" مآسي الحياة " ويونس الحديدي
ا.د.ابراهيم العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل
" مآسي الحياة " رواية يتيمة.. أو مجموعة قصصية كتبها رجل مغمور اسمه يونس الحديدي من محلة المشاهدة بالجانب الايمن من مدينة الموصل ، وطبعها في مطبعة الزعيم ببغداد سنة 1960 على ورق جرائد أصفر ...لدي نسخة منها في مكتبتي وقد سألني عنها أمس الصديق الفيسبوكي (محمد النجار ) وطلب مني أية معلومات عنها وقد وعدته أن اعود اليها وقد عدت ُ اليوم ووجدت ان صاحبها قد وضع صورته في صدر المجموعة التي عنونها ب" مآسي الحياة " وقد اشار في المقدمة الى ان هذه المجموعة هي انتاجه الاول . ومن الغريب انه وصفها بأنها "مجموعة قصص " لكني لم أجد سوى عنوانا لقصتين الاولى قصيرة عنونها ب" يأس الى الابد " ص ص 9-30 والثانية عنوانها "المخطئون " استغرقت الصفحات 31-99 والمجموعة القصصية هذه انتقاها كاتبها -كما قال -من الواقع وأغلب الظن ان ما كتبه الرجل يعكس في جانب كبير من ما وقع له في حياته من فقر ويتم ومشاكل .ومما ورد في المقدمة ان "مجموعة القصص هذه " وصف لحزني وسوء الحظ الذي لازمني منذ عهد الطفولة فسكبتها بطابع حزين ..فهي تحكي قصص و مآسي الانسانية المعذبة وما يكابده الملايين من ابناء شعبنا العربي من الفقر والفاقة والعوز ..فهي قصص الحرمان من ابسط القواعد الضرورية التي حرم فيها اولئك البؤساء العاطلين والمتشردين في الشوارع والطرقات " .ومما يلفت النظر انه انتقد الكتاب الذين يبرزون في قصصهم وروايتهم قصصا خليعة مفسدة للاخلاق بفكرتها واسلوبها فبدلا من ان يجعل هؤلاء اقلامهم اداة لاصلاح المفاسد المنحطة نراهم يشجعونهم على ارتكاب الرذائل والموبقات بأقاصيصهم عن الحب وليته عن الحب الطاهر الشريف ،بل عن الحب الدنس المحرم الذي تنكره اديان السماء واقوال العلماء والمصلحين والفضيلة والتقاليد فيحطموا بتلك الاقاصيص كل المقدسات الفضائل المتمثلة بالشرف والعفاف والطهارة " . ويعود ليذكر بأن القصة والاقصوصة يجب ان تكون اداة بناء وتوجيه وليس هدم وانحطاط . في "يأس من الى الابد " يبتدأ بالقول :" في عصر يوم من ايام الربيع كانت الشمس تسطع في كبد السماء والهواء عليلا وخاصة في البقعة التي تقع على ضفة دجلة مابين جسر الحرية وجسر نينوى .فقد افاضت عليها الطبيعة سحرا وجمالا وأكستها ببساط سحري دائب الخضرة في جميع فصول السنة وكان السكون والهدوء يشمل تلك البقعة الهادئة فلا تسمع الا خرير المياه وهي تنساب كعروس في طريعا الى زوجها الحبيب في ليلة الزفاف ....وكانت البقعة مقفرة الا من شاب يسير على عكاز متجها الى ساحل النهر كعادته في كل يوم ينشد العزلة والوحدة بعيدا عن الناس " ...القصة تتناول مأساة هذا الشاب الذي يبدو في الخمسين من عمره مع انه لم يبلغ الثلاثين يسير بتثاقل متعثرا يعاني من الفقر فقد والده واضطر الى ترك الدراسة للعمل وامه كانت تعمل خادمة واخته انحرفت عن الطريق وابتعد عنه اصدقاءه واصبح يتمنى الموت ليرتاح من العذاب والشقاء الذي كان يعانيه .
في "المخطئون " وهي اقرب الى الرواية لطولها وتشابك احداثها وحبكتها الدرامية يبتدأ بعبارة " في منزلين ملصقين يحتلا جزءا من احدى الاحياء الصغيرة المتواضعة في مدينة الموصل احدهما صغير ليس به سوى غرفة واحدة صغيرة تسكنها عائلة فقيرة مكونة من ستة اطفال لم يكن لهم معيلا الا اخيهم "مؤيد " وكان مؤيد شاب في التاسعة عشر من عمره يعمل في احدى المعامل الصغيرة لنسج الحرير يحصل منه على اجرة زهيدة تافهة لاتكاد تفي بالضروريات .اما المنزل الاخر فقد كان سكانه عائلة متوسطة الحال مكونة من السيد (محسن ) وزوجته وولديه (ابراهيم ) و(نهلة ) وكان مؤيد يحبها منذ الصغر وهي كانت كذلك ايضا والرواية تدور حول هذا الحب والنهاية الحزينة التي انتهى بها ....لااعلم هل اثارت المجموعة القصصية ليونس الحديدي انتباه النقاد في حينه ولم اعرف شيئا عن الرجل ولم يكتب استاذنا الدكتور عمر الطالب عنه في موسوعته "موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين " وقد يعرفه غيري فيدلي بدلوه ..حول الرجل ومجموعته القصصية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق