أوراق ناجي شوكت وتاريخ العراق المعاصر
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
" أوراق ناجي شوكت :رسائل ووثائق :دراسة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر " ..هذا هو عنوان العمل الذي تصدى له كل من المؤرخ المصري الاستاذ الدكتور محمد أنيس (رحمه الله ) والمؤرخ العراقي الاستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي قبل سنوات وفيه ألقيا الضوء على فترة مهمة من تاريخ العراق وهي التي تقع بين سنتي 1927-1941 وقد سبق لي أن قمت بعرض هذا العمل في مجلة "الجامعة " الموصلية (السنة 8 العدد 9 في تموز 1978 ) ونشر العرض غفلا من أسمي وتوقيعي وكان هذا تقصير من المجلة وقد عاتبت سكرتير التحرير وكان آنئذ استاذي الدكتور عمر الطالب فأعتذر عن ذلك وعزا الامر الى سبب فني . وللفائدة فأن الاستاذ الدكتور محمد أنيس عمل في كلية الاداب –جامعة بغداد قرابة سنة كأستاذ زائر إثر توقيع الرئيس محمد أنور السادات على معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل سنة 1978 .. المهم انني قدمت لعرض الكتاب ومراجعته بكلمة عن المذكرات الشخصية والرسائل الشخصية Personal Letters
وقلت أن المؤرخين يستقون منهما المعلومات بأعتبار أن اصحابهما على صلة وثيقة بالاحداث .ولكن المذكرات ينبغي أن تؤخذ بحذر ؛ لان اصحابها يحاولون تسجيل التاريخ من وجهة نظرهم الذاتية .ومع هذا فالمذكرات والرسائل الشخصية تكشف للمؤرخ الكثير من الاسرار وتساعده في فهم الكثير من العوامل الكامنة وراء الحدث التاريخي .
وإذا كانت المذكرات الشخصية تنطوي على عيوب ، منها أن الانسان غالبا ماينسى ، أو أن يجد صعوبة في التخلص من أهوائه ونزعاته وميوله ، فإن الرسائل الشخصية توضع عادة في مرتبة عالية من مراتب درجة الوثوق بدورها –كما يقول لويس جوتشلك في كتابه :كيف نفهم التاريخ ؟ -خاصة إذا كانت تلقائية ، وخالصة .ومع أن الاعتبارات الشخصية قد تتدخل كثيرا في كتابة المذكرات والرسائل الشخصية بحيث تصبغ الحدث بصبغة خاصة ؛ فإن مجرد جمعها وترتيبها وتحقيقها ونشرها أمر في غاية الاهمية .ومن هنا تأتي أهمية ما فعله الاستاذين الدكتورين أنيس والزبيدي حين تصديا لما وضعه الاستاذ ناجي شوكت ، وكان صديقا لهما ويحرصان على زيارته في داره ببغداد قبل وفاته رحمه الله .
أوراق ناجي شوكت الخاصة ، تضم مراسلات جرت بينه وبين عدد من زملائه في العمل السياسي .ومع أنها لم تغمط من إسهام الرجل في الحياة السياسية العراقية ، إلا انها تكشف بعض الجوانب الغامضة من تاريخ العراق المعاصر .
لقد إرتأى المحققان نشر هذه الاوراق بمقدمة وخاتمة ؛ تتبعتْ المقدمة حياة ناجي شوكت منذ مولده في مدينة الكوت –محافظة واسط حاليا سنة 1891 وتقلبه في المناصب حتى إنسحابه من المسرح السياسي في سنة 1941 إثر فشل ثورة مايس التي عرفت بحركة رشيد عالي الكيلاني 1941 حين كان وزيرا للدفاع في حكومة الكيلاني الرابعة في 12 نيسان 1941 . ومما يلحظ في حياته الوظيفية انه شغل منصب وزير الداخلية في معظم الوزارات التي إشترك بها .وكان يحرص على تولي هذه الوزارة على أساس أنها الوزارة الاكثر إلتصاقا بالشعب .
ومن ألامور التي تلفتُ النظر كذلك في حياة (ناجي شوكت ) ،أنه كان (جمهوري الهوى ) خاصة في بدايات حياته الادارية والسياسية .وقد تولدت لديه هذه الميول الجمهورية منذ أن كان طالبا في مدرسة الحقوق باستانبول إبان حدوث الثورة الدستورية العثمانية 1908 . ويبدو أنه كان متأثرا بأفكار أحد أساتذته وهو (مصطفى فوزي ) الذي كثيرا ما كان يمدح النظام الجمهوري في محاضراته التي كان يلقيها في مدرسة الحقوق في القانون الدستوري .
لقد إنضم ناجي شوكت الى حزب حرس الاستقلال الذي ألفه عدد من الشباب الوطني العراقي المتحمس سنة 1919 ولعب دورا ملموسا في الثورة العراقية الكبرى 1920 .ولكن بعد تعيينه متصرفا على لواء الموصل في 5 تموز سنة 1926 ، وكانت " مشكلة الموصل " ومطالبة تركيا بها قد انتهت لصالح صيرورة الموصل جزءا من الدولة العراقية الحديثة ، وجد أن لابد من ان يكون الاصلاح من الداخل وبشكل تدريجي ووجد أن لاجدوى من معاداة الانكليز بشكل مباشر .
ولكن ناجي شوكت عاد فأيد ثورة 1941 ويشير في مذكراته :" سيرة وذكريات 1894-1974 " المنشورة ببغداد سنة 1974 الى ان العاطفة الوطنية لم تخفتْ في نفسه ، وانه إعتقد بأن من الضروري معارضة الانكليز مباشرة .
ويذهب الاستاذ الدكتور محمد أنيس والاستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي وهما يحققان أوراقه الخاصة إلى ان ناجي شوكت إعتقد بأن من الضروري ضد الانكليز وسياستهم المناوئة للمطالب الوطنية العراقية وللقضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية وأنه من رجالات العهد القديم وانه على الرغم من عمله مع الانكليز والملك فيصل الاول الا انه صاحب نوازع وطنية كامنة وجد ان من الضرورة تقتضي اظهار معاداته للانكليز والتخلص من نفوذهم ويستقر رأي الاستاذان الكريمان على ان ناجي شوكت كان منبهرا بأنتصرات الالمان ولكن مع ملاحظة انه لم يكن نازيا بالمعنى الايديولوجي بل كان وطنيا يريد تحرير بلاده لاأكثر ولا أقل .
وهكذا حاول الاستاذان المحققان أن يصنفا السياسيين العراقيين الذين لعبوا دورا في تاريخ العراق الحديث، فوجدا أنهم ينقسمون الى ثلاث مجموعات هي :
• مجموعة ربطت نفسها بالانكليز بشكل لاإنفكاك فيه .. وأبرز من يمثل هذه المجموعة : نوري السعيد .
• مجموعة كانت أكثر تحررا في إرتباطها بالانكليز ومن أبرز من يمثل هذه المجموعة : ياسين الهاشمي .
• مجموعة أخرى ليس لها موقف سياسي محدد وأفرادها يعملون على خدمة البلاط الملكي الهاشمي ،أو خدمة الشعب العراقي دون توجه سياسي واضح تجاه الاحداث ويقع ناجي شوكت ضمن هذه المجموعة فهم ليسوا عملاء ولكنهم يخدمون بإخلاص وطيب خاطر (دولة العراق الفتية ) .
وبالرغم من (مطاطية ) هذا التصنيف إلا أنه إستطاع أن يضع (ناجي شوكت ) ضمن ألاطر التاريخية التي عايشها .
أما الخاتمة ،فقد إنصرفت لدراسة أبرز الاحداث التي توجهت لها الرسائل المنشورة ، ومنها الحركات العشائرية العراقية في الثلاثينات من القرن الماضي ، وانقلاب الفريق الركن بكر صدقي قائد الفرقة الثانية وتشكيل حكومة حكمت سليمان ومقتل بكرصدقي في الموصل وعصيان الموصل وانفصالها عن حكومة بغداد 1937 . وقد وقف المحققان طويلا عند ظاهرتين ميزتا تاريخ العراق الحديث ألا وهما :العشائر والسياسة .. والجيش والسياسة .
إن أبرز مايلاحظ في هذه الخاتمة ، طغيان تفسيرات الاستاذ الدكتور محمد أنيس لانقلاب بكر صدقي والتي نشرها في مجلة "المؤرخ العربي" ومحاولته ربط الانقلاب بحادثة الاميرة عزة الشهيرة .وعلى الرغم من طرافة هذا التفسير وأهميته ،إلا أنه ينطوي على مجانبة بعض الحقائق ومنها ان انقلاب 1936 هو حصيلة تطورات سياسية وإقتصادية وفكرية معقدة ، وان بداياته ترجع الى سنة 1929 .كما أنه يرتبط ببعض الطموحات السياسية لبعض القادة المدنيين في التسابق للوصول الى الكراسي الوزارية واستخدام بعض (الزمر ) السياسية وسائل غير دستورية من أجل الوصول الى الحكم وإسقاط الوزارات كإستغلال الاقطاعيين في بادئ الامر للعشائر ثم استغلال السياسيين للجيش .. كل ذلك كان وراء انقلاب 1936 ويمكن العودة الى رسالة الماجستير غير المنشورة التي أعدها الاستاذ صفاء عبد الوهاب المبارك والموسومة :"انقلاب سنة 1936 في العراق ..ممهداته وأحداثه ونتائجه "وقدمها الى كلية الاداب –جامعة بغداد سنة 1973 ، للحصول على كثير من التفاصيل حول هذا الموضوع .
لقد تضمنت الاوراق المنشورة رسائل شخصية ، ومذكرات متبادلة بين ناجي شوكت من جهة وكل من فيصل الاول 1921-1933 ونوري السعيد وياسين الهاشمي ونصرت الفارسي وأرشد العمري وعلي محمود الشيخ علي .كما حوت مذكرتين متبادلتين بين الملك فيصل الاول والمندوب السامي البريطاني حول :" أزمة القصر الملكي في الموصل سنة 1937 " .
وتضمنت كذلك نشر بعض الوثائق البريطانية التي ورد فيها إسم ناجي شوكت ، والتي تزيح الستار عن "تدخلات السفارة البريطانية في شؤون العراق الداخلية " في تلك الفترة .
لقد ساعد نشر هذه الوثائق في تقويم مرحلة بالغة الحساسية في تاريخ العراق وعلى الرغم من أهمية العمل الذي قام به المحققان ، إلا ان لدينا بعض الملاحظات البسيطة منها :
• في الصفحة (228 ) يشير الاستاذان المحققان الى أن أرشد العمري هو أحد مؤسسي "جمعية الدفاع الوطني في الموصل " وانها تأسست سنة 1934 والصحيح أن الجمعية أن الجمعية المذكورة تأسست بين 25-27 كانون الثاني سنة 1925 إثر مطالبة تركيا بعائدية ولاية الموصل .
• في الصفحة (132 ) يردد المحققان الكريمان إصطلاح "الشعوب العربية " والاصح أن نقول الشعب العربي . كان على المحققان ان يستخدما اسماء الاشهر المتعارف عليها في العراق الى جانب أسماء الاشهر المتعارف عليها في مصر تأمينا للفائدة وتسهيلا لها .
• كان من المستحسن نشر جواب وملاحظات ناجي شوكت على الكثير من الرسائل التي كان يستلمها من السياسيين العراقيين .كما كان من الافضل كتابة "ملاحظات الملك فيصل الواردة في الصفحات 113و114 و115 بالحروف الطباعية لتسهل قراءتها .
ومهما يكن من أمر ،فأن الباحث في تاريخ العراق المعاصر سيجد في هذا العمل التوثيقي مبتغاه .
