الجبهة الوطنية في العراق لسنة 1954
ابراهيم العلاف في تاريخ العراق المعاصر ، الكثير من محاولات القوى الوطنية والقومية لاقامة جبهة انتخابية .. ولعل تجربة الجبهة الوطنية التي تشكلت في مثل هذا اليوم 12-5- 1954 من أقدمها . وقد تشكلت الجبهة بعد ان شعرت بعض الاحزاب اسياسية ان لابد لها من رص الصفوف .
ضمت الجبهة الاحزاب التالية : حزب الاستقلال والحزب الوطني الدمقراطي والحزب الشيوعي ومنظمة انصار السلام وبعض المستقلين.. وقد كتب استاذنا الدكتور فاضل حسين عنها في كتابه :"تاريخ الحزب الوطني الدمقراطي " .كما كتب عنها صديقنا الدكتور جعفر عباس حميدي في كتابه :" التطورات والاتجاهات السياسية الداخلية في العراق 1953-1958 " وكرس لها صديقنا الدكتور عبد الجبار عبد مصطفى النعيمي رسالته للماجستير والموسومة :"تجربة العمل الجبهوي في العراق " .
الذي يهمنا هنا القول ان ( ميثاق الجبهة ) دعا الى اطلاق الحريات الدمقراطية ، والدفاع عن حرية الانتخابات ، والغاء معاهدة 1930 الجائرة مع بريطانيا ، ورفض المساعدات العسكرية الاميركية التي تقيد العراق وتربطه بالغرب ، والعمل على الغاء امتيازات الشركات النفطية الاحتكارية ، ومعالجة مشاكل المتضررين من الفيضان في تلك السنة ، واعلان التضامن مع حركات التحرر العربية ، وابعاد العراق عن ويلات الحروب الاستعمارية.
وقد رحب الشعب بالجبهة واعتذر حزب البعث لكامل الجادرجي زعيم الحزب الوطني الدمقراطي عن الاشتراك بالجبهة لانه لم يستكمل اطره التنظيمية بعد لكنه ايد الجبهة .
احتجت الجبهة على التزوير الذي حدث في الانتخابات التي جرت في حزيران 1954 وعلى الاجراءات التعسفية .. وقد واجهت الجبهة العنت من السلطة الحاكمة واشتدت مقاومة الحكومة لممثلي الجبهة ، واحتجت الجبهة بشدة على اجراءات الحكومة ضد مرشحيها في الانتخابات.. ومع هذا تميزت الانتخابات بالمنافسة الشديدة وحصلت الجبهة على 10 مقاعد في حين فاز حزب نوري السعيد : حزب الاتحاد الدستوري ب51 مقعدا وحزب صالح جبر :حزب الامة الاشتراكي ب21 مقعدا وحصل المستقلون على 53 مقعدا .
ومن الذين فازوا من الجبهة الوطنية : كامل الجادرجي وحسين جميل ومحمد مهدي كبة وفائق السامرائي وعبد الجبار الجومرد وذو النون ايوب ومحمد صديق شنشل وخدوري خدوري وجعفر البدر ومسعود محمد .
وقد عد المؤرخون هذه الانتخابات الاكثر حيوية ، وتنافسا في تاريخ العراق المعاصر رغم كل محاولات التزوير .. ولكن السلطة الحاكمة ونوري السعيد اعتبر فوز الجبهة بهذا العدد القليل من المقاعد خطرا على مستقبل الحكم . وقال ان وجود هؤلاء في البرلمان يهدد كيان المملكة ، وبذل جهودا كبيرة من اجل عرقلة عمل البرلمان وان فوز اليساريين والوطنيين سيفتح الباب للشعب لتغيير نظام الحكم .. وانظلاقا من عقليته المتخلفة هذه اقدم الملك فيصل الثاني على حل البرلمان الذي لم يعقد سوى جلسة واحدة والسبب ان السلطة لم تتحمل هذا العدد الصغير من المعارضين لسياستها تحت قبة البرلمان .
مع هذا ان اجراءات الحكومة القمعية ، فتحت الباب لتعاظم الحركة الوطنية ، واشتداد المعارضة ورافق ذلك اضرابات عمالية ومظاهرات جماهيرية ، وشكل نوري السعيد وزارة جديدة في 3 اب سنة 1954 هي وزارته ال12 وابتدأ سياسة قمعية تمثلت بإصدار مراسيم بحل الاحزاب والنوادي والجمعيات ، والتمهيد لعقد حلف بغداد وتقوية ارتباط العراق ببيريطانيا والغرب وهذا مما ادى الى تشكيل جبهة جديدة هي ( جبهة الاتحاد الوطني 1957 ) والتي تعاونت مع( تنظيم الضباط الاحرار ) في اسقاط النظام الملكي ، وتأسيس جمهورية العراق يوم 14 تموز 1958 وبدأت مرحلة جديدة من من مراحل تاريخ العراق المعاصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق