الأحد، 8 ديسمبر 2024

قضايا وخفايا كتاب للواء الشرطة طارق متعب أحمد


 



قضايا وخفايا كتاب للواء الشرطة طارق متعب أحمد
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
حين توفي لواء الشرطة المتقاعد طارق متعب أحمد 1948-2022 كتبت اقول :"أنعي اليكم الاخ والصديق العزيز لواء الشرطة المتقاعد الاستاذ طارق متعب احمد الذي وافاه الاجل يوم الخميس 3 من آذار الجاري 2022 رحمة الله عليه وطيب ثراه وجزاه خيرا على ماقدم لبلده خلال حياته وقبل فترة ارسل لي كتاب ذكرياته الموسوم ( ضحايا وخفايا ..جرائم غامضة وحوادث في ذاكرة رجل شرطة 1965-1994) . عمل مديرا لشرطة بغداد وخمس محافظات عراقية وكان مهنيا محترفا خبيرا في كشف الكثير من الجرائم الغامضة تمتع بخلق قويم وثقافة راقية . أُعزي بوفاته اهله ومحبيه .وعن كتابه كتبت في حينه : بين يدي الان نسخة من الكتاب الرائع الذي ألفه الاخ اللواء طارق متعب احمد وقد وصلتني منه نسخة من المؤلف ، وانا اشكره جدا ، خاصة وانه وشح كتابه هذا بعبارات الاهداء الجميلة .
الكتاب بعنوان : ( ضحايا وخفايا جرائم غامضة وحوادث في ذاكرة رجل شرطة 1965 -1994 ) . وقد صدر عن ( دار سطور ببغداد للنشر والتوزيع ) ، ويقع الكتاب في (525 ) صفحة .
ويقينا ان الكتاب سيكون من المصادر المهمة التي تتناول اوضاع العراق الاجتماعية خلال ثلاثة عقود مهمة ابتدأت بالستينات وانتهت بالتسعينات من القرن الماضي حيث شهد العراق أحداثا وجرائما ذهب ضحيتها اناس .
وكان للاخ اللواء طارق وهو يعمل مديرا لشرطة بغداد ومديرا لشرطة نينوى ومديرا لاربع محافظات اخرى ومديرا لمكافحة الاجرام ومعاونا لمدير الشرطة العام دور مهم في الكشف عن عدد من تلك الجرائم بالرغم من غموض بعضها ، وحساسية بعضها الاخر .
وانا اتصفح الكتاب ، وجدت الرجل يوثق كل صغيرة وكبيرة من جوانب ما قام به وما قدمه على مستوى التحقيقات . وجاء ذلك بعد ان وضع تلك الاحداث في أطرها الزمانية والمكانية وبلغة رشيقة تدل على تمكن واقتدار راح يتحدث عن أبرز قصص تلك الجرائم التي تمكن هو واخوانه من اعضاء فرق العمل التحقيقية من سبر غورها وكشفها - كما يقول اللواء عبد المحسن خليل مدير الشرطة العام ووكيل وزارة الداخلية الاسبق في تقديمه الجميل للكتاب .
مما يجعل للكتاب قيمة علمية ، أن مؤلفه عمل في مهام حساسة منها مثلا مدير مكافحة الاجرام في الموصل وكلنا يعرف كيف ان ادارته كانت على درجة عالية من التنظيم والحزم والابداع .
ولم يتردد اللواء طارق متعب في ان يستعين بأساتذة علوم الاجتماع والاجرام والنفس والقانون والاحصاء اثناء عمله ليشكل لجان التحليل الجنائي . ومن حسن الحظ ان هذه اللجان كانت تستعين بالجمهور ، وتعميق دوره في منع الجرائم قبل وقوعها وقد سرد كل ما عمله وانخرط به من عمل وقدم في الكتاب خلاصات تجربته وانجازاته من خلال عمله القيادي في المحافظات التي ادارها بكفاءة عاية جدا .
الجرائم التي تحدث عنها ليست الجرائم البسيطة ، وانما الجرائم المسماة جرائم رأي عام بمعنى الجرائم التي كانت تثير الرأي العام سواء في اسلوب إرتكابها ، أو في تأثيراتها الاجتماعية والنفسية وكان الرجل مجتهدا في الحوادث التي تتطلب الاجتهاد مع عدم اغفاله للاطر القانوية التي كان يرى بعضها جامدة في قدرتها على استيعاب خفايا الجريمة .
نعم كان اللواء طارق متعب واحدا من أبرز رموز العمل الشرطوي والامني في العراق .. وكثيرا ما كان يعيش الجرائم ويقلب حيثياتها ليل نهار فعمله لم يكن روتينيا بل عمل يحتاج الى خبرات في علوم كثيرة ومما عقد بعضا من اساليبه في كشف الجرائم ان بعضا ان امكانيات الدوائر التي عمل فيها كانت غير متناسبة مع حجم ما أوكل لها من مهام فضلا عن الاوامر المزاجية التي كانت تصدر له من الاجهزة الادارية العليا .
ومما أسعدني وافرحني حقا ان اللواء طارق متعب ابتدأ كتابه بالوقوف عند المحطات الاولى في حياته ابتداءا من ولادته في محلة باب المسجد في الموصل .كان والده عسكريا بدرجة نائب ضابط لكنه كان ابا حنونا ملتزما أصر على تربية اولاده على الانضباط والحزم وحب الحياة والعمل من أجل ان يتركوا بصمة في جدار بلدهم العراق ومدينتهم الموصل فإخوته ومنهم اللواء الركن خالد متعب والعميد قوات خاصة هاني والموظف في وزارة الصحة ازهر والبروفيسور في جامعة الموصل مروان كانوا مثالا في الجد والاخلاص والنزاهة .
كان لاسرته أُسرة احمد ال سيد ، امتداد عشائري فهم من فخذ العكلي من الجبور وكمجايليه احب الشعر والادب والقراءة منذ بواكير حياته .
درس في الاعدادية المركزية وهي نفسها (موصل اعدادي سي مكتبي ) اول ثانوية في الموصل كتبت عنها بحثا وترجع في تأسيسها الى اواخر القرن التاسع عشر .وممن درسه الاستاذ الدكتور فيما بعد الشيخ احمد الكبيسي والاستاذ محمد سعيد حمو وهكذا يمضي في وصف رحلته حتى دخوله كلية الشرطة وتخرجه وتعيينه وتدرجه في الوظائف .
لا اريد ان افسد على القارئ متعة الاطلاع على الكتاب الذي يتألف من تسعة فصول هي على التوالي :ادارته لمديرية شرطة بغداد 1991-1994 -ادارته لمديرية شرطة السليمانية 1981-1983 - ادارته لمديرية شرطة كركوك 1983-1987- تسنمه منصب معاون مدير الشرطة العام 1987-1988 - عمله مديرا لشرطة نينوى 1988-1990 .
وفي الكتاب صور مهمة كما ان في غضون هذه الفصول تفاصيل عن جرائم حقق فيها ووصل الى نتائج مبهرة وقسم من هذه الجرائم هزت العراق .
وقد اعجبني في الكتاب ان مؤلفه الاخ والصديق اللواء طارق متعب لم يضع خطا أحمرا ، وانما كتب في كل ما يمكن ان يراه البعض شيئا محرما لايمكن في هذه المرحلة تناوله وهذا - بدون شك- أعطى للكتاب مصداقية علمية فريدة .
رحم الله لواءالشرطة طارق متعب وجزاه حيرا على ماقدم . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الممثل الكوميدي المصري الكبير احمد راتب في ذكرى وفاته الثامنة

الممثل الكوميدي المصري الكبير احمد راتب في ذكرى وفاته الثامنة  - ابراهيم العلاف وهو ممثل ملتزم والكوميديا لديه رسالة رسالة بناء قيمية واخلاق...