الاثنين، 28 أغسطس 2017

وجهات نظر بخصوص إعمار الموصل القديمة









وجهات نظر بخصوص إعمار الموصل القديمة 

وجهات نظر بخصوص إعمار الموصل القديمة
ابراهيم خليل العلاف - عمار عبد الباقي العمري - لينا غانم ججاوي
الخرائط الصادرة عن مدينة الموصل من الأمم المتحدة تظهر أن نسبة الدمار في منطقة الموصل القديمة بصورة خاصة، ومدينة الموصل بصورة عامة، نتيجة العمليات العسكرية لتحريرها من سيطرة الظلاميين 2014-2017 كبيرة حيث تشير المعلومات إلى أن ما لا يقل عن 5000 مبنى وبيت تم تدميرهم بالكامل أو بشكل جزئي في المدينة القديمة فقط، كما أن الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية تظهر تقديرات على أن المدينة القديمة فيها نحو 16000 ألف وحدة سكنية، مما يعني أن نسبة الأضرار طالت ما لا يقل عن ثلث المساحة المشار إليها.
الوقت ليس وقت البكاء والحزن بل وقت شد الاحزمة والبدء بالعمل للنهوض بالموصل واعادة بناءها افضل مما كانت وبصدد إعادة إعمار المدينة القديمة من الموصل سألتني قبل ايام احدى طالبات الدكتوراه ممن تدرس في الولايات المتحدة الاميركية عن ذلك .
أقول ان هناك مدرستان في التخطيط العمراني الاولى يمثلها المعماري ( كاميلو ستى Camillo Sitte) وتدعو الى الحفاظ قدر الامكان على النسيج القديم ، ومحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه من عمارتها خاصة اذا كانت ذا قيمة تاريخية وحضارية مميزة. أما المدرسة الثانية فيمثلها (المعماري لي كوربوزيه Le Corbusier ) وتدعو الى ازالة النسيج القديم ككل واعادة تصميم المنطقة من جديد.
ليكوربوزيه يعتقد ان عملية التجديد الحضري اشبه بعملية جراحية لاستئصال المرض، بينما يعتبر الطريقة الاخرى في تطوير النسيج القديم بمثابة علاج وقتي لمريض، وأي إجراء علاجي سيعافيه وقتيا مع بقاءه سقيما الى الابد.
اغلب المعماريين والمصممين الحضرين الشرقيين والعراقيين على وجه التحديد يفضلون الجانب الاول (الحفاظ) على الثاني (التغيير الجذري)، علما ان الكثير من المدن العالمية التي نهضت بسرعة بعد التخريب الذي لحق بها بعد الحرب العالمية الثانية 1939-1945 كانت قد تبنت سياسة التجديد الحضري الجذري
وجهة نظري أنا هي ازالة النسيج القديم مع الاحتفاظ ببعض النماذج كزقاق قديم او بناية قديمة وازالة الباقي وتخطيط المدينة من جديد وهذا علاج جذري أراه مناسبا لانسيابية التنقل وما شاكل مع التأكيد على ان هناك مناطق مهمة في الموصل هي الموصل الاصلية وهي منطقة اقليعات فهذه المنطقة مرتفعة جدا ويصعب فتح شوارع فيها او ما شاكل ستبقي هي تمثل الموصل القديمة .................ابراهيم العلاف
علق الاستاذ عمار عبد الباقي ناظم العمري Ammar Al-omari على ما كتبته يقول : إن الصراع بين مدرستي العمارة اعلاه كان جزءا من صراع أعم واشمل ، شمل كل جوانب الحياة الثقافية والفنية والسياسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في اوربا ، حيث بدا برايي هنا ، الصراع الذي اصبح تقليديا بمرور الزمن ، بين الاصالة والمعاصرة ، ففي فيينا على سبيل المثال باعتبارها الوسط الذي عاش فيه (كاميليو سيته ) ، كان الصراع على اشده مابين (سيته) باعتباره من اتباع الموسيقار ريتشارد فاغنر الذي يقود اتجاه التمسك بالاصالة التاريخية وتطويرها بما يلائم الحاضر والمستقبل ، اي الانطلاق من الاصالة نحو حاضر ومستقبل حديث . وفي الجهة الثانية كان جماعة المعاصرة يسيرون بالاتجاه المعاكس جذريا ، ومنهم الرسام (غوستاف كليمت ) الذي انشا مايسمى ب (حركة الانفصال) والمقصود منها الانفصال التام بين الماضي من جهة ، والحاضر والمستقبل من جهة اخرى ، وكان من النتاج المعماري للاتجاه الاول (اتجاه الاصالة) ، بناية ال (راث اوس) وهي مبنى بلدية فيينا التي صممها المعماري (فردريش شميت) على نمط العصر القوطي بلمسة فنية عصرية ، ولقد اخترت هذا المثال لان مبنى البلدية هذا ، تتقدمه ساحة تعتبر من اشهر الملتقيات الفنية والثقافية والاجتماعية في فيينا ، حيث ان من اهم ما ركز عليه ( كاميلو سيته) في افكاره التي اصبحت فيما بعد مدرسة معمارية مهمة جدا ، هو ان يكون التصميم المعماري في خدمة الترابط الاجتماعي بين الجماهير ، فاقترح وصمم الساحات كملتقى جماهيري يعزز وحدة الشعب ويذكي ويزيد من حب الوطن ، واعتبر ان وجود الساحات الجماهيرية هذه فرضا اساسيا في التصميم العام لشارع ال (رنك شتراسة) الذي يعتبر اهم واجمل شوارع فيينا في الوقت الحاضر .
اما الجبهة الثانية من الصراع (جبهة المعاصرة) فان اهم الامثلة على نتاجاتها هو (مبنى الانفصال) الذي يقع قرب قصر البلفدير وقرب نصب الجندي الروسي ، والذي يشغل حاليا كمتحف للاعمال الفنية لاتباع هذه الحركة من الفنانين المعاصرين .
اما فيما يتعلق بموضوعنا واي المدرستين اجدر بالاتباع ، فان نظرة تحليلية لنتائج هذا الصراع الذي ابتدا قبل اكثر من قرن من الزمان ، تقودنا الى الحكم بان الاصالة هي التي كسبت المعركة بنجاح ساحق ، وبما ان تاريخنا الحضاري هو الابرز على مستوى العالم وبشهادة العدو قبل الصديق ، فاعتقد ان الاجدر بنا ان نكون الاكثر تمسكا باصالتنا ، واشكرك دكتور على الطرح
".
وعلقت الاستاذة لينا غانم ججاوي Lina Ghanim Jajjawi تقول :" نعم ... ممكن ان نبدأ نحن جميعاً بإعمارها ... لنأخذ مجال الاسكان على سبيل المثال، الكثير منا يتخيل ان الحكومات الغربية مسكت عصاها السحرية ، وقامت ببناء المئات لا بل الالاف من المجمعات السكنية وبالاعتماد على ميزانيات ضخمة، لكن في الحقيقة ان الحكومة الامريكية عجزت في وقت من الاوقات عن تمويل قطاع الاسكان العام، فأحالت موضوع الاسكان الى منظمات ومؤسسات خاصة، منها ربحية ومنها غير ربحية. الغير ربحية منها مثلا قامت بمشاريع ضخمة .. قامت بتصميم حملات توعية وتبرعات ومشاريع خيرية بدءا من المراكز الدينية وانتهاء بالافراد ميسوري الحال الذين آمنو بالقضية وقاموا باسناد تلك المؤسسات غير الربحية.
وتم حينها انشاء العديد من المجمعات السكنية التي تؤوي ابتداء العوائل او الافراد ذوي الدخل المحدود او ذوي الاحتياجات الخاصة او ما الى ذلك. وهكذا اسهمت هذه المؤسسات ولو بشئ بسيط في ايواء عدد من السكان المعوزين. من هنا اعتقد ان كل فرد سيكون له دور مهم وبارز في انشاء او ادارة مثل هكذا مؤسسات شريطة ان تجمع مؤسسين مؤمنين بمبادئها، مؤمنين بفكرة ان التغيير يمكن ان يبدأ افقيا ثم يتحرك عموديا من الأسفل الى الأعلى. ما نعتقد انه احلام كان في كثير من الاوقات واقع حال في فترات التغيير في دول الغرب، نحن جئنا هنا الى الغرب لنتعلم من تجاربهم الايجابية ولا نضيع وقتنا في انتقاد سلبياتهم، وبالتأكيد سيكون لنا دور في الاعمار عندما نعود .
اما المهندسة الاستاذة ميسون الدملوجي فتقول في افتتاحية (بين النهرين) ملحق جريدة الصباحttp://www.thebaghdadpost.com :" بعد تحرير المدينة على أيدي قواتنا البطلة، والمعارك الضروس التي راح ضحيتها أعداد كبيرة من أهلنا، سواء من منتسبي القوات الأمنية أو المدنيين الذين طاولهم القصف أو قضوا تحت الأنقاض، أصبحت عملية إعادة الإعمار وعودة النازحين ركناً أساسياً في عملية تحقيق النصر الناجز، وتحديا أساسيا لابد من الخوض في غماره، وفاءً لتضحيات الشهداء ومن أجل استعادة الحياة والتعددية الدينية والقومية والفكرية التي امتازت بها ثاني أكبر مدن العراق وأقدمها على الإطلاق.
تشير الصور الجوية الى دمار هائل طاول مدينة الموصل القديمة بسبب الإرهاب والعمليات العسكرية، وقد أدى ذلك الى هدم وتخريب ما يقارب 7,000 مبنى بنسب متفاوتة، منها 17% هدماً كاملاً، معظمها في منطقتي الميدان وراس الكور، و57% منها مدمرة جزئياً، و26% منها دمارها قليل ويمكن إصلاحه، ضمن مساحة تقدر بتسعة كيلومترات مربعة، كانت تأوي مئات الآلاف من السكان.
ان أغلبية المباني التي دمرت ضمن الموصل القديمة هي مبانٍ سكنية، وبنسبة أقل مبانٍ تجارية وخدمية، بالإضافة الى كنائس وجوامع ودور عبادة يعود تأريخ بنائها الى فترات متفاوتة، بعضها عباسي أو أقدم من ذلك، لكن أغلبها عثماني أو شُيِّد في عقود مختلفة من القرن الماضي.
تواجه عملية إعادة إعمار مدينة الموصل القديمة عقبتين أساسيتين، أولاهما نقص الموارد والإمكانيات وما تتطلبه العملية من مبالغ طائلة تقدر بمليارات الدولارات، والثانية هي مشكلة تعاني منها جميع مدننا القديمة، ليس في العراق فحسب وأنما في المنطقة بشكل عام، وهي وفاة أصحاب العقار الأصليين وضياع الملكية بين ورثة كثيرين من أولاد وأحفاد.
تبدأ عملية إعادة الإعمار بوضع سياسة متكاملة تشترك فيها كل الجهات المعنية لتذليل العقبتين أعلاه، وربما عقبات أخرى، بالإستفادة من تجارب الدول التي دمرت الحروب مدنها، ومنها على سبيل المثال تجربة إعادة بناء مدينة بيروت القديمة، والانطلاق منها بما ينسجم مع خصوصية الموصل عبر الاستفادة من نجاحاتها وتجنب أخطائها. هناك تجارب أخرى يمكن الاستفادة منها أيضا، مثل بناء العاصمة البولندية، وارشو، ومدينة درَزدِن الألمانية، بل وحتى مدينة هيروشيما اليابانية، الا ان بيروت هي الأقرب من نواحٍ كثيرة.
تتلخص تجربة (وسط البلد) في بيروت بتشريع البرلمان اللبناني قانونا يحوِّل الملكية العقارية الى أسهم في شركة كبرى، معروفة باسم السوليدير، اشترك في رأسمالها كل من الدولة اللبنانية والقطاع الخاص. ونتيجة لتلك الجهود المشتركة، تحولت الخرائب ومخلفات الحرب الى مدينة تجارية وسياحية ومصرفية وسكنية، بُنيت بطراز أنيق يحاكي ما كانت عليه قبل الحرب. وقد أنجز ذلك المشروع العملاق وفقا لدراسة جدوى اقتصادية واجتماعية مفصلة. الموصل تستحق منا أكثر من هذا، تعويضا للسكان عن التجربة المريرة التي مروا بها خلال ثلاث سنوات من القسوة والظلم وكذلك للبرهنة على أننا قادرون، ليس على إلحاق الهزيمة العسكرية بقوى الإرهاب فحسب، بل على إعادة بناء ما خربه الإرهاب بأفضل مما كان. وقد تمتد تجربة إعادة بناء الموصل الى مدن العراق الأخرى، ومنها بغداد القديمة والبصرة القديمة، لانتشالها من الإهمال والاندثار، وكذلك المدن الأخرى التي تضررت بسبب أعمال التخريب أو نتيجة العمليات العسكرية أثناء ملاحقة الإرهابيين.
قد يكون صعبا علينا تجاوز الصدمة التي أصابتنا من حجم الدمار الذي خلفته همجية داعش. ولكن ليس صحيحا أن نستغرق في البكاء على الأطلال، بل علينا أن ننظر الى المدينة من منظور الكنوز التي مازالت تحت الأرض ولم تستكشف بعد، ومنها القصر الآشوري الذي ظهر بعد أن قام التنظيم الإرهابي بتفجير مرقد النبي يونس، وهو قصر تزين جدرانه ثيران مجنحة وجداريات جميلة، ومن منظور جيل جديد يساهم في إعادة إعمار مدينته، ويرفض كل أشكال الانغلاق والتعصب.
وفي هذا السياق، من الضروري الإشادة بالاستجابة السريعة للقيادات الأمنية في حماية المواقع الأثرية من عبث العابثين والمتربصين، وبدور المجتمع الدولي والدول الصديقة في دعم العراق في عملية تقييم الضرر الذي أصاب المواقع الأثرية ووضع الخطط اللازمة لإعادة إعمارها. كما ينبغي أن نتقدم جميعاً بالشكر والعرفان الى الهيئة العامة للآثار والتراث ووزارة الثقافة والسياحة والآثار ودواوين الأوقاف لجهودها الحثيثة في حماية الإرث الثقافي لهذه المدينة العريقة، وكذلك إلى وسائل الإعلام الرصينة ومنظمات المجتمع المدني لحرصها ومتابعتها المستمرة. إن استعادة الموصل والحفاظ على موروثها الحضاري من الضياع هما مسؤولية العراقيين بالدرجة الأولى، لكن أهمية المدينة وإرثها الحضاري العالمي يضع مسؤولية مماثلة على المجتمع الدولي كي يهب لتقديم المساعدة للعراقيين لتمكينهم من إنجاز هذه المهمة.
_________________________________________________
*http://www.thebaghdadpost.com
ttp://www.thebaghdadpost.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....