الاثنين، 20 يونيو 2022

قصر المطران في الموصل بقلم :الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف




























 



قصر المطران في الدندان

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وقصر المطران في الدندان او في نهاية شارع الدواسة بالجانب الايمن من مدينة الموصل واحد من القصور التاريخية عمره اليوم عند كتابة هذه السطور (172) سنة .  والقصر لايزال قائما .

والقصر بالأصل هو قصر نشأت بك بن إبراهيم أغا الجرجري  والد الدكتور المعروف أكرم نشأت (مواليد 1920) استاذ القانون الجنائي العراقي  وصاحب المؤلفات العديدة ، بُني القصر سنة 1850   وفيها اكثر من عشر غرف و(جنينة فسيحة) ، واشترى البيت من بعده المطران بهنام بني (توفي سنة 1915)  فنسب إليه .. والمطران المقصود هو  
(المطران ) ثم البطريارك اغناطيوس بهنام عبد الكريم بُني (1831-1897 ) من( آل بُني) الاسرة الموصلية المسيحية العريقة .وبعد وفاة المطران بهنام تحولت ملكيتة الى الوقف المسيحي وكانت مديرية الشرطة قد اجرته لفترة  واعتقد اجرته بعد ان عرض للايجار سنة 1927 . المطران بهنام بني الحق بالقصر كنيسة خلفه تضم أقواسا واعمدة عددها ( 11) عمودا وقوسا ، وفي القصر سرداب كبير مساحته بقدر مساحة القصر كله والقصر حمل حتى يومنا هذا اسم قصر المطران   .                       

مساحته تقريبا 1000 متر مربع ( القصر لوحده 400م2 ) ، ويتألف من طابقين وفيه أواوين  واعمدة  وهي ما نسميه (الدنك ) المرتفعة الى الاعلى  والاواوين ترتكز عليها والاواوين تنتشر في الطابق الارضي والطابق الاول وهي مثل الاواوين التي عرفها البيت الموصلي التقليدي وهي مبنية من المرمر الموصلي الازرق (الفغش) ؛  ففي داخل الاواوين تنتشر الغرف ومنها غرفة الديوان الكبيرة او ما نسميها غرفة الاستقبال (الخطار ) وتقع في الطابق الثاني من جهة اليمين .  وهناك امام الغرف ما نسميه ب(اليازلغ)  وفيه (سياج (محجل )من الحديد فيه زخارف جميلة  .

وللأسف القصر مهمل وتحولت اجزاء من واجهته الى دكاكين لبعض اهل المهن وخاصة  مصلحي الاطارات .

بوابة القصر الاصلية كانت من الخشب وكانت جميلة جدا وكبيرة شأنها شأن ابواب قصور الموصل حيث ان الباب الخشبي كان من الجوز وبسفاقتين ومزخرف لكن بمرور الزمن ولاسباب أمنية ولقدم الباب استبدل بباب حديدي  حديث كما ترون في الصور المرفقة وقد كتبت على الحائط الايمن  عبارة ( مبنى تراثي يمنع التجاوز) وبعد دخول القصر هناك قنطرة وهناك درج الى الطابق الاول وعدد الدرجات (20) درجة . وفي الطابق الاول توجد كل المرفقات البيتية التي يحتاجها الانسان مثلها مثل ما هو موجود في الطاب الارضي . وكل الشبابيك محاطة بإطار من حجر الحلان الازرق أي الفغش وتصميم القصر بالنسبة للقرن 19 حيث بُني القصر يعتبر تصميما معماريا متقدما من حيث توزيع الغرف والفضائيات ومراعاة  التهوية والاضاءة . والغرف كلها مبنية بطريقة ما كان يسمى في الموصل ( العكادة ) وبالجص والعكادة أي (العقدة او اسلوب المهد المعماري وكان معروفا في الموصل  ) .

هناك مسألة لابد ان نشير اليها وهي ان القصر يقع في منطقة خصبة لهذا بدأ المطران بني  ومنذ سنة  1900 بشراء مساحات جديدة من الاراضي المجاورة للقصر واخذ يستثمرها من خلال زراعتها باشجار الفستق وكانت  المنطقة في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين مغطاة كلها باشجار الفستق  واشجار الزيتون والتي تمتد لمساحات كبيرة  وهكذا كان القصر مكانا يلجأ اليه الاهالي ايام الربيع للنزهة .طبعا الى جانب هذا بنى كنيسة للتعبد  وبنى مكتبة وغرف للقسيسين  ولمن يدير شؤون الكنيسة كما اشرت في المقال آنفا وكانت الكنيسة جميلة تحيط بها الحدائق الغناء من كل جانب وهذا كله ادى الى ان تضم المنطقة اعدادا من اهلنا المسيحيين وخاصة الارمن الذين استقروا فيها وبنوا دورهم الى جانبها . طبعا الكنيسة تلاشت والقصر يعاني من الخراب والاهمال وننتظر من المسؤولين في دائرة الاثار والتراث  الالتفات اليه وإعماره بإعتباره من معالم الموصل المعمارية والاثارية .

وثمة ما يجب ان نذكره بخصوص القصر ان المطران بهنام بني توسع في بناء القصر ولاسيما من جهته الجنوبية فبنى غرفا استخدمت خلال الحرب العظمى أي الحرب العالمية الاولى 1914-1918 لإيواء اللاجئين  وخاصة من الارمن الذين وفدوا الى الموصل بعد احداث المذابح التي وقعت خلال الحرب في المناطق الجنوبية من الدولة العثمانية ومنها المحاددة للعراق .

من الطريف أن نقرأ في جريدة الموصل وفي احد اعدادها للسنة 1927 ان قصر المطران معروض للايجار وان المراجعة تكون مع المطران جرجس دلال وان قصر المطران الذي يعود الى وقف (ملة السريان الكاثوليك والكائن في البستان المعروفة ببستان المطران والمشتمل على ماينيف على عشر غرف وجنينة فسيحة معروض للايجار ..." .

 وقصر المطران  ما هو الا معلم وصرح موصلي عريق ويعد من المعالم والاماكن المعمارية والدينية القديمة المعروفة في المدينة، ويقع تحديدا في نهاية سوق الدواسة بنهاية الدندان، انه (قصر المطران ) المعروف بين اهالي مدينة الموصل بعمرانه القديم وطرازه الديني المهيب.

     ويقول المسؤول والمشرف على حماية وادارة هذا القصر راسم امين في تصريح لـ (الصباح)  البغدادية ، والعدد الصادر يوم الاربعاء 27 تشرين الاول سنة 2021   ان هذا القصر من اقدم الأمكنة، وسكنه مسيحيو الموصل، إذ يضم     كنيسة قديمة .

..............................

*الدكتور محمود الراشدي اجرى تحقيقا تلفزيونيا جميلا عن قصر المطران يوم 17-1-2021 ضمن برنامج (شاهد وأثر ) اخراج  الاخ الاستاذ عبد القادر الحلبي انتاج قناة نينوى الغد .كما ان من الصور التي اعتمدتها التقطها الاستاذ يحيى قاسم ابو زكريا والاستاذ فنر المولى وايضا هناك خبرا عن القصر  في جريدة (الصباح ) البغدادية واعلان جريدة (الموصل) من الاخ الاستاذ عامر حساني فشكرا لهم جميعا .

     

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...