الدرﮔﺯلي
كتب الاستاذ أزهر العبيدي
مهنة الدرﮔﺯلي من المهن الموصلية القديمة وسميّت محلّة الدرﮔﺯلية بهذه التسمية نسبة لهذه المهنة التي مورست شمال محلّة الفيصلية وقرب نهر الخوصر. ويقال أن أول من عمل في هذه المهنة تعلّمها عند سفره إلى مدينة (درﮔﺯين) في فارس، وعلّمها لعدد من صنّاعه وانتشرت لحاجة الناس لها في ذلك الزمان. ومن المنتوجات التي يصنعها الدرﮔﺯلي: الزير أو البرنية (البغنيي) كما يسمّيها أهل الموصل و(البستوﮔﺔ) في بغداد، وجرار الماء أي الشربة (الشغبي) أو (ﺍﻠﺘﻨﮔﺔ) والجرّة الكبيرة، والحبوب جمع حب، وقدح شرب الماء، والايقاع (الدنبك)، وإناء الطفل الذي يقضي به حاجته (القعّادي) و(السنجي)، وحاجات أخرى.
ومن الأسر التي عمل أجدادها في هذه المهنة أسرة (الدرﮔﺯلي) من محلّة الميدان وهم من السادة النعيم عرف منهم قاسم محمد مصطفى الدرﮔﺯلي والمهندس موفق يونس قاسم الدرﮔﺯلي مدير طرق وجسور نينوى الأسبق وفنان الفخار حمزة قاسم محمد الدرﮔﺯلي، والقمّاط أي بائع الأواني الفخارية مصطفى الدرﮔﺯلي الذي كان يجيد قراءة المقام العراقي في باب ﻟﮕﺵ في دكانه مقابل الحمّام. والمعلومات أدناه من الصديق العزيز سيف موفق يونس الدرﮔﺯلي.
يقول أحد المعمرين وهو آخر من عمل في هذه المهنة بأن الدرﮔﺯلية كانوا يمارسون عملهم في أماكن مبنية تحتوي على فرن، ويتم تخمير الطين الخالي من الشوائب مع الماء والرمل بنسبة الربع، ويضاف ملح الطعام للفخار الذي يحتاج إلى مسام تسمح بنضوح الماء في الشربات والحبوب مثلاً، وتضاف ثمرة نبات البردي لتزيد من تماسك الطين ومنع تشققه. بعدها يتم عمل الحاجات المطلوبة وتوضع في العراء لكي تجف قليلاً ثم تنقل إلى الفيء ليتم جفافها ولكي لا تتصدع أو تتفطر بالشمس. وبعدها توضع في الفرن لكي تتماسك وتجف تماماً.
أما الحاجيات التي تصبغ باللون الأخضر الغامق الزجاجي مثل البرنية وقدح الماء فإنها تصبغ من الداخل والخارج بعد اخراجها من الفرن بمحلول من مسحوق يتكون من عدة أكاسيد تخلط مع الزجاج المطحون والحصى الأبيض، وتعاد ثانية إلى الفرن لكي يتفاعل الصبغ ويتماسك مع الفخار ويجف ويصبح بلون أخضر غامق لمّاع. وتستغرق هذه العملية فترة أسبوع في الصيف وأكثر في الشتاء. أما الآن فقد عوّضت الأواني البلاستيكية عن هذه المواد التي كانت تستهلك الكثير من طاقة الأجداد ولكنها كانت تحمل طابع دقتهم وحرصهم وابداعهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق