إنطردي الآن من الجدول...................قصيدة
شعر : الشاعر هشام الجخ
موتي فالكلُّ هنا ماتوا وأنا اعتدتُّ حياتي أرْمَلْ
واعتدتُّ الهَجْرَ بِلا سَببٍ وبِرَغمِ الحِيرَةِ لَمْ أَسْأَلْ
وَظَلَلْتُ أُسَجِلُ أَسْماءً وَأُسَطِّرُ خاناتِ الجَدْوَلْ
لَا أَبْكِي لِفِرَاقِ حَبِيبٍ أَوْ أَتَرَجَّى أَوْ أَتَذَلَّلْ
رِقَةُ شِعْرِي قَوْلٌ إِفْكٌ فَفُؤَادِي مِنْ صَخْرٍ جَنْدَلْ
عَلَّقْتُ نِسَاءً فِي سَقْفِي وَجَلَسْتُ فَخُوراً أَتَأمَّلْ
وَغَزَوتُ عُيونَاً لَا تُغزَى غَافَلتُ رُمُوشاً لا تَغْفَلْ
وَزَرَعْتُ النِّسْوَةَ فِي أَرْضٍ لا آخِرَ فيها أَوْ أَوَّلْ
دِكْتاتُوريَّاً إِنْ أُعْطِي دِكْتاتُوريَّاً إِنْ أَبْخَلْ
وَقَّعْتُ أنا صَكَّ الهَجرِ فالحاكِمُ يَعْزِلُ لا يُعْزَلْ
فانطردي الآن من الجدول
غيبي فَلَكَمْ قَبلَكِ غابوا لا شَيْء يَجِيءُ وَلا يَرْحَلْ
ما الوَرْدُ إذاً لَوْ لَمْ يَذْبُلْ ما الشَّمْسُ إِذاً لَوْ لَمْ تَأْفُلْ
لا تَنْتَظِرينِي نِسْناسَاً أَقْبَلُ يَومَاً أَنْ أَتَسَلْسَلْ
وَيَجِيءُ النَّاسُ إلى قَفَصي لَيَرَوْا عُشَّاقَاً تَتَحَوَّلْ
تَتَقَافَزُ كَالقِرَدَةِ عِشْقَاً وَتَمُوتُ هَيَامَاً وَتُوَلْوَلْ
لُمِّي أَشْيَاءَكِ وَارْتَحِلِي بَحْثَاً عَنْ آخَرَ قَدْ يَقْبَلْ
أَمَّا انَا فَلا ثَمَنٌ عِنْدَكِ تَقْبَلُهُ يَدَايَ لِتَتَكَبَّلْ
إنْ كَانَ غَرَامُكِ لِي نَبْعَاً فَنِسَاءُ الدُّنْيَا لِي مَنْهَلْ
وَالجَدْوَلُ مُكْتَظٌّ جِدَّاً بِكَثِيرٍ مِثْلِكِ بَلْ أَجْمَلْ
فَانْطَرِدِي الآنَ مِنَ الجَدْوَلْ
غِيبِي وَتَمَادَيْ فِي جَهْلٍ فَأَنا لا أَعْشَقُ مَنْ يَجْهَلْ
إِنِّي بَحَّارٌ تَرْفُضُنِي كُلُّ الشُّطْآنِ فَأَتَنَقَّلْ
اعْتَدْتُّ السَّفَرَ على مَضَضٍ وَقَضَيْتُ حَيَاتِي أَتَجَوَّلْ
أَرْتَشِفُ بِلاداً وَنِسَاءً فَهُنا عَسَلٌ وَهُنا حَنْظَلْ
وَهُنَا عِشْتُ كَلِصٍّ نَذْلٍ وَهُنَا كُنْتُ نَبِيَاً يُرْسَلْ
وَهُنا ذَبَحُوا شِعرِي عَمدَاً وَهُنا شِعري صَارَ يُرَتَّلْ
وَأَنا وَالغُربَةُ ما زِلْنا نَبْحَثُ عَنْ وَطَنٍ لِنُظَلَّلْ
صَادَقتُ الغُربَةَ في الغُرْبَةِ وَقَضَيْتُ سِنِينَا أَتَعَلَّلْ
بَرَّرْتُ جَميعَ حَمَاقاتي وَظَنَنْتُ بِأَنِّي أَتَجَمَّلْ
اليَوْمَ أُزِيلُ عَبَاءَاتِي وَأُكَشِّفُ عَنْ وَجْهي الأَوْحَلْ
مَلِّي عَينَيكِ بِلا خَجَلٍ فَأَنا المَوْحُولُ وَلا أَخْجَلْ
أَغْرَتْني أَحْلامُ الصِّبْيَةِ وَعَدَوْتُ إِلى حُلُمِي الأَمْثَلْ
وَبَدَأْتُ السَفَرَ بِلا زَادٍ وَظَنَنْتُ بِأَنِّي أّتَعَجَّلْ
وَنَسيتُ اللهَ فأهمَلَني مَن يَنسى اللهَ وَلا يُهْمَلْ
حُمِّلتُ بِأَثْقَالِ الدُّنيا أَهرُبُ مِن ثِقْلٍ للأثقَلْ
والتَفَّتْ طُرُقي مِن حَولي وَاختَلَطَ الأقصرُ بالأطولْ
وَاختلَطَتْ أَحْرُفُ لافِتَتِي فَوَقفتُ مَكاني كَالأَخْطَلْ
لَمْ أَسْطِعْ أَن أُكمِلَ سَيْري فَجَلَسْتُ وَحيداً أَتَسَوَّلْ
وَبَنَيْتُ مَزاراً وَمَبيتاً لا يَصلُحُ إلا لِلثُّمَّلْ
وَقَضَيتُ حَياةً وَاهِنةً لا تَسوَى في نَظَري خَردَلْ
فَعَلامَ تُريدِينَ بُكَائِي وَأَنا ذُو قَلْبٍ مُسْتَعْمَلْ
أَبلاهُ الماضي لَم يتركْ شيئاً لِبلاءِ المستقبلْ
لا تَتَّهِمِيني فِي عِشقي فَأنا أَعشَقُ حَتَّى أُنحَلْ
وَالجَمَلُ وَإن يَعْطَشْ يَصبِرْ وكَفِعلِ الجَمَلِ أنا أَفعلْ
أَهلَكتُ شَبابي وَسِنيني فَرَمَتْ بِي في صَفِّ الكُهَّلْ
وَوَقَفتُ بَعيداً لِأُشاهدَ قِصةَ عُمري وَهِي تُمَثَّلْ
رَفَعوا خِنجَرَهُم وَدموعي لَم تَجعلْ أَحداً يَتَمَهَّلْ
وَالتَهَبَ المَسرَحُ تَصفيقاً وَأَنا أُطعَنُ وَأَنا أُقتَلْ
فَعَلامَ تَظُنِّينَ بِأَنِّي آتٍ مِحْرَابَكِ أَتَبَتَّلْ
دَوْرُكِ في المَشهَدِ فَرْعِيٌّ بِوُجُودِكِ أَوْ دُونَكِ يَكْمَلْ
وَكِلانا مَكتوفُ الأَيْدي وَسِتارُ المَسرَحِ لا يُسدَلْ
وَالحُكمُ الصَادِرُ في أَمْري حُكْمٌ فَصْلٌ لا يَتَأَجَّلْ
فَدَعيني في مَوْتِي وَحْدي فأنا وَالغُربةُ لا نُفْصَلْ
مَا دَامَ الوَطَنُ بِلا شَيْءٍ فَالمَوْتُ عَلَى شَيْءٍ أَفْضَلْ
فَانْطَرِدِي الآنَ مِنَ الجَدْوَلْ
موتي فالكلُّ هنا ماتوا
وأنا اعتدتُّ حياتي أرْمَلْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق