الجمعة، 20 مايو 2016

هكذا كان يجب ان تكون جريدة الصباح ا.د. ابراهيم خليل العلاف




















هكذا كان يجب ان تكون جريدة الصباح
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل 

طلب مني أحد الاصدقاء الاعلاميين أن اكتب شيئا عن جريدة "الصباح " البغ
دادية لمناسبة ذكرى تأسيسها . وكان بودي ان اكتب عن جريدة "الصباح " وهي جريدة غير رسمية كما اريد لها ان تكون ؛ لكنني وجدت ان هذا ليس معقولا وهي ارتبط صدورها بالغزو الاميركي البغيض للبلد سنة 2003 ؛ فجريدة "الصباح " أريد لها عندما صدرت ان تكون " مستقلة " و" موضوعية" و" حيادية " هكذا على الاقل سمعناهم يقولون .. لكنها للاسف لم تكن كذلك ولم تستطع ان تكون كذلك ، بالرغم من مرور كل هذه السنوات على صدورها مع استثناء بعض الفترات المعروفة ."الصباح " هي صحيفة الحكومة ولو ان احد رؤساء تحريرها وهو الاستاذ عبد المنعم الاعسم وصفها بأنها "صحيفة الدولة " لكني اراها صحيفة "الحكومة " لا بل انها صحيفة المحاصصة والكتل السياسية بل هي صحيفة بعض الكتل السياسية . ولئن تعاقب على رئاسة تحريرها روساء تحرير معروفون منهم اسماعيل زاير ، وجمعة الحلفي ، وفلاح المشعل ، وعبد المنعم الاعسم ، ومحمد عبد الجبار الشبوط الا ان ما نسمعه ونقرأه عن الجريدة لايسر ؛ فالفساد الاداري البيروقراطي والمالي ، وفوضى الاعلانات والاقتراب والابتعاد عن الكتل السياسية المختلفة ، وتدخلات رؤساء شبكة الاعلام العراقي، وروح الثأر والانتقام من النظام السابق ، التي لم تغادرها كما لم تغادر الكتل السياسية الفاشلة التي تتحكم في رقاب الناس منذ الاحتلال الاميركي البغيض حتى كتابة هذه السطور .. تسيطر عليها وتتحكم ببعض كتابها مما يجعل الكثيرين من القراء ينفرون منها ، وكان عليها ان تجمع ولاتفرق، تنتقد ولاتسب وتشتم ، تنمي الوعي ولاتفسده .انها تهتم بأخبار الكتل وعلاقاتها مع الجيران اكثر مما تهتم بمصائر الناس وشؤونهم وهمومهم .
نعم جريدة "الصباح " ، توفرت لها امكانيات مالية لم تتوفر لاية صحيفة في تاريخ العراق كله ، ومنذ جريدة "زوراء " التي صدرت في 15 حزيران 1869 وحتى يومنا هذه ..نعم هي من حيث الشكل والاخراج وصدور الملاحق متطورة لكنها من حيث المضمون تعاني فقرا واضحا .
اعرف من كتابها من كان يعمل في صحف النظام السابق القليلة :الثورة والجمهورية والعراق والقادسية والزوراء ، وقسم منهم يحمل افكارا معروفة لكنه وللاسف يريد ان يفرغ ما في عقله وقلبه مما كان يحمله من منغصات او اشكاليات وهذا واضح من خلال متابعة المقالات وكان الاجدر بمثل من يفعل هذا ان يكون اكثر تساميا وموضوعية وان لايجد في (الصباح ) وعاءا يخرج فيه ما كان يكتمه عندما كان يكتب في صحف ما قبل 2003 ولدي الامثلة على ذلك ولااريد ان اسردها وقسم منهم لم يعد يبالي في تزوير وتشويه وقائع تاريخية معروفة .
كان بودنا ان تستقطب "الصباح " كتابا وصحفيون مشهورون عرفهم العراق واحترمهم الناس وقسم منهم من اساتذة الجامعات ومن كلية الاعلام بالذات لكننا ما رأينا ذلك واضحا .اصبح الامر في كثير من الاحيان مقتصرا على تسويد الصفحات ليس الا والكتابة المنشورة باتت لاتضر ولاتنفع .
الجريدة في "المرحلة الزائرية " اي في مرحلة تولي الاستاذ اسماعيل زائر كانت جيدة ، ومبهجة ومتنوعة ، ومهنية ومقروءة لكنها باتت تتراجع وانا شخصيا عزفت عن شراءها وهي اليوم في "المرحلة الشبوطية " أي في مرحلة تولي الدكتور محمد عبد الجبار الشبوط تمر بأسوأ حالاتها ولااعتقد انها لو كانت غير ما هي عليه من حيث التمويل لتوقفت عن الصدور ، ونحن نعرف ان صحفا عتيدة عربية واجنبية تواجه مشكلات مالية وهي مهددة بالافلاس وقسم منها تحول الى الاصدار الالكتروني .
اقول - وانا اتمنى ان تكون "الصباح " عراقية شعبية وطنية حقيقية ان تنفصل عن "شبكة الاعلام العراقي " ؛ فليس من المعقول ان يتحكم مدير عام الشبكة بها وبرئيس تحريرها وان لم يعجبه رئيس التحرير يرسل قواتا عسكرية لاخراجه من الجريدة كما حدث لبعض رؤساء التحرير السابقين .
نريدها مستقلة وموضوعية وحيادية ورشيقة لا ان تكون ميدانا للتكسب بل نريدها جريدة نظيفة تعبر عن هموم الشعب ومشاكله وهموم العراق واجندته الوطنية والقومية وان تنفتح على الصحفيين القدامى وعلى اساتذة كلية الاعلام وعلى اساتذة الجامعات وان تحترم كل الاراء وكل القوى السياسية وان تكون على مسافة واحدة من كل شرائح الشعب وفئاته ، وان تقاوم النزعات الطائفية والعنصرية والمحاصصية والتوافقية على حساب مصالح البلد والامة .
نريدها ان تعكس قضايا الناس ، وهمومهم المعيشية وان تنتقد الحكومة على أدائها الفاشل في تقديم الخدمات للناس واعادة الهيبة الحقيقية للعراق ، وان تمتنع عن اية املاءات خارجية وان تقف ضد الضغوط الحزبية والطائفية المقيتة وان تسود فيها روح التعاون وان يسمح لمحرريها ان يختاروا من بينهم رئيسا للتحرير وان تكون لها اهدافها وخططها الواضحة وما تريده وما ينبغي ان تفعله لتكون صحيفة الناس وليس صحيفة غيرهم .

12-5-2016





   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...