الأربعاء، 25 ديسمبر 2024

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة


 



عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة
-ابراهيم العلاف
ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ له منذ سنين طويلة ، واقرأ واتابع كل ما يكتب عنه ، وما زلت اتذكر ان جريدة ( المشرق ) البغداديةبعددها الصادر في 29 من ايلول - سبتمبر 2009 ، اصدرت عنه ملفا خاصا .
وممن كتب في هذا الملف الاستاذ خليل صويلح ؛ كتب عن ما اسماه اسرار الكتابة ووقف عند كتاب عبد الستار ناصر الذي صدر عن (دار فضاءات - عمان) بعنوان (الهجرة نحو الامس) ، وقال ان القاص والروائي عبد الستار ناصر يمزج في هذا الكتاب ، بين سيرة النص المكتوب وحياته . ومن خلال تجربة شخصية تمتد لاربعة عقود فهو من مواليد محلة الطاطران ببغداد سنة 1947 ولاريب في أن في هذه الحياة مسرات واوجاع .في محلة الطاطران وهي اقرب الى الخربة يقرأ روايات (ارسين لوبين) ويعده افضل معلم ، ويحاول تقليده ، ولا يتردد في فضح المحرمات ويقول عبدالستار ناصر في كتابه هذا :" بداياتي مدهشة باوجاعها ، وافلاسها ، وزينة اخطائها فقد ولدت في محلة ازدحمت بالزنا السري " ، علاقة مع مومس غيّرت مجرى حياته ورمته الى عالم الكتابة وكتب قصته الاولى وعمره 15 سنة وكان عنوانها (الرغبةفي وقت متأخر) نشرت سنة 1969 ومن الطريف ان الكاتب الفلسطيني الراحل غسان كنفاني كتب عنها ، وقال " ان من كتبها يجوس بفانوسه عالم الطابق السفلي من المدينة " ، وعد كاتب تلك القصة واحدا من احسن كتاب القصة القصيرة .
ويعترف عبد الستار ناصر انه - وبسبب هذه القصة- تعرض للشتائم ، ولكنه يقول كمقامر لم يأبه بكل هذا واضاف انه بقي سنة كاملة في قبو للاستخبارات العراقية .يقول كان يكتب جملة من القصة ويعود ليحفظها خوفا من نسيان مفرداتها وفي جريدة (بابل) في فترةالحصار في التسعينات كتب مقالة بعنوان (جمعية الشحاذين) اثارت إمتعاض الكثيرين ممن حاولوا تشويه سمعته ، وخرج من بغداد الى العاصمة الاردنية عمان وكتب له الشاعر علي جعفر العلاق وقال له :"الى الصديق المحاط بالزوابع دوما" .
ويعترف عبد الستار ناصر بأن كل تلك الكتابات لم تنقذه من الوحشة والعزلة والانتحار وكان يتصور نفسه دوما على انه كاتب فاشل مع انه كتب اكثر من ( 40 ) كتابا في القصة والرواية والنقد لكنه للاسف لم يجد (الخلاص) ، وهو يعترف في نهاية الرحلة بأنه : اذا ما هاجر نحو الامس يوما ؛ فسيشطب نصف ما كتب دونما ندم .
ويظل عبد الستار ناصر القاص والروائي والكاتب المبدع ، حاضرا بيننا .. كان بارعا في الكتابة، ورائعا في ابراز هموم الانسان وتطلعاته . كان كاتبا ملتزما ، متنورا ، تقدميا ، ويردد دوما :" الكتابة بلا هدف من قلة الادب" هكذا هو عبد الستار ناصر هكذا كان وسيبقى كما كان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...