، معلومات وفيرة عن مجلة الثقافة الجديدة للأستاذ يوسف الصائغ وهو يعمل على أنجاز رسالته للماجستير حول الشعر الحر في العراق منذ نشأته حتى 1958. ومما جاء فيها أن مجلة الثقافة الجديدة، صدرت بتوجيه مباشر من الحزب الشيوعي العراقي، وانه هو والدكتور صفاء الحافظ قد أشرفا على إصدارها. ويقال إن عبد الوهاب ألبياتي كان يشرف عند صدورها على الجانب الذي يهتم بالأدب. وقد ورد في افتتاحية العدد الأول إن المجلة "تقدمية تؤمن بوجود أفكار رجعية تحاول منع المجتمع وعرقلة سيره، فتحارب هذه الأفكار- معتمدة على دروس التاريخ القيمة وعلى التفكير العلمي الصحيح ".
كما إن المجلة ، ومحرريها كانوا يعتقدون "إن الأفكار وان كانت تنشأ في ظروف اقتصادية واجتماعية ونفسية وتاريخية معينة، فأنها قوة ذات أثر فعال في تقدم المجتمع أو تأخره ، لذا نرى من واجبها استخدام هذا السلاح الماضي للتقدم ، لا للتأخر ، والسير للإمام ، لا للرجوع إلى الوراء"." ان الثقافة الجديدة مجلة علمية ،لأنها تعتقد أن الوسيلة الصحيحة للوصول إلى الأفكار التي يتوق إليها المجتمع ،هي البحث العلمي ،ونقصد به الدراسة الموضوعية لظواهر الحياة المختلفة ومحاولة معرفة بواعثها الحقيقية ،والطريق الذي اتجهت إليه ،كالنظريات العنصرية والأفكار الفاسدة المغرضة ،وتشجع الدراسات العلمية التي يتوخى فيها الحقيقة دون أغراض ،لذا فسيكون اهتمامها بما تحويه المقالات من أفكار قيمة ،لا بأسماء كاتبيها ..." ."أن الثقافة الجديدة مجلة شعبية لأنها تعتبر نفسها وسيلة من وسائل الشعب ،وسلاحا في يده . كما إن الثقافة الجديدة مجلة (قومية) ،لأنها تعتبر أن من حق ،بل من واجب كل قومية من القوميات أن تعنى كل العناية بتراثها القومي ،وتبذل جهدها في تطويره وتنميته وجعله في خدمة الأكثرية الساحقة من أبناء الشعب .وهي أيضا مجلة (إنسانية ) ، لأنها تعتقد أن البشر يستطيعون العيش إخوانا على الأرض ،إذا احترم كل منهم حقوق الآخرين في الحياة ،وتؤمن بأن الحضارة الإنسانية نتاج ساهمت فيه جميع شعوب العالم وقومياته .
قيم أريك ديفز، الباحث والمؤرخ المهتم بالتاريخ العربي الحديث ومنها تاريخ العراق الثقافي ، مجلة (الثقافة الجديدة ) وقال أن قائمة الأسماء المؤسسين لها تجعلنا نعدها موسوعة حقيقية للانتلجنسيا العراقية (الطبقة المثقفة العراقية) . مجلة (الثقافة الجديدة ) ايتها السيدات أيها السادة ، انطلقت ، كما هو واضح ، "من مفهوم شامل صحيح للثقافة ، فعنيت بالدراسات الفكرية إلى جانب عنايتها بشتى الأنواع الأدبية والفنية ، فكان كل عدد من أعدادها يتضمن دراسة فكرية تخدم أهدافها التي من اجلها صدرت ".. كان من كتابها أساتذة بارزين في الوسط الجامعي العراقي .
ليس من السهولة رصد كل الكتابات التي نشرت في مجلة الثقافة الجديدة، فذلك يحتاج إلى جهد ووقت كبيرين، وأول ما يجب أن يعمل في هذا الاتجاه إصدار ببليوغرافيا مفصلة وشاملة للمجلة ونأمل في أن يتصدى لهذه المهمة بعض أصدقاءنا من المكتبيين .
وأخيرا، لابد لي أن أؤكد ، وأنا معروف بتوجهي العروبي القومي ، بان مجلة الثقافة الجديدة في كل مراحل تاريخها، كانت مصدراً مهما من مصادر تكويني الثقافي والفكري، فلقد احتفظت، بإعداد كبيرة منها في مكتبتي .كما لازلت أحرص على اقتناء الإعداد الجديدة منها . ويقينا إن هذا لم يكن مقتصرا عليّ أنا وإنما على جيل واسع من المثقفين العراقيين.
وفي أواسط السبعينات من القرن الماضي ظلت الثقافة الجديدة تصدر بورق رخيص وبمواد غنية ،وكان صاحب الامتياز الدكتور صفاء الحافظ، أما رئيس التحرير فكان الدكتور مكرم جمال الطالباني ، وتولى إدارة التحرير شمران يوسف محسن الياسري . ومما قرأناه في أعدادها آنذاك ، مقالات ودراسات جادة ورصينة.
تواصل مجلة الثقافة الجديدة في الوقت الحاضر صدورها ، ويترأس تحريرها الأخ والصديق الأستاذ الدكتور صالح ياسر ، ولها (مجلس تحرير) يضم الأساتذة إبراهيم إسماعيل – جواد الزيدي – رضا الظاهر – علي إبراهيم – كاوة محمود – مظهر محمد صالح – هادي عزيز علي . اما هيئة التحرير فتتألف من الأساتذة زهير الجزائري –هاشم نعمة – سوران قحطان – حسب الله يحيى محرر صفحات الادب والفن في المجلة . وللمجلة الآن موقع على الشبكة العالمية للمعلومات (الانترنت ) وهو http://www.althakafaajadeda.com وتنشر من قبل دار الرواد للطباعة والنشر والإعلان، وعنوان المجلة ببغداد هو شارع أبو نؤاس ولها رقم إيداع في دار الكتب والوثائق هو 781 والاشتراك السنوي لستة أعداد 50 دولارا أو ما يعادلها و100 دولار للمؤسسات ، ويكتب فيها باحثون وكتّاب مهتمون بالفكر العلمي والثقافة التقدمية .وتصدر المجلة بين الفينة والأخرى ملفات متخصصة منها ملف (الديمقراطية والتجديد في الحزب الشيوعي العراقي) ، و( ملف النفط وخيارات المستقبل) .
إذا كانت المجلة في مراحل تأسيسها وتطورها الأولى تصدر بورق رخيص وبإخراج بسيط ، فإنها اليوم تصدر بورق صقيل وبإخراج جميل ، لكن المهم هو أن تظل المادة المكتوبة فيها تعبر عن هدف المجلة وهو تقديم كل ماهو مفيد وممتع لقرائها ومتابعي ماتنشره من مقالات ودراسات وتقارير وملفات ونصوص إبداعية وبحوث فكرية وثقافية وفنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتربوية وسياسية .
في
وأقول انني ، وبكل سعادة وموضوعية اذكر جملة من الحقائق التي لابد من
ذكرها وهي ان مجلة (الثقافة الجديدة) ، وانا اتسلم شهريا عددها الجديد ورقيا ، والكترونيا (زاد) لابد من تناوله لكي أُديم حياتي وحياة الكثيرين من المثقفين العراقيين التواقين لتعميق ثقافتهم ووعيهم وتسهيل مهمة فهمهم للحياة فالفكر أداة فعالة في تحقيق التغيير وللكلمة صداها وفعلها المؤثر ولا يستطيع أحد ان ينكر هذا . الثقافة الجديدة تلاحق التيارات الفكرية والفنية العالمية والعربية ، وتتابع ما يصدر من كتب وما يعقد من ندوات ومؤتمرات وتفسر وتحلل الظواهر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم فضلا عن انها تقدم تحليلات عن أبرز الأفكار والرؤى والاتجاهات في جانبي السياسة والاقتصاد بل هي تربط بينهما ربطا جدليا ديالكتيكيا تساعد القارئ والمتتبع على فهم ما يدور حوله.
ودور مجلة (الثقافة الجديدة ) في المشهد الثقافي والسياسي والاقتصادي العراقي ، دور تنويري ودور فاعل فهي مرآة لكل ما شهده ويشهده هذا المشهد من متغيرات وتحولات وفيما يتعلق بما اقترحه لتطوير هذه المجلة فمما أقوله ان انتظام صدور المجلة أمر مهم ولا يمكن التهاون فيه لأي سبب من الأسباب وثانيا ادعو الى الانفتاح على الكتاب من كل التيارات السياسية في العراق وهي معروفة منذ 100 سنة واقصد التيارات القومية والدينية والليبرالية والاشتراكية التقدمية وتسهيل إمكانية استكتابهم والاطلاع على رؤاهم وتفسيراتهم لما يحدث في العراق والوطن العربي والعالم والتركيز على الجوانب الفكرية والثقافية وزيادة المواد المترجمة والوقوف عند الرموز السياسية والفكرية التقدمية التي كانت لها بصمة في تطور العراق الفكري والثقافي .
وأخيرا اجد ان الاعلام مهم، ويجب ان نركز عليه ، ونشدد على ابراز ما نريده
ونستهدفه في مجال تأدية رسالة المجلة في التنوير والتقدم وإشاعة مبادئ
الحرية والثقافة التقدمية . وعندما أقول الاعلام أؤكد حاجتنا الى فضائية خاصة ولنطلق عليها فضائية الثقافة الجديدة او فضائية الفكر التقدمي وحبذا ان نخصص إذاعة لنخاطب الشابات والشباب وجها لوجه ونتوسع في إقامة مؤسسة للثقافة التقدمية ترتبط بها نواد رياضية وثقافية واجتماعية تساعد في احتضان الشابات والشباب وتعميق فكرهم السياسي والاجتماعي ، وتكريس مبادئ الوحدة الوطنية والعمل من اجل وحدة الفكر والتركيز على كل ما يساعد في نهوض البلد والوطن.
اتمنى للمجلة كل تقدم وللعاملين فيها التحية والسلام والمحبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق