السبت، 7 مايو 2016

مقهى أبو داؤود في شارع غازي















م


مقهى أبو داؤود في شارع غازي

كتب الصديق الدكتور وليد الصراف عن (مقهى ابو داؤد في شارع غازي في الخمسينات والستينات والذي تظهر صورته الى يسار الصورة المرفقة يقول :" كنت في الابتدائية وكان ابي يصحبني أحيانا الى مقهى يُرقى اليه بدرج في شارع غازي له شرفات تطل على الشارع .مقهى يستشعرالجالس فيه في ذاك الزمن انه قديم بمقاييس ذاك الزمن القديم نفسه. صاحبه رجل مسنّ لم يتزوج يدعى ابو داؤود ينام فيه وحيدا بعد أن تبتعد الخطى عن الشارع ويذهب الناس الى بيوتهم .
ومما يروى عن هذا الرجل غريب الاطوار أنه زلت قدمه فتدحرج مرة من الدرج وهو يستحم حتى وصل الشارع عاريا ورآه المارة , كان هذا الرجل يمتلك اسطوانات نادرة لسيد درويش وسيد أحمد وأم كلثوم وعبده الحمولي وسواهم لم تكن تمتلكها وتبحث عنها الاذاعات العربية. أذكر جلوسي في الركن مصغيا الى هذه الاصوات التي تنتشلني من احاديث الكبار الشيّقات فأذهب ماخوذا بالعالم الذي تشيعه رغم انني لم اكن افهم احيانا بعض كلماتها , استعيدها بعد هذه السنوات الطويلة وكانني استعيد مايشبه الاحلام كما قال شوقي ,تسمع اشارة: اسطوانات كايرفون أو اسطوانات بيضفون ويأتي بعد ذلك صوت عذب يفتح في الوقت كوّة تطل على عالم خارج الزمان والمكان على العكس من أغنيات هذا الزمن حيث يستعيضون عن الصوت الملائكي الاعزل بالنعيب والمايكرفون وعن اللحن الثمين باللحم الرخيص وعن الكلمات التي كان يكتبها شوقي وبشارة الخوري وبيرم و...بالكلمات التي يكتبها ...و...و...
كانت الموصل وقتها مدينة بما تعني الكلمة من معنى نظافة وأناقة ,كان الناس في بحبوحة حتى الفقير كان يجد رغيف الخبز وواسطة النقل والملبس والسقف , الغني يحنو على الفقير ولافساد اداري والهدوء يسود حيث لازحام وكان ثمة (باصات مصلحة )تجوب الموصل من اقصاها الى أقصاها فلو تأخرت دقيقتين تسمع التذمر على السنة الواقفين تحت المظلة بانتظارها .وكان ثمة مصاطب على الضفة ويخت يجوب بالراكب دجلة بابخس الاثمان. قبل ايام مررت من شارع غازي ورفعت عيني الى العمارات وعبثا حاولت أن اجد المقهى رغم أن المكان لم يطرأ عليه أي تغيير .اين ذهب المقهى ؟ ؟أين اتجهت الاقدام التي كانت تختلف اليه ؟ كم منها ذهب الى المقبرة وكم منها ادركها الوهن فقرّت في البيوت وكم منها تجوب شوارع الموصل الان وقد نسيت المكان والمكين ؟من يتذكر الصباحات والاماسي والاحاديث والاصوات التي دارت في كل ركن من اركان المقهى؟ وأين ذهب الرجل وماذا حلّ باسطواناته النادرة ؟لم يبق شيء من المشهد سوى هذا الحلم العذب الذي رويته لكم الآن" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...