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
" أوراق ناجي شوكت :رسائل ووثائق :دراسة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر " ..هذا هو عنوان العمل الذي تصدى له كل من المؤرخ المصري الاستاذ الدكتور محمد أنيس (رحمه الله ) والمؤرخ العراقي الاستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي قبل سنوات وفيه ألقيا الضوء على فترة مهمة من تاريخ العراق وهي التي تقع بين سنتي 1927-1941 وقد سبق لي أن قمت بعرض هذا العمل في مجلة "الجامعة " الموصلية (السنة 8 العدد 9 في تموز 1978 ) ونشر العرض غفلا من أسمي وتوقيعي وكان هذا تقصير من المجلة وقد عاتبت سكرتير التحرير وكان آنئذ استاذي الدكتور عمر الطالب فأعتذر عن ذلك وعزا الامر الى سبب فني . وللفائدة فأن الاستاذ الدكتور محمد أنيس عمل في كلية الاداب –جامعة بغداد قرابة سنة كأستاذ زائر إثر توقيع الرئيس محمد أنور السادات على معاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل سنة 1978 .. المهم انني قدمت لعرض الكتاب ومراجعته بكلمة عن المذكرات الشخصية والرسائل الشخصية Personal Letters
وقلت أن المؤرخين يستقون منهما المعلومات بأعتبار أن اصحابهما على صلة وثيقة بالاحداث .ولكن المذكرات ينبغي أن تؤخذ بحذر ؛ لان اصحابها يحاولون تسجيل التاريخ من وجهة نظرهم الذاتية .ومع هذا فالمذكرات والرسائل الشخصية تكشف للمؤرخ الكثير من الاسرار وتساعده في فهم الكثير من العوامل الكامنة وراء الحدث التاريخي .
وإذا كانت المذكرات الشخصية تنطوي على عيوب ، منها أن الانسان غالبا ماينسى ، أو أن يجد صعوبة في التخلص من أهوائه ونزعاته وميوله ، فإن الرسائل الشخصية توضع عادة في مرتبة عالية من مراتب درجة الوثوق بدورها –كما يقول لويس جوتشلك في كتابه :كيف نفهم التاريخ ؟ -خاصة إذا كانت تلقائية ، وخالصة .ومع أن الاعتبارات الشخصية قد تتدخل كثيرا في كتابة المذكرات والرسائل الشخصية بحيث تصبغ الحدث بصبغة خاصة ؛ فإن مجرد جمعها وترتيبها وتحقيقها ونشرها أمر في غاية الاهمية .ومن هنا تأتي أهمية ما فعله الاستاذين الدكتورين أنيس والزبيدي حين تصديا لما وضعه الاستاذ ناجي شوكت ، وكان صديقا لهما ويحرصان على زيارته في داره ببغداد قبل وفاته رحمه الله .
أوراق ناجي شوكت الخاصة ، تضم مراسلات جرت بينه وبين عدد من زملائه في العمل السياسي .ومع أنها لم تغمط من إسهام الرجل في الحياة السياسية العراقية ، إلا انها تكشف بعض الجوانب الغامضة من تاريخ العراق المعاصر .
لقد إرتأى المحققان نشر هذه الاوراق بمقدمة وخاتمة ؛ تتبعتْ المقدمة حياة ناجي شوكت منذ مولده في مدينة الكوت –محافظة واسط حاليا سنة 1891 وتقلبه في المناصب حتى إنسحابه من المسرح السياسي في سنة 1941 إثر فشل ثورة مايس التي عرفت بحركة رشيد عالي الكيلاني 1941 حين كان وزيرا للدفاع في حكومة الكيلاني الرابعة في 12 نيسان 1941 . ومما يلحظ في حياته الوظيفية انه شغل منصب وزير الداخلية في معظم الوزارات التي إشترك بها .وكان يحرص على تولي هذه الوزارة على أساس أنها الوزارة الاكثر إلتصاقا بالشعب .
ومن ألامور التي تلفتُ النظر كذلك في حياة (ناجي شوكت ) ،أنه كان (جمهوري الهوى ) خاصة في بدايات حياته الادارية والسياسية .وقد تولدت لديه هذه الميول الجمهورية منذ أن كان طالبا في مدرسة الحقوق باستانبول إبان حدوث الثورة الدستورية العثمانية 1908 . ويبدو أنه كان متأثرا بأفكار أحد أساتذته وهو (مصطفى فوزي ) الذي كثيرا ما كان يمدح النظام الجمهوري في محاضراته التي كان يلقيها في مدرسة الحقوق في القانون الدستوري .
لقد إنضم ناجي شوكت الى حزب حرس الاستقلال الذي ألفه عدد من الشباب الوطني العراقي المتحمس سنة 1919 ولعب دورا ملموسا في الثورة العراقية الكبرى 1920 .ولكن بعد تعيينه متصرفا على لواء الموصل في 5 تموز سنة 1926 ، وكانت " مشكلة الموصل " ومطالبة تركيا بها قد انتهت لصالح صيرورة الموصل جزءا من الدولة العراقية الحديثة ، وجد أن لابد من ان يكون الاصلاح من الداخل وبشكل تدريجي ووجد أن لاجدوى من معاداة الانكليز بشكل مباشر .
ولكن ناجي شوكت عاد فأيد ثورة 1941 ويشير في مذكراته :" سيرة وذكريات 1894-1974 " المنشورة ببغداد سنة 1974 الى ان العاطفة الوطنية لم تخفتْ في نفسه ، وانه إعتقد بأن من الضروري معارضة الانكليز مباشرة .
ويذهب الاستاذ الدكتور محمد أنيس والاستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي وهما يحققان أوراقه الخاصة إلى ان ناجي شوكت إعتقد بأن من الضروري ضد الانكليز وسياستهم المناوئة للمطالب الوطنية العراقية وللقضايا العربية وخاصة القضية الفلسطينية وأنه من رجالات العهد القديم وانه على الرغم من عمله مع الانكليز والملك فيصل الاول الا انه صاحب نوازع وطنية كامنة وجد ان من الضرورة تقتضي اظهار معاداته للانكليز والتخلص من نفوذهم ويستقر رأي الاستاذان الكريمان على ان ناجي شوكت كان منبهرا بأنتصرات الالمان ولكن مع ملاحظة انه لم يكن نازيا بالمعنى الايديولوجي بل كان وطنيا يريد تحرير بلاده لاأكثر ولا أقل .
وهكذا حاول الاستاذان المحققان أن يصنفا السياسيين العراقيين الذين لعبوا دورا في تاريخ العراق الحديث، فوجدا أنهم ينقسمون الى ثلاث مجموعات هي :
• مجموعة ربطت نفسها بالانكليز بشكل لاإنفكاك فيه .. وأبرز من يمثل هذه المجموعة : نوري السعيد .
• مجموعة كانت أكثر تحررا في إرتباطها بالانكليز ومن أبرز من يمثل هذه المجموعة : ياسين الهاشمي .
• مجموعة أخرى ليس لها موقف سياسي محدد وأفرادها يعملون على خدمة البلاط الملكي الهاشمي ،أو خدمة الشعب العراقي دون توجه سياسي واضح تجاه الاحداث ويقع ناجي شوكت ضمن هذه المجموعة فهم ليسوا عملاء ولكنهم يخدمون بإخلاص وطيب خاطر (دولة العراق الفتية ) .
وبالرغم من (مطاطية ) هذا التصنيف إلا أنه إستطاع أن يضع (ناجي شوكت ) ضمن ألاطر التاريخية التي عايشها .
أما الخاتمة ،فقد إنصرفت لدراسة أبرز الاحداث التي توجهت لها الرسائل المنشورة ، ومنها الحركات العشائرية العراقية في الثلاثينات من القرن الماضي ، وانقلاب الفريق الركن بكر صدقي قائد الفرقة الثانية وتشكيل حكومة حكمت سليمان ومقتل بكرصدقي في الموصل وعصيان الموصل وانفصالها عن حكومة بغداد 1937 . وقد وقف المحققان طويلا عند ظاهرتين ميزتا تاريخ العراق الحديث ألا وهما :العشائر والسياسة .. والجيش والسياسة .
إن أبرز مايلاحظ في هذه الخاتمة ، طغيان تفسيرات الاستاذ الدكتور محمد أنيس لانقلاب بكر صدقي والتي نشرها في مجلة "المؤرخ العربي" ومحاولته ربط الانقلاب بحادثة الاميرة عزة الشهيرة .وعلى الرغم من طرافة هذا التفسير وأهميته ،إلا أنه ينطوي على مجانبة بعض الحقائق ومنها ان انقلاب 1936 هو حصيلة تطورات سياسية وإقتصادية وفكرية معقدة ، وان بداياته ترجع الى سنة 1929 .كما أنه يرتبط ببعض الطموحات السياسية لبعض القادة المدنيين في التسابق للوصول الى الكراسي الوزارية واستخدام بعض (الزمر ) السياسية وسائل غير دستورية من أجل الوصول الى الحكم وإسقاط الوزارات كإستغلال الاقطاعيين في بادئ الامر للعشائر ثم استغلال السياسيين للجيش .. كل ذلك كان وراء انقلاب 1936 ويمكن العودة الى رسالة الماجستير غير المنشورة التي أعدها الاستاذ صفاء عبد الوهاب المبارك والموسومة :"انقلاب سنة 1936 في العراق ..ممهداته وأحداثه ونتائجه "وقدمها الى كلية الاداب –جامعة بغداد سنة 1973 ، للحصول على كثير من التفاصيل حول هذا الموضوع .
لقد تضمنت الاوراق المنشورة رسائل شخصية ، ومذكرات متبادلة بين ناجي شوكت من جهة وكل من فيصل الاول 1921-1933 ونوري السعيد وياسين الهاشمي ونصرت الفارسي وأرشد العمري وعلي محمود الشيخ علي .كما حوت مذكرتين متبادلتين بين الملك فيصل الاول والمندوب السامي البريطاني حول :" أزمة القصر الملكي في الموصل سنة 1937 " .
وتضمنت كذلك نشر بعض الوثائق البريطانية التي ورد فيها إسم ناجي شوكت ، والتي تزيح الستار عن "تدخلات السفارة البريطانية في شؤون العراق الداخلية " في تلك الفترة .
لقد ساعد نشر هذه الوثائق في تقويم مرحلة بالغة الحساسية في تاريخ العراق وعلى الرغم من أهمية العمل الذي قام به المحققان ، إلا ان لدينا بعض الملاحظات البسيطة منها :
• في الصفحة (228 ) يشير الاستاذان المحققان الى أن أرشد العمري هو أحد مؤسسي "جمعية الدفاع الوطني في الموصل " وانها تأسست سنة 1934 والصحيح أن الجمعية أن الجمعية المذكورة تأسست بين 25-27 كانون الثاني سنة 1925 إثر مطالبة تركيا بعائدية ولاية الموصل .
• في الصفحة (132 ) يردد المحققان الكريمان إصطلاح "الشعوب العربية " والاصح أن نقول الشعب العربي . كان على المحققان ان يستخدما اسماء الاشهر المتعارف عليها في العراق الى جانب أسماء الاشهر المتعارف عليها في مصر تأمينا للفائدة وتسهيلا لها .
• كان من المستحسن نشر جواب وملاحظات ناجي شوكت على الكثير من الرسائل التي كان يستلمها من السياسيين العراقيين .كما كان من الافضل كتابة "ملاحظات الملك فيصل الواردة في الصفحات 113و114 و115 بالحروف الطباعية لتسهل قراءتها .
ومهما يكن من أمر ،فأن الباحث في تاريخ العراق المعاصر سيجد في هذا العمل التوثيقي مبتغاه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق