عندما كان الدكتور عبد الجبار الجومرد سببا في لجوء الامير محمد عبد الكريم الخطابي الى القاهرة
ابراهيم العلاف
للدكتور عبد الجبار الجومرد 1909-1971، الشاعر ، والكاتب ، والسياسي ، والمؤرخ ، والدبلوماسي واول وزير خارجية للعراق بعد ثورة 1958 مواقف عروبية رائعة ؛ فعندما كان يعمل ( مديرا للشؤون السياسية في جامعة الدول العربية بالقاهرة سنة 1947 ) استلم برقية من عدن تقول ان الامير محمد عبد الكريم الخطابي 1881-1963 الزعيم المغربي الكبير ، وكان يسمى زعيم مراكش وهو من قاد المقاومة الريفية واسس جمهورية الريف في مراكش 1921-1926 وقاوم الاستعمارين الاسباني والفرنسي، قد يصل بالباخرة التي كانت تقله من منفاه في ( جزيرة ريؤنيون ) التي قضى فيها منفيا عن بلاده نحو 21 سنة الى ميناء السويس .. فكر الدكتور عبد الجبار الجومرد وهو من كان يعرف قدره ومكانته منذ ان كان يدرس في باريس في انقاذه من ظلمات الاسر وظل القهر لانه عار على ابناء الجيل ان يمر الخطابي البطل بارض الكنانة مكبلا باغلال العدو الفرنسي ليرسل الى بلد اجنبي محاطا بالقيود والحدود المذلة ، فهرع الى اصدقاءه من الشباب المصريين ليخبرهم بما فكر فيه وليتفق معهم على خطة لان يكون لجوء الخطابي وعيشه في مصر فإستجابوا الى طلبه واتصلوا بالخطابي وعرضوا عليه الفكرة فوافق بشرط ان توافق الحكومة المصرية وقد قصد الدكتور عبد الجبار الجومرد - كما يقول الاستاذ أحمد سامي الجلبي في مقال له في جريدة ( الاتحاد ) البغدادية العدد الصادر في 23 تموز 1990 الى "مكتب المغرب العربي " في القاهرة حيث معقل فتيان الشمال الافريقي انذاك وعلى رأسهم الحبيب بورقيبة 1903-2000 وعلال الفاسي 1910- 1974 وعبد الخالق الطريس 1910-1970 ، ولما وصلت الباخرة (كانومبا ) الى مرفأ السويس مساء 30 أيار 1947 كان بإنتظارها رجال رسميون ووفد دار المغرب وشباب مغربي وكان سؤال المستقبلين للامير الخطابي ماذا اذا كان سيستريح هنيهة على اليابسة ، فأجاب انه غير راغب في مغادرة السفينة ولكنه اسر بنو قومه المغاربة انه يقبل النزول الى السويس المدينة اذا لم يكن في حركته ما يزعج حكومة مصر .
أسرع وفد من الشباب المغاربة الى القاهرة وهو يحمل فكرة الدكتور عبد الجبار الجومرد بأن تقبل مصر لجوء الامير الخطابي اليها .وفي القاهرة فوتحت الحكومة المصرية بالامر فوافقت وعندئذ استمرت الباخرة لترسو في بور سعيد ليلة 31 ايار وفي صباح 31 ايار 1947 نزل الامير عبد الكريم الخطابي زعيم حركة الريف الشهيرة التحررية وشقيقه وبعض من كان يرافقه الى البر واستقلوا سيارة خاصة وتوجهوا الى مقر(محافظ القنال ) يواكبهم الشباب العروبي وهم محتفين بالبطل وهناك بدأت قصة التجاء بطل الريف الى حمى ارض الكنانة وكل ذلك كان بفضل الدكتور عبد الجبار الجومرد الذي كان يخشى على الخطابي من ان ينقل الى مكان آخر لايعرفون فيه قيمته ودوره الوطني والقومي ...بقي الامير محمد عبد الكريم الخطابي في القاهرة منذ سنة 1947 حتى وفاته نسأل الله له الرحمة في 6 شباط -فبراير سنة 1963 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق