الأربعاء، 22 يونيو 2022

بوابة نركال .......إحدى بوابات مدينة نينوى عاصمة الامبراطورية الآشورية



 

بوابة نركال .......إحدى بوابات مدينة نينوى عاصمة الامبراطورية الآشورية

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس  -جامعة الموصل

 

مدينة نينوى ، عاصمة الامبراطورية الاشورية بعد اشور  وخور سيباد وكالح .ومدينة نينوى ، ومدينة الموصل صنوان : مدينتان متقابلتان على ضفتي نهر دجلة الخالد .وكما كانت مدينة الموصل مسورة ولها ابواب كانت نينوى مسورة ولها ابواب . وكانت اعداد هذه الابوات تزيد وتنقص حسب الفترات التاريخية .

 

ومدينة نينوى ، كما قلت مدينة مسورة يحيط بها سور عظيم مبني بالحجارة والطابوق الطيني ، وقد استظهر في الجانب الايسر من مدينة الموصل الحبيبة في  عدة مناطق . وتشير المدونات التاريخية التي بأيدينا الى ان تاريخه يعود الى سنة 700 قبل الميلاد ويمتد سور نينوى على مسافة تصل الى (12 ) كيلو مترا .

 

وقد حرص المعماريون الاشوريون على ان يكون لهذا السور نظام من حيث أنه مبني من حجر منحوت يبلغ طوله (  6 ) أمتار  يتبعه جدار مبني من طابوق طيني طوله (  10  ) أمتار  وسمكه يصل الى ( 15 ) مترا  .. ومما يذكر ان  السور يضم ابراجا حجرية  .. وثمة مسافة بين برج وآخر تصل الى ( 18 ) مترا  .

وتؤكد كتب التاريخ ان  لسور نينوى  (18 ) بابا او بوابة للدخول والخروج من المدينة . وكانت هناك نقاطا للمراقبة ، ونقاطا للتفتيش موجودة في مداخل ومخارج المدينة  وكان من الطبيعي ان نجد الابواب مُحصنة بشكل كبير  .

 

وقد ادركت انا ومجايلي أي من هم من جيلي جيل ما بعد  انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945،  اقصد الذين ولدوا بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية خمسة أبواب أي اننا شاهدنا أبوابا خمسة فقط من الابواب التي كانت لمدينة نينوى . وسأحاول في هذه الحلقة أن اقف عند بوابة نركال .

 

و بوابة نركال  سميت   بهذا الاسم نسبة الى الاله (نركال)  إله العالم السفلي (والعالم السُفلي هو الارض)  ، وتسمى ايضا ( بوابة تربيصو) ،  وتعد من اوائل البوابات التي اكتشفت اكتشفها أوستن هنري لايارد سنة 1848 م وعثر على الثورين المجنحين اللذين يحرسان مدخل مدينة نينوى من هذه البوابة  التي كانت  تُستخدم لأغراض شعائرية  دينية  ، وهي البوابة الوحيدة المحاطة بالثيران المجنحة .

 

وقد تم اكتشاف البوابة في منتصف القرن التاسع عشر ورممت في القرن العشرين .وللأسف فجرتها  عناصر تنظيم داعش عندما سيطرت على مدينة الموصل  ومحافظة نينوى  بين سنتي 2014 و2017 .

 

وترتبط هذه البوابة  الجميلة بمدينة ( تربيصو ) بشارع مبلط بالرخام يمتد من مدخلها الخارجي حتى مدخل (معبد نركال)  في مدينة الموصل . وقد اكتشفت البعثة التنقيبية لجامعة الموصل وبإشراف المرحوم الاستاذ الدكتور عامر سليمان والمرحوم الاستاذ الدكتور عادل نجم عبو  وهما من اساتذة قسم الاثار بكلية الاداب  -جامعة الموصل جزءا من المعبد والذي يقع داخل حرم الجامعة سنة 1967 .

وعند كتابة هذه السطور (22-6-2022) والحمد لله تقوم البعثة التنقيبية الاثارية الايطالية  المتمثلة ببعثة جامعة بولونيا الايطالية  وبالتعاون مع مديرية آثار وتراث نينوى بعمليات تنقيب في اجزاء من سور نينوى وفي بعض بوابات نينوى ومنها بوابة الاله أدد وبوابة الاله نركال . وكما هو معروف فإن بوابة الاله نركال كانت مخصصة لدخول الموكب الملكي والاله نركال ، هو إله الموت والعالم السفلي وهو المكلف  بتعمير العالم السفلي أي الارض .. وفي المدونات التاريخية الكثير من القصص عنه ومنها انه القدر الذي لا يستطيع أحد مقاومته ولا يستطيع أحد ان يفلت منه فهو حامي الشريعة والمسؤول عن تطبيقها ومعاقبة كل من يعتدى على حدودها   .

الشيء المهم الذي اريد ان اقوله بخصوص بوابة نركال ، انها من اجمل البوابات وان نركال هو كبير الالهة الاشوريين وتقع البوابة في شمال مدينة نينوى وكان يوجد في مدخل البوابة ثوران مجنحان كبيران يعتبران بمثابة الحارسين الامينين للبوابة احدهما من اليمين والثاني من اليسار وعلى جدران المدخل كانت ثمة منحوتات رائعة كثيرا ما شاهدتها عند زياراتي لهذه البوابة ومنذ ان كنا طلابا في الثانوية الشرقية في مطلع الستينات من القرن الماضي .وكما هو معروف كان المكان مكان نزهة لأهالي الموصل ومكان تشد اليه رحال التلاميذ والطلبة في مدارس الموصل لمشاهدة تلك المعالم الرائعة من معالم حضارتنا الاشورية التي كانت موجودة قبل اكثر من 2800 سنة . ومما يلحظ ان الثور المجنح ويسمى بالأشورية ( لاماسو)  والموجود على الجهة اليمنى كان كاملا في حين لم يبق من الثور المجنح الذي في الجهة اليسرى سوى الجزء الاسفل .

وبوابة نركال - كما تشير السجلات الاثارية -  أُكتشفت من قبل مديرية الاثار العامة العراقية في ربيع سنة 1941 ، ومدخل البوابة عرضه قرابة ثمانية امتار (7,8) م وهناك على الجانبين برجين يبلغ عرضهما  اكثر من ( 20) مترا وبالتحديد (20,7 ) وكنا عندما نزور بوابة نركال نجد ان مديرية الاثار العامة في نينوى قد اعادت – كما جاء في ( انسكلوبيديا ويكيبيديا ) الالكترونية والرابط التالي : https://ar.wikipedia.org/ واجهة البوابة بوابة نركال الى حالتها الاصلية واتخذت من البرجين ( تبلغ المساحة الداخلية لكل من البرجين 8,8×5 متر) بعد تعميرهما، ( متحفاً محلياٌ ) عرضت فيه نماذج من الآثار الآشورية وصوراً ومخططات تأريخية، وشيدت قربه مقراً لراحة الزوار.وقد عثر في اثناء اعمال الحفر والصيانة في موضع هذا الباب على منشورين من الطين متشابهين مدوَّن عليهما كتابة للملك الاشوري سنحاريب (705-618 قبل الميلاد ) ،  خلد فيهما أعماله العمرانية في نينوى .ومنها سور مدينة نينوى الذي يخترقه خمسة عشر باباً احدها باب نركال في الضلع الشمالية من السور .  وفي سنة  2015م دمرت عناصر داعش  الكثير من معالم البوابة ، ومنها الثورين المجنحين.  وبعد تحرير الموصل   2017 ، واجه علماء الاثار العراقيين  ومعهم من الاجانب مهمة صعبة في تجميع القطع الاثرية المبعثرة التي تركت في المكان  ومع هذا الان تبذل الجهود مع البعثة التنقيبية الاثارية الايطالية لإعادة إحياء اجزاء من سور نينوى وبواباته الرئيسية على الاقل .

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

صلاة الجمعة في جامع قبع - الزهور -الموصل

                                                                    الشيخ نافع عبد الله أبا معاذ   صلاة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم :...