شهية
شعر : سامي مهدي
أريدُ أنْ أُفْلِتَ من قواعدِ الكلامْ ،
وآلةِ النحوِ، ووهمِ الوعيِ بالذاتِ وبالأصولْ ،
أريدُ أنْ أبلغَ بالقولِ فمَ الفطامْ
وأستقِلَّ عمّا قالَ أو يقولْ
غيري من الكلامْ .
أريد أن أهذي بلا زمامْ
من منطقٍ منسّقٍ أو أيّما نظامْ ،
أن أطلقَ العنانَ للسانْ
أن أدَعَ الملاكَ والشيطانْ
يسّابقانِ في مدارجِ القولِ عليهِ دونما رهانْ
ويلعبانِ بالمعلومِ والمجهولْ
والعابرِ الطارئِ والمنمّقِ المصقولْ
ويخرجانِ الداثرَ المنسيَّ ، والمعلَّبَ الجاهزَ ،
من ذاكرةِ الأيامِ والفصولْ
أريدُ أن ألوّثَ الفضاءْ
كأنني إحدى الفضائياتِ في الهذْرِ وفي الهُراءْ
وأمسكَ بريتونَ من ياقتهِ
حتى يفرَّ جزعاً مني
بلا دعابةٍ سوداءَ أو بيضاءْ .
الله كم أريدُ أن أقول !
في كلّ ما كانَ وما يكونْ
أو لم يكنْ قطُّ ولنْ يكونْ ،
ولْيَزْعُمِ العاقلُ والمجنونْ
أني جننتُ ، أو بلغتُ في الجنونْ
أقصاهُ ، أو خَرِفتْ
ولم أعدْ أدركُ ما أهذي بهِ ،
أو أنني كفرتْ
عن رغبةٍ في الكفرِ ،
أو نزوتُ واغتررتْ .
كلا !
فلستُ كالجميعْ
عندي من الأسرارِ ما أخافُ أن يَذيعْ
وتنتشي بنشرهِ جداجدُ الظلامْ .
فها أنا لا سفنٌ غرقى ، ولا رياحْ
تائهةٌ ،
ولا بقايا ندبةٍ خلَّفَها جرحٌ من الجراحْ
وها أنا الذي وُصفتُ بالفضولْ
أجلسُ مَعْ رأسي وحيداً مثلَ خوفو ،
صامتاً ، مبتسماً ، كالولَدِ الخجولْ .
لكنّني عزمتُ منذُ الآنَ أن أقولَ ما أقولْ
وأنثرَ الكلامْ
نثراً بلا سقفٍ ، ولا وقفٍ ، ولا ختامٌ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق