الثلاثاء، 11 يناير 2022

أنا والفكر الفلسفي العربي المعاصر* ا.د.ابراهيم خليل العلاف



 أنا والفكر الفلسفي العربي المعاصر*

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

اولا اقدم شكري وتقديري للاخ الاستاذ الدكتور قصي كمال الدين الاحمدي رئيس جامعة الموصل لرعايته هذه الفعالية الاكاديمية الفلسفية كما اشكر الاخ الدكتور محمد علي محمد عفين عميد كلية الآداب لإشرافه وللأخ الدكتور سامي محمود ابراهيم رئيس قسم الفلسفة وللأخوات والاخوة اعضاء الهيئة التدريسية وللعاملين في القسم كافة واقول انني فرح وسعيد بوجودي بينكم هذا اليوم واتمنى لقسم الفلسفة كل تقدم ورقي وسمو .

احبتي اخواتي اخواني هذه مناسبة جميلة اعود فيها الى قسم الفلسفة بعد حوالي ربع قرن كان لي الشرف في التدريس فيه وابتداء من العام الدراسي 1997 الى العام 1999 وكما قلت في كتابي الجديد الذي اتشرف بتوقيعه في قسمكم العامر والموسوم (محاضرات في تاريخ الفكر الفلسفي العربي المعاصر ) فان الكتاب حصيلة محاضرات القيتها على طلبة القسم بعد ان انتدبني رئيسه في حينها المرحوم الاستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد لالقاء محاضرات وتدريس مادة الفكر الفلسفي العربي المعاصر لطلبة المرحلة الرابعة ولم يكن القسم آنذاك قد خرج اي دورة لهذا رحت على عجل اعد لهم المحاضرات والقيها عليهم ارتجالا اعتمادا على منهج كان مركزيا ومقرا في قسم الفلسفة الام بجامعة بغداد .

وقد يسأل البعض عن سبب اختياري  للتدريس في قسم الفلسفة وتخصصي هو التاريخ  والتاريخ الحديث واقول ان المرحوم الاستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد كان يعرف انني قد درست الفلسفة وفلسفة التاريخ في قسم الشرف منذ كنت طالبا قبل خمسين سنة في كلية التربية بجامعة بغداد وكانت صيغة قسم الشرف هي ان من يحصل على تقييم جيد جدا في المرحلة الثانية يقبل في قسم الشرف ويخصص له استاذ يدرسه مادتين في الفلسفة وفلسفة التاريخ مع تطبيق عملي من خلال بحث بعده باشراف ذلك الاستاذ والمادة الاولى تدرس في المرحلة الثالثة والمادة الثانية تدرس في المرحلة الرابعة وكنا اربعة طلاب يدرسها استاذ متميز تخرج من جامعة شيكاغو في الخمسينات ومعروف بتخصصه وبعلاقاته وببراعته وهو المؤرخ العراقي الرائد المرحوم الاستاذ الدكتور زكي صالح .فضلا عن اننا وقد عشنا في الستينات في جامعة بغداد 1964-1968 كنا نعيش ما يمكننا تسميته بالموجة الصاخبة في الشعر والادب والفلسفة والتنوير وكانت الافكار الوجودية والماركسية والقومية هي ما كانت توجهنا من الناحية الفكرية درسنا ماركس كما درسنا سارتر وكامو وسيمون دي بوفوار  وكنا نتابع ما يكتبه الاستاذ مدني صالح والدكتور حسام الدين الالوسي كما كنا على اطلاع بما يكتبه الدكتور زكي نجيب محمود والدكتور عبد الرحمن بدوي ولازلت اتذكر انني وجدت في مكتبة والدي رحمه الله مترجمات الدكتور عبد الرحمن بدوي ومؤلفاته ولاسيما سلسلة خلاصة الفكر الاوربي وكان معظم اساتذتنا في علوم الاجتماع والتربية والنفس  والتاريخ من المهتمين بالفلسفة وبمدارسها ولازلت اتذكر مقولة الاستاذ مدني صالح عندما انتقد قسم الفلسفة في عهده وقال انه يهتم بكل شيء ما عدا الفلسفة وانا ذكرت في كتابي هذا وهو امامكم ان الفلاسفة في العراق يعدون على الاصابع والاهتمام بتاريخ الفلسفة كان هو الطاغي .

من هنا حاولت عندما درست مادة الفكر الفلسفي العربي المعاصر ان اذهب بطلبتي ورئيس قسمكم الاخ الحبيب الدكتور سامي احدهم وانا افخر به حاولت ان اضعهم في قلب الفلسفة وليس في قلب التاريخ مع انني مؤرخ ومع انني ادرس مادة تاريخ الفكر الفلسفي العربي المعاصر .

كنا نقرأ مجلة ( الفكر المعاصر) المصرية ونتابعها وكان رئيس تحريرها الدكتور زكريا ابراهيم وكنا نقرأ ونتابع مجلة ( الطليعة ) وهي ايضا مصرية تعنى بالفلسفة والفكر ويكتب فيها استاذنا الدكتور زكي نجيب محمود ولازلت احتفظ بكثير من الكتابات الفلسفية العربية المعاصرة ودائما اقول لتلاميذي في قسم التاريخ وفي الدراسات الاولية والعليا :  " اقرأوا الفلسفة لان من يقرأ الفلسفة يرى الغابة ومن لم يقرأ الفلسفة لايرى الا الشجرة  وشتان بين من يرى الغابة كلها وبين من لايرى الا الشجرة " . وكنت دوما اقول لهم اقرأوا  فلسفة التاريخ ودائما اقول لهم وقد القيت قبل فترة محاضرة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق فرع نينوى محاضرة بعنوان ( طبيعة التاريخ ) وقلت لهم ان التاريخ علم وادب وفلسفة . وكنت دائما اقول لهم انه كما ان ثمة قوانين وسنن تتحكم بالطبيعة فان هناك قوانينا وسننا تتحكم بالتاريخ واشير الى ما كتبه المؤرخ البريطاني كولنكوود في كتابيه (فكرة الطبيعة ) و(فكرة التاريخ) .

اعود الى كتابي هذا الذي بين ايديكم لأقول انني وقفت فيه عن مفهوم الفكر وقلت انه انتاج المعرفة واستخدام العقل لإنتاج المعرفة وحاولت ان اتحدث عن الفكر العربي بتياراته المختلفة سواء في العصور الاسلامية او العصور الحديثة وركزت على التيار الاسلامي القومي والتيار الاجتماعي التقدمي والتيار القومي المحض ووقفت عند الحركات السلفية او ما تسمى التجديدية وتعرضت لبعض اشكالات الفكر العربي المعاصر ثم وجدت ان التيارات الفلسفية الفكرية الاوربية وجدت لها طريقا عبر عدد من الفلاسفة العرب منهم رينيه حبشي والحركة الشخصانية وزكي نجيب محمود والفلسفة الوضعية المنطقية والدكتور حسين مروة والاتجاه الماركسي والدكتور يوسف مراد والاتجاه التكاملي والدكتور عبد الرحمن بدوي  والفلسفة الوجودية وحددت خارطة الاتجاهات الفلسفية العربية ثم تعرضت لواقع الفلسفة في العراق خلال ال 100 سنة الماضية وقلت ان قسم الفلسفة في كلية الآداب تأسس سنة 1953 وكان اول رئيس للقسم  استاذ لبناني هو الدكتور البير نصري نادر وكان الى جانبه عدد من الاساتذة الاجانب وقد اشر فتح القسم بداية للاهتمام بالدرس الفلسفي في العراق وها انتم اليوم تواصلون مسيرة هذا القسم وابداعاته المتميزة .

فقط اريد ان اذكر انني عندما كنت مقررا لقسم التاريخ بكلية الآداب بجامعة الموصل مطلع السبعينات حرصت على ان نعين عددا من الاساتذة المتخصصين بالفلسفة  وكنت اشعر بأهمية ان يكون الى جانب اساتذة التاريخ اساتذة للفلسفة ، وهم من كانوا نواة لقسم الفلسفة فيما بعد  واذكر منهم المرحوم الدكتور كيورك مارزينا كرومي ، والاخت الدكتورة نظلة  احمد نائل الجبوري ، والاخ المرحوم الاستاذ قاسم يحيى اسماعيل .

شكرا لإصغائكم واكتفي بهذا القدر وكما قيل :خير الكلام ماقل ودل .

__________________________________

*محاضرة ستلقى غدا الاربعاء  12 من كانون الثاني 2022 في  قسم الفلسفة بكلية الاداب - جامعة الموصل على هامش توقيع كتابي الجديد الذي صدر عن دار قناديل للنشر والتوزيع ببغداد 2022 بعنوان (محاضرات في تاريخ الفكر الفلسفي العربي المعاصر ) .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...