عادات وتقاليد شعبية موصلية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
مدينة الموصل مدينة تاريخية موغلة في القدم ، وهي ودمشق اقدم مدينتين مأهولتين بالسكن منذ ان وجدا على ظهر الارض لم ينقطع السكن فيها ابدا وطوال العصور واهل الموصل لهم عادات وتقاليد خاصة بهم فضلا عن انهم يشتركون مع ابناء العراق والمنطقة اقصد اقليم الجزيرة بكثير من العادات والتقاليد .
والعادات والتقاليد الشعبية الموصلية تختلف احيانا من محلة الى اخرى كما انها تختلف في المدينة نفسها وايضا هناك في الموصل عناصر من العرب والاكراد والتركمان والايزيدية والشبك والكاكائيين ولهم تقاليد شعبية خاصة كما ان للمسلمين تقاليد وعادات وللمسيحيين عادات وهكذا فالموصل عراق مصغر فيه من العادات والتقاليد الشعبية ما نحتاج الى مجلدات لكي نتحدث عنها .
واهل الموصل معروفون بحبهم للحياة وكونهم فرديين ومتحضرين ومنضبطين يحبون القانون ويقفون دوما مع الدولة لان فقدان الدولة – بنظرهم – يعني الانفلات والفوضى .
واهل الموصل في عاداتهم وتقاليدهم يحبون الغريب ويحتضنونه لهذا قال البلدانيون والمؤرخون العرب والمسلمين ان فيهم حب للغريب اي في اهل الموصل حب للغريب .
واهل الموصل يميلون الى الطبيعة والتنزه في جنباتها لهذا فإنهم يحرصون على الخروج من البيت عصرا وليلا الى البراري او الى المناطق السياحية الجميلة وهم مثقلين بما يحتاجونه من طعام وشراب وكرزات ومكسرات .
واهل الموصل لهم تقاليدهم في الاعياد الدينية وخاصة عيدي الفطر والاضحى فهم يهيئون ما يسمونه (الكليجة ) و(الحجي بادة ) و(الشكرلمة ) و(السودة) و(البقلاوة) ويختفلون بقدوم العيد ولهم اغاني خاصة يستقبلون فيها العيد .
وللموصليين تقاليد في الزواج وكانت تقاليدهم قبل 100 سنة جميلة فهم ينقلون اثاث بيت الزوجية بالعربات والرجال يتقدمون هذه العربات شاهرين خناجرهم وهم يرددون (صدغو من الباغود منقب ) دلالة على شجاعته واقدامه . وعادة كان موكب الحمالي (الحمالة) يسير والرجال يطلقون هوساتهم ومنها :
ياجمال الحك بان النا
ياجمال الحك بان النا
لو هلهلتي يا ام ثوب ادعم
والهلهولا ال ويلاد العم
وكانوا يحبذون زواج الاقارب ابنة العم او ابنة الخال او ابنة الخالة .
وهناك طقوس كثيرة ترافق الزواج منها ايام الخطبة وليلة الدخلة والصبحية والاربعة ايام والسبعة ايام .
وتقوم النسوة باطلاق الزغاريد (الهلاهل) وعند دخول العروس تُكسر (شربة ماء فارغة ) تحت اقدامها ويقومون بلصق عجينة في سقف البيت وعندما تقع العجينة على الارض تكون العروس قد اخذت مكانتها اللائقة كمرأة تعمل في البيت وانتهت فترة عرسها .
وعادات الموصليين في رمضان معروفة من حيت الاستعداد للصيام وتجول الاطفال على البيوت مرددين (ماجينا ياماجينا حل الكيس واعطينا ) والمسحرجي معروف والسهر حتى السحور والبقاء في المقاهي لسماع العنتريات .
وللموصليين تقاليد في مراسيم العزاء من حيث اقامة الفواتح في المحلة والنساء يلبسن ملابس السواد ولمدة سنة كما تمتنع زوجة المتوفى عن الخروج من البيت لمدة اربعين يوما اكمالا للعدة واحتراما للزوج .
ولنساء الموصل تقاليد وعادات في الخروج الى ما يسمونه (الصحغاء) اي المقابر لقراءة القرآن من قبل الملالي المنتشرين هناك واغلبهم من فاقدي البصر .
وللموصليين تقاليد في حالة ولادة الطفل وتقوم القابلة المأذونة بتوليد المرأة الحامل في البيت وثمة تقاليد تقوم بها القابلة كما تقوم بها النساء عندما يأتي الحامل موعد المخاض .
وتظل الاسرة الموصلية تحتفي بالطفل بعد مرور سنة وعند الختان ( الطهوغ) الذي يقوم به من يسمونهم في الموصل (الزعرتية) وال سيد مجيد حمو معروفون بعملهم كمطهرجية بارزون .
ومن عادات الموصل الاعداد للمؤونة (الموني ) وسابقا كان يهيئون البرغل والكشكا والمبرغلة ويضعون الخبز في الدن بالسرداب والان في المجمدة ترى كل شيء الخبز والباميا والبزاليا والطماطة وورق العنب واللحم بأنواعه وترى البيت الموصلي مليء بما قسمه الله .
واهل الموصل مهوسون بالنظافة وكانوا يرتادون الحمامات العامة الشعبية والان في كل بيت حمام . كما لبعض اهل الموصل اهتمام بالدجاج والطيور والكلاب والقطط يربونها ويعتنون بها .
ولأهل الموصل عادات وتقاليد عند بناء البيت و(بنيناك يااوده ) من حيث الاهتمام بهندسة البيت ووجود اواوين وحوش وسطه شجرة توت ( وعليه وغوزني وغرفة الخطاغ والسغداب والبيغ اي البئروالمزملي التي يوضع فيها السقاء الماء بناء على اتفاق مع اهل البيت وقبل ان تدخل اسالة الماء المدينة ) .
واهل الموصل لايكنسون في الليل بيوتهم لان الكنس فيه فأل فقدان احد افراد البيت وهم يحسبون للحسد حسابا ولديهم اوراد خاصة يستعينون بها لرد الحسد والحُساد ومنها قول رب العزة والجلال (قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر حاسد اذا حسد) .
كما يؤمن ابناء الموصل ببعض المعتقدات والطب الشعبي ويزورون مراقد الاولياء ويتبركون بهم مثل زيارتهم للشيخ فتحي وكانت هناك اسر اهتمت بالتطبيب من بعض الامراض ومنها ( المخبث) حيث بيت سيد توحي ، والتهاب العين حيث (سوساني ) وحتى الحيوانات المصابة فكان لديهم قبر الصحابي عامر الخثعمي في محلة المشاهدة وهو مرقد ابو الحواوين.
وللموصليين وخاصة لجداتنا العجائز حكايات شعبية يرونها للأولاد والاحفاد ومنها حكاية المطلقات السبع واحديدان وفريش الاكرع وبنت السلطان والداميي وغيرها حتى ان مؤرخنا المرحوم الاستاذ احمد علي الصوفي الف كتابا بعنوان ( حكايات الموصل الشعبية) .
وللموصليين تقاليد في استقبال الحجاج والمعتمرين وهم يكونون في اسعد ايامهم وهم يدعون للحاج او الحاجة او المعتمر بالعودة ان شاء الله .
ومن عادات الموصليين عند احتباس المطر الخروج الى تل النبي يونس حيث جامع النبي يونس وممارسة دعاء وصلاة الاستسقاء . وينتشر الاطفال في الشوارع وهم يرددون (ام الغيث غيثينا لوما المطر ماجينا ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق