ليـس من شك في أن الصحافة وسيلة مهمـة من وسائل الشعب للتعبير عن مطامحه واهتماماته،فمما تسطره من مقالات نستطيع تلمس آراء الناس ومشكلاتهم واتجاهاتهم وسلبيات واقعهـم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي . وفي الحقيقة أن الصحافة العراقية منذ نشأتها عكست ذلك ، ففي المجال السياسي قدّمت جريدة الزوراء التي صدر عددها الأول في 15 حزيران 1869 صورة صادقة لمشروع مدحت باشا في مجال تحديث العراق وأشارت في أعدادها الأولى إلى أن صدورها يأتي استجابة لرغبة الوالي في الإصلاح ، وان هدفها تنبيه الشعب إلى حقوقه . وبعد الانقلاب العثماني سنة 1908 دخلت الصحافة العراقية مرحلة مهمة من تاريخها،إذ صدرت بعد اعلان الدستور (25) صحيفة ومجلة منها (19) جريدة ومجلة في بغداد وحدها . وقد رحبت الصحف التي صدرت في بغداد بالدستور ، وسجلت مواقف جريئة في نقد أوضاع العراق ، وأصبح مفهوم الصحافة السائد آنذاك أن الصحيفة من " أقوى الوسائل لبث الصلاح في الأمة " وأنها " المحرك الأولى إلى الارتقاء في سلم النجاح " وأنها يمكن أن " تُعنى بنصرة المظلوم ، والأخذ بيد المحروم " ، وكان لهذا المفهوم أثره في الفنون الكتابية نفسها ، إذ ازدهر المقال الانتقادي والكلمة الاجتماعية الموجهة ، ومن أبرز صفات المقالة الصحفية قبيل الحرب العالمية الأولى وجود العناوين ، وتضمين الشعر والحكم والآيات القرآنية ، وانعدام الترقيم ، وانتشار بعض الكلمات والمفاهيم والمصطلحات الجديدة .
وكان من أبرز الصحف التي صدرت ببغداد قبيل الحرب العالمية الأولى جريدة الرقيب التي صدر عددها الأول في 28 كانون الثاني 1909، وكان لها تأثير كبير في الحياة السياسية في العراق بفضل صراحة ووطنية صاحبها عبد اللطيف ثنيان ، وهو من الأدباء المعروفين . وقد لاقت الجريدة من الاقبال والرواج ما لم تنله أية جريدة أخرى آنذاك ، غير أن والي بغداد ناظم باشا لم يتحمل صراحة هـذه الجريدة ، وهـدد صاحبها بعد إن تعـرض لانتقاد أعمال الحكومة .
أما جريدة صدى بابل التي أصدرها المعلم داؤد صليوا الموصلي في بغداد في 13 آب 1909 فقد كانت في مقالاتها " من العوامل المحفزة للأخذ بأسباب التقدم كما وقفت مواقف مشرفة في مجال إثارة القرّاء والتأكيد على المطالبة بحقوقهم وإصلاح أوضاعهم " ، وشهدت جريدة النهضة البغدادية التي صدرت في 3 تشرين الأول 1913 على إبراز شخصية الأمة العربية وكيانها السياسي ونادت بحقوق العرب . وفي الموصل أسهمت جريدتي نينوى التي صدرت في 15 تموز 1909، والنجاح التي صدرت في 12 تشرين الثاني 1910 ، في إيقاظ المثقفين الموصليين وتحفيزهم على ممارسة حقوقهم ، وكذلك أكدت الصحيفتين على ضرورة نشر الوعي بأهمية الدستور والتمسك به وعملتا على تكوين وعي دستوري بين القرّاء .
وكانت الصحافة العراقية خلال هذه الفترة ، أداة للتعبير عن الشعور القومي العربي ، فحين وقع الاعتداء الإيطالي على ليبيا في أيلول 1911 ، نشرت مقابلات عديدة دعت فيها ابناء الوطن إلى التطوع ، ومقاومة العدوان ، وجمع الاعانات للمجاهدين الليبيين .
كما أسهمت الصحف كذلك في التوعية الانتخابية ونشرت مقالات حول ضرورة اجراء انتخابات حرة ، وضمان الحرية للمنتخبين ، ودعت إلى انتخاب الشخص الذي ينفع البلد ويعمل على رقيه وتقدمه .
وعكست صحف البصرة ، كالدستور التي صدرت في 22 كانون الثاني 1912 الوضع السياسي في البصرة ، وخاصة حينما أصبحت البصرة مركزاً من مراكز الحركة القومية العربية المعارضة لحكم الاتحاديين ، وقد أثارت مقالات هذه الجريدة قطاعات واسعة من الشعب ، فاشتدت المعارضة بزعامة السيد طالب النقيب الذي ألّف جمعية الاصلاح والتي طرحت سنة 1913 برنامجاً اصلاحياً متطوراً ذات بعد قومي .
لقد أسهمت الصحف والمجلات التي صدرت خلال المدةة من 1908 و 1914 في حركة اليقظة التي شهدها العراق ، واتصف بعضها بالجرأة والاخلاص للقضية الوطنية ، مما عرّض الكثير من أصحابها لمشكلات كثيرة ، خاصةً وإنها كانت تعمل تحت ظل حكومة سيطر على تصرفاتها الاستبداد في كثيرٍ من الأحيان.هذا فضلاً عن الصعوبات الفنية للطباعة، وقلّة القرّاء بسبب تأخر الثقافة وانتشار الأمية ، وتعرض الصحف للتعطيل خلال الحرب العالمية الأولى وتشريد أصحابها وقيام السلطات العثمانية بإصدار صحف مؤيدة لسياستها في التحالف مع الدول المركزية ، ومع هذا فقد قامت الصحافة بدور لا يستهان به في تيقظ الأفكار ، وتوسيع أفق القرّاء بخصوص ما يجري في العالم الذي يعيشون فيه ، من حركات سياسية واجتماعية ، وقد صحب ازدياد الوعي الفكري في العراق نتيجة لجهود الصحافة وغيرها من وسائل التثقيف اتساع في دائرة الوعي السياسي في البلاد .............................ابراهيم العلاف
(5 صور)وكان من أبرز الصحف التي صدرت ببغداد قبيل الحرب العالمية الأولى جريدة الرقيب التي صدر عددها الأول في 28 كانون الثاني 1909، وكان لها تأثير كبير في الحياة السياسية في العراق بفضل صراحة ووطنية صاحبها عبد اللطيف ثنيان ، وهو من الأدباء المعروفين . وقد لاقت الجريدة من الاقبال والرواج ما لم تنله أية جريدة أخرى آنذاك ، غير أن والي بغداد ناظم باشا لم يتحمل صراحة هـذه الجريدة ، وهـدد صاحبها بعد إن تعـرض لانتقاد أعمال الحكومة .
أما جريدة صدى بابل التي أصدرها المعلم داؤد صليوا الموصلي في بغداد في 13 آب 1909 فقد كانت في مقالاتها " من العوامل المحفزة للأخذ بأسباب التقدم كما وقفت مواقف مشرفة في مجال إثارة القرّاء والتأكيد على المطالبة بحقوقهم وإصلاح أوضاعهم " ، وشهدت جريدة النهضة البغدادية التي صدرت في 3 تشرين الأول 1913 على إبراز شخصية الأمة العربية وكيانها السياسي ونادت بحقوق العرب . وفي الموصل أسهمت جريدتي نينوى التي صدرت في 15 تموز 1909، والنجاح التي صدرت في 12 تشرين الثاني 1910 ، في إيقاظ المثقفين الموصليين وتحفيزهم على ممارسة حقوقهم ، وكذلك أكدت الصحيفتين على ضرورة نشر الوعي بأهمية الدستور والتمسك به وعملتا على تكوين وعي دستوري بين القرّاء .
وكانت الصحافة العراقية خلال هذه الفترة ، أداة للتعبير عن الشعور القومي العربي ، فحين وقع الاعتداء الإيطالي على ليبيا في أيلول 1911 ، نشرت مقابلات عديدة دعت فيها ابناء الوطن إلى التطوع ، ومقاومة العدوان ، وجمع الاعانات للمجاهدين الليبيين .
كما أسهمت الصحف كذلك في التوعية الانتخابية ونشرت مقالات حول ضرورة اجراء انتخابات حرة ، وضمان الحرية للمنتخبين ، ودعت إلى انتخاب الشخص الذي ينفع البلد ويعمل على رقيه وتقدمه .
وعكست صحف البصرة ، كالدستور التي صدرت في 22 كانون الثاني 1912 الوضع السياسي في البصرة ، وخاصة حينما أصبحت البصرة مركزاً من مراكز الحركة القومية العربية المعارضة لحكم الاتحاديين ، وقد أثارت مقالات هذه الجريدة قطاعات واسعة من الشعب ، فاشتدت المعارضة بزعامة السيد طالب النقيب الذي ألّف جمعية الاصلاح والتي طرحت سنة 1913 برنامجاً اصلاحياً متطوراً ذات بعد قومي .
لقد أسهمت الصحف والمجلات التي صدرت خلال المدةة من 1908 و 1914 في حركة اليقظة التي شهدها العراق ، واتصف بعضها بالجرأة والاخلاص للقضية الوطنية ، مما عرّض الكثير من أصحابها لمشكلات كثيرة ، خاصةً وإنها كانت تعمل تحت ظل حكومة سيطر على تصرفاتها الاستبداد في كثيرٍ من الأحيان.هذا فضلاً عن الصعوبات الفنية للطباعة، وقلّة القرّاء بسبب تأخر الثقافة وانتشار الأمية ، وتعرض الصحف للتعطيل خلال الحرب العالمية الأولى وتشريد أصحابها وقيام السلطات العثمانية بإصدار صحف مؤيدة لسياستها في التحالف مع الدول المركزية ، ومع هذا فقد قامت الصحافة بدور لا يستهان به في تيقظ الأفكار ، وتوسيع أفق القرّاء بخصوص ما يجري في العالم الذي يعيشون فيه ، من حركات سياسية واجتماعية ، وقد صحب ازدياد الوعي الفكري في العراق نتيجة لجهود الصحافة وغيرها من وسائل التثقيف اتساع في دائرة الوعي السياسي في البلاد .............................ابراهيم العلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق