محلة وادي حجر في الجانب الايمن من الموصل
ا.د. ابراهيم
خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
وانا اكتب عن
رواية الروائي الموصلي الكبير الاستاذ غانم العكيدي والموسومة ( مقهى محمود ) ، وقفت
كثيرا عند احداثها التي جرت في هذه المقهى التاريخي الذي يقع في محلة عريقة من محلات الجانب الايمن من مدينة
الموصل وهي محلة وادي حجر ، وتذكرت ايضا صديقي
واخي وهو ايضا من اهل وادي حجركما
الروائي الاستاذ غانم العكيدي ، ولد ونشأ
فيها واحبها انه الباحث والكاتب الاستاذ عامر سالم حساني وتذكرت اننا تحدثنا عنها
وقال انه كتب بعض الملاحظات التاريخية المختصرة عن هذه المحلة التي تمتلك تاريخا
ثرا، وتسكنها عشائر عربية لها دورها ومواقفها ، وان فيها معالم كثيرة ولاتزال
شامخة حتى ساعة كتابة هذه السطور 29 من كانون الثاني سنة 2022 .
ومحلة وادي حجر
موجودة ضمن خارطة مدينة الموصل ، لكنها كعمران وكمنطقة سكنية اخذت بالظهور في
بداية سنوات الخمسينات من القرن الماضي وانا اعتقد انه قبل هذا بقليل ولعنا نقول
اواخر الاربعينات ونشأت خارج سور الموصل التقليدي وهي مقاطعة عقارية واسعة تدخل
ضمن اطار ما كانت تسميه دوائر التسجيل العقاري ب(جوار الموصل ) وضمن مقاطعة رقم (13) والتي يذكرها الاستاذ عبد
الله محمد خضر في كتابه عن التوسع العمراني في مدينة الموصل على انها مقاطعة (
الصهريج ) وهي المنطقة الواقعة بين وادي حجر والعزلاني .وقد استقر فيها عدد كبير
من السكان الذين غادروا اماكنهم التي ضاقت بهم داخل مدينة الموصل كان ذلك
بالضبط وحسب سجلات العقار بين سنتي 1950و1970
، وصار لزاما على المخططين في بلدية
الموصل ان يجدوا مساحات جديدة تتوسع فيها المدينة فكانت اراضي وادي حجر وكما هو معروف ان الموصل تضم وديانا شهيرة منها وادي
العين ، ووادي عكاب ، ووادي الخرازي ، ووادي حجر ، والوديان بلغة الجغرافية
الطبيعية (مواضع لمجار مائية قديمة) ، لذلك كان لابد من ايجاد حلول لهذه الوديان والتي
يسميها الناس في الموصل ب(السيب) ، من
خلال بناء وتشييد مجار صندوقية مغطاة او غير مغطاة لأنها تتحول اوقات الامطار الى
انهار جارفة وهذه المجاري تصب بالنتيجة في نهر دجلة الخالد
ويشير الاخ
الاستاذ عامر سالم حساني الى ان اقدم ذكر لمحلة وادي حجر ورد في احدى خرائط مدينة
الموصل التي تعود الى سنة 1903 حيث وردت عبارة (وادي حجر) وهذا كان قبل نشوء
المحلة .كما كان هذا الاسم وادي حجر يتردد
في الصحف الموصلية خلال الثلاثينات من القرن الماضي ومن ذلك ان احدى الصحف قالت ان
بلدية الموصل اتخذت جزءا من وادي حجر ليكون مكانا لدفن الحيوانات الهالكة وكان ذلك
في وقت كانت وادي حجر بعيدة عن مناطق السكن في مدينة الموصل .
والان لماذا سميت
المنطقة ب(وادي حجر) والجواب يأتي سريعا وهو ان اسم هذه المحلة كما سبق ان قلت
مستمد من واد قادم من بعيد يشق أرضها والوادي كما قلت موضع لمجرى مائي قديم . وارض
وادي حجر تضم انواعا من الحجر الصلد وكثيرا ما كان الموصليون يستفيدون منه في بناء
بيوتهم ومن هنا صارت المحلة تدعى محلة وادي حجر ومن الطريف انه خلال الصراع بين
القوميين والشيوعيين في سنة 1959 ظهرت فيها مجموعة من الشيوعيين وسمتها (وادي الاحرار) بدل حي وادي حجر لكن الاسم القديم ظل
سائدا ومنتشرا .
ومحلة وادي حجر اذا ما وقفنا عن طوبوغرافيتها وتضاريسها نجد انها
تقع
على ارض متموجة وهي بالأصل مجموعة من التلال نشأت فوقها
المحلة . وقسمت الى ثلاث مناطق إدارية وادي حجر العليا ، والسفلى، والوسطى .
في ما يتوفر بين ايدينا من الاحصائيات السكانية التي تعود للسنوات 1965-1997 نجد ان محلة وادي حجر كانت تضم (2910) وحدة سكنية فيها من النفوس (21498 ) نسمة .
وفيما يتعلق بحدودها ؛ فالمحلة تحدها من شرقها سكة قطار الموصل وبناية (قوة الشرطة السيارة ) ، ومن
شمالها محطة القطار ومن جنوبها معسكر الغزلاني ومن غربها سايلو الموصل ومحلة المنصور . وفي
المحلة شارعين رئيسيين هما الشارع الرئيسي الذي يمر منه طريق بغداد وهو
الشارع الذي فتح أولا وحوله تركز السكان القادمون من الموصل القديمة وكان شارع
باتجاهين ثم وسع بثمانينات القرن الماضي بعد إزالة البيوت التي على جانبيه وجعله
بممرين . اما الشارع الاخر فهو الشارع الفوقاني .
محلة وادي حجر محاطة بسكة حديد قطار الموصل
ومعسكر الغزلاني ومعمل النسيج واختراق طريق الموصل – بغداد لها اعطاها اهمية
ستراتيجية وتجارية
من معالم محلة وادي حجر الوادي نفسه وادي حجر وكان واديا
مائيا مكشوفا
في بداية نشأة المحلة ثم صنع له مجرى صندوقي يبدأ عند أول
دخوله للمحلة من جهة سايلو الموصل ويستمر المجرى تحت شارعها الرئيسي قاطعا أحياء
أخرى حتى يصل قريبا من النهر ثم يعود مكشوفا . هذا الوادي عند فيضانه كان يحمل
كميات هائلة من المياه ، ولان المجرى الصندوقي كان لا يسع كمية هذه المياه فكانت
تخرج الى سطح الشارع مغرقة البيوت التي على جانبي الشارع في المحلة وتغرق حي
الطيران ومحلة السجن ومنطقة الغزلاني والدواسة وكانت أكثر منطقة يعلو فيها الماء
تحت قنطرة سكة القطار لضيقها فكانت مصيدة للسيارات .
ومن معالم المحلة
قنطرة القطار وتسمى قنطرة وادي حجر .كما ان من المعالم جامع خالد بن الوليد وقد
تأسس سنة 1959 وكان يسمى عند تأسيسه جامع (دوست علي) وسمي كذلك تعويضا ل(جامع دوست علي ) الذي
كان يقع في شارع الفاروق ثم هدم لتوسيع الشارع وقد تعرض جامع خالد بن الوليد الى
شيء من التدمير لكنه رمم مؤخرا والحمد لله .
وكان من ابرز خطباءه المرحوم الشيخ شاكر النعمة ومن ثم الحاج فتحي الامام
ومن بعده اولاده واخوه ابراهيم ومن قراء الجامع السيد كامل النجار وموقع الجامع على الشارع العام وهناك ( جامع
الحاجة سعدية ) وجوامع اخرى منها (جامع
وادي حجر الغربي) وجامع (التوحيد) .
وفي محلة وادي
حجر ، عدد من معامل الثلج منها معمل ثلج
الفرات، ومعمل ثلج الرافدين ومعمل ثلج الحدباء وقسم منها اغلق وهناك ايضا بناية معمل
جواريب النايلون ومدرسة بردى ومدرسة شط العرب ولا ننسى ان من معالم المنطقة دورة
السواس وفيها تمثال السواس كما ان
المستشفى العسكري في الموصل هو من معالم محلة وادي حجر والبناية بالأصل كانت
لنقابات العمال وهي بناية ضخمة . وهناك حمامات شعبية في المحلة منها حمام الرافدين
وحمام جروة كما ان هناك عيادات لأطباء وصيدليات واطباء عملوا في هذه المحلة.
ونحتاج الى وقت
طويل وجهد كبير للوقوف عند رموز المحلة وشخصياتها
فضلا عن اسرها الكريمة العريقة .تحياتي لأهلي في محلة وادي حجر وتمنياتي
لهم بالتقدم والامان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق