بيت
آل زيادة في باب البيض في الموصل
ا.د.
ابراهيم خليل العلاف
استاذ
التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
في
الثمانينات من القرن الماضي ، وعندما كنتُ رئيسا لجمعية المؤرخين والاثاريين
العراقيين فرع نينوى ، عرضت علينا المؤسسة العامة للآثار والتراث في الموصل بيت
اثري قديم يقع في محلة باب البيض ، ليكون مقرا للجمعية وقد زرته آنذاك ووجدته من
اهم البيوت الموصلية شكلا وريازة وزخرفة ومرافقا واستعمالات ووظيفة .
وكثيرا
ما تحدثت مع الاخ الكبير الاستاذ يوسف ذنون شيخ الخطاطين الموصليين عن هذا البيت
واقصد ( بيت آل زيادة ) التاريخي الاثري الذي يعود الى سنة 1870 ميلادية (1287 )
هجرية اي ان عمره اليوم 2018 ( 148 ) سنة وقد قال لي الاستاذ يوسف ذنون انه وفريق
مكتب الانشاءات الهندسي في الموصل قد وثق هذا البيت سنة 1982 في كتاب بعنوان (
العمائر السكنية في مدينة الموصل ) وان من عمل معه المهندس المعماري الاستاذ احمد
مجيد ملا شريف والمهندس الاستشاري عبد الكريم الصائغ ومعهم نخبة من طلبة كلية
الهندسة في جامعة الموصل .
نعود
الى بيت آل زيادة ولااعرف اليوم ماذا حل به من خراب خلال حرب تحرير الموصل ، فأقول
انه سمي كذلك نسبة الى الحاج زيادة بن صالح بن الحاج حسين 1879-1955 . وقد ورثه عن ابيه وان
بناءه يعود الى حدود سنة 1870 وقد استملكته المؤسسة العامة للأثار والتراث اواخر
سنة 1981 . والبيت يقع في محلة باب البيض بالجانب الايمن من مدينة الموصل وهي محلة
عريقة كان فيها احد ابواب مدينة الموصل الرئيسية ويحيط بالبيت من جهة الجنوب طريق
عام يقع على بقايا سور الموصل الذي يسميه الاهالي (البدن ) ، وكذلك من الشرق حيث
الزقاق المتعرج الذي يوصله الى الشارع الذي يربط شارع باب البيض بشارع نينوى في
محلة خزرج .
وعبر
هذا الشارع في الجهة المقابلة ، هناك جامع الزيواني ومسجد صغير اسمه مسجد الغرباء
.وفي الجهة الشمالية والغربية هناك مجموعة من الدور تجاوره والبيت مشيد فوق ارض
مساحتها قربة 534 متر مربع يتوسطه حوش ويحيط به البناء من كل جانب ؛ ففي الجنوب
هناك جناح مكون من سرداب فوقه ايوان وغرفتين وبجانب هذا الجناح جناح غربي يتكون من
رهرة وايوان وغرفتين ومجموعة من الاروقة وفي جهة البيت الشرقية مجموعة من الاروقة
وغرف ومطبخ وفي الطابق الثاني فوق الغرفة مجاز وقنطرة خارجية واربعة غرف واروقة
والمدخل الرئيس للبيت يقع في الجانب الشرقي والمدخل الثاني في الزقاق العام
الشمالي وثمة مدخل ثالث يقع في الجهة الشرقية كان يستخدم لاجخال الدواب الى
السرداب والحوش اي الفناء مستطيل تتوسطه بستان وهو مبلط بحجر الحلان وفي البيت اذا
اجنحة جنوبية وشمالية وشرقية واروقة وسراديب .
وقد
اعتمد الهيكل الانشائي على المواد التقليدية الشائعة في الموصل ومنها الجص والحجر
والحلان والصمان واضيفت النورة الى الاسس وفي العقد واستعمل المرمر كمادة للتزيين
في العناصر المعمارية المختلفة ومنها المداخل والاقواس والاعمدة والشبابيك
والواجهات والارضيات .
كما
تم استخدام الحلان وهو المرمر الموصلي الاسمر اللون لتبليط الحوش واستخدمت الاخشاب
في الشبابيك والمحجلات والدواليب واستخدم الفخار في الفراغات التي تحدثها العقد
وكذلك استخدمت الاصباغ في الزخارف التي كانت تزين الغرف.
ان
مما يجلب الانتباه في العناصر المعمارية لبيت ال زيادة ان مدخل البيت الرئيسي
مسقوف بقنطرة خارجية ، وان هناك تنوعا في مستويات السراديب والرهرات وثمة انسجام
تام بين الشكل المعماري والوظيفة . ويبدو ذلك في شكل عقدة المطبخ وان الزقاق
الخارجي مسقف بقنطرة تمت الاستفادة منها في انشاء جناح معماري مثلها وقد استخدمت
فتحات بعض الدواليب بششكل تمويهي كمداخل سرية الى بعض الخزانات على شكل مخابئ .
وهناك
سمة تميز بيت ال زيادة ، وهي ان البيت مبني على ارض مرتفعة في البناء مما خلق شكلا
واضحا ومميزا ومشرفا على جزء من المدينة .. ونظرا لهذا الموقع المميز والمثير الذي
يتمتع به بيت ال زيادة خاصة وان جداره الجنوبي يقع فوق سور الموصل القديم ولقربه
من موقع بوابة السور المعروفة بباب البيض والمزالة حاليا ، وكذلك لقربه من جامع
الزيواني الاثري ومسجد اخر قديم هو مسجد الغرباء ، وكذلك لقربه من عدد من المواقع
التراثية والاثرية منها مسجد الشيخ منصور وكنيسة شمعون الصفا وبيت اثري اخر هو بيت
عبدوني ، فإن الضرورة تقتضي ،
ونحن نعيد اعمار الموصل من جديد ان نعمل على
اعادة بناء البيت وترميمه واعادة بناء باب البيض الاثري وتطوير المنطقة المحيطة به
كلها وهذا يكون بإستملاك وازالة الاجزاء الواقعة في الجزء الشرقي وهي الدكاكين
المجاورة للمسجد ويمكن تحويل البيت الى مرفق سياحي مع المحافظة على طابعه التراثي
وتكويناته المعمارية .واعتقد ا ن هذه التوصيات ليس صعبا تنفيذها اذا توفرت الهمة
والرغبة في ان تعود الموصل الى سابق القها .
كتبتُها
لحساب قناة ( الموصلية) الفضائية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق