معراج النبي محمد صلى الله عليه وسلم للامام عبد الله بن عباس رضي الله عنه
- ابراهيم العلاف
ومما يفرح حقا ، ان (قصة المعراج) ، متوفرة ورقيا في كتب ومتوفرة الكترونيا .ولدي نسخة منها وجدتها متوفرة في الملحق رقم (3) من كتاب الاستاذ عبد المطلب صالح الموسوم (دانتي ومصادره العربية والاسلامية ) ونشر ضمن سلسلة الموسوعة الصغيرة والتي كانت تصدر عن وزارة الثقافة والفنون ببغداد 1978 الصفحات 97-133 .
وقد لايعرف كثيرون ، ان الشاعر العربي ابي العلاء المعري من شعراء القرن الرابع للهجرة -القرن الحادي عشر للميلاد الف كتابه الشهير (رسالة الغفران ) مستوحيا الكثير مما ورد في قصة المعراج التي رواها عبد الله ابن عباس . كما ان الشاعر الايطالي ( دانتي ) استوحى قصة المعراج في كتابه (الكوميديا الالهية ) ، وانه تأثر بالاسلام ، واشار الى ذلك - كما يقول الاستاذ عبد المطلب صالح في كتابه المشار اليه آنفا - المستشرق الاسباني (ميكيل آسين بلاثيوس ) سنة 1919 في اطروحته للدكتوراه الموسومة ( قصة المعراج في الكوميديا الالهية) التي كان لها دوي كبير في اوساط الباحثين والمستشرقين .
ومن المناسب القول ، أن هناك من سبق (بلاثيوس) في هذا الاكتشاف وهو المؤرخ الفرنسي ( أ. بلوشيه ) في كتابه الذي اصدره سنة 1901 بعنوان (المصادر الشرقية للكوميديا الالهية ) ، وكان هذا الكتاب مرجعا لكثير من الباحثين والمؤرخين الذين اهتمو بالشاعر دانتي وتأثره بالاسلام . وقد عرض بلوشيه وسائل الاتصال بين الشرق والغرب ، ودروب ذلك الاتصال ومسالكه وكيف انتقلت حضارة العرب وسطعت في شمس الغرب ، وقال ان فتح العرب للاندلس اي اسبانيا والبرتغال وهي بلاد شبه الجزيرة الايبيرية فتحت الطريق للغرب كي يتعرف على العرب وسرعان ما اقيمت علاقات تجارية وثقافية بين الشرق العربي الاسلامي وجمهوريات ايطاليا الشمالية وهكذا كانت هناك تأثيرات عربية اسلامية في اوربا . وقال بلوشيه بالنص :"ان قصة المعراج هي المصدر الذي استقى منه دانتي عناصر قصيدته الشعرية الكوميديا الالهية " .
ومن الطريف ان بعض الباحثين قال ان دانتي كما انه كان يعرف الفرنسية ، فإنه عرف شيئا من اللغة العربية ، وان دانتي يقول بلوشيه كان على اطلاع محدد على سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم . وللاسف كان متأثرا بالجو السلبي الذي ساد في العصور الوسطى الاوربية ضد المسلمين والعرب . ويتقدم بلوشيه خطوة اخرى في البحث حين يشير الى ان دانتي اطلع على اكثر من نسخة من قصة المعراج ويصل بلوشيه الى نتيجة مفادها ان كثير من المؤرخين اللاتين في العصور الوسطى تحدثوا عن الشرق الساحر ، وكانت حضارات الشرق معروفة لديهم في الغرب .
ومن المؤرخين الذين وقفوا عند الاسراء والمعراج ؛ المؤرخ رودريكس كزيمنيس ، والمؤرخ بارتولومي ديدس .
ومهما يكن من أمر ؛ فإن بلوشيه لم يكن بدقة وصدق وموضوعية المستشرق الاسباني ميكيل آثين بلاثيوس الذي كتب عن ذات الموضوع بعد عقدين والذي اشار وبكل ثقة ودقة الى ان دانتي تأثر بالمصادر العربية والاسلامية بشكل مباشر وليس من خلال طرق ومسالك غير عربية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق