المشرق العربي والشرق الادنى والعهد العثماني
ابراهيم العلاف
حين كنت طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية -جامعة بغداد 1964-1968 درًست مادة بعنوان :"تاريخ الشرق الادنى الحديث " على يد المؤرخ المصري الكبير الاستاذ الدكتور عبد العزيز سليمان نوار . وكان هذا هو المصطلح الذي تتم من خلاله دراسة الفترة العثمانية التي مرت بها البلدان العربية بين القرنين 16و20 . وعندما تخرجتُ واكملت ٌدراستي للماجستير والدكتوراه وعينتُ مدرسا في قسم التاريخ بكلية الاداب -جامعة الموصل 1975 وجدتُ ان استاذا مصريا كان يدرس قبلي مادة مشابهة لمادة تاريخ الشرق الادني الحديث بإسم تاريخ المشرق العربي وتاريخ العرب الحديث والاستاذ المصري هو الاستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن برج وقبله كان ثمة استاذ مصري آخر هو الاستاذ الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى .
وقد كلفني انذآك رئيس القسم الاستاذ الدكتور توفيق سلطان اليوزبكي وكنت انذاك مقررا لقسم التاريخ أن أعد محاضرات مطبوعة في مادة تاريخ العرب الحديث لتدريس الطلبة وفقا لمقررات تم الاتفاق عليها حيث لم يكن هناك كتاب منهجي لهم في هذه المادة فشرعت بإعداد المحاضرات التي تحولت فيما بعد سنة 1982 الى كتاب :"تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني 1516-1916" وهذه الفترة محصورة بين دخول المدن العربية تحت السيطرة العثمانية 1516 والثورة العربية الكبرى 1916 وطبع الكتاب الذي درست فيه البلدان العربية بطريقة افقة وليس على اساس البلدان والاقاليم .
الذي اريد ان اقوله ان هناك من الباحثين من تحدث عن "الاستعمار التركي " و"الاحتلال العثماني " و"الغزو العثماني " و"الفتح العثماني " ووجدت أن معظم ماكتب عن العهد العثماني كان ينطلق من وجهة نظر ايديولوجية سياسية .. لذلك استخدمت مصطلح "تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني " والوطن العربي هنا بمشرقه ومغربه .. وحرصت ان اكون موضوعيا أتثبت من الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة وصرت رانكويا نسبة الى المؤرخ الالماني ليوبولد رانكه الذي قال ان مهمة المؤرخ ان يعيد تشكيل الحدث كما وقع بالضبط .
ويقينا ان مهمة تفسير التاريخ اصعب من مرحلة تثبيت الحقائق فالتاريخ - كما قال الاستاذ الدكتور محمد أنيس - حافل بالثغرات المجهولة والتحليلات الغامضة والتعليلات المريبة . وعندما صدر الكتاب نجح بإمتياز وطلته كل اقسام التاريخ في الجامعات العراقية وبعض الجامعات العربية ولايزال .
ظلت هناك مسألة رويتها في كتابي ، وهي انه في ضوء الكتابات التي وجدتها بين يدي - وهذا الكلام تاريخه 35 سنة واكثر - رأيت ان هناك آثار نظريتان مختلفتان عن الدولة العثمانية حاولت ان ابتعد عنهما واكون منصفا قدر الامكان الاولى: ترى ان العثمانيين مسؤولين عن ما لحق بالعرب وغيرهم من الاقوام الذين كانوا ضمن الدولة العثمانية ، من الفقر والجهل والتخلف والجمود والاستغلال .أما النظرة الثانية فتقوم على اساس ان الدولة العثمانية دولة اسلامية مفترى عليها وان تاريخها تعرض الى كثير من حملات التشهير من مصادر مختلفة وان الامبراطورية العثمانية ظهرت في ثنايا رد الفعل الاسلامي إزاء اوربا الاخذة بالتوسع ، وان من الضروري وضع التاريخ العثماني في مكانته الصحيحة في اطار التاريخ العالمي .ومما حاولت التأكيد عليه في كتابي ان التاريخ العثماني ينتظر منا الانصاف والتفريق بين الفترات الاولى منه حيث النزعة العثمانية هي السائدة وحيث لاتمييز بين العرب والاكراد والترك والالبان وبقية عناصر الدولة وبين الفترة التي حكم فيها الاتحاديون الماسونيون العنصريون اي بعد انقلابهم على السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1908 وخلعهم له سنة 1909والتي اودت بالدولة بسبب السياسات التتريكية والعنصرية الطورانية الى التفكك والانهيار بنهاية الحرب العالمية الاولى .ويبدو ايضا ان ما كتبته في حينه كان -من وجهة نظري على الاقل - مقبولا ومستساغا .
ابراهيم العلاف
حين كنت طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية -جامعة بغداد 1964-1968 درًست مادة بعنوان :"تاريخ الشرق الادنى الحديث " على يد المؤرخ المصري الكبير الاستاذ الدكتور عبد العزيز سليمان نوار . وكان هذا هو المصطلح الذي تتم من خلاله دراسة الفترة العثمانية التي مرت بها البلدان العربية بين القرنين 16و20 . وعندما تخرجتُ واكملت ٌدراستي للماجستير والدكتوراه وعينتُ مدرسا في قسم التاريخ بكلية الاداب -جامعة الموصل 1975 وجدتُ ان استاذا مصريا كان يدرس قبلي مادة مشابهة لمادة تاريخ الشرق الادني الحديث بإسم تاريخ المشرق العربي وتاريخ العرب الحديث والاستاذ المصري هو الاستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن برج وقبله كان ثمة استاذ مصري آخر هو الاستاذ الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى .
وقد كلفني انذآك رئيس القسم الاستاذ الدكتور توفيق سلطان اليوزبكي وكنت انذاك مقررا لقسم التاريخ أن أعد محاضرات مطبوعة في مادة تاريخ العرب الحديث لتدريس الطلبة وفقا لمقررات تم الاتفاق عليها حيث لم يكن هناك كتاب منهجي لهم في هذه المادة فشرعت بإعداد المحاضرات التي تحولت فيما بعد سنة 1982 الى كتاب :"تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني 1516-1916" وهذه الفترة محصورة بين دخول المدن العربية تحت السيطرة العثمانية 1516 والثورة العربية الكبرى 1916 وطبع الكتاب الذي درست فيه البلدان العربية بطريقة افقة وليس على اساس البلدان والاقاليم .
الذي اريد ان اقوله ان هناك من الباحثين من تحدث عن "الاستعمار التركي " و"الاحتلال العثماني " و"الغزو العثماني " و"الفتح العثماني " ووجدت أن معظم ماكتب عن العهد العثماني كان ينطلق من وجهة نظر ايديولوجية سياسية .. لذلك استخدمت مصطلح "تاريخ الوطن العربي في العهد العثماني " والوطن العربي هنا بمشرقه ومغربه .. وحرصت ان اكون موضوعيا أتثبت من الحقيقة ولاشيء غير الحقيقة وصرت رانكويا نسبة الى المؤرخ الالماني ليوبولد رانكه الذي قال ان مهمة المؤرخ ان يعيد تشكيل الحدث كما وقع بالضبط .
ويقينا ان مهمة تفسير التاريخ اصعب من مرحلة تثبيت الحقائق فالتاريخ - كما قال الاستاذ الدكتور محمد أنيس - حافل بالثغرات المجهولة والتحليلات الغامضة والتعليلات المريبة . وعندما صدر الكتاب نجح بإمتياز وطلته كل اقسام التاريخ في الجامعات العراقية وبعض الجامعات العربية ولايزال .
ظلت هناك مسألة رويتها في كتابي ، وهي انه في ضوء الكتابات التي وجدتها بين يدي - وهذا الكلام تاريخه 35 سنة واكثر - رأيت ان هناك آثار نظريتان مختلفتان عن الدولة العثمانية حاولت ان ابتعد عنهما واكون منصفا قدر الامكان الاولى: ترى ان العثمانيين مسؤولين عن ما لحق بالعرب وغيرهم من الاقوام الذين كانوا ضمن الدولة العثمانية ، من الفقر والجهل والتخلف والجمود والاستغلال .أما النظرة الثانية فتقوم على اساس ان الدولة العثمانية دولة اسلامية مفترى عليها وان تاريخها تعرض الى كثير من حملات التشهير من مصادر مختلفة وان الامبراطورية العثمانية ظهرت في ثنايا رد الفعل الاسلامي إزاء اوربا الاخذة بالتوسع ، وان من الضروري وضع التاريخ العثماني في مكانته الصحيحة في اطار التاريخ العالمي .ومما حاولت التأكيد عليه في كتابي ان التاريخ العثماني ينتظر منا الانصاف والتفريق بين الفترات الاولى منه حيث النزعة العثمانية هي السائدة وحيث لاتمييز بين العرب والاكراد والترك والالبان وبقية عناصر الدولة وبين الفترة التي حكم فيها الاتحاديون الماسونيون العنصريون اي بعد انقلابهم على السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1908 وخلعهم له سنة 1909والتي اودت بالدولة بسبب السياسات التتريكية والعنصرية الطورانية الى التفكك والانهيار بنهاية الحرب العالمية الاولى .ويبدو ايضا ان ما كتبته في حينه كان -من وجهة نظري على الاقل - مقبولا ومستساغا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق