الأربعاء، 29 يونيو 2016

سلسلة (أعلام العرب ) وسيرة الامام الاستاذ محمد عبدة ابراهيم العلاف



سلسلة (أعلام العرب ) وسيرة الامام الاستاذ محمد عبدة 

ابراهيم العلاف 

في سنوات الستينات من القرن الماضي ، وعندما كنتُ طالبا في قسم التاريخ بكلية التربية -جامعة بغداد والتي كانت تسمى حتى سنة 1958 (دار المعلمين العالية ) أنعم الله علينا بالثقافة الشاملة شبه المجانية والتي كانت الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا بعد وحدة 1958 ) بزعامة القائد الخالد جمال عبد الناصر واحدة من أبرز مصادرها ؛ فالكتاب المطبوع في مصر كان يباع عندنا في العراق بملاليم وقروش اي ببضع فلوس وهكذا تمكنت انا ومجايللي ان نؤسس لمكتباتنا من مصروفنا اليومي .
واليوم في مكتبتي اعداد كبيرة من سلسلة (أعلام العرب ) وترون غلاف الاصدار الاول عن ( عبقري الاصلاح والتعليم الاستاذ الامام محمد عبدة ) للاستاذ الكبير عباس محمود العقاد .وكما هو ظاهر على الغلاف فإن السلسلة اي : سلسلة أعلام العرب "مكتبة الثقافة الحية التي تساهم في اشتراكية الثقافة بقروش زهيدة (5 قروش ) تصدر شهرية عن إدارة الثقافة بوزارة (الثقافة ولإرشاد القومي ) بهدف المساهمة في التعريف بنوابغ المفكرين من اعلام العرب" .وتطلب من مكتبة مصر ومكاتب شركة توزيع الاخبار ووكلاء الشركة القومية في جميع البلاد العربية ومن مكتبة المثنى ببغداد .
وكان وزير الثقافة والارشاد القومي وقتئذ الدكتور ثروت عكاشة ، بينما كان محمد عبد القادر حاتم نائب رئيس الوزراء للثقافة والارشاد القومي ومما قاله في تقديم السلسلة ان سياسة الوزارة اثمرت في تيسير اثمان السلسلة حتى تساعد كل بيت على ان ينشئ مكتبة له بثمن زهيد.
اما الدكتور ثروت عكاشة فقال ان الناس في قرننا هذا شغفوا بقراءة السير ؛ فهي تحررهم حين يقرأونها من حدود الزمن وتعيدهم الى الماضي يستمدون منه العبرة ويتزودون بالعظات فتتصل بذلك حلقات الانسانية ولا تنقطع .ثم قال ان للعرب نصيب كبير من الحضارة الانسانية والتاريخ العربي الاسلامي زاخر بالامجاد حافل بالاعلام في كل فرع من فروع المعرفة وفي كل ميدان من ميادين الحياة وما احوجنا في هذا الطور من اطوار نهضتنا العربية المتوثبة الى دراسة هؤلاء الاعلام والترجمة لهم في كتاب يؤلفه كاتب من المتخصصين يعرض فيه سيرته ويحللها ويصف عصره ووقائع حياته ويبرز شخصيته ويبين آثاره وفضله على التقدم الانساني .
كان الكاتب الكبير الاستاذ عباس محمود العقاد هو أول من وقع عليه الاختيار ليكتب اول كتاب في السلسلة (رقم 1 ) ، وكان الكتاب عن الشيخ الامام محمد عبدة؛ فوقف عند عصره ، وعلاقته مع جمال الدين الافغاني ، وموقفه من الثورة العرابية ودوره كمصلح ومعلم وتابع حياته منذ ولادته سنة 1849 بقرية محلة نصر وتلقيه اول دروس التجويد بالمسجد المحمدي وفي الجامع الازهر ونيله شهادة العالمية وتعيينه مدرسا في دار العلوم وعمله محررا لجريدة الوقائع المصرية ونفيه من مصر سنة 1882 لاشتراكه في الثورة العرابية ، وسفره من بيروت الى باريس لانشاء مجلة (العروة الوثقى ) مع السيد جمال الدين الافغاني سنة 1884 وعودته الى بيروت واشتغاله بالتدريس وترجمته ل(رسالة الرد على الدهريين ) و(شرح مقامات البديع ) و(شرح نهج البلاغة ) وعودته سنة 1889 الى مصر وتعيينه قاضيا بمحكمة الاستئناف سنة 1891 وتعيينه عضوا في مجلس ادارة الازهر 1895 وتأليفه (رسالة التوحيد ) وانتخابه مفتيا للديار المصرية وتأليفه كتاب ( الاسلام والنصرانية ) سنة 1902 .كانت زوجته لبنانية من آل حمادة هي السيدة رضا حمادة .ولم يعقب من الابناء الذكور غير ولد واحد توفي في طفولته واعقب اربع بنات تزوجن وكان له دار بصحراء عين شمس اشترته وزارة الشؤون الاجتماعية فيما بعد لتخليد ذكراه ولم يجتمع في يديه من ميراثه ومن مرتباته واثمان مؤلفاته غير مقدار يسير من المال كان عفيفا ورعا نزيها تقيا حكيما ذو عزيمة وقد توفي دون الستين من عمره بمرض سرطان الكبد .ووفاته كانت في الاسكندرية سنة 1905.
اسأل الله له الرجمة وجزاه خيرا على ماقدم .
كل هذه المحطات عن الامام محمد عبده قد كتبت بإسلوب العقاد الجزل صاحب العبقريات مما اضفى على الكتاب قيمة علمية وادبية لايفقدها أبد الدهر وقمين بشبابنا ان يقرأوا هذا الكتاب وكل ما صدر عن هذه السلسلة الغنية بالفوائد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...