عندما قتل القنصل البريطاني مونك ميسن في الموصل 1939
ابراهيم العلاف
ما ان سمع الموصليون بمقتل الملك غازي ملك العراق الاسبق بحادث اصطدام سيارته في 4 نيسان سنة 1939 حتى ثارت ثائرتهم وساورتهم الشكوك في ان الانكليز وكان يكرههم ويهاجمهم من اذاعته بقصر الزهور هم وراء الحادث وقد اتجهوا وهم غاضبين الى بناية القنصلية البريطانية في محلة العكيدات والتي ترون صورتها الى جانب هذه السطور فخرج عليهم القنصل مونك ميسن ليعرف ما الذي جاؤوا من اجله وقد تقدم الصفوف احد طلاب ثانوية الموصل واسمه هشام عبد الله الدباغ (أصبح محاميا في بغداد فيما بعد ) فألقى كلمة ندد فيها بالانكليز وعدهم هم وراء مقتله ..وكانوا يحبونه بسبب عداءه للانكليز وعلى اثر الكلمة الحماسية هذه تقدم عدد من المتظاهرين بمهاجمة القنصل وضربه ولم يستطع القنصل الهرب بعد ان دخلت الجماهير الى داخل القنصلية كما يقول الاستاذ وداد جمال محمد في مقالته التي نشرها في جريدة " الاتحاد " البغدادية " العدد 81 في 10 تموز 1988 ، وكان قد اعتمد على ماكتبه الاستاذ حارث طه الراوي في عدد 78 من جريدة "الاتحاد " البغدادية بتاريخ 19 حزيران 1988 عن زميله الصحفي والمحامي هشام عبد الله الدباغ لمناسبة رحيله .
حاول مدير شرط الموصل ، وكان انذاك بهجت الدليمي مع ثلة من الشرطة معالجة الموقف ، والسيطرة عليه لكن القوة وصلت متأخرة وشاهدت اشتعال النار في البناية وجثة القنصل مرمية على الارض .
أصدرت" مديرية الدعاية والنشر والاذاعة " بينا نشرته جريدة "الاستقلال " البغدادية العدد 33170 في 6 نيسان 1939 جاء فيه :" بينما كان أهل (الموصل ) الكرام ، صعقين من شدة هول المصاب العظيم الذي حل فيهم بفقد ملك البلاد المحبوب ، وإذا ببعض المفسدين قد انتهزوا الفرصة ، واندسوا بين الصفوف وحرضوا بعص الجناة على اغتيال القنصل البريطاني في (الموصل ) . وقد القي القبض على القاتل وسينالون مايستحقونه من العقاب الصارم " . ووقع على البيام مدير الدعاية والنشر والاذاعة .
وعقب ذلك أعلنت الاحكام العرفية ببلاغ اصدره مجلس الوزراء وتشكل ( المجلس العرفي العسكري ) برئاسة العقيد فرج عمارة وعضوية المقدم رفعت علي والمقدم موفق حبيب وقرر مجلس الوزراء تعيين الحاكمين (القاضيين ) فهمي الجراح وعبد الرحمن الدوري عضوين في المجلس .
وقد أصدر المجلس العرفي قراراته بحق المتهمين وجاء فيها :
"إن المحرضين الرئيسيين ، هما المتهمان هشام عبد الله الله الدباغ ومحمد بن يحيى فحكم عليهما بالاعدام شنقا حتى الموت وحيث ان سنهما اقل من الثامنة عشرة فقد أبدل الحكم الى الحبس الشديد لمدة خمس عشرة سنة وحكم على المتهم سليم بن نعمان العطار من طلاب المتوسطة الغربية بالاشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة .اما بقية المتهمين فقد تراوحت الاحكام بين السنين والعشر سنوات وافرج عن مجموعة اخرى اعتقلت معهم لعدم توفر الادلة ضدهم .
الغريب والمؤلم ان بريطانيا انتقمت من الموصل فحين اندلعت ثورة مايس سنة 1941 والتي يسميها الناس ثورة رشيد عالي الكيلاني وقامت الحرب بين الجيش العراقي والقوات البريطانية التي تقدمت واعادت احتلال العراق ثانية كما يفعل الاميركان اليوم .
وكانت الموصل مؤيدة لثورة مايس 1941 العروبية الوطنية قامت الطائرات البريطانية القادمة من قاعدة الحبانية وهي احدى القواعد التي كانت القوات البريطانية تستخدمها بمهاجمة مقهى شعبي في رأس الجادة مكان انطلاق التظاهرات الموصلية المعروف وقتلت اكثر من (40 ) مواطنا كانوا يجلسون في ذلك المقهى او من كانوا يمرون بالقرب منه ومعظم من استشهد كان من الشيوخ والاطفال نسأل الله لهم الرحمة وفي عليين .طبعا الحفرة التي خلفها القصف ظلت لاكثر من خمسين سنة تغور وتسوى وتغور وتسوي من تأثير الضربة والحقد الذي رافقها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق