الأربعاء، 23 أغسطس 2017

جريدة حبزبوز ودورها في الكشف عن مساؤئ الحكومة ا.د.ابراهيم خليل العلاف

جريدة حبزبوز ودورها في الكشف عن مساؤئ الحكومة 
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
تعتبر جريدة ( حبزبوز ) الاسبوعية البغدادية من ابرز الجرائد الهزلية ذات الطابع السياسي . وقد جمعت بين الكاريكـــاتير الانتقادي والمقال الهزلي الساخر ، صدر عددها الاول في 29 ايلول 1931 ولأن صاحبها ومديرها المسؤول ( نوري ثابت ) 1897-1938 الملقب ( حبزبوز ) أي (الشاطر ) أو ( النبيه ). وسلكت الجريدة الاسلوب الرمزي لكشف مساوئ الادارة الحكومية وتقاعس الموظفين والتأكيد على وحدة العراقيين ومنع اي قوة تريد أن تفرقهم فهي تراهم جسدا واضحا وكثيرا ما عكست ذلك في صفحاتها . ولعل من ابرز رسامي الكاريكاتير الذين عملوا في الجريدة ،( كان هذا الفن قد دخل الصحافة العراقية آنذاك لاول مرة ) سعاد سليم وعبد الجبار محمود ، ومحمود ابو طبرة. وفي 12 تشرين الاول 1938 توفي صاحبها فاحتجبت عن الصدور وكان لها تأثيرها الفاعل في المجتمع خاصة وانها قـد لاقت انتشاراً واسعاً ورواجاً شديداً . 
كتب الاستاذ جميل الجبوري كتابا كبيرا عن جريدة حبزبوز نشرته وزارة الثقافة والاعلام في بغداد سنة 1986 بعنوان :" حبزبوز في تاريخ صحافة الهزل والكاريكاتير في العراق " .ويعد من الكتب الرائدة المعمة والتي تعد مصدرا رئيسا من مصادر الصحافة الساخرة في العراق .وقد قال في كتابه : ان حبزبوز كانت منذ سنة 1961 شغله الشاغل ، فبدأ بجرد الجريدة وجمع الوثائق عنها ، وعن مؤسسها نوري ثابت .كما التقى - خلال تلك الفترة وحتى تأليفه الكتاب - عددا من الذين عملوا في هذه الجريدة ومنهم رسامها الكاريكاتيري مصطفى أبو طبرة ، والذي قدم له كل ما يملكه من معلومات ووثائق نادرة وصور خاصة . كما ساعده في الاتصال بمن كان يعرف نوري ثابت .وقف المؤلف عند صحافة الهزل والكاريكاتير في العراق بشكل عام وعَرف بأبرز أعلامها وقدم نماذج من انتاجاتهم الصحفية .كما تناول نوري ثابت –حبزبوز – منذ ولادته وحتى وفاته وجرد المقالات التي كتبها مستنبطا منها مكونا الرأي فيه ،له أو عليه .وقد وصل الى نتيجة مهمة وهي ان نوري ثابت كان يحمل رسالة مقدسة وهي تعميق الوعي عند قرائه ومتابعيه وكاشفا لهم مساؤئ مجتمعهم بأسلوب ساخر يساعدهم في ايجاد الحلول لابرز مشكلاته وهمومه فكان –بحق جوادا ، واصيلا في مهمته .. وقد ناء بأعباءِ ثقال ، فما نكص ، ولا وهن ، ونزه نفسه عن التكسب ، والتوصل وما ارتضى لكرامته ان تُباع في سوق المنافع الخاصة . 
وكان نوري ثابت يكتب بتواقيع عديدة منها (ابن ثابت ) و(بياع شراي ) و(جدوع بن دوخه ) و(خادمكم المعلوم ) و(احمد حبزبوز ) و(غشيم ) و(ابو احمد ) . خاطب النواب الجدد مرة وهم يستعدون لحضور جلسات مجلس النواب فقال :" يا فتاح يا رزاق ..رب يسر ولا تعسر ..اهلا وسهلا بالنواب ..افتحوا عيونكم قبل كل جلسة ولاترفعوا الاصابع الا بعد وخزة الضمير ودمتم لخادمكم افندم " . 
وكان ينتقد اداء الحكومة ويرى ان اكثر الوظائف يشغلها غير الاكفاء وان الحكومة تهمل الشركات الوطنية ولاتساعدها وان سوق الرجاء والالتماس والمحسوبية والمنسوبية لاتزال في رواج وان المدارس ضيقة لاتتسع للطلاب وان البطالة متفشية والملاريا حدث عنها ولاتخف والجيش بحاجة الى تعزيز ورواتب المسؤولين كبيرة "والشعب هلكان " وحال المستشفيات لايتلاءم وروح العصر " . كانت جريدة حبزبوز تطبع 4000 نسخة ورجل الشارع في بغداد ينتظرها بلهفة شديدة لانها كانت تعبر عن مشاعره بشكل دقيق لذلك استحقت هذه الجريدة كل اهتمام مؤرخي الصحافة والمهتمين بالشأن العراقي العام .
_______________________________
*من دراسة لي عن الصحافة الهزلية في العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....