الفكر في منطقتنا العربية
- ابراهيم العلاف
لم يكن الاستاذ الدكتور فؤاد زكريا الكاتب والاكاديمي واستاذ الفلسفة المصري الكبير رحمه الله مخطئا حين قال في مقالةله بمجلة الفكر المعاصر المصرية فبراير - شباط 1964 : أننا في المنطقةالعربية ليس لدينا مفكرين حقيقيين بل كُتابا يشتغلون بقضايا الفكر والثقافة .
واعلق واقول :"هل لدينا مفكرا مثل جون بول سارتر يرفض جائزة نوبل ؟هل لدينا مفكرا مثل برتراند رسل ، له موقف معادِ لحرب مثل حرب فيتنام ؟ هل لدينا مفكر يقدم مشروعا فكريا للنهوض بعيدا عن السلطة والاحزاب والكتل والتجمعات السياسية الموجودة على الساحة العربية . مواقف جون بول سارتر وبرتراند رسل ومن قبلها مواقف ليوبولد رانكة وفردريك هيغل وآرنولد توينبي ...تلك المواقف كمثال فقط ، تؤكد دور المفكر في المجتمع ، وتنبه المجتمع الى أهمية وظيفة الفكر والاكثر من هذا تجعل من الفكر (سلطة) في المجتمع لاتقل اهمية عن السلطات الاخرى .مواقف من سموا (مفكرين) عندنا (مائعة) ، و(مصلحية) وفي اللحظات الحاسمة نجد من يدعي الفكر خائفا ، ومتراجعا ان لم يكن يشعر انه مقيدا ومكبلا يقول شيئا ، ويخاف اشياء .العقل العربي لم يصل الى الجذور ، ولم يمارس التفكير المنطقي ، ولم يتخلص من الاساطير ، والماضوية ، والخرافات وهو ما يزال يتخبط بين التيارات الفكرية والسياسية الغربية المتداولة لا بل انه يفتقد المنهج والموضوعية ويواجه الفراغ في ايجاد الحلول لمشكلاتنا وازماتنا الفكرية .ما نقصدهم اصبحوا عاجزين عن الدفاع عن وجودهم ، وهويتهم اقصد العرب .الاسلامويون ، والقوميون ، وحتى الليبراليون ، والاشتراكيون، أصبحوا عاجزين عن ان يتبنوا (مشروعا نهضويا واسعا وحقيقيا) ، والاغرب من هذا انهم انقطعوا عن التواصل مع مفكري القرن 19 ومنهم الكواكبي والطهطاوي وقاسم امين والزهاوي .. اقصد نهضة التنوير وتراجع فكرهم الى الماضوية وباتت افكارهم مستمدة من عصور ماضية ولم يعد لديهم رؤية لا لحاضرهم ولا لمستقبلهم .
اننا ازاء ازمة قكرية واضحة المعالم والقسمات ، فلا نحن حافظنا على هويتنا واصالتنا ولا نحن تبنينا ما يسمى بمدنية الغرب (ضاعت لحانا بين حانة ومانة) .
وللاسف افتقدنا التواصل مع التوجه العقلي في تراثنا العربي الاسلامي واصبح الكثيرون معادون للعقل بحجة انه يتضارب مع الموروثات والعقيدة ، ولم نعد نتسائل ، ولم نعد ننقد ، ولم نعد نفكر بما يعيقنا .. المهم ان نعيش لحظتنا وندافع عن انسنا ، وما نحتاجه لنتجاوز كل هذا (مشروع عربي قومي حضاري مستقبلي ) يعتمد خططا ، واستراتيجيات خالصة مستقلة عن الاغراب ، والاجانب ، وبعيدة عن ما يعيقنا من الممارسات والسفسطات والترهات .
الفكر هو وسيلتنا للنهوض .. ان نتفق على النهوض من اجل البناء ، والاعمار ، وخلق الرفاهية ، والاستقرار ، وعندما نتغير من الداخل ، ستتغير كل اوضاعنا وسنتقدم . وعندئذ سوف نشعر اننا قادرون على بناء مستقبلنا الحضاري والنهضوي بكل ابعاده وفي كل محاوره " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق