الأحد، 2 يوليو 2023

مراسيم الخطوبة والزواج في الموصل بقلم : ا.د. إبراهيم خليل العلاف



 


مراسيم الخطوبة والزواج في الموصل

ا.د. إبراهيم خليل العلاف

أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ومما يفرح حقا ، ان تقاليد الخطوبة والزواج في الموصل ، لاتزال قائمة وقد ادركتها وهي كما كانت قبل 100 سنة . واهل الموصل بسبب احترامهم للعائلة يقيمون وزنا لمناسبتي الخطوبة والزواج، ودائما يرددون  :  ( ان الزواج سُنة ) ، وان على الشاب ان يكمل دينه بالزواج ويقولون ( ان الزواج ستر للشابة والشاب ) ، وهناك الكثير من الامثال الشعبية التي تؤكد احترامهم لتقاليد الخطوبة والزواج .

طبيعي بعض المراسيم المتعلقة بالخطوبة والزواج اليوم ونحن نكتب هذه السطور( 3-7-2023 ) ، تغيرت ودخلت بعض المتغيرات عليها من قبيل إقامة الحفلات في قاعات  وصالات خاصة ، وخارج البيوت . كما ان بعض المراسيم اخذت اشكالا مختلفة وقد الغيت بعض الفقرات ومنها مثلا فقرة  الذهاب ذهاب العروسة الى الحمام الشعبي العام ، وفقرة تجميل العروسة في صالونات التجميل بدلا من ان يحدث ذلك في البيت ، وفقرة نقل ما كنا نسميه (الحمالي ) أي مستلزمات البيت بيت الزوجية بالعربات  التي تصنع من الخشب ويجرها الرجال  ، وكيف كان الرجال وهم يشهرون خناجرهم وهم يتقدمون العربات المتجهة من بيت والد العروسة الى بيت زوجها يهوسون ويهزجون :

 ياجمال الحق بان النا  *** شوفوا الزود ،الهم  لو إلنا

ثم  : لو هلهلتي ياأُم ثوب ادعم

والهلهولا  ال  ويلاد العم

ومعنى هذا ان الفتاة شريفة ، ومحصنة ، والحق اصبح واضحا وبينا ، وتستحق كل خير ، وهم أي أهلها والدها واخوتها يباهون بها الدنيا كلها وليس ثمة نواقص او معوقات فهم يمتلكون القوة والجاه .

في الزواج ، مراحل ومحطات منها (الخطوبة)  وغالبا ما يميل الموصليون الى زواج الأقارب ؛ فالخطيبة ابنة عم او ابنة خال او ابنة خالة او ابنة عمة ، وقد تكون من الجيران والمعارف رآها الشاب صدفة ، واعجب بها او رأتها أُمه او  اخته وحدثته عنها عن جمالها واخلاقها وحسن تصرفاتها وابتسامتها وثقافتها وقوة شخصيتها وهكذا .في السنوات  المائة الماضية كانت الام هي من تختار وكان الاب هو من يؤشر بإن ابنة صديقة تصلح ان تكون زوجة لولده  فيقبل الشاب ذلك احتراما لوالده او لوالدته ، والان الشاب هو من يختار .

الام او الأخت او الخالة او العمة او يأتوا مجتمعين لخطبة الفتاة والام أمها تبالغ بإظهار محاسنها وقدرتها على الطبخ والنقش والخياطة ويتم التوافق وتحدد توقيتات للنيشان والمتقدم والمتأخر وموعد الزفاف وقبل ذلك ما يسمى ب(مسك العقد ) أي ( عقد القران)  الذي يجريه عادة ( الملا)  في البيت وبعد ذلك يُسجل في المحكمة رسميا .

وعندما تجلب الحمالي الى بيت الزوجية يحدد موعد الزواج و( ليلة الدخلة) أي ليلة الزفاف ،  وعادة ما تكون هناك ( وليمة ) وأصدقاء العريس يحملون العريس ويرددون :

وردحاق صاق ناصي

ولي مقال عن هذه الاهزوجة ومما قلته :" أن كلمة (ورد ) كلمة عربية صرف وكلمة ( حاق ) هي نفسها كلمة (حق ) والمد فيها ( حاق ) جرى لضرورة نغمية وتبقى عبارة ( صاق ناصي ) لتعني (صار النصيب ) وكما نقول دوما فإن الزواج هو بالتالي ( قسمة ونصيب ) ، ومع ما طرأ عليه من تغيير لم يبعده عن واحدة من خصائص اللهجة الموصلية التي تقلب حرف الراء الى غين اي ( صاغ النصيب ) وكما هو معروف فإن من مستلزمات الهتاف العالي ومتطلباته وخلق المد بعد حرف النون فضلا عن تخفيف حرب الباء في كلمة النصيب لأنها  لا تتناسب ونهاية الهتاف لما فيها من عنصر القلقلة .
في ضوء كل هذه الآراء والتفسيرات يمكننا ان نصل الى حقيقة العبارات التي يرددها الموصليون في حالات الزواج والختان ان الهتاف او الاهزوجة عبارات عربية سليمة واصلها ( ورد الحق ، وصار النصيب ) (وردحاق صاق ناصي ) .. ومما يؤكد ذلك الجواب الذي يأتي من المحتفلين وهو ( على عيني وراسي) والذي تطور الى كلمة ( هي ) الممطوطة فقط والتي تعقبها زغردات النسوة وهلاهلهم .والعروسة أيضا بعد ان يُذهب بها الى الحمام ، وتتزين تجلس  في مكان عالٍ وجميل ، وتقام لها حفلة ويردد الجميع جميع المدعوات (عل هيوالله هيوالله لموا الزلم لموها وهاي الرادها واللي تمناها ) ، ويغنون ( والتشلحوا مالها والتلبسوا مالها وابوها تاجر حلب جياب الحمالا ) .

وهناك (الصبحيي)  وهو صباح اليوم الذي  يلي ليلة الدخلي وأبو العريس يقدم هديته للعروس وكذلك من في البيت ومنهم اخوة العريس .

ولا ننسى ( الأربعة أيام ) حيث تتم دعوة الأقارب والأصدقاء لحضور حفل يحدد موعده في اليوم الرابع من الزواج وتتخلل الحفلة رقص وغناء البنات والنساء وتقدم الهدايا للعروس .

ثم تأتي ( الزيارة ) وبلهجة اهل الموصل ( الزياغة ) ، وهي ان تزور العروس أهلها في اليوم السابع . العريس يوصلها الى بيت أهلها ثم يذهب اهله امه وابوه واخواته لتناول الغداء ظهرا في بيت اهل العروس .

وبعدها تندمج العروس في اعمال البيت من خلال التعاون مع عمتها والدة زوجها أي ( حماتها ) وتعود لتصبح وكأنها متزوجة منذ امد بعيد. ويردد الموصليون بعد كل هذه المناسبات عبارة (فض السماع يا بيت الاحما ) أي بيت اهل زوجها .

هناك متغيرات اليوم في مناسبات الزواج منها انه سابقا كان هناك مبلغ يُدفع الى العروس أي الى أمها يسمى ( النقدية) ،  وهي مبلغ يعطى نقدا لشراء احتياجات بيت الزوجية من اثاث ومستلزمات وملابس .الان  ، العريس من يؤثث وتعطى العروس مبلغا يغطي نفقات شراء ملابس خاصة لها .

*3-7-2023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...