بديع الزمان الهمذاني ومقاماته
- ابراهيم العلاف
وكما وعدتكم في ان اتحدث لكم في كل يوم عن شاعر ، واقول انني اعود الى كتب تاريخ الادب العربي منها الكتاب الذي الفه الاستاذ حنا فاخوري والكتاب الذي الفه البروفيسور كارل بروكلمان والكتاب الذي الفه الدكتور عمر فروخ فضلا عن المصادر العديدة ومنها الكترونية ومنها ورقية .
واليوم سأقف عن بديع الزمان الهمذاني ( 969-1007 ميلادية 358-398 هجرية ) ، واقول انه ابو الفضل احمد بن الحسين المعروف ب(بديع الزمان الهمذاني) ولد في همذان ، والتقى في خوارزم ابا بكر الخوارزمي . كما التقى شيخه ابن فارس اللغوي في فارس ، ورحل الى مناطق عديدة من العالم الاسلامي ، وتوقف في هرات بافغانستان ، وصاهر ابا علي الحسين بن محمد الخشنامي فانتعشت اوضاعه واثرى وصار يمتلك ضياعا واجتهد في وضع المقامات وله (51) مقامة طبعت في استانبول وفي بيروت سنة 1889 وتناولت موضوعات ادبية ولغوية وكلامية واخبارية ، ومن رواها هو ( عيسى بن هشام ) ، وهو رحالة ، وتاجر عاش حياته بالطول والعرض ، وبطل المقامات ابو الفتح الاسكندري وهورجل عاقل ومثقف وشاعر لكن الزمان تغير عليه فتحول الى صعلوك متسول وجعل حياته كلها سفر وترحال ومما قاله :
ويحك هذا الزمان زور ** فلا يغرنك الغرور
لا تلتزم حالة ولكن ** دُر بالليالي كما تدور
وابا الفتح قد تراه في (المقامة الخمرية) اماما يصلي بالناس وفي ( المقامة الساسانية ) زعيما لجماعة ، وفي ( المقامة القزوينية) متنكرا في زي مجاهد يخطب بالناس ويحثهم على قتال الروم وفي ( المقامة القردية) يرقص قردة ويُضحك الناس وفي ( المقامة الموصلية ) ، يدعي احياء الموتى ، وكشف الضر والبلاء ويبدو اننا هنا بإزاء الرحالة والصحفي والكاتب المعاصر المرحوم يونس بحري الموصلي .
كان الهمذاني يبتغي من وراء مقاماته ، هدفا تعليميا ، تربويا . واشار صاحب كتاب ( الفخري في الاداب السلطانية ) ابن الطقطقى، الى ان من يقرأ المقامات يتعلم ( الانشاء) أي كيف يكتب ، ويقف على مذاهب النظم والنثر لهذا نجد الهمذاني يكثر في مقاماته من استخدام اساليب البيان والبديع ويحملها معان لغوية وعروضية وبيانية وقد تتسع لقصص طريفة استقاها من واقع الحياة .والمقامة في جانب من جوانبها ، (شبه قصة قصيرة) ، تدور حول ( بطل) يروي اخباره وممارساته في الاحتيال والتمويه ومواجهة الواقع والتحديات ، وهي مناسبة لاظهار القدرة في التخلص من المشاكل ، والمآزق وباسلوب خاص .والمقامة اسم للمجلس او للجماعة من الناس ، يجتمعون فيسمعون ، وفي اخبار بديع الزمان الهمذاني ، انه كان يختتم مجلسه وغالبا ما كان يقام في نيسابور بقصة وهي المقامات وهو عندما كان يقول مقامات فإنما كان يقصد المجالس والرجال مقامات .ويؤكد البروفيسور كارل بروكلمان ان المقامات كانت موجودة في عصر الجاهلية عند العرب وغالبا ما تُقرن الشعر باخبار الواقع المعاش ، او الوقائع التاريخية القديمة ، لكنها للاسف في القرن 19 انحدرت الى مستوى متدن يصل بها الى الاستجداء والكدية لكنها كانت عند بديع الزمان الهمذاني ، وعند ابو محمد القاسم بن علي الحريري 1054-1222 ميلادية الى مستويات فنية راقية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